الإثنين , أبريل 29 2024
ardeenfr
أخبار عاجلة
الرئيسية / أخبار لالا اليومية / *سقوط حكم الفرد القمعي* *عرض : محمد على خوجلي*

*سقوط حكم الفرد القمعي* *عرض : محمد على خوجلي*

*الموكب الجنائزي ولقاء الشيطان..*
*(إنني لا أفرض.. إنني لا أقترح.. إنني أعرض) فولتير*
بعد نهاية الحرب العالمية الثانية انهارت الامبراطوريات الاستعمارية، وتقدمت أمريكا لوراثتها وملء الفراغات. فاتجهت نحو قيام أشكال جديدة للتنظيم الاقتصادي العالمي، وطرحت مشروع مارشال لتعمير أوروبا والسيطرة عليها. وبعد نهاية الحرب الباردة أقامت عدداً من المنظمات والوكالات الاقتصادية والأجهزة المخابراتية للتحكم في حكومات وثروات الشعوب.
ووظفت أمريكا قدراتها لسنين عدداً لبسط هيمنتها بالحروب المحدودة والسرية والحروب بالوكالة وتغيير الأنظمة والحكام المناهضين لسياساتها أو المهددين لمصالحها بتبرير (المحافظة على الأمن القومي الأمريكي) ثم (المحافظة على الأمن والسلم الدوليين) فأحكمت سيطرتها الاقتصادية والسياسية على كثير من الدول واستخدمت أراضيها ومعابرها المائية وفضاءتها في صراعاتها. (وشارك السودان في الحقبة المايوية في مناورات النجم الساطع).
وتدير الرأسمالية الدولية تمويل الحروب والنزاعات المسلحة وتقدم السلاح بالمجان أو الدفع المؤجل لكافة الأطراف المتنازعة وفي البلد الواحد بقصد تطويل فترات الحروب والنزاعات المسلحة حتى يصيب الانهاك الأطراف، ومع توازن تقديم الدعم وكميات الأسلحة ونوعياتها فإنه لا يكون هناك منتصر ولا مهزوم. حينها يقرر الممولون (الهدنة المؤقتة) باسم السلام الشامل. فالسلام الحقيقي يعني اغلاق أبواب مصانع السلاح أو تغيير طبيعة الصناعة أو تقليل الإنتاج وفي الواقع لا شئ يحدث من ذلك.
ولا تكف الامبريالية عن تشجيع موت الالآف، فلا بد من زيادة حاجة الدول والأطراف الأخرى للأسلحة والمنح والقروض و”المساعدات الانسانية” حتى الوصول إلى درجة تقديم التنازلات طوعاً أو تستسلم للخضوع جزئياً أو كلياً.. ونهب الشركات الاحتكارية الأخرى (لإعادة إعمار ما دمرته الحرب) وهكذا تبسط الامبريالية هيمنتها على الدول حتى يكون استقلالها السياسي في حيز (العلم الوطني) و(النشيد الوطني).
والمنطقة العربية والاسلامية أهم مناطق العالم في تقديرات الأمن الاستراتيجي الأمريكي لموقعها المؤثر في الجغرافية السياسية الدولية. ولذلك زرعت اسرائيل في قلبها وكيلاً لتأمين المصالح الاستعمارية: وبالذات احتياطيات ومستودعات النفط والتحكم في سياسات انتاجه وتسعيره وتدفق امداداته في السوق العالمي. بما يعني أن سياساتها في المنطقة هدفