المرآة : …… كنا واضحين…لكن يتطلب امرنا وضوحا شفافا لا لبس فيه ولا غموض.

المرآة :
……
كنا واضحين…لكن يتطلب امرنا وضوحا شفافا لا لبس فيه ولا غموض.
……
إن شعبنا يكافح بشتى السبل من أجل الانعتاق…وهو لا يفعل ذلك لاجل العيش (فالعيش بين يديه لو تخلى عن كرامته)… لكنه يسعى للحرية… ولاجلها قدم دماءه وارواحه…التجارب تؤكد انه شعب حر وعزيز ملء جوانحه الإباء… والتجارب ذاتها تهدينا الروح الجمعية التي يتمتع بها حتى اصبحت جزءا من مكوناته…هو يفرح فرحا جمعيا…ويحزن حزنا جمعيا…وبالجمعية يهزج ويتغنى ويغني…يبذر ويغرس ويحصد ويبيع سمحا ويشتري… ثم بها يناضل ويكافح وينافح ويصادم ويموت وينتصر ويبني وجوده… وفي العشق يعشق بكل جوانح الجمعية وبها يكره.
……
هو شعب نموذجي مدني حضري حضاري تفاعل مع بيئته وانتج منها ثم دعمها لتدعمه…
ارتبط بارضه ودافع عنها دفاعا مستميتا… هو شعب يعلم البدوي منه قيمة الارض التي يحرثها…هذا الوعي جعله يحرسها…
…….
ان القوى المدنية المنظمة نشأت إبان فترات الاستعمار المتعاقبة واستطاعت توحيد هذا الشعب وتنظيم حراكه الجمعي في دوائر للفعل اعظم حراكا واوسع تنويرا كانت في بدايتها واضحة المعالم والاهداف… لكنها وعبر مراحل التاريخ (والتاريخ مراحل) خضعت لمؤثرات عديدة داخلية وخارجية حادت بعضويتها عن الاهداف المعلنة مما ادى لحالات من التسلخات والتشظيات والانفاصالات في هياكلها كلها اتخذت صورا جمعية فرضتها ظروفا عديدة اهمها على الاطلاق البنية الجمعية للعقلية والنفسية السودانية ونسبية توافق الافراد على الاتفاق في الرؤى والحراك والفعل وتوقعات النتائج…ان هذه الجزئية مهمة جدا لتحليل الواقع ونتائجه وافرازاته وهي اهم لاتخاذ الخطوات الاسعافية والعلاجية اللازمة لمسيرة وحدة الشعب المتوحد اصلا من حيث الهدف والدوافع والمصير.
…….
اننا في هذه المرحلة (والتاريخ مراحل) في طور تشكل جديد ينبني على الواقع ومحدداته ومهدداته…وبتنا بحاجة ملحة لتخلق جديد يستوعب اهداف هذا الشعب وتطلعاته ويستطيع احتواء ملامحه وتقدير ملاحمه ويعمل على استقراء القادم والاستعداد له.
……..
نحن مقبلون على مرحلة جديدة لن تستطيع اغلب مظاهر الحراك السياسي والاجتماعي الراهن ان تستوعبها وفق الاطار القديم ذاته… اذ ان فلسفة الجدليات القديمة والعقيمة قد نسفتها التجربة والفشل المزري والمريع لاغلب مكونات القوى السياسية القديمة…والتجربة تؤكد ان هذا الفشل لم يولد لنا فشلا واحباطا كما يزعم ويروج الكثير من المنتفعين من سيادة هذه الروح الانهزامية…بل تولدت لاجيالنا الحالية رؤى جديدة وحديثة وواقعية تستهدي بها الاجيال القادمة لخلق اوعية تستوعب احتياجاتهم وتنظم حراكهم.
…….
كنا نأمل من العديد من القوى العريقة ان تتعامل مع هذه المعطيات تعاملا يشمل كل حركة التاريخ ونتائجها وافرازاتها ومراحلها (والتاريخ مراحل) لكنها انكفأت نحو الماضي ومراراته عن المستقبل واشراقاته… وهي بهذا قد اغفلت امرين :
حركة ومراحل التاريخ (والتاريخ حراك ومراحل)…
ورغبات من يكتب بحياته سطور هذا التاريخ…
…….
ان هذا الواقع هو تحديدا ما يجعلنا نؤكد ان الانعطاف قادم لا محال بكافة نقلاته التي تستوعب ما مضى وتحقق حرية هذا الشعب وتحافظ على انماط حياته وايقاعاتها الجمعية.

علاء الدين الدفينة.