الأربعاء , مايو 15 2024
ardeenfr
أخبار عاجلة
الرئيسية / أخبار لالا اليومية / العميد الركن /أحمد خليفة أحمد الشامي ،،، هذا بيان للناس

العميد الركن /أحمد خليفة أحمد الشامي ،،، هذا بيان للناس

العميد الركن /أحمد خليفة أحمد الشامي ،،، هذا بيان للناس … [2]

إن القوات المسلحة لن تقتلها سهام الأعداء بقدر ما يقصم ظهرها نيران الأصدقاء، وهذا هو الخطر الحقيقي الذي يتهددها لأنه يولد شعوراً سالباً في نفس الجندي الذي يجازف بحياته ويسترخص نفسه ويقدم روحه ودمه ثم لا يجد إلا الجحود ونكران الجميل من القاعدين والعاجزين الذين لايجيدون إلا الكلام الهراء.

إن القوات المسلحة لم تشكو يوماً آلامها ولا أوجاعها وهي تحمل عبء الأمانة “وتشيل فوق الدبر” ولكنها اليوم تشكو مرارة ظلم ذوي القربى بدءاً من الذين يضنون عليها بزيادة المرتبات وتحسين المعاش فقط ليصل بهم إلى حدُ الكفاف ليس أكثر من ذلك، بل وتُحرم من المساهمة الوطنية المسماة “بدمغة الجريح” على هوانها وقلة قيمتها على وعد بإستبدالها بدعم من وزارة المالية لم نره حتى الآن مما أدى إلى تدمير البنى التحتية للسلاح الطبي بعد أن قفز قفزات مقدرة وتوسعت خدماته وإنتشرت المستشفيات المجهزة في الإتجاهات الإستراتيجية كافة، ولكننا اليوم لا يجد جريحنا الضمادات الكافية وظلت صيدلياتنا خالية من الأدوية حتى تلك المنقذة للحياة

.

يستكثر علينا نواب الشعب بيئة عمل راقية تتوفر فيها الأجهزة والمعدّات والقاعات والساحات تعيننا على تقديم صورة مشرفة لقواتنا المسلحة تكسبها الهيبة والإحترام في محيطها العربي والإقليمي بل والدولي .

أيها السادة إن عناصر بناء إرادة القتال تعتمد بشكل أساسي على الفرد المقاتل وحالته الذهنية والنفسية وليس فقط على السلاح ومعدات القتال رغم أهميتها لأن الإنسان هو روح المعركة.

كيف يقاتل الجندي ومرتبه لا يزيد عن مصروف أسبوع واحد في ظل ظروف السوق التي يعرفها الجميع؟

كيف يقاتل الجندي وهو لا يجد مأوى لأسرته ومرتبه كله لا يُمكِّنه من إستئجار كوخ في أطراف العاصمة يليق بسكن الحيوان؟

كيف يقاتل الجندي وهو لا يجد الدواء لطفله الرضيع أو لأمه المريضة أو لوالده العجوز؟

كيف يقاتل الجندي وهو لا يستطيع أن يوفر لأبنائه مصروف المدرسة وتبعاتها ؟

كيف يقاتل الجندي وهو لايستطيع أن يفرح بقدوم مولود جديد لأنه يحتاج إلى مرتب ثلاثة أشهر لشراء خروف العقيقة؟

كيف يتحمل البقاء في صفوف القوات المسلحة في ظل المعاناة والفقر والمسغبة وهو يرى أبواب الرزق المشرعة أمامه خاصة في ظل فتنة الذهب وبريقه الذي يخلب الألباب؟

وبعد كل هذه الاسئلة وغيرها من الأسئلة المنطقية التي تصعب الإجابة عليها إلا أن القوات المسلحة ظلت تتجاوز كل هذه المحطات وتقاتل أعداء السودان بلا هوادة وتحقق الإنتصارات الداوية التي تثلج صدور الشعب السوداني الذي يعبر عن فرحته بالمسيرات والإحتفالات والكلمات والهتافات.

بينما ينصرف الجنود بعد كل معركة يطوي كلٌ منهم حاجته في نفسه مسنداً ظهره إلى جذع شجرة يداوي جراحه ويستريح قليلاً إستعداداً للمعركة القادمة.

وبعد كل هذا فإننا لسنا في حاجة إلى أن نذكر الناس جميعاً بأننا بشر يعترينا ما يعتري الناس وأن طبيعة العمل العسكري ومطلوباته في السلم والحرب تشكل ضغطاً بدنياً ونفسياً وإجتماعياً كبيراً على الفرد والجماعة، فالجاهزية تقتضي أن يكون أفراد القوات المسلحة في حالة إستعداد دائم للإستجابة لنداء الواجب وتنفيذ المهام في كل الظروف والأحوال برغم ما تنطوي عليه من المخاطر والمجازفة بالنفس، وأن غاية ما يتمناه الجندي بالقوات المسلحة هو ألا ينظر إليه كأداة من أدوات الحرب وإنما كإنسان هادف له مشاعر ووجدان وله حاجات مادية ونفسية وإجتماعية يسعى لتلبيتها.

إن إدراك هذه الحقيقة الإنسانية جعل قيادة القوات المسلحة وعلى رأسها السيد وزير الدفاع السابق والحالي تبذل جهوداً مقدرة لتلبية هذه الحاجات من خلال خطة مشروعات تطوير القوات المسلحة التي حددت ثلاثة محاور للعمل هي الفرد والمعدة وبيئة العمل، حيث شهدت القوات المسلحة نقلات نوعية على صعيد تهيئة بيئة العمل، فتحولت مباني ومقرات الوحدات العسكرية من إطلال ومبانٍ أثرية إلى تحف معمارية أضافت الكثير من النواحي الجمالية في العاصمة ومدن الولايات المختلفة، كما تمُ توفير اللبس والمهمات العسكرية لتحسين مظهر الفرد العسكري فضلاً عن توفير معينات التدريب لرفع الكفاءة القتالية وتطوير مناهج التدريب وتحديث مراكز التدريب والكليات العسكرية.

وفي محور المعدُة وتطوير القدرة القتالية للقوات المسلحة يمكن القول بأن الأسلحة والمعدات القتالية والمركبات القتالية وغيرها قد تضاعفت عدّة مرات وليس هذا مجال للإفاضة فيها وتفصيلها، ويمكن القول إجمالاً إن القوات المسلحة لديها ما يُمَكِّنها من أداء واجبها والتصدي للتهديدات الماثلة بكل جدارة مع الإحتفاظ بالتفوق الكمّي والنوعي حتى على أغلب الدول المجاورة ناهيك عن عصابات متمردة مندحرة هاربة.

أما في محور الفرد وهو المحور الأهم فقد بُذلت مجهودات مقدرة من أجل تحسين الوضع المعيشي لأفراد القوات المسلحة من خلال مشروع الدعم السلعي الذي تقدمه الهيئة الإقتصادية الوطنية كل ثلاثة شهور، وتهيئة المجمعات السكنية وتزويدها بخدمات التعليم والصحة والرعاية الاجتماعية، والإهتمام بأبناء العسكريين من خلال تقديم بعض الخدمات متمثلة في دعم المدارس ودفع الرسوم الجامعية، وكفالة أبناء العسكريين بالجامعات، كل ذلك مع إقامة مشروعات الزواج الجماعي وخدمات الحجُ فضلاً عن الدعم الذي يقدم في المناسبات المختلفة كمشروع توفير مستلزمات رمضان ومشروع فرحة العيد ومشروع الأضاحي، وإقامة عدد من الصناديق لإسناد ودعم الجرحى ومصابي العمليات الحربية ومواساة أسر الشهداء والمتوفين من منسوبي القوات المسلحة، إضافة إلى خدمات العلاج التي بدأت تتدهور مؤخراً مع شحُ الموارد، على الرغم من كل هذه الجهود التي يقف على رأسها السيد وزير الدفاع ويرعاها ويقدم لها كل ما يستطيع، إلا أن محور الفرد يظل هو المحور الأضعف بين كل هذه المحاور، وذلك بسبب ضعف المرتبات التي تناولنا آثارها بالحديث آنفاً، حيث كان من الواجب أن لا ترتبط مرتبات القوات المسلحة بالهيكل الراتبي العام للدولة تقديراً لظروفها الإستثنائية التي يعلمها الجميع، ورغم أننا إستبشرنا خيراً بالزيادات الأخيرة إلا أنها دون الطموح ولكنها خطوة أولى في الاتجاه الصحيح.

ويبقى القول إنَّ القوات المسلحة بتاريخها التليد وإرثها الخالد ورصيدها من القيم ظلت تحافظ على مكانتها بين جيوش العالم حيث تمُ تصنيفها كثاني أقوى جيش في أفريقيا وذلك بناء على كسبها في ميادين المعرفة وخبرتها في ميادين القتال، وهو تقييم بني على عدد من الأسس والعناصر كان من أهمها طبيعة وأخلاق الجندي السوداني وقيمه الأخلاقية والإيمانية والإنضباطية، لذلك نقول للذين ينتظرون إنفراط عقد القوات المسلحة وتفرقها أيدي سبأ ـ كما حدث في بعض الدول الأفريقية المجاورة التي قامت فيها حركات التمرد وإنتهت بالسيطرة على الحكم وتسريح القوات المسلحة ـ نقول لهؤلاء سيطول إنتظاركم وسيخيب رجاؤكم حتى تموتوا بحسرتكم، والقوات المسلحة هي من هذا الشعب ولن تخونه أو تتخلى عنه لتفترسه أنياب الذئاب التي كشفت عن حقدها في “أبوكرشولا” وغيرها من المناطق التي دنستها، ولن تتمرد على سلطان الدولة ويحمل أفرادها السلاح ليهجموا على الأسواق ويسرقوا المتاجر والبنوك كما شاهدنا في كثير من الدول الافريقية، ولن تتأخر في تلبية نداء الواجب كما لم تفعل من قبل.

نقول لصحافتنا الوطنية خففوا الوطء علينا ووجهوا سهامكم نحو أعداء الوطن وليس إلى حماة الوطن وهذه ثغرتكم فقد يبلغ المرء بالبيان ما لا يستطيع إدراكه بالسنان.

ونقول لنواب الشعب شكراً لكم على وقفتكم الأخيرة وتعليقكم جلسات البرلمان والإنخراط في النفرة وما نريده منكم هو الرجوع إلى دوائركم والتحدث إلى مواطنيكم وأهلكم وإختيار أصلب العناصر من الشباب للإنضمام إلى صفوف القوات المسلحة حتى تستمر في حراسة القيم.

ونقول للذين يستبطئون إنتصارات القوات المسلحة إن حرصنا على سلامة المواطنين والحفاظ على أرواحهم وممتلكاتهم مقدم على دحر المتمردين بأية طريقة إذ لا يعقل أن (تحرق قطية من أجل قتل ثعبان)، إن هذه الرغبة الجامحة التي تعتري المواطنين وتطالب القوات المسلحة بسرعة حسم المعتدين دون فهم لطبيعة المعركة وتكُتيكات حرب العصابات تشكل أحياناً كثيرة ضغطاً على قيادة القوات المسلحة فتوجه بتنفيذ عمليات حربية ليست ذات قيمة إستراتيجية في حدُ ذاتها بل وتتسبب في خسائر بشرية ومادية كبيرة في صفوف القوات المسلحة، أتركوا القوات المسلحة وشأنها فإنها تعرف كيف تقاتل وأين تقاتل ومتى تقاتل.

ونقول لمواطنيناالشرفاء : لسنا في حاجة إلى أن نذكركم بأننا نحن أبناؤكم الذين خرجوا من أصلابكم لينهضوا بواجب الذود والدفاع عنكم، جئنا من كل حاضرة وبادية وإنصهرنا في بوتقة القوات المسلحة بكل قبائلها وألواننا وسماتنا ولهجاتنا وشكلنا لوحة كبيرة إطارها حدود الوطن تميزت بالجمال وتناسق الألوان وتزينت بالإخوة والمحبة وصدق الوجدان، قيمة المرء فيها بمقدار عطائه وصدق انتمائه توفرت فيها مساحة واسعة للإبداع وتحقيق الذات في إطار الغاية الكبرى والواجب الاصيل لذلك ما من سبيل إلى اعتلاء المراتب وتولي المناصب إلا بمعيار الكفاءة والجدارة والكسب الذي يستحق الذكر والشكر.

نداؤنا إليكم : أن إتقوا الله فينا وفي أنفسكم وتذكروا دائماً أنكم شعب واحد يجمعكم وطن واحد وأن ما يجمعكم أبقى وأكثر أصالة من الذي يفرقكم إجعلوا ولاءكم الكبير لله والوطن وتجاوزوا صغائر الإنتماءات الجهوية والحزبية، تذكروا دائماً أنكم جميعاً سودانيون وعندما ينظر كل واحد منكم إلى أخيه ثم يستشعر تجاهه إختلافاً في لون أو جهة أو قبيلة أو بعداً في رحم تذكروا حق الرحم الأول لآدم وآدم من تراب، فاتقوا الله الذي تساءلون به والارحام إن الله كان عليكم رقيبا.

عندما تسمو عندكم هذه القيمة الإيمانية تهدأ نفوسكم وتنزل الرحمة والمودة والسكينة في قلوبكم فلا يظلم بعضكم بعضا ولا يقتل بعضكم بعضا، وحينها فقط يتحقق معنى السلام الإجتماعي الذي يشكل الأساس للأمن والسلام والتنمية والرفاه في كل بلد، وحينها فقط يدبُ اليأس في نفوس أعدائكم حيث لا يجدون منفذاً يثيرون به ضغائنكم ويوغرون به صدوركم،وحينها فقط تجنبوا أبناءكم في القوات المسلحة تحمل تبعية هذا الإرث الثقيل من الحروب الداخلية التي ظلت السمة المميزة لهذا البلد منذ الاستقلال حتى الآن.

إن عهد القوات المسلحة مع الله والوطن ومعكم أن تظل وفية لقسم الولاء عصية على الأعداء حتى تلقى الله بإحدى الحسنيين، تدافع عن شرف الأمة ومقدراتها وقيمها وعقيدتها و تعمل على حفظ كيانها، وهو الواجب الذي نذرت نفسها له وقدمت في سبيله أعز ما تملك، وستبقى القوات المسلحة الملاذ الآمن و(فزع اليكورك)، تحمي المواطنين وتردع المعتدين.

ختاماً أقول لإخواني في القوات المسلحة (إصبروا وصابروا و رابطوا وإتقوا الله لعلكم تفلحون) فما من أحد في هذا الوطن يدعى فضلاً وشرفاً أكثر منكم إلا رجلاً مضى إلى الله شهيداً وقد كان يقاتل بين صفوفكم.

إذ ليس من شرف أكبر من الإنتماء الى القوات المسلحة لأنها مهنة لا يرجو صاحبها غير الدار الآخرة حيث الجائزة الكبرى من الله تعالى إذ أن الإنسان مهما أعطي من مال في هذه الحياة الدنيا فإنه لا يساوي عينه التي فقئت أو رجله التي بترت ناهيك عن روحه الطاهرة التي صعدت.

إن ما ينقصكم من متاع الدنيا ولعاعها الكثير، ولكنكم الأجدر بالثبات والإحتساب والصبر على البلاء،سددوا وقاربوا واخلصوا نياتكم لله تعالى وجددوا ثقتكم بالقيادة وتمسكوا بالمبادئ وشرف الجندية لأن بشارات النصر قد لاحت في الأفق ودنت ساحة الحسم، ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ..والله أكبر ولا نامت أعين الجبناء.

Print Friendly, PDF & Email

عن laalaa

شاهد أيضاً

حزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي

Share this on WhatsAppحزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي طالعنا البيان المؤسف الصادر من سكرتارية اللجنة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.