طاردوهم بالعصيان ودقوا عليهم بالهجران (19) …

    هؤلاء الثلاثة المؤمنون الصادقون الذين تخلفوا  عن غزوة ( تبوك ) لأسباب من ضعف الإيمان في ذلك الوقت ، وبقوا في المدينة، فلما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم أعتذر من أعتذر من المنافقين ، وقبل الرسول صلى الله عليه وسلم عذرهم، إلا هؤلاء الثلاثة فإنهم صدقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقالوا: يا رسول الله! ما لنا من عذر. فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بهجر هؤلاء الثلاثة، فهجرهم المسلمون  عليهم، وجرى لهم ما جرى،  ، حتى أنزل الله عليهم التوبة، فتاب الله سبحانه وتعالى عليهم، كما قال تعالى: وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ، الرَّحِيمُ[التوبة:118].
هؤلاء هم صحابة رسول الله عليه افضل الصلاة- واتم التسليم الذين شرح الله سبحان وتعالي معاناتهم وتاب عليهم ، بعد هجرهم اهلهم ونساءهم ، والناس أجمعين ، فظهرت قوة العقاب الهجر ، فضاقت عليهم الدنيا بما رحبت .
  ونحن نقتدي برسولنا الكريم (ص) ونحذو بحذوه ونتبع سنته ، فيجب علينا ان نهجر كل من يخرج علي الطريق القويم ويتبع هواه ، وهذا الهجران للذين نأمل بان يعودوا للصراط المستقيم الذين في انفسهم بواطن خير ، نهجرهم كما أمر رسول بهجر صحابته عليهم رضوان ، وعلي اخواننا ونساءنا والناس أجمعين ، يجب ان يهجروا كل من له صلة بهذه الدولة من  رجال الامن ، او شرطة او موظفين كبار ، او من يؤمن بان هذا الوضع جيد يمكن التعايش معه ، وان الطغيان والظلم والقهر الذي تمر به البلاد هو مرحلة يمكن تجاوزها ، وان مصالحهم تنسيهم معاناة اخوانهم وأهلهم ، وان رغد العيش مع هذه العصابة يجعلهم يرون ان الجميع علي خطأ ، وان القتل وسفك الدماء ما هو الا لارساء العدل ، كما لايجب أن يتوقف هجرنا لهؤلاء العصابة حتي يعوا ويعودوا لرشدهم ، ويعلموا بمعاناة شعبهم .
    ان ما يحدث في وطننا الذي يسوقه هذا البشير الهالك باذن الله ، وثلته الفاسدة ، التي لا تغني عنها مالها وما كسبت وسيصلون باذن الله نارا من لهب ، وجبت عليه شرور الدنيا ، وأوزار الآخرة ، وسيقصم الله ظهورهم بفضل دعوات الذين ذاقوا المرارات ، وكبلتهم قيود السفاح بلا جرائر ولا آثام باينة ، وما النصرة الا بالله رب العالمين .
   ان الوطن يدخل في نفق مظلم واخراجه من هذا النفق الا بالترابط والتعاضد وفوق هذا وذاك الدعوات ، فلا ملجأ الا الي الله ، فقد ساقوا عبدة المال والجاه البلاد للدرك الأسفل ، ولم يراعوا لإنفسهم اولا” ولشعبهم الذي امسي لا ينتظر منهم شيئا ، ولكنه ينتظر رحمة من الرحمن الرحيم .
  علي كل الذين يعملون مع هذا النظام الغاشم المستبد ان يهجروا من الشعب ، ولا يرد عليهم تحية ولا سلام فالسلام من الله السلام ولا يرد لسافك دماء ، والهجر هو سنة نبينا وحبيبنا ، ولا مجادلة ولا نقاش ، فقد استبان الحق ،  وزهق الباطل ان الباطل كان زهوقا ، العصيان يضرب عصيهم والهجران يسوقهم الي ضيق الدنيا بما رحبت ، ان الذين لا يستجيبون لنداء الوطن وصوت العصيان ، الذي يعيد الحقوق التي سلبت ويرجح ميزان العدل الذي مال ، ويظهر العدل والمساواة التي اندثرت ، يجب علينا نبذهم من مجتمعنا ازاء موقفهم التخاذلي ، والتاريخ لن يرحمهم ، ولن يرحمنا اذا تعاملنا معهم ، احذفوا ، احظروا ، كل من وقفوا في صف الباطل ولو كان اخاك قريبك وحبيبك ، فقد حصص الحق ، وعلي حرائرنا الهجر ثم الهجر .
  فلا زالت المعتقلات تضج بأم كبس ، وأحمد الضي والقادة الاشاوس الميامين ، ولا زال الوطن يتوجع ويتالم ، والعصيان هو آخر مسمار سيدق في نعش الكيزان .
   وما هنت يا سوداننا أبدا علينا …
الهجران هو أس العصيان …