الإثنين , أبريل 29 2024
ardeenfr
أخبار عاجلة
الرئيسية / مكتبة سامح الشيخ / المسلم التقليدي…. المتهم الضحية – االجزء الثالث


المسلم التقليدي…. المتهم الضحية

إياد شربجي

واشنطن- الولايات المتحدة

الجزء الثالث
6- العبادة بالترهيب

من ضمن آليات القيادة والسيطرة المتبعة في التراث الإسلامي الترهيب، وهي سلسلة مروّعة من الأحكام والعقوبات والجزءات في الدنيا والآخرة، تحوّل المسلم إلى هدف مشروع لماكينة تعذيب رهيبة على ايدي وحوش لا يتمتعون بأي رحمة في حال لم يلتزم بدينه، وهكذا تتحول الرسالة التي جاءت لصالح الإنسان وتحريره وسموّه، إلى فيلم رعب

المسلم التقليدي…. المتهم الضحية – االجزء الثالث


المسلم التقليدي…. المتهم الضحية

إياد شربجي

واشنطن- الولايات المتحدة

الجزء الثالث
6- العبادة بالترهيب

من ضمن آليات القيادة والسيطرة المتبعة في التراث الإسلامي الترهيب، وهي سلسلة مروّعة من الأحكام والعقوبات والجزءات في الدنيا والآخرة، تحوّل المسلم إلى هدف مشروع لماكينة تعذيب رهيبة على ايدي وحوش لا يتمتعون بأي رحمة في حال لم يلتزم بدينه، وهكذا تتحول الرسالة التي جاءت لصالح الإنسان وتحريره وسموّه، إلى فيلم رعب على المسلم أن يشاهده ويعيش لحظاته دوماً كي يتّعظ..!!.

قلة من درسوا الآثار النفسية لهذه الثقافة، ومدى تأثيرها في عقل المسلم، والآثار السلبية التي تنشأ عنها.

لقد برع رجال الدين على مدى التاريخ الإسلامي في استخدام أسلوب الترهيب لتدجين العامة وتطويعهم ودفعهم للالتزام بما يظنونه (ديناً)، ويندر ألأ تسمع رجل لا يلجأ لذلك لتثبيت سيطرته على الجموع، ولتسطيح عقولهم، وحتى أيضاً لمداراة جهله وقلة ثقافته حينما يصادفه مأزق ما.

فإذا سأل أحدهم رجل دين عن مسألة ما فيها شكّ أو ريبة ، يكفي الشيخ أن يقول له، اتقّ ربك ألم تسمع قوله تعالى  ( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ، كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ) 

فيتحول السائل إلى ضال، ويصبح السؤال خطئاً يستوجب الاستغفار والتوبة.

ويبقى الفضاء طلقاً للمشايخ ليقولوا ما يشاؤون (وجدي غنيم رداً على من نفى العنف في الاسلام: من لا يعلم أن النبي قتل معارضيه ومنقديه وقطع رؤوسهم فهو جاهل بدينه- اضغط) 

 
من أشكال ثقافة الترهيب مسألة عقوبة تارك الصلاة: فهناك عشرات إن لم نقل مئات المشاهد المرعبة التي تم تصويرها بخيال سادي في كتب التفسير والسيرة، تتحدث عن عقوبات تارك الصلاة، والأهوال التي سيواجهها، حتى صار أمر الصلاة  شكلياً جداً ومجرد حركات تؤدّى، و صار أداؤها أهم من أن تنهى عن الفحشاء والمنكر، وسيحاسبه المجتمع على الأولى بقوة وعنف، وسيكفّره ويستحل دمه (إن بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة)، أما عدم الالتزام بالثانية (تنهى عن الفحشاء والمنكر) فهذه مسألة أقل أهمية، و تلتمس له فيها الأعذار، و يستطيع مرتكبها أن يتوب عنها متى شاء و مهما مارس من شرور، وستتم مسامحته، أو يكفيه أن يرضي غرور (إلهه المصطنع ) بالرطن ببعض (الأوراد) ليمحو له ذنوبه ويعيده طاهراً كيوم ولدته أمه.

