الإثنين , أبريل 29 2024
ardeenfr
أخبار عاجلة
الرئيسية / مكتبة غالب طيفور / البحر وطنا” … (4)

البحر وطنا” … (4)

البحر وطنا” …
(4)

لقد  كانت كل المؤشرات تشير الي حدوث ما أخشاه فقد إنقلبت السفينة ، وخفت ان يسقط شئ على  راسي ؛ فغطست وانا أسبح محاولا” الإبتعاد ، ولكني كنت أصطدم بالأرجل والاقدام ، والرؤوس ، والكل يحاول الخروج من تحت هذه السفينة ، وقلت مناجيا” نفسي: أحمدالله مرة واخري اني كنت اجلس في نهاية السفينة ، فقذفتني المياه خارجا” بعد دقيقتين وانا تحت السفينة ، فسحبت نفس طويل وخرجت وطفا جسمي خارجا ، وازداد الصراخ ، وملأ صداه اركان البحر ، وكأن العالم كله صراخ في هذه اللحظة ، وعيوني تتجول  في هذا المنظر الغريب الذي يتشابه مع أفلام الرعب الذي شاهدته ، وانامشدوها أراقب مايجري ، الا وشعرت باحد الأخوة يسحبني الي تحت المياه حاولت جاهدا التخلص منه ، كان ممسكا” بي بقوة ولعلها  مسكة الخوف ، حاولت إنتزاع يديه من ظهري ، ولكنها كانت شبيهة بآلة فغطست بعيدا” تحت المياه ، فأطلق قبضته ، وسبحت بعيدا عن الجميع الكل يصارع والكل يصرخ ، حتي وقفت علي بعد مائة متر ، وكانت أنفاسي تكاد تتوقف ، وشاهدت الجميع يصارع للصمود ، حتي الذي لا يجيد السباحة يضرب المياه بيديه ، من أجل الحياة ، والسفينة بدأت ترحل  ببطء نحو القاع وتختفي ، رغم ان هنالك اشخاص كانوا يتمسكون بأطرافها ، والذين يجيدون السباحة يدورون من حولها ، لايجاد شيئا يتمسكون به.
        شعرت في تلك اللحظة بالوهن والضعف ، وحمدت الله مرات ،ومرات اني أجيد السباحة ، حتي هذه اللحظة ، وأنا علي قيد الحياة واشاهد الذين لا يجيدون السباحة ، يختفون في عمق المحيط بعد رحلة معاناة واجتهاد ، من أجل النجاة ، والذي تحاول تساعده سيغرقك معه ، واسوأ ما شاهدته في سبيل البقاء، ان الذين لديهم سترات يهاجمهم الركاب لانتزاعها منهم ، فلا يوجد خوف وخجل من الموت .
       حينها شاهدت تلك المرأة السودانية ، التي عرفتها من ملامحها وتفاصيلها يهاجمها بعض الأشخاص ، لينزعوا منها السترة ، فيتصدى لهم شاب ، ويمنعهم ويسحبها بعيدا عنهم ، ويصلح لها السترة التي تمزق جزء منها .
      وبدأ الاخوة المصريين في التكبير والتهليل ، وجزء آخر يبكي ويصرخ ، وحقيقة لم يكن هنالك أمل  فقد جلت ببصري في  كل الاتجاهات ، ولم اشاهد شئ سوي الفضاء ، والماء المتسع فنطقت الشهادتين ، وايقنتة أن الأجل قد حان ، وسألت الله أن يغفر لي ، واعدت النظر للجموع التي تسبح من حولي فوجدت افراد الطاقم بعيدين يسبحون علي ظهورهم ، وتزكرت انا سباحة  الظهر تقلل المجهود ، فسبحت بظهري ، وكانت هي الأفضل ، ويصل الي سمعي أصوات الصراخ ، والتهليل ، وبين الفينة والآخرى أسمع صراخا”مميزا”مختلفا” بوتيرة ، يوحي بغرق شخص جديد ، فابتعد منهم لعلي اجد شيئا أتمسك به ، وكانت هنالك بعض الاخشاب في السفينة تمسك بها بعض الذين لا يجيدون السباحة ، والبعض الآخر يرتدي سترات النجاة وكلنا موزعين في دائرة ضخمة كلنا يخاف من الآخر ان يمسك به ، وكلما تمعنت فيمن حولي يخالجني الخوف ، فالعدد الذي صار موجودا” يمكنني أن أحصيه بعيني ، وعده على أصابع اليد.
       أين كل هؤلاء الذين كانوا معنا في السفينة ؟؟؟ وحينها جال في خاطري دعاء سيدنا يونس عليه السلام وهو ببطن الحوت:(لاالله الا أنت،سبحانك أني كنت من الظالمين)…

Ghalib Tayfour

Print Friendly, PDF & Email

عن laalaa

شاهد أيضاً

أصدر تحالف قوى الاجماع الوطني احد مكونات قوى الحرية والتغيير بيانا،انتقد فيه الميزانية التي اجازتها الحكومة الانتقالية

Share this on WhatsApp#الهدف_بيانات أصدر تحالف قوى الاجماع الوطني احد مكونات قوى الحرية والتغيير بيانا،انتقد …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.