الجمعة , مايو 17 2024
ardeenfr
أخبار عاجلة
سامح الشيخ

كيف تبيع سلاحك

شارك السودان في معرض للتصنيع الحربي مؤخرا بدبي بدولة الامارات العربية . وقد وجد جناح السودان رواجا اعلاميا بسبب الاستغراب لدخوله هذه الصناعة المترفة وهو البلد الذي ترتفع فيه نسب الفقر والامية ومعدلات التضخم كما انه   البلد الذي كل عام تعلن هيئة المخزون الاستراتيجي فيه عن وجود فجوة غذائية وهو الاسم الذي يطلق تدللا  على المجاعة  .وهي ان لم تكن يحس بها المواطن العادي فهي موجودة في عدة مناطق سواء بالشرق في مناطق نفوذ الحكومة بدليل تفشي مرض السل وسط عدد كبير من السكان هناك  او في الجنوب الغربي والجنوب الشرقي سواء ان عملت الحكومة بتجويع المدنيين هناك او استخدامها التجويع كسلاح في الحرب ، بينها وبين المطالبين بالقسمة العادلة للثروة والسلطة  وهذا ايضا لا يعفي السلطات في المناطق المحررة في الجنوب الغربي او الشرقي بأن توفر الغذاء  للمدنيين الذين تحت حمايتهم في تلك المناطق ، فتحرير اراضي ما يعني وجود شكل من اشكال الدولة قادرة على تحمل مسؤليتها تجاه المدنيين بحد ادنى من ماهو متاح .
يبدو ان السادة اصحاب السلطة والقرار بالسودان  ، من الوهلة الاولى يريدون  ان يتاجروا بالسلاح وهم  الذين مازالت بلادهم من الممكن  اشعال الحروب فيها  باذكاء نار الفتنة القبلية ونار الفتنة الطائفية ، فكيف لدولة تعاني من الحروب  الاهلية تريد هي نفسها ان  تدخل في تجارة السلاح .
ظننا وان ليس كل الظن اثم ان السلاح هو من سيذهب لعاصفة الحزم فاذا بالسلاح فقط كان  للعرض لكن من ذهب لحرب عاصفة الحزم هم الجنود السودانيين فصار العرض شي والمباع شئ اخر.
عادة  السلاح يستهلك في مناطق النزاعات  والتي لا تستطيع دولة ما السيطرة وادارة كل الاراضي التي تقع داخل حدود تلك الدولة وذلك لخلل في بنية الدولة وعدم قدرتها المحافظة على حقوق الشعوب التي تعيش بها ،فتنشأ النزاعات ذات الطابع الاثنوسياسي كما في السودان ، او الطائفي السياسي كما في الخليج ، والملاحظ ايضا ان من يقوم بانتاج الاسلحة ويقوم ببيعها بعكس السودان وعكس الدولة التي اقيم بها المعرض فما اصطلح بتسميته الغرب وامريكا وروسيا ودول اوربا  الشرقية هم الذين يتاجرون بالسلاح روسيا والدول الشرق اوربية بها بعض التعقيدات الداخلية قليلة الشبه بما يدور عندنا من اثنيات وطائفية وعدم ديمقراطية ، وهي تبيع الاسلحة للدول الافريقية التي توجد بكثير منها نزاعات داخلية  مشابهة لما يدور بالسودان .
اما منتجي السلاح من الدول  جميعا يتفقون في صعوبة بيع السلاح لهم لعدم سهولة جرهم للحروب الداخلية ذات الطابع الاثني والطائفي ، اما الغرب وامريكا فهو المنتج الاكبر للاسلحة  وهما منتجان  رئيسيان في تصنيع وتسويق الاسلحة ، استطاعوا من خلال استغلال  الارضية الخصبة في منطقة الشرق الاوسط وجوارها  ترويج سلاحهم ، حيث توجد طوائف عديدة دينية مهيئة نفسيا للاقتتال مدى الحياة بينهم ويريد كل منهما ابادة الاخر وسيادة عقيدة طائفته كما توجد في بعض الدول الافريقية تقعيدات اثنية ادت الى قتال لا يبقي ولا يذر ادى الى مجاعات كارثية في بعضها و اهم اسباب نوع هذه الحروب قلة الوعي وارتفاع نسب الامية والجهل وتغييب وعيهم من خلال سلطة واستغلال امكانية الدولة في ذلك تغييب وتغبيش ذلك الوعي  ، الغريب في الامر ، ان المتضررين من نار تلك  الحروب عند هروبهم من جحيم الحروب الطائفية يجدون  الملاذات الامنة عند نفس من يبيع لهم الاسلحة وهولاء الفارين هم من جميع الطوائف التي تتقاتل في المنطقة، منهم الصابئة والايذيدية والشيعة العلويين  كما في سوريا والجعفرية كما في العراق والبحرين وايران والذيدية كما في اليمن  والمسيحيين واليهود في عدد من الدول  كما يلجأ لها المسلمين السنة بمذاهبهم الاربعة ، يعيش هولاء في تلك البلاد متعايشين متجواريين امنيين في سربهم   رغما عن عدم قبولهم العيش سويا في بلادههم فلماذا يتعايشون ويتقاتلون هناك  وهل يمكن للسودان ان يقبل  كل تلك الطوائف اذا لجأت اليه ام انه يقبل السنة  منهم فقط  .
وهذا هو مكمن خطورة المتاجرة بالعقائد والتحول بأنتهازية من المعسكر الشيعي الفارسي الايراني الى السني الوهابي الاسرائيلي .
فالدول شرقا وغربا  التي تتاجر بالسلاح في مأمن من مؤامرات استغلال الطائفة والقبيلة في حروب اهلية وذلك بسبب ارتفاع وعي شعوبها التي انهت الحروب الطائفية والعرقية منذ قرون واستطاعت ان تصل لصيغ تنهي الصراع الدموي الداخلي  على السلطة والثروة من خلال الفتن الدينية والطائفية والعرقية ، لذا فشعوبهم الواعية  هي التي   تقبل وتضغط على حكوماتها  من ان يتشاركوا مع القادمين والفارين من الحروب والقمع  العيش معهم لكن حكوماتهم ليست بطيبة شعوبهم ولا يحق لهم فرض التعايش في بلاد الاخرين الذين يفنون بعضهم البعض لكنهم يستطيعون الربح من ذلك ببيع السلاح طالما انهم يتقاتلوا .
فالى ان يحين وقت  اقتلاعنا لحقوقنا ووصولنا   لصيغ للتعايش في ظل تنوع ثقافي وديني وعرقي في ظل حرية كاملة وعدالة اجتماعية ومساواة ستظل المنطقة مشتعلة باسم بفرية الدفاع عن المقدسات وحمايتها ، التي هي صراعات من اجل السلطة وديمومة حكم لافراد او مجموعات تريد ان تقصي الاخر  الذي يجب ان لا يقصي احدهما الاخر ، لهذا كله الان تنتج دولة السودان وتصنع  السلاح وتشارك بجنود  في حروب لا ناقة للسودان فيها ولا جمل  وبدلا  من ان تصنع الدولة  الحياة لشعوبها بالسلام والتنمية والاستقرار واستغلال الخصب من الارض والدافق من المياه  تشارك في  صناعة الموت من اجل اخرين .

سامح الشيخ

Print Friendly, PDF & Email

عن laalaa

شاهد أيضاً

حزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي

Share this on WhatsAppحزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي طالعنا البيان المؤسف الصادر من سكرتارية اللجنة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.