الجمعة , أبريل 26 2024
ardeenfr
أخبار عاجلة
الرئيسية / أخبار لالا اليومية / في ذكراها ال(٣١): “يا سيادتك وقِّعْ..الناس ديل نِحْنا خلاص أعدمناهم “.. 22 أبريل، 20215

في ذكراها ال(٣١): “يا سيادتك وقِّعْ..الناس ديل نِحْنا خلاص أعدمناهم “.. 22 أبريل، 20215

شهداء 28 رمضان 1990 شهداء 28 رمضان 1990

بكري الصائغ

١-
في يوم الجمعة القادم ٢٣/ ابريل ٢٠٢١، تجي الذكري الواحد وثلاثين عام علي محاولة الانقلاب الفاشلة التي جرت في عام ١٩٩٠، وهي المحاولة التي قاموا بها ثمانية وعشرين من ضباط القوات المسلحة في محاولة منهم انهاء حكم الجبهة الاسلامية التي سيطرت علي مقاليد الامور في البلاد عبر انقلابها في يوم الجمعة ٣٠/ يونيو عام ١٩٩٠.
٢-
قصدت اليوم ان اعيد الكتابة عن وقائع هذه المحاولة القديمة التي وقعت قبل واحد وثلاثين عام مضت والدخول في تفاصيلها رغم انها قد اصبحت معروفة لدي الجميع بهدف تنشيط ذاكرة من نسي واقعة الانقلاب في يوم ٢٣/ ابريل- رمضان عام ١٩٩٠، عملآ بقوله تعالي:({وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ المُؤْمِنِينَ}- سورة الذاريات: 55 -، ورصد ما وقعت بعدها من احداث مؤلمة مازالت في اذهان الملايين، وايضآ هدف المقال تعريف ابناء وبنات الجيل الجديد الذين لم يعاصروا احداثها ليعرفوا قصة محاولة هذا الأنقلاب العسكري واسباب فشلها وتبعاتها، وكيف انتهت سريعآ؟!!.. وان يعرفوا قصة تشكيل المحكمة العسكرية العاجلة التي شكلها الرائد/ ابراهيم شمس الدين ، والتي اصدرت احكامها بالاعدام بعد ساعتين من انعقاد، وكيف نفذت الاعدامات؟!! وكيف تم دفن الجثث في مقابر جماعية تم الكشف عنها مؤخرآ بعد ثلاثين عام من الاختفاء؟!!
٣-
ابدأ في السرد المختصر للاحداث:
(أ)-
قرر عدد من ضباط القوات المسلحة وكان عددهم ثمانية وعشرين ضابط في رتب عسكرية مختلفة، القيام بانقلاب عسكري ضد السلطة الحاكمة التي تحكم البلاد وقتها (المجلس العسكري العالي لثورة الانقاذ)، الذي ترأسه وقتها الفريق/ عمر حسن أحمد البشير أحد كوادر الجبهة الإسلامية القومية ، الضباط الذين فكروا في الاطاحة كانوا:
-الفريق الركن طيار/ خالد الزين علي نمر.
-اللواء الركن/ عثمان ادريس صالح.
-اللواء/ حسين عبدالقادر الكدرو.
-العميد الركن طيار/ محمد عثمان حامد كرار.
-العقيد / محمد أحمد قاتم.
-العقيد الركن/ عصمت ميرغني طه.
-العقيد الركن/ صلاح السيد.
-العقيد الركن/ عبدالمنعم بشير مصطفى البشير.
-المقدم الركن/ عبدالمنعم حسن على الكرار.
-المقدم/ بشير الطيب محمد صالح.
-المقدم/ بشير عامر ابوديك.
-المقدم/ محمد عبدالعزيز.
-رائد طيار/ أكرم الفاتح يوسف.
-نقيب طيار/ مصطفى عوض خوجلي.
-الرائد/ معاوية ياسين.
-الرائد/ بابكر نقد الله.
-الرائد/ أسامة الزين.
-الرائد/ سيد أحمد النعمان حسن.
-الرائد/ الفاتح الياس.
-النقيب/ مدثر محجوب.
-الرائد/ عصام أبو القاسم.
-الرائد/ نهاد اسماعيل.
-الرائد/ تاج الدين فتح الرحمن.
-الرائد/ شيخ الباقر.
-الرائد/ الفاتح خالد.
(ب)-
قام العميد/ عصام الدين ميرغني (أبوغسان) بتاليف كتاب توثيقي قيم وشهيرعن القوات المسلحة جاء تحت عنوان (الجيش السوداني والسياسة )، كتب فيه معلومات في غاية الاهمية عن تصرفات الرئيس/ عمر البشير اثناء وقوع محاولة الا نقلاب ، نقتطف من الكتاب ما يلي:
“اما رئيس النظام الفريق عمر حسن أحمد البشير، فهو كقائد عام وقائد أعلى للقوات المسلحة تقع عليه مسئولية تحقيق العدالة والالتزام بالقانون العسكري واللوائح في كل قضايا القوات المسلحة. وهذا ما لم يحدث طوال مراحل إجراءات التحقيق مع ضباط «حركة أبريل» وحتى تنفيذ أحكام الإعدام، ومن غرائب الأمور أن القائد العام للقوات المسلحة قام بالهروب إلى منطقة العيلفون عند بدء التحركات، واختبأ في منزل عضو الجبهة الإسلامية «الطيب النص»..البشير ترك كل مسئولياته القيادية وقت الانقلاب ليديرها ضباط أصاغر، ولم يعد إلا في اليوم التالي من العيلفون للقصر الا بعد ان تاكد تمامآ من فشل المحاولة الانقلابية”!!.).
(ج)-
كتب العميد عصام الدين ميرغني (أبوغسان) في كتابه:
فشلت محاولة الأنقلاب لانها افتقدت اهم عناصر نجاحها الا وهي الترتيب المنظم والدقيق، ضمان تاييد القطاعات العسكرية كلها وعدم وجود قوة عسكرية مضادة، سرعة اعتقالات الضباط المناؤيين والقادة السياسيين واعضاء الجبهة الاسلامية وجنرالات (المجلس العسكري العالي لثورة الانقاذ.
(د)-
كتب العميد غسان عن ما حدث بعد فشل الانقلاب:
ما كانت هناك مقاومة تذكر من قبل الضباط عند الاستسلام ، فقبيل اعتقالهم والقاء السلاح، تلقوا وعد من المشير/ سوار الذهب بمحاكمة عادلة، ولكن وقعت حادثة مؤسفة عندما اشتد الجدل بين اللواء طيار/ محمد عثمان حامد كرار، الذي كان اعزل تمامآ من السلاح مع العقيد/ محمد الأمين خليفة، فقام العقيد/ محمد وبكل خسة ودناءة بتسديد طعنه لكرارب(السونكي) في جانبه الأيمن وذلك عندما رفض اللواء/ كرار استسلام سلاح المدرعات، وطلب كرارمن اللواء/ الكدرو الاستمرار في المقاومة، وظل كرار ينزف بغزارة ولم يتم تقديم العلاج والعون!!
(هـ)-
ويقول العميد عصام الدين ميرغني (أبوغسان) في كتابه (الجيش السوداني والسياسة ):
(… أما الأدهى والأمر، فهو أن رئيس النظام عمر البشير لم يكن يعلم عن تنفيذ أحكام الإعدام حتى صباح اليوم التالي، حين دلف إليه حوالي الساعة التاسعة صباحاً من يوم الثلاثاء ٢٤/ أبريل ١٩٩٠ العقيد/ عبد الرحيم محمد حسين والرائد/ إبراهيم شمس الدين في مكتبه بالقيادة العامة، وهما يحملان نسخة من قرارات الإعدام ليوقع عليها بصفته رأساً للدولة (كما ينص القانون العسكري)، ويقول أحد الشهود، أن الرائد إبراهيم شمس الدين قال للفريق/ عمر البشير حينما تردد في التوقيع بالحرف الواحد:
«يا سيادتك وقِّعْ..الناس ديل نِحْنا أعدمناهم خلاص».. فوضع الفريق/ البشير الذي يُحكَمُ ولا يَحكُم يديه على رأسه للحظات، ثم تناول القلم وهو مطأطئ الرأس، وقام بمهر قرارات الإعدام التي سبق تنفيذها بالفعل قبل ست ساعات مضت على أقل تقدير من قدوم عبدالرحيم وشمس الدين للقصر!!.).
(و)-
كتب غسان: جرت محاكمة عاجلة للضباط بعد فشل انقلابهم، وتشكلت لهم محاكم (صورية) بكوادر الجبهة الإسلامية في السجن الحربي ب(كرري) وعلي رأسها:
1- محمد الخنجر، عضو المجلس الأربعيني ورئيس المحكمة الصورية الأولى.
2- سيد فضل كنّه، عضو المجلس الأربعيني ورئيس المحكمة الصورية الثانية.
3- صديق الفضل،عضو المجلس الأربعيني، وعضو المحكمة الصورية الأولى.
4- سيف الدين الباقر، عضو المجلس الأربعيني وعضو المحكمة الصورية الثانية.
5- الجنيد حسن الأحمر، عضو المجلس الأربعيني وعضو المحكمة الصورية الثانية.
6- محمد علي عبدالرحمن، ضابط الاستخبارات العسكرية ممثل الاتهام في الصورية الثانية.
(ز)-
صدرت الاحكام بالاعدامات، وتم التنفيذ فور صدورها، اما مجموعة التنفيذ التي قامت بإطلاق النار، فقد كانت تحت قيادة الرائد/ محمد الحاج من أمن النظام، ومعه مجموعة مكونة من عشر كوادر، تم اختيارهم بعناية، ويتبعون جميعاً لأمن الجبهة الإسلامية، وكانوا يعملون في ذلك الوقت في جهاز أمن الدولة تحت القيادة المباشرة للدكتور/ نافع على نافع.
(ح)-
كتب غسان:
هنالك حدث جدير بالتسجيل والتوثيق، وهو الحالة التي كان عليها المقدم/ بشير الطيب حينما أُعدم، فكل القوانين العسكرية على نطاق العالم لا تجيز تنفيذ حكم الإعدام في أي مصاب يحتاج إلى علاج، خاصة إذا كانت الإصابة من جرح ناتج عن معركة أو اشتباك مسلح، برغم ذلك أُعدِمَ وهو مصاب بطلق ناري إصابة بالغة، ونورد أدناه ما كُتب في إحدى المجلات العربية: «أصيب المقدم بشير الطيب بجراح بالغة بعد أن أطلق عليه النار سائق الرائد إبراهيم شمس الدين أمام بوابة القيادة العامة. رغم ذلك، فقد تُرِكَ ينزف ولم يرسل إلى المستشفى العسكري لعلاجه. وقد اقتيد إلى ساحة الإعدام وهو شبه ميت من النزيف الحاد».
(ط)-
اما عن عمر البشير فانه لم يتدخل بأي شكل كقائد عام وقائد أعلى للقوات المسلحة!! ،ولم تتدخل قيادة القوات المسلحة بدءًا برئيس هيئة الأركان ونوابه!!، لم يكن هنالك أي دور لفرع القضاء العسكري المناط به التحقيق القضائي وصياغة لوائح الاتهام في أي جريمة تقع داخل القوات المسلحة ، أما الأدهى والأمر، فهو أن رئيس النظام البشير لم يكن يعلم عن تنفيذ أحكام الإعدام التي تمت بدون مشورته!!
٤-
قصاصات قديمة تحكي عن وقائع واحداث انقلاب ابريل رمضان ١٩٩٠:
(أ)-
فى ذلك اليوم قطع التلفزيون القومى برامجه ليذيع بيانا قصيرآ انه قد تم التحقيق مع الضباط المشتركين فى المحاوله الأنقلابيه وتمت ادانتهم والحكم عليهم جميعآ بالأعدام و، وانه قد تم تنفيذ الاحكام.
(ب)-
نزل خبر الاعدامات علي الناس كنزول الصاعقة ، وراحوا يتلفتون بذهول واستغراب شديدين في كل الاتجاهات عسي ان يجيئهم من يبشرهم وينفي الخبر الشؤم، لكن بعد تاكيد الخبر الصام بشكل رسمي ، نسي الناس امور الاستعدادات للعيد، وتركوا كل سؤال عن احتياجات الاسر ومتطلباتها والنزول للاسواق لسترة الاهل ومظاهر العيد، كان في كل بيت سوداني في كل الارجاء بيت عزاء ترحمأ علي ارواح الشهداء.
(ج)-
وقتها في ابريل ١٩٩٠، كان باقيآ علي إنتهاء شهر رمضان اقل من (٤٨) ساعة ، راحوا عندها الناس خلال هذين اليومين من اواخر شهر رمضان، يبتهلون لله تعالي في الشهر الكريم ان ينزل جام غضبه وسخطه علي القتلة الذين لم يراعوا ابسط حقوق المتهمين المعتقلين في محاكمة عادلة، خصوصآ ان الانقلابيين لم يطلقوا طلقة واحدة في اتجاه ضباط وجنود السلطة، وإرتضوا بالاستسلام بعد اتفاق (جنتلمان) مابينهم وسوار الدهب.
(د)-
توجهت الملايين في هذين اليومين ما تبقي من شهر رمضان للصلاة بالجوامع كالعادة في كل شهر رمضان وحتي الانتهاء من صلاة التراويح، الا انهم خصصوا كل دعواتهم في ان يقتص الله تعالي من الانقاذ، ويحرق نسلهم ويوقف نطفتهم، ويذيقهم في الدنيآ عذاب الأخرة ويجعل نهاية كل واحد فيهم اسوآ من نهاية هتلر وجنرالاته.
