الجمعة , أبريل 26 2024
ardeenfr
أخبار عاجلة
الرئيسية / أخبار لالا اليومية / رفض سياسة مايسمى بتحرير الاسعار من منظور علمى

رفض سياسة مايسمى بتحرير الاسعار من منظور علمى

مقال من بروف ابراهيم اونور
جامعة الخرطوم

منذ مجئ مايسمى بحكومة الكفاءات من خارج السودان بعد سقوط النظام السابق  تبنت حكومة الثورة شعار سياسة تحرير الاسعار والذى يعنى حسب الفهم العام عدم تدخل الدولة فى توجيه أسعار السوق للسلع والعملات وذلك حسب توصيات صندوق النقد والبنك الدوليين اللذين ثبت فشل سياساتهما فى كل انحاء العالم. ولتوضيح اسباب رفضنا لسياسة التحرير التى تبنتها الحكومة الحالية من رفع للدعم وتعويم سعر العملة بدلا عن التحرير المقيد ساتناول الموضوع  من منظور النظرية الإقتصادية (وهى نظرية الرفاه الإقتصادى  – النظرية الثالثة) وذلك للتعرف على المحاظير التى وضعتها النظرية نفسها عند تبنى  مفهوم التحرير الإقتصادى. للأسف الذين تبنو هذه السياسة  كبرنامج إصلاح إقتصادى ليس لديهم فهم عميق بخصوص الموضوع فى إطاره النظرى وإنما تبنوه إنصياعأ لأرادة صندوق النقد الدولى الذى يعلم سلفا بعدم جدوى سياسة التحرير فى بيئة إقتصادية كبيئتنا ولكن ربما الحوجة للتمويل كانت سيدة الموقف بغض النظر عن تداعياتها الكارثية على المجتمع والإقتصاد هذا احسنا الظن فيهم.
فى البداية ، كما قلنا تعنى حرية السوق سواء كان سوق العملة او اسواق السلع والخدمات عدم تدخل الدولة أو أى جهة أخرى فى تسعير أسعار السلع والعملات بل تركها لالية السوق بإعتبار أن تسعير السوق هو الذى يؤدى إلى التسعير العادل والذى يقود إلى التخصيص الأمثل للموارد الإقتصادية . ولكن النظرية الإقتصادية التى طرحت الإطار النظرى وأثبتت جدوى تبنى حرية السوق وضعت شروط ومتطلبات لتحقيق ألية السوق التسعير العادل للسلع والخدمات. أول هذه الشروط عدم وجود إحتكار فى إنتاج أى سلعة أو خدمات وذلك لإفساح المجال أمام ألية السوق لتسعير السلع والخدمات بالصورة المطلوبة. وجود محتكر فى ظل غياب رقابة للدولة يضعف المنافسة الحرة وهى شرط أساسى لأداء السوق دوره بكفاءة ، حيث أن المحتكر يضعف صغار المنتجين حتى ينتهى الأمر فى النهاية لقضاء المحتكر علي صغار النتجين ويصبح إنتاج تلك السلعة حصريا للمحتكر الذى سيلجأ حتماً لإستراتيجية تعظيم أرباحه  من خلال تقليل الإنتاج بغية رفع الأسعار متى  ما أراد ذلك. ولتوضيح ذلك نأخذ مثاليين من الواقع السودانى . قبل حوالى عقدين من الزمان عندما أنشأت مطاحن الدقيق الكبيرة فى السودان تمكنت فى أقل من عامين إخراج حوالى عشرون مطحنه ضغيرة  من أنشطة الإنتاج فى البلاد إلى أن تم إحتكار السوق كاملاً فى خلال خمس سنوات منذ بدأ دخول المطاحن الكبيرة للسوق . والأن فى ظل الوضع الراهن لا يعقل أن نترك تسعير منتجات الدقيق مثلاً لألية السوق لأنو ببساطة لا يوجد سوق نحتكم عليه فى تسعير الدقيق بل المحتكر أو المنتج الكبيرهو الذى يقرر ما يريده من إنتاج وتحديد أسعار المنتج.  أيضاَ مشهد أخر مشابه لسلوكيات المحتكر يظهر فى صناعة الحليب بالبلاد ، حيث تقوم الأن شركة كبيرة لإنتاج وتصنيع الحليب بشراء الحليب من المنتجين الصغار من أماكنهم مما أدى لإرتفاع أسعار الحليب الذى يوفره صغار المنتجين لأفراد المستهلكين وذلك بغرض رفع أسعار منتجاتها المصنعة من الحليب (جبنة ، زبادى ..الخ) بأكثر من 100% بعد زيادة أسعار الحليب. ولذلك يمكن القول ، عند غياب الرقابة للسوق تقتضى إستراتيجية تعظيم الربحية للمحتكر خلق الندرة أولاً ومن ثم زيادة أسعار المنتجات التى ينتجها إلى المستوى الذى يريده كما هو الحال بالنسبة لمطاحن الدقيق وإنتاج وصناعة مشتقات الحليب فى بلادنا.
لا ندعو هنا إضعاف أو تعطيل الرأسمالية الوطنية فى البلاد وإنما المراد هنا وضع ضوابط رقابية لمؤسسات الإحتكار أسوة بالدول الأخرى حتى لا يقف المحتكرعائقاً ضد قيام مؤسسات مشابه له وقتل روح الإبتكار فى المجال من خلال إستراتيجيات المحتكر التى تهدف دائماً إضعاف المنافسة له.
فى محاولة لرصد زيادة أسعار بعض السلع الأساسية خلال الأربع شهور الماضية قمنا بمتابعة زيادة الأسعار خلال الفترة المذكورة لتقدير معدل زيادة الأسعار وذلك لحساب معدل التضخم الشهرى يإستخدام نفس مؤشر لاسبر الذى تستخدمه مصلحة الإحصاء لحساب معدل التضخم السنوى. وجدنا أن متوسط الزيادة الشهرية بلغ حوالى 25% مما يعنى أن معدل التضخم السنوى يعادل حوالى 250% فى المتوسط .  إستخلصنا أيضاً فى نفس الدراسة أن 78% من إرتفاع الأسعار ليست لها صلة بعوامل إقتصادية حقيقية وإنما نتيجة لغياب الرقابة على السوق ونتيجة لإستغلال وجشع التجار.
خلاصة القول اهم سببين لفشل سياسة التحرير الاقتصادى فى السودان هما غياب المنافسة فى معظم السلع والخدمات باعتبار وجود احتكار فيهما بالاضافة للضعف الرقابى للدولة فى ادارة سياسة التحرير.

بروفيسور ابراهيم اونور
جامعة الخرطوم

Print Friendly, PDF & Email

عن laalaa

شاهد أيضاً

حزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي

Share this on WhatsAppحزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي طالعنا البيان المؤسف الصادر من سكرتارية اللجنة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.