من أشكل ثقافة  الترهيب ايضاً مسألة عذاب القبر: تحتل ثقافة (عذاب القبر) جزءاً هاماً من التراث الاسلامي، وقد أبدع فيها المفسرون ورواة الحديث، واليوم يستخدمها رجال الدين بكثرة في خطبهم ودروسهم،  ويسوقون لك قصص الشجاع الأقرع، والحفرة  والثعبان وغيرها من المشاهد المروّعة التي لم تثبت صحة معظمها حتى في القرآن والسنة، لكن لا بأس من استخدامها لهدف نبيل وهو الهداية…!!.

ومع تقدم التكنولوجيا، استخدم ردال الدين هذه الوسائل الجديدة، ونقلوا رعب القبور من الكتب إلى الشاشات، حتى صارت أفلام الرعب في هوليود مجرد تسلية أمامها، ففزعك من الاخيرة ينتهي منذ لحظة نهاية الفيلم وإدراكك أن ما رأيته مجرد تمثيل وأوهام، لكن مع النسخة الإسلامية منها فإن الرعب بلا حدود، فما تراه ليس وهماً، بل شيء سيصبح حقيقة وستكون أنت صحيته.

و كنوع من الواقعية  قام مشايخ كبار بتصوير حلقات تلفزيونية داخل القبر ليذكروك لما ينتظرك، كالشيخ نبيل العوضي نبيل العوضي (العوضي داخل القبر- اضغط)

وذاك شيخ آخر قام شخصياً بتجريب الموت والدفن، ولتتحول إيمانياته ممزوجة مع الخوف الطبيعي من الأماكن المغلقة إلى ما سيجعلك تظن وتقتنع وترتدع من عذاب القبر (يظنها حقائق حول عذاب القبر: (شيخ إماراتي يجري ظلمة القبر 20 دقيقة- اضغط)

 
7- استعداء المخالف:

رويداً رويداً، ونتيجة هذا الضخ العدائي المستمر في عقولهم من قبل رجال الدين ومن التراث الاسلامي القتالي (الجهادي)، تحول كثير من المسلمين التقليديين إلى حماة للدين، فتجد المسلم التقليدي في كثير من الأحيان يتدخل بشكل فجّ بشؤون الآخرين، لتغيير ما يعتقده منكراً، ويظن نفسه آثماً إن لم يفعل، وقد لا يتورع لعضهم عن استخدام العنف في سبيل ذلك، وقد سمعنا بقصص الجماعة النسائية السلفية التي ظهرت في مصر عام 2011، وصارت تستوقف غير المحجبات في الشارع، فيحاصرنهن وينصحوهن بلبس الحجاب كي لا يكنّ فتنة للشباب، ومن ترفض منهن يرمينها بماء نار (الأسيد) ليتركن في وجهها أثراً وذكرى إسلامية لن تنساها.

 
لقد تحولت منظومة السيطرة الدينية إلى ما يشبه القفص الذي يحيط بالمسلم التقليدي من كل الجهات والمشكلة أنه اعتاد عليه وألفه، فأصبح لا يريد التفكير والتحليق خارج قضبانه حتى لو فتح له الباب،  ويصوّر له الأمر على أن أي محاولة لفعل ذلك هي تفلّت وضلال وانحلال، ومن لا يأبه للامر ويخرج خارج القفص، يصبح بالنسبة للبقية خصماً وعدواً ، ويصبح هو المستهجن ، وهو المرفوض، وتنقلب المفاهيم رأساً على عقب.

هنا يغلب شعور الجماعة، وغريزة القطيع، ويصبح المألوف هو الصحيح، وليس الصحيح هو الصحيح.