(هـ)-
بعد تنفيذ الاعدامات، راح الرائد شمس الدين يطوف بحرسه المدججين بالسلاح علي منازل اسر الشهداء ليمنعهم من اقامة اي عزاء او اي مظهر من مظاهر الحزن، ارهب الناس لا بقوته او بشخصيته العسكرية وانما بالعشرات من حرسه وبحجم وكثافة عربات القوات المسلحة التي كانت تحت امرته وترافقه في شكل مظاهرة عسكرية تجوب الشوارع طولآ وعرضآ بشكل استفز كثيرآ مشاعر الاسر المكلومة.
(و)-
لم يكن عيد الفطر في ذلك العام ١٩٩٠ عيد ككل الاعياد السابقة ، بل يعتبر -ومازال منذ ذلك اليوم والي الأن- يعتبر واحدة من أسوأ الاعياد التي مرت في تاريخ السودان بعد الاستقلال (بجانب يوم وقفة يوم الأضحي عام ١٩٩٨ “مجزرة العيلفون”). كان عيدآ مر كالحنظل الا عند أهل الأنقاذ القتلة.
(ز)-
تم دفن الضباط بعد تنفيذ احكام الاعدام فيهم بمنطقة جبل (المرخيات) في مقابر جماعية مجهولة المكان، ورفضت وزارة الدفاع منذ عام ١٩٩٠ حتي فيراير ٢٠٢١ اخطار أهالي الشهداء باماكن قبورهم ذويهم!!، قامت هذه الأسر المكلومة في مرات عديدة بتقديم عرائض للمسؤولين الكبار في الدولة ووزارة الدفاع لمساعدتهم في معرفة القبور، الا ان كل هذه العرائض لم تجد الاهتمام من احد، وقاموا ايضآ بمظاهرات امام الامانة العامة لمجلس فقمعت المظاهرة بعنف!!
٥-
(أ)-
في ابريل عام ١٩٩٠، وقعت محاولة الانقلاب.
(ب)-
في ابريل عام ٢٠٠١، احترق ابراهيم شمس الدين في حادث انفجار طائرة.
(ج)-
في ابريل ٢٠١٩، تم اعتقال البشير وسقط نظامه.
(د)-
في ابريل ٢٠١٩، تم اعتقال اغلب رموز النظام البائد ، ويقبعون الان في سجن كوبر، واشهرهم:علي عثمان، النافع، عبدالرحيم حسين، عوض الجاز، بكري حسن صالح، الطيب “سيخة”، الفاتح عزالدين، محمد طاهر ايلا، ابراهيم غندور، يونس محمود… واخرين.
٦-
سجن كوبر وما ادراك سجن كوبر:
ناموس، باعوض، انتقال مرض كورونا بين بعضهم البعض ، ممنوع استعمال الموبايل، ممنوع الزيارات حاليآ، سجناء بلا محاكمات او تحديد زمن لها، مسموح للسجين الخروج من كوبر فقط في حال الوفاة او للعلاج في المستشفي.
٧-
واخيرآ:
من اسماء الله الحسني -(المنقم):-
المنتقم” اسم من أسماء الله الحسنى، ومعناه أنه يقصم ظهور الجبابرة والعصاة، فيذيقهم أشد العقاب، بعد أن ينذرهم ثم يأخذهم أخذ عزيز مقتدر، وهو الذي ينتقم من أعداء رسله، وأعداء أوليائه، فمن عرف عظمته خشي نقمته، ومن عرف نعمته رجا نعمته، قال الله عز وجل: “فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله إن الله عزيز ذو انتقام” (سورة إبراهيم).. كقوله تعالى: إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنتَقِمُونَ [سورة السجدة:22]- وقوله: إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ [ سورة إبراهيم: 47].

 

Print Friendly, PDF & Email

عن laalaa

شاهد أيضاً

حزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي

Share this on WhatsAppحزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي طالعنا البيان المؤسف الصادر من سكرتارية اللجنة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.