الخميس , مايو 2 2024
ardeenfr
أخبار عاجلة

.      *قضية السلام و إشكالية*
*تأسيس السلطة الوطنية*
*محمد ضياء الدين*

على الرغم مما نختلف عليه فكرياً و سياسياً .. و ما ينتج وفق هذا الإختلاف من تباين في المواقف .. و تغيير مستمر في شكل خارطة التحالف بين القوى السياسية .. إلا أننا ما دمنا نطمح جميعاً في التأسيس لسلطة وطنية ديمقراطية .. فإن قضية تحقيق السلام الشامل و الدائم و العادل .. يجب أن تحظى بأولوية قصوى في أجندة عملنا الوطني
لأن السلام يعدّ ركناً رئيسياً ستستند إليه تلك السلطة
أما عن موعد تحقيقه و إرتباط ذلك الموعد بقضية التغيير .. فإن قضية السلام كونها متلازمة مع مجرى التطور الوطني .. تجعلنا نقول بفمٍ ممتلئ باليقين بأن
*السلام هو الطريق لإحداث التغيير بقدر ما التغيير نفسه يعدّ الطريق الأمثل لإنجاز مهمة السلام*

إن السلطة تاريخياً إذ تقوم في الأساس على مرجعية توافقية أياً كان شكلها .. فإن الوصول إلى تلك المرجعية يحتاج إلى وسائل تتناغم مع جوهرها المنشود .. و هو تحقيق إجماع عام بين المكونات الإجتماعية و السياسية

و مما لا شك فيه أن الحركة السياسية في السودان .. لديها طبيعتها الخاصة التي بُنيت عليها طوال عدة عقودٍ مضت .. و هي إرتباط نشأتها بالجماهير .. و بوسائل العمل السلمي .. التي تمكنت عبرها من صناعة الإستقلال الوطني .. و ثورتي أكتوبر ١٩٦٤م و مارس_أبريل ١٩٨٥م .. فباتت تلك الوسائل النضالية كذلك تمثل ملجأ للشعب السوداني و قواه الحية .. بحيث تمكنت من خلالها من إحداث الفارق في موازين القوى على المستوى العملي بينها و بين من يضعه القدر في طريق التسلط عليهم

بالتالي فإن وسائل العمل النضالي السلمي تمثل مصدراً للطاقة الناتجة من حراك شعبنا داخل الفضاء العام .. و من هنا تكمن أهمية التركيز على استعادة تلك الأدوات النضالية التي عمل النظام على تدميرها .. حتى يتسنى له تنفيذ مشروع التمكين

و في سياق الحديث هنا عن جوهر السلطة و إرتباط ذلك الجوهر بأدوات و صيغ و إرث نضالي طويل .. يظهر في المقابل بحسب ما تطرحه بعض النخب السياسية و الزعامات القبلية .. بأن اللجوء لممارسة العمل المسلح في سبيل الوصول إلى التغيير .. من شأنه مضاعفة طبيعة القدرات لدى شعبنا .. أو إعتبار أن العنف يمكن أن يسير جنباً إلى جنب مع العمل الجماهيري .. ليصبان في نتيجة واحدة

و هنا تبدو المفارقة بشكل واضح لأن الشرعية التي ستعطيها الجماهير للسلطة ستظل موجودة في جوهر النظام السياسي

لكن العنف لا يمكنه أبداً أن يكون في جوهر النظام الذي نسعى لتشييده .. فهو ذو طبيعة أداتية بحتة .. و بحاجة دائمة إلى التبرير المرتبط بالطرف الآخر .. و في ظل عجزه عن أن يكون خياراً شعبياً .. و عدم إرتباطه بإلإرث النضالي لحركة التطور السياسي في بلادنا .. و لتبنيه في الغالب لأيديولوجيات جهوية و قبلية في مواجهة سياسات السلطة الإقصائية

عليه يصبح من المؤكد بالنسبة لنا .. أن إعادة إنتاج مناخ الحرب .. و تغذيته بإستمرار من بعض الأطراف الداخلية و الخارجية التي لها مصلحة في إستمرار الحرب .. و تفاقمها .. سيصب في مصلحة الشمولية .. و نظامها القائم على العنف

في كل الأحوال .. فإن رفع الشعارات و الهتاف و التعبير عن الرأي عن طريق التجمعات و المخاطبات العامة و غيرها .. تعدّ من الخصائص المرتبطة بطبيعة الجماهير إرتباطاً .. لا يجعل ثمة إمكانية لتعريف الجمهور إلا بها .. و تلك الخاصية موجودة عند ممارسة الأخيرة لأي نشاط مجتمعي سواء كان سياسياً أم رياضياً أم فنياً
إذاً فإنه لا يمكن تجاوز تلك الوسائل السلمية
أو الإستعاضة عنها بوسائل أخرى تشيع ثقافة العقلية الميليشياوية
أو عقلية السلطة الديكتاتورية التي تتناقض تماماً مع السلطة الوطنية ذات الطابع المنظم و المؤسساتي

و من هنا ينبغي علينا كقوى وطنية .. أن نأسس لبنية وعي وطني .. تشكل النسيج الأساس لبناء الدولة .. و تحافظ مستقبلاً على تماسكه و صموده في وجه كل التحديات .. و ذلك من خلال تعزيز دور الجماهير .. و بناء ثقافة النضال السلمي الديمقراطي .. التي تشكل محوراً مهماً في بنية الوعي الوطني

و من جهة أخرى فإن قضية السلام .. ترتبط جدلياً بقضايا الوحدة الوطنية .. و الحرية .. و الإستقلال السياسي .. و الإقتصادي .. بإعتبارهم الأوتاد الأساسية .. لتشكيل السلطة الوطنية الديمقراطية

لذلك فإننا في *حزب البعث العربي الإشتراكي* .. عندما نتحدث عن ضرورة إنخراط طرفي الصراع المسلح في مفاوضات لوقف الحرب .. و معالجة آثارها الإنسانية الخطيرة .. من قتل و نزوح و تهجير و فقر و مرض و حرمان من التعليم و تغييب لأبسط الإحتياجات .. فإننا في المقابل نرفض رفضاً قاطعاً ربط التفاوض حول وقف الحرب والقضايا الإنسانية بأي تسوية سياسية تصفي المطالب الرئيسية لشعبنا و قواه الحية

كما نرفض إخضاع تلك المفاوضات لشروط المجتمع الدولي .. التي تتناقض مع المشروع الوطني لإنهاء الحرب و تحقيق السلام الشامل .. و ظللنا ندعو من هذا المنطلق بأن تشرف القوى السياسية و الحركات الشبابية و النسوية و كل كيانات المجتمع المدني عليها .. لكي تكون بمثابة صمام الأمان .. الذي يمنعها من الإنحراف عن أجندتها الوطنية .. و موضوع المفاوضات يمثل جانباً من الجوانب السياسية التي يجب أن نتعامل معها جميعاً من خلال الربط على مستوى الرؤية .. و الممارسة بين قضية السلام .. و بقية المستلزمات الأساسية التي تشكل السلطة الوطنية

• *صحيفة السياسي*

Print Friendly, PDF & Email

عن laalaa

شاهد أيضاً

حزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي

Share this on WhatsAppحزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي طالعنا البيان المؤسف الصادر من سكرتارية اللجنة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.