السبت , أبريل 27 2024
ardeenfr
أخبار عاجلة
الرئيسية / أخبار لالا اليومية / ( الترابي كان افنديا” ولم يكن مفكرا” ولا مثقفا” ،، وتجربة الاسلاميين اعادت السودان للقرون الوسطى )

( الترابي كان افنديا” ولم يكن مفكرا” ولا مثقفا” ،، وتجربة الاسلاميين اعادت السودان للقرون الوسطى )

د.حيدر إبراهيم علي يكتب :

تمثل تجربة حكم الاسلامويين السودانيين فشلا” داويا” لمشروع حركات الإسلام السياسي بالكامل، اذ قدمت نموذجا” لمشروع الاستبداد الشرقي والفساد العالم ثالثي متدثرا” بالإسلام، مما صعب مهمة أي حركة أخرى من أن تغامر باستلام السلطة في بلدها، فهنا يشار للمثال السوداني بأنه يكفئ ليظهر لأي شعب كيف يحكم الاسلاموييون. فقد ادعوا انهم قاريون بمشروع حضاري اسلامي جديد في الحكم والمجتمع والاقتصاد والثقافة ( راجع مقالات التجاني عبدالقادر ومحمد محجوب هارون وحسن مكي في مجلة قراءات سياسية العدد الثالث – صيف 1992م مركز دراسات الاسلام والعالم ) ( وكتاب المشروع الاسلامي السوداني قراءات في الفكر والممارسة- عن معهد البحوث والدراسات الاجتماعية الخرطوم 1995م ).

لم تشتغل الحركة بقضايا الفكر والاجتهاد والتجديد الديني بل اهتمت بالتنظيم والحركية ومقارعة الشيوعيين ، ومن هنا كان فقرها وبؤسها في ميدان إنتاج الفكر . فكان من الطبيعي ان لا تزود قياداتها التاريخية المكتبة السودانية بأي كتاب أو اصدارة. فلم نر اي كتاب يحمل اسم ابراهيم السنوسي أو ياسين عمر الامام أو احمد عبدالرحمن ، وحتى منظرهم الاقتصادي عبدالرحيم حمدي  لم يفتح الله عليه بكراسة عن الاقتصاد السوداني فقد قرر الاسلامويون أن التفكير ليس فريضة إسلامية، بل فرض كفاية  إذا قام به الترابي سقط عن الباقين . من هنا كانت عبادة الشخصية وتمجيد الترابي باعتباره مفكرا” إسلاميا” ومجددا” .ولكن الترابي  في حقيقته أفندي عالي  وواسع التعليم ولكنه ليس مفكرا” ولا مثقفا”! لأن المثقف يتحول علمه ومعرفته إلى سلوك وطريقة حياة ورؤية للعالم .

فالترابي درس القانون الدستوري كعلم فقط، ولكن لم يصبح جزء من ثقافته . فهو الذي قام بانتهاك الدستور السوداني ليبرر حل الحزب الشيوعي ، وهو الذي انقلب على نظام دستوري منتخب . فعلم الترابي هو ماسماه النبي (ص) علم من لاينفع!  ‘‘ أخشي ما اخشاه على  أمتي عالما” يضلها بعلمه،، . كما أن الترابي لم ينتج افكارا” جديدة، وعلى القارئ أن يتصور أن المفكر الاسلامي المجدد  هو الذي وقف امام النميري بعد المصالحة الوطنية مقسما” على احترام لوائح الاتحاد الاشتراكي . وللقارئ أن يتصور أن المفكر المجدد هو الذي وقف أمام لجنة في الكونغرس يوم 4 مارس 1993م شابكا” اصبعيه مقسما” أن يقول الحق عن أوضاع السودان في(Testimony) مشهورة أثناء زيارته لامريكا .  نشرتها جامعة كاليفورنيا سانت باربارا . هل  يمكن أن تتخيل أن يقف الخميني أو حسن نصرالله مثل هذا الموقف! .

ويخلط الترابي مثل الكثيرين بين الكلام والأفكار! وغالباً مايكون الكلام الكثير خاليا” من الأفكار والمفاهيم والمصطلحات والتعابير العلمية .

ففي الفكر السياسي الاسلامي المعاصر راجت بعض المفاهيم التي ارتبطت بالمفكرين المنتجيين لها ، فيتذكر المرء اسم  المفكر أول مايسمع المفهوم، مثل جاهلية القرن العشرين أو الحاكمية لله أو ولاية الفقيه أو المستضعفين .

اشتهرت عن الترابي مفاهيم لم تدم طويلاً وتميزت بسطحيتها مثل التوالي وفقه الضرورة وأخيراً تداول الاسلامويون مفهوم التحلل لتبرئة المفسدين من سوء أعمالهم الفاسدة رغم ان الحركة الاسلاموية السودانية استوعبت  عددا” من الخريجين والمتعلمين، إلا أنها لم تهتم بتكوين نخبة مفكرة او متفقهة بل أضاعت وقتها  في تكوين مجموعة من الإعلاميين الهابطين . واثناء فترة الديمقراطية الثالثة 1986-1989م  فرخت عددا” من الصحفيين كونوا مدرسة أقرب الى” ثقافة الفاتيات ” و”الفاتية” حسب عون الشريف قاسم هي امرأة سليطة اللسان منزوعة الحياء . كذلك هم أقرب إلى حكامات القبائل مهمتهن هجاء الشخصيات الكبيرة  في القبيلة الخصم !

وعرف إعلام الجبهة وصحفها بالوقاحة والبذاءة وعدم الحياء واحترام الآخرين .وهكذا لم ترفد “الجبهة الإسلامية” الحياة السياسية السودانية بمثقفين أو مفكرين، وحين وصلت إلى السلطة فشلت كل محاولات الدولة في تأسيس مراكز بحثية أو مجلات دورية محترمة،  رغم الانفاق الهائل على هذا المجال .

وفضل الاسلامويون تأسيس فاشية اسلاموية متخلفه ابتكرت بيوت الاشباح وضخمت دور الأجهزة الأمنية  والمليشيات  واعتمدت العنف والاقصاء ورضيت بفكر جامد دوغمائي واستعادت القبيلة والعنصرية مستعينة بفلسفة الاستعمار (فرق تسد).

من الطبيعي أن يلازم البؤس الفكري بؤس روحي واخلاقي!  فقد تم تطبيع الفساد وساد الاستبداد لأن أفراد الحركة لا يملكون فلسفة أو رؤية عميقة وموضوعية للكون والانسان والمجتمع .

كان المفكرون المسلمون يبحثون عن معالجة التحديات التي تواجه الإسلام في القرن الحادي والعشرين وبالذات تحديات الحداثة والعولمة والتكنولوجيا ، ولكن انشغل الاسلامويون في السودان بالحجاب وتعدد الزوجات والمرابحة، انشغلوا بتلبية احتياجات بطونهم وفروجهم! وبالشكليات وبأمن النظام وحماية امتيازاتهم .

لم يملكوا اليات قيام مجتمع اخلاقي، ولم يقدموا القدوة والمثال، فكان حصادهم مركز المايقوما وسجن النساء في دبي الذي يعج بفتيات سودانيات! والواقفون منتصف الليل في شارع عبيد ختم !

وفي الختام المشروع الحضاري الاسلامي السوداني هو 30 عاماً من الفساد والاستبداد والبؤس الفكري والأخلاقي وانهيار الوطن والعودة به إلى عصور وسطى وتخلف فريد وسط الأمم .

Print Friendly, PDF & Email

عن laalaa

شاهد أيضاً

حزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي

Share this on WhatsAppحزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي طالعنا البيان المؤسف الصادر من سكرتارية اللجنة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.