فمثلاً عندما يشكك احدهم بالبخاري الذي نسب إلى النبي محمد زواجه بطفلة من 6 سنين، ونقل عنه التداوي ببول البعير، ومشاركته بقتل الأسرى، ودعوته لقتل من انتقده، ويحاول أن ينزهه عن هذه الأفعال، يهبّ المسلمون التقليديون للدفاع عن البخاري  بكل بسالة، غير عابئين بالنبي نفسه وسمعته، وأنهم بدفاعهم هذا إنما يثبتون ما نقله البخاري عنه من تصرفات وسلوكيات تضع اشارات استفهام كثيرة حول حقيقة نبوته وطهرانيتها، وهذا تماماً ما حصل مع محمد شحرور و اسلام البحيري مثلاً، لقد كان فريداً وغريباً أن يقوم كثير من المسلمين المعارضين للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي -ومنهم الأخوان المسلمون-  بمباركة خطوة سجن البحيري وإسكاته ومحاصرته ومنعهه من الظهور على الملأ، في حين ما يزال الفضاء رحباً لمشايخ مثل الحويني ومحمد حسان وعمر عبد الكافي ليبثوا الكراهية في عقول ملايين من المسلمين الذين يجلسون أمامهم بالقرفصاء إنصاتاً وإعجاباً.

 
8- نظرية المؤامرة:

تلعب نظرية المؤامرة دوراً محورياً في عقل المسلم التقليدي، يعزز ذلك أنها جزء أصيل من المنظومة الدينية ككل، ولا داعي هنا لإعادة سوق النصوص التي تتحدث عن مكر اليهود وخديعتهم، ولا عن المنافقين، ولا عن الكفار ومؤامراتهم.

لم يذكر التراث الإسلامي كله ولا في أي موضع منه مثلاً، احتمال أن يكون ولو واحد من القرشيين الذين رفضوا الإسلام في مكة معارضاً للنبي كأي معارض سياسي اليوم، فالتراث الاسلامي يسلبه حتى حقّه في حرية الفكر والمعتقد، ويحوله في التاريخ إلى جاهلي وكافر دميم سيء الخلق والخلقة (كما ظهر في فيلم الرسالة) ومتهم يجب قتله، بل يتم التغنّي بطريقة قتله و وتبجيل الإساءة لمعتقده، وكم من المسلمين غرغرت عيونهم بالدموع لرؤية الأصنام تحطم حول الكعبة في الفيلم ذاته، وكم منهم بارك ما فعله المسلمون ببني قريظة عندما أخذوهم جميعاً بجريرة بعضهم حتى لم يبق يهودي واحد من المدينة ولا مسيحي واحد من نجران في السعودية اليوم، وكم منهم  تغنى ببطولات الفاتحين في الأندلس الذين خيروا الناس في بلادهم وأوطانهم وعلى أرضهم بين الإسلام أوالقتل، وكم منهم شعر بالسعادة وربما احتفل وهو يرى طائرات بن لادن تهدم برجي التجارة وتقتل آلاف (الكفار) عام 2001..؟!!

يحدث ذلك  في نفس الوقت الذي يستغرب فيه (المسلم التقليدي نفسه) ويستنكر ما يقوله المرشح الرئاسي الأمريكي دونالد ترامب، ويعتبره عدواً للمسلمين والإنسانية ومريضاً بالإسلاموفبيا (هو كذلك بطبيعة الحال)، على الرغم من أنه -المسلم-  يتمتع بكامل حقوقه الدينية وممارسة شعائره الإسلامية في قلب أمريكا، وهو يعلم يقيناً أن لا ترامب ولا غيره يستطيع أن يسلبه هذا الحق الدستوري،  بل أن القانون يكفل له حق الدعوة لدينه لبن الأمريكيين، بينما هو في بلده الأصلي يتململ من المسيحيين، ويسلبهم حقوقهم ومواطنتهم، ويعتبر رغبتهم ببناء كنيسة جديدة تستوعب مصليهم عملاً عدوانياً، ويحرم المسيحي من التبشير لدينه في بلده، ويعتبر ذلك خروجاً عن الطاعة وسلوكاً يستوجب الرد بكل الوسائل،  ويصرّ على أن يكون دين الرئيس الإسلام، وعلى أن تكون أحكام الدستور مستمدة من الإسلام، وهنا يحضرنا ما قاله أحد القيادات الأخوانية في مصر ذات يوم، مهدداً أقباط مصر بعد أن تحوّل مسلم مصري إلى المسيحية وآوته الكنيسة:

“انتبهوا يا أقباط مصر، واتقوا غضبنا، ولا تنسوا ما فعله عمرو بن العاص بكم”  

بالتأكيد توجد هناك مؤامرات كنوع من الخديعة السياسية، والسياسة بحد ذاتها هي تآمر لخدمة المصالح، وهو أسلوب اتبعه حتى النبي محمد في غزواته (الحرب خدعة)،  لكن كمّ السذاجة الموجود في نظرية المؤامرة لدى المسلم التقليدي، وتعميمها بهذه الطريقة لتبرير أخطائه وهزائمه، قد يشيرأحياناً إلى مشاكل عقلية يمكن توصيفها.

فمعظم المسلمين مثلاً يؤمنون أن كلاً من التوراة والانجيل قد تنبأ وأعطى دلالات ونصوص بظهور النبي محمد، قد يكون ذلك صحيحاً، لكن الاستنتجاج الغريب الذي يقدمه المسلمون ليبرروا عدم دخول جميع المسيحيين واليهود بالإسلام، أن أولئك قاموا بإخفاء تلك الآيات والعلامات من كتبهم، لأنهم يعلمون أن الإسلام هو دين الحق وهو الدين العدل، وعلى هذا الأساس يقتنع المسلم التقليدي وبشكل عجيب بأن اليهود والمسيحيين يعلمون أنهم على خطأ، لكنهم لن يتبعوا الدين الصحيح وسيدخلون جهنم راضين فقط نكاية بالمسلمين…!!!

التراث الإسلامي يسمي لنا كل نص ديني يتضمن قولاً أو فعلاً يسيء لصورة المسلمين ولا يقدمهم كأبطال، يسميه (اسرائيليات) تم دسّها، ويسمي قتلة الخلفاء والصحابة بالمتآمرين الذين يريدون تهديم الإسلام، لكن عندما يصل الأمر إلى صحابي مثل عمار بن ياسر كان النبي قد قال له “ستقتلك الفئة الباغية” يبدأ بالتبرير لمعاوية وجيشه، وبتمس له الأعذار، ثم يتغني بفتوحاته التي أعزّت الإسلام والمسلمين.

نظرية المؤامرة حاضرة بقوة اليوم على خلفية ما يحصل في سورية، لا أتكلم فقط عن السياسة، بل أقصد مسألة اللجوء في أوربا، فهناك كثيرون من المسلمين يعتقدون أن ألمانيا استقبلت اللاجئين السوريين لمؤامرة تخفيها علينا، فمن قائل بأنها تحتاج اليد العاملة، إلى قائل بأنها تريد إفساد المسلمين وتنصيرهم…إلى إلى.

وهكذا تتحول الفضيلة إلى مؤامرة، ويصبح من يساعدك ويقدم لك العون بعد أن لفظك أخوك المسلم من بلده، يصبح مذموماً، وتأخذ منه المساعدة والعون ومستحقات شعبه باستحقار، وتقول في نفسك (عليهم أن يدفعوا ضريبة احتلالهم لنا ذات يوم – هذا واجبهم لأنهم لم يطيحوا ببشار الأسد)…!!!

نظرية المؤامرة تحول المسلم إلى الشخص الذكي الوحيد على وجه الارض، الفاهم لكل ما يحصل ولا يمكن خداعه، المتنبه إلى كل التفاصيل، لكن لسبب ما فإن كل هذه النباهة والفطنة لم تفلح في تحسين واقعه…!!!

Print Friendly, PDF & Email

عن laalaa

شاهد أيضاً

ما بين( الحلو) (وعبد الواحد) وترق (مرق) وسلام جوبا // سامح الشيخ

Share this on WhatsApp اولا دعنا نتفق ان كل اسم علم ورد في العنوان يمثل …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.