الأربعاء , مايو 15 2024
ardeenfr
أخبار عاجلة
الرئيسية / مكتبة غالب طيفور / أوراق مبعثرة (6) …

أوراق مبعثرة (6) …

*قصاصات*

أوراق مبعثرة (6) …

وكأني أعيش في حلم ماذا حدث لا ادري ؟ وأين انا ؟ جميع من في المنزل يلتفون  حولي وكأني كنت في غيبوبة ، أسبوع وانا لا أخرج من المنزل ، اتصلت الادارة التي أعمل معها واخطروهم بأني مريض وطلبوا لي اجازة فوافقوا عليها .. واتصلوا بصديقي اللدود (سليمان) ، وكالعادة جاء بحقيبته لأجده معي في غرفتي يعتلي السرير الذي جواري ، صاحب أفكار جنونيه ، ويحصر تفكيره دائما في الأسوء ، واصبحت محاصرا” من كل الإتجاهات فتيسير تعسكر  خارج الغرفة ، بين المطبخ مع أمي والبرندة مع اخواتي ، شعرت بأني اختنق من كل شئ وأكره كل شئ ، خرجت استحمى واتوضأ وأصلي ، وكأني لم اصلي قبل هذا اليوم ، بين كل تكبيرة وتكبيرة اسال الله ان أشاهدها ، وفي كل ركعة وسجدة اسال الله ان تكون بخير .
جلست أنظر (لسليمان) وهو ينظر لي حتي قال لي: من هو الصديق الذي تعلمت منه المخدرات يا قصي؟؟ 
أنا صديقك ويجب أن تعترف لي فالوقاية خير من العلاج والغريب انه كان جادا”  ، وأحمد الله ان هذه المخدرات لم تصيبك بالجنون  ، رغم ألمي ومرضي بدأت اضحك حتي حضروا افراد اسرتي علي صوت ضحكي والتفوا ، يسالون سليمان لماذا يضحك قصي ؟ فقال لهم : بصراحة قصي يحتاج لطبيب نفسي أو شيخ !!، كل من في المنزل تغير وجهه ، وظهرت عليهم علامات الخوف ، فتداركت الموقف سريعا فهذا المعتوه سيصدقه أفراد أسرتي  ، فطلبت منهم الخروج من الغرفة بصرامة ، لقد وجب علي أن أخبره ، وخرجوا بصمت وعلي وجوههم ارتسمت علامات الدهشة والإستغراب  ، فأضطررت أن أحكي له بصوت خفيض ؛ فأنا أعرف أفراد أسرتي ، يحبون أن يحشروا أنفسهم في كل شئ خاصة (ناهد ) ، وكان خوفي  خوفي من هذا المعتوه أكثر من أفراد أسرتي ، وما توقعته قد حدث ، فرغم ما تعلمته ، وإيماني القاطع بالله ، فقد اقنعني هذا المجنون ، بأن هنالك شيخ يملك (الخدام) وبامكانه ان يعيد لي (اسماء)، كنت كالغريق الذي  يتمسك بالقشة للحصول عليها ، وافقت أن أذهب معه للشيخ ولكن أولا” أن نتأكد من مكانها ، وافق علي الفور، وله علاقة مع زميلته في العمل إتصل بها وفي لحظات تقابلنا مع زميلته ، وطلب منها الذهاب لمنزل (اسماء) وقضاء واجب العزاء مع اسرتها ومعرفة مكانها وتكون الحجة أنها جارتهم في الحي ، فاقنعها كعادته وذهبنا جميعا ودخلت منزل (اسماء)  ونحن ننتظر على  أحر من الجمر ، ولم يدعني في حالي ، وكنت سارحا”بخيالي بعيدا”عنه وهو يتكلم  واصفا” لي الشيخ بأن له قدرة لو ذهبت للصين سيعيدها لي ، عادت زميلته ونحن بين شد وجذب ، وكانت وجهها يحمل  في طياته الألم ، نعم (اسماء) سافرت مدينة بورتسودان ويحكوا أهلها أنها كانت حزينة علي امها حزن شديد ، ويبدو ان حزنها كان أكثر من اللازم ، وهذا يدل علي أنها أيضا حزينة عليك ، فقدت ودعت أمها لباطن الأرض ، وودعتك علي ظاهرها .
اوصلنا زميلته لمنزلها ، وتحركنا لمنطقة (الخرطوم مايو)، فقد حزمنا أمرنا واخترنا طريق الأوهام .
كان الشيخ  داخل غرفة تفوح منها رائحة العطور ، ودخان كثيف يملأ ارجاء المكان ، وهنالك (حيران) خارج الغرفة ،يجلسون متحلقين  ونساء ينتظرن ، والكل لديه معضلة يتوهم بان حلها عند هذا الدجال ، كان اتفاقي أن يحكي لي الشيخ لا أن أحكي له ، فاذا كان شيخا (شاطر) ، سيعرف علتي  ويعيد لي (اسماء) ، جلسنا والشيخ يشد ذقنه ويمسحها ، لم اهتم بالنظر اليه ، فانا اعرف انهم اذكياء يقرأون تفاصيل العيون ،، وكان كلامه لا يمت للحقيقة بصلة فانا لست محسود ، ولا توجد إمرأة قد وضعت لي عمل في شئ أكلته ، ولا توجد مشكلة في العمل ، خرجنا بعد ما وضعنا له بعض النقود كما يسمونها اهلنا (البياض) وانا اتذكر اسماء وعقلي لا يتخيل حياتي بدونها .
كان البيت مزدحما ، وعند دخولنا للمنزل هرع  الجميع يسألنا : ماذا قال لكم الطبيب ؟، كنت مرهقا ، ويائسا ، ولا استطيع حتى الرد عليهم ، وكان يرد عليهم سليمان ، وأفضل ما قاله: الطبيب قال ممنوع الإزعاج وطالب قصي بالراحة ، كانت أمي دائما لا تسأل فقط تنظر ، ولكنها الوحيدة في هذه الدنيا التي تعلم ما هي مشكلتي ، رغم أني لم احكي لها .
دخلنا انا و(سليمان) الغرفة واغلقناها خلفنا وهو كعادته يفكر سرا” وجهرا” وانا أنظر اليه فدائما افكاره مخيفة ، ويخرج ليتصل بالهاتف ويعود ، فقال لي تجربة أخيرة يا صديقي ولكنها خطيرة ، ضحكت وقلت له : منذ معرفتي بك  والخطر لا ينقطع عني ، قل يا صديقي فأ قترب مني وقال همسا: هنالك امرأة خطيرة في (رمي الودع) وهي تسكن في حيكم هنا ، ولكن الدخول لها صعب ، ويقال أنها خطيرة في العلاج ، فقاطعته مسرعا : سليمان انسي هذا الأمر ، فأصر اصرارا” غريبا” ، وهو يذكرني بأنها ستحدد مكانها بالياردة والبوصة ، ولم أجد نفسي الا وانا اتبعه والساعة تتجاوز منتصف الليل ، ونحن نتلصص ليلا” حتي نصل لمنزل المرأة وكان يبعدنا بدقائق ،، وجدنا مرأة تنتظرنا ، تجاوزت العقد الثالث ، ولكنها واثقة ،وجهها ضاحك ، ادخلتنا غرفة ، وابناءها نائمون في نفس الغرفة التي دخلناها  ، جلست امامنا ووضعت الطاولة ، ونظرت لنا ، فأخرج  صاحبي مبلغ جيد ووضعه في الطاولة واشار للمرأة علي ولم ينطق بكلمة ، كانت نظراتها  مخيفة حقيقة” ، أول كلمة نطقتها:  جئت تسأل عن الصفراء الطويلة التي تشبه الذهب ، تشبه الأطفال ، شعرها طويل ،  ولكنها حزينة ، شعرت بطعنه في حلقي وهي تنظر لي ثانية ، لقد تركت لك البلد ، اومأت لها برأسي أعادت الودع مرة وأخري ، نظرت لي وقالت: ستعود أتعرف لماذا ؟ لأنها تبكي دما” منذ تركتك ، أنها تحبك اكثر من نفسها ، ولكنك اهملتها .
شعرت بشعر بجسمي يثقل  ، واطرافي تبرد ، فقالت لي بعد أن جمعت الودع في قبضة يدها ونشرته علي الطاولة : أنت تسكن جوارنا صحيح ؟؟، قلت لها: نعم ، ثم واصلت هنالك أخري في حياتك ، لقد الجمتني فصمتت ، أعادت الكرة مرة أخري فنظرت لي بشدة وقالت لي: ماهو اسمك كان سؤالا مباغتا” فقلت لها قصي ، رجعت الي وراء واخذت الودع من الطاولة وقالت : انتهي كل شئ عد من حيث أتيت ، وقامت وتركتنا ،كأنها تطردنا من المنزل .
حقيقة اندهشنا انا (وسليمان) وخرجنا نتسحب وعلينا الخروج من المنزل دون أن يرانا  أحد من الحي ، ففتحت الباب بهدوء لأنظر الشارع فأجد نفسي وجها لوجه أمام  (تيسير) !!!

Ghalib Tayfour

Print Friendly, PDF & Email

عن laalaa

شاهد أيضاً

أصدر تحالف قوى الاجماع الوطني احد مكونات قوى الحرية والتغيير بيانا،انتقد فيه الميزانية التي اجازتها الحكومة الانتقالية

Share this on WhatsApp#الهدف_بيانات أصدر تحالف قوى الاجماع الوطني احد مكونات قوى الحرية والتغيير بيانا،انتقد …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.