الأربعاء , مايو 1 2024
ardeenfr
أخبار عاجلة
الرئيسية / أخبار لالا اليومية / *السودان ودول الخليج*

*السودان ودول الخليج*

#الهدف
#الهدف_آراء_حرة

*الأستاذ: عبدالله رزق*

بعد فوات الأوان، أدركت دول مجلس التعاون الخليجي الست أن أمنها لاينفصل عن أمن اليمن السعيد، الذي كان. ووجدت نفسها مضطرة للقتال من أجل إعادة الشرعية لبلد ظلت تنفيه- باستمرار- خارج إطارها المؤسسي، على الرغم من أن موقعه الجيوسياسي يرشحه ليكون جزءاً لايتجزأ من المنظومة الخليجية.
وقد تجاوز تحالف قوى عاصفة الحزم -ذو الطبيعة العسكرية بحكم الأمر الواقع- الحدود السياسية التقليدية للمجلس للدفاع عن الكيان الخليجي، بحيث أصبح متاحاً للسودان أن يكون  عضواً فاعلاً في التحالف الذي حمل على عاتقه عبء إعادة الشرعية لليمن، بعد الإنقلاب الحوثي الذي أضاف للتوسع الإيراني عاصمة جديدة بعد بغداد ودمشق وبيروت – وفق تصريحات إيرانية- والدفاع عن أمن المنطقة بشكل عام.
في ضوء هذا التطور، من الممكن الاستنتاج بأن الصيغة التقليدية للتحالف الخليجي قد سقطت أو تجاوزتها الأحداث، مااقتضي البحث عن صيغة جديدة- وفق أسس مختلفة- لمواجهة أوضاع وتحديات مستجدة في المنطقة.
في إطار هذا البناء الجديد للعلاقات الخليجية؛ فإن دور السودان لن يقتصر على حرب الشرعية في اليمن، وإنما يتعداه إلى المشاركة في توفير القوى العسكرية للدفاع عن بلدان الخليج إزاء المخاطر والمهددات التى تواجهها من الداخل أو الخارج؛ لاسيما من جهة إيران. وقد أكد الرئيس عمر  البشير خلال زيارته الأخيرة للبحرين قادماً إليها من الكويت “وقوف بلاده  بجانب المنامة في أي إجراء تراه مناسباً لحماية أمنها واستقرار مواطنيها “، وفق ما أوردته وكالة البحرين الرسمية . وكانت  مملكة البحرين قد استضافت قوة سعودية تحت اسم “درع الجزيرة” إبان الربيع العربي، حين شهدت انتفاضة شعبية واسعة، وتوتراً متزايداً في العلاقة مع إيران في ذات الوقت  .
وقد تلا تلك الجولة الخليجية للرئيس البشير،  إعلان قبول السودان  “شريكاً استراتيجياً بمجلس التعاون الخليجي”، ويبدو أن “الشراكة” هي الصيغة المتطورة لخيار توسيع مجلس التعاون الخليجي، ضمن الظروف الراهنة،    والتى تستند – في حالة السودان – إلى تبادل للمصالح في إطار تكامل بين القوى الإقتصادية والعسكرية لأطراف العلاقة. وقد شهدت هذه الفترة- ضمن الحراك العسكرى والأمني الذي يشكل السودان محوراً له- قيام أول تمرين من نوعه بين السودان والسعودية، حيث قامت قوة جوية مشتركة منتصف الشهر الجاري بإجراء مناورات في منطقة مروي بشمال السودان، في ذات الوقت الذي استقبل  فيه السودان أول دفعة من الشهداء  والجرحى من قواته العاملة ضمن تحالف قوى عاصفة الحزم في اليمن كتوثيق مبكر بالدم، سابق للبروتوكولات السياسية لتلك العلاقة التي ستربط السودان  بالخليج العربي وصراعاته، وربما بكامل المسرح  الشرق أوسطي للحروب والنزاعات.
وقد ترافق هذا التطور في علاقات السودان -الخليجية والتي يستثمر فيها موقعه الجيوسياسي، وقواه العسكرية ضمن معادلة الحماية العسكرية مقابل العون الإقتصادي، مع تطور موازٍ، على صعيد بناء “شراكة” مماثلة مع الولايات المتحدة الامريكية تستند لنفس المعادلة تقريباً: انهاء العقوبات الامريكية مقابل التعاون، ضمن استراتيجية واشطن لمحاربة الإرهاب. فبعد أن  امتنع عن المشاركة في الإجتماع الخامس “لآلية التنسيق المشتركة لمبادرة التعاون الإقليمي للقضاء على جيش الرب للمقاومة ” ، التابعة للإتحاد الإفريقي، بحجة أنه لم تعد له صلة بالموضوع بعد انفصال الجنوب، وفق موقع سودان تريبيون، شارك السودان – لأول مرة – في الإجتماع السادس الذي عقد في أديس أبابا، نهاية مارس الماضي على مستوى وزراء الدفاع ، وبعد ثلاثة أيام من إعلان قيادة القوات الأمريكية في أفريقيا (أفريكوم) نهاية عملياتها في يوغندا ضد جيش الرب، باعتبار أنه لم يعد يشكل مهدداً، الأمر الذي يطرح التساؤل بشأن مغزى التحشد الأفريقي ضد جيش الرب، وعما إذا كانت ثمة أهداف أخرى غير معلنة لهذا التحشد والاستنفار. ويمكن أن تعزى مشاركة السودان وانضوائه في هذا الحلف الأفريقي -قيد التكوين – للإلتزامات المنصوص عليها في قرار إدارة الرئيس السابق  باراك أوباما، بتخفيف العقوبات الأمريكية المفروضة على السودان، والتى تطالب السودان بالتعاون مع الولايات المتحدة في الحرب على الإرهاب، وملاحقة جيش الرب وزعيمه جوزيف كوني ، كواحد من شروط رفعها نهائياً، بعد ستة أشهر .
يتوسط السودان خارطة الحروب والنزاعات المسلحة في شمال ووسط أفريقيا والشرق الأوسط، ما يجعل موقعه ذا أهمية استثنائية للأستراتيجيات الإقليمية والدولية، وللتحالفات والتحالفات المضادة التي تحتمها المواجهات الجارية، والمحتملة. إلى جانب أن النظام الحاكم في السودان – كنظام إسلامي، وعلى علاقة بالإسلاميين – يمثل عنصراً لاغنى عنه في الحرب الأمريكية على الجماعات الإسلامية ، التى تَسِمها أمريكا وحلفاؤها بالأرهاب. وتنشط الولايات المتحدة الأمريكية – من خلال وجودها في كل تلك الصراعات والنزاعات – دوراً محورياً في أعمال التنسيق، وفيما يمكن اعتباره تهيئة لمسارح العمليات لحروب قادمة، باسم مكافحة الإرهاب، لاسيما في الصومال وليبيا والساحل الأفريقي. وغض النظر عن مصلحته – المباشرة وغير المباشرة – في كل ذلك الحراك العسكري الإقليمي؛ فإن السودان يجري “تجييشه” بلا هوادة، وإعادة تأهيله للقيام بدور فاعل في حروب الوكالة، التي تَسِم مرحلة الحرب الباردة القديمة -المتجددة.
في هذا الإطار شهدت ذات الفترة تطورات متسارعة على صعيد العلاقات الأمريكية -السودانية، على محور الأمن، بدءاً بزيارة مدير الأمن والمخابرات السوداني لواشنطن، بدعوة من وكالة المخابرات الأمريكية، ينتظر أن تعقبها زيارة لنائب مدير (سي.آي. إيه) للسودان، وسط أنباء عن إنشاء ثاني أكبر محطة للمخابرات الأمريكية في العالم، بالسودان. وفي هذا الإطار، أسرعت الولايات المتحدة بالمبادرة بتسمية  ملحق عسكري لها بسفارتها بالخرطوم، تأكيداً لأولوية وأهمية هذا التنسيق في هذا الميدان الخاص بـ” الشراكة ” الأمنية، ومحاربة الإرهاب.
ويسعى السودان، الذي يعاني من حروب أهلية متطاولة، ونزاعات داخلية مزمنة، من خلال الاستثمار في الشراكات الملتهبة، باللعب على التناقضات الإقليمية والدولية، للخروج من العزلة الدولية، وفك أزماته الإقتصادية، كما هو شأن العديد من الأقطار الأفريقية الأكثر فقراً، التى وجدت نفسها تستثمر طاقاتها العسكرية في قوات حفظ السلام الدولية، أو في حروب الوكالة التي تجري في أكثر من مكان في الشرق الأوسط وأفريقيا.
————————————
#الهدف
تصدر عن حزب البعث العربي الاشتراكي “الأصل”

للمزيد من الأخبار تابعوا صفحتنا على الفيسبوك :
https://m.facebook.com/hadafsd/

 

Print Friendly, PDF & Email

عن laalaa

شاهد أيضاً

حزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي

Share this on WhatsAppحزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي طالعنا البيان المؤسف الصادر من سكرتارية اللجنة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.