الإثنين , أبريل 29 2024
ardeenfr
أخبار عاجلة
الرئيسية / حركة 27 نوفمبر / مسافة يوم من العصيان: فرفرة المضبوح!

مسافة يوم من العصيان: فرفرة المضبوح!

أحمد ضحية

——————————-

وكما هو متوقع، ونحن على بعد يوم أو أقل، يشتد بطش النظام وقمع أجهزته لجماهير الشعب، التي استنهضت طاقاتها الخبيئة؛ في المقاومة والاحتجاج.. في قلب الوطن و أقاصيه ودوانيه!

فشعبنا رغم أفاعيل النظام بأحزابه؛ وتدميره لنقاباته واتحاداته وقطاعه العام، وخصخصته لكل ممتلكاته، بسياسات التحرير الاقتصادي الفاسدة و المدمرة.. 
رغم كل ذلك، الا أن تجربته الثرة، في مقاومة انظمة الاستبداد، تملأ الآن هذا الفراغ، بإستنهاض العصيان، في أدوات جديدة، لا شك تفضي لإجتراح أدوات أخرى، مبدعة.. في الإضراب السياسي، والانتفاضة الشعبية الشاملة..

أدوات تبهر العالم، الذي لم يستنكف طيلة الفترة القليلة الماضية، التعبير عن إعجابه، بهذه القدرة الخلاقة، على ابتكار اساليب، وادوات النضال ضد الاستبداد، وعن دعمه وتعاطفه مع خيار الشعب.. وهو ينتهج أساليبا غير مسبوقة، بمثابة الإعلان عن مخاض لولادة شعب جديد، يحمل مشروعا وطنيا جديدا، يداوي جراح الماضي والحاضر، ويستشرف أفقا جديدا لمستقبل واعد..

مسافة يوم واحد، تفصلنا عن  عصياننا. الذي يراقبه الان كل العالم بتحفز، وترتجف تحت وطأة أصداءه، عروش انظمة مستبدة كثيرة، في هذا الاقليم المنهك..

مسافة يوم.. ووردة إرادة الشعب وابناءه ومثابرتهم، تتفتح في كل ثانية، في فضاء الاعلام البديل، لتنثر عطر الثورة، الذي تتخطى رائحته، حدود وطننا، لآلاف الأميال، شرقا وغربا!

لقد تخطى الشعب حاجز الخوف والتردد والحذر. وعبر عن موقفه ببسالة، دون تهيب من بطش أجهزة الأمن، مستلهما إرث المقاومة والإحتجاج، ضد النظم الإستبدادية الفاسدة، بل يضيف الآن في كل يوم يمر، تجربة جديدة وفريدة، تبث مزيدا من الرعب، في قلوب طغمة النظام و جلاديه، الذين يرتبكون لا يلوون على شيء! ويزداد تخبطهم أكثر، فتطال حملات الاعتقالات الكنداكات والماجدات، على رأسهن المناضلة الجسورة (نعمات آدم جماع).. كما طالت أماجد الشعب من ناشطيه الشباب، ومناضلي قواه السياسية الحية! فالتحية لهم جميعا!

جرب النظام وأجهزته، كل سبل كسر إرادة الجماهير، بدء (بتغويص قروبات العصيان)، مرور بإطلاق الشائعات، وتأليف الحكايات، وتوزيع الاتهامات بالعمالة، الى آخره من أدوات بائسة، لا يستخدمها، سوى العاجزين المفلسين من كل قيمة وخلق!

بل و أصبحت خطط النظام، ونواياه تتسرب تسرب الماء، من بين شقوق جرف هار، من داخل أوكاره السرية، مفروشة على قارعة الأسافير!

وكيف لا يتخبطون، وقد حظي هذا الاعتصام، الذي يعبر عن إرادة كل الشعب، في داخل الوطن والمهاجر والمنافي البعيدة، وبكل فئاته وشرائحه وإثنياته، بكل هذا الدعم الدولي غير المسبوق!.. 

صحيح أن شعبنا جرب سلاح العصيان من قبل في اكتوبر ١٩٦٩ وابريل ١٩٨٥ ولكن لهذا العصيان طعم مختلف جدا..

فهذا العصيان منذ انطلاق مرحلته الاولى في ٢٧ نوفمبر المنصرم، لم يراهن على توقف كل القطاعات الحيوية مجتمعة، دون تحديد ميقات زمني، حتى استجابة النظام أو سقوطه، كما درجت العادة في العصيانات المدنية، لكن مع ذلك رافقته تحركات جماهيرية واحتجاجات، هنا وهناك في مدن مختلفة! وبيانات دعم من احزاب ومنظمات وفئات مهنية، وأفراد من الشعب في كل مدنه، وشرائح اجتماعية، الى اخره، حتى أصبح بمثابة استفتاء صارخ لرفض حاسم لهذا النظام الفاسد المستبد!

وصحيح أنه لم يراهن، على التوقف التام  عن العمل، حتى تتحقق أهدافه! 
إلا أنه عبر عن هذه الأهداف؛ خلال  شعارات؛ تخطت الهاجس اليومي والآني، لتخاطب كل ركام القضايا العالقة: قضايا التهميش والعدالة الاجتماعية والسلام، والمأسسة والمواطنة، وإعادة بناء الجيش، على أسس وطنية قومية، ورؤى حديثة ومنتجة!

هذه الجذوة المشتعلة لقضايا التغيير، التي فشل نظام الاحتكار والقمع في اطفائها خلال ٢٧ عاما، تتبدى الآن كنار، يشتد أوارها لتبلغ منتهاها، بالتأسيس لوطن يسع كل السودانيين!

لم يعد بإمكان قوة في الأرض، إثناء هذا الشعب عن المضي، في طريق الثورة والتغيير..
لا اتساع دائرة الاعتقالات، ولا الحجر على الاعلام ومصادرة الصحف، ولا التخبط في التصريحات الفجة، المثيرة للسخرية والشفقة، تعليقا على المقاطعات التي شهدتها زيارات رأس النظام الى بعض المدن!
لاشيء البتة سيمنع هذا الشعب من تحقيق أهدافه التي لطالما أجلها الساسة المأفونون!

ولذلك نزعم أنه عصيانا مختلفا،  بأساليبه وأدواته الجديدة، وما  يحمله من رؤى جديدة، على عاتق جيل الشباب الجديد، الذين تمكنت همتهم من:

١/ توحيد هذا الشعب الذي لطالما أفقرته، وفرقت شمله وأقعدته عن النهوض، سياسات الأحزاب الفاشلة، وفساد النظم المستبدة.

٢/شحذ إرادة التغيير، في كل جماهير الشعب من اقصى الوطن الى أدناه.. في فرقانه وحلالاته ومدنه النائية المهمشة البعيدة، وفي حواضره التي تتوسطه في القلب!

٣/ وحد موقف قوى المعارضة، بشقيها المسلح والمدني، في أكبر تحالف عرفته القوى المعارضة، عبر تاريخها على الاطلاق.

٤/ وحد شباب العصيان أنفسهم، في كيان واحد، خلال عمل منظم عبر لجان. وأصبحوا أكثر مرونة في التنسيق مع القوى المعارضة، واصبح هناك نوع من القيادة المرنة الموحدة. التي يجمع بين أطرافها، ومناصريها رفض الحوار مع النظام، والرغبة العارمة في التغيير الجذري، الذي يكنس لا النظام فحسب، بل القوى القديمة المتواطئة وحلفاء النظام وأزياله وسدنته!

٥/ نجح العصيان قبل أن يبدا، خلال ما احدثه من ربكة، في النظام، الذي بدى واضحا انه مرعوبا ومتخبطا، خلال السلوك السياسي والتصريحات العرجاء من قمة هرمه الى قاعدته!

٦/ لفت انتباه الإقليم والعالم بقوة، أن تغييرا حاسما تجري وقائعه في السودان، ما حفز العالم على اتخاذ مواقف أكثر جرأة لصالح شعب السودان (الموقف الأميركي).

٧/ كشف مدى تخبط النظام وضعفه. وفشله في التصدي لهذا النوع من المقاومة، التي عرته وجردته من كل اسلحته، فلم يجد ما يتدثر به سوى الأكاذيب!

٨/تغيرت طبيعة مطالب العصيان، و ارتفع سقفه من مطالب محدودة الى تغيير كامل.

٩/ انتزع المبادرة من النظام، وجعله يقف حائرا لا يدري ماذا يفعل، للمرة الاولى، خلال مسيرة صراعه مع الشعب.

١٠/ أعطى الأمل في تغيير نظيف او بكلفة انسانية اقل، وأبعد شبح الفزاعة الليبية والعراقية والسورية واليمنية، التي ظل النظام وحلفاءه يرفعونها بوجه الشعب، لبناء جدار عازل بينه وبين الحركات المسلحة في الهامش.

١١/ طمأنت مبادرة الحركة الشعبية لتحرير السودان: شمال، الداعمة للعصيان والمنحازة لخيار الجماهير، والتي تبعتها بقية فصائل العمل المسلح دعما للعصيان.. 
طمأنت الجماهير، وأكدت أنها لم تحمل السلاح، سوى دفاعا عن مطالب الشعب الأعزل وقضاياه، بوجه نظام مليشيات عنصري واحتكاري واستبدادي، لا يتورع عن استغلال الدين للحصول على مكاسب مادية! ولايتورع عن قتل الأطفال واغتصاب النساء! بل واستخدام الطعام سلاحا في الحرب!

وفي تقديري أن دعم وانحياز الحركات المسلحة لخيار الشعب، بمثابة جسر للثقة، يمهد الى أن يعبره الطرفان، ليلتقيان في منتصف المسافة، ويعبرانه معا، لحل كل قضايا الوطن المتراكمة و العالقة، في الهامش الذي يعيش جحيم الحرب، والمركز الذي يعيش جحيم الاستبداد، لبناء سودان جديد خال من التهميش والعنف!
١٨ ديسمبر ٢٠١٦

Print Friendly, PDF & Email

عن laalaa

شاهد أيضاً

حركة 27 نوفمبر: استمرار النزاع القبلي في بورتسودان ونظرية الفوضى الخلاقة

Share this on WhatsApp( creative chaos) التفاصيل     نشر بتاريخ: 16 آب/أغسطس 2020 نتابع نحن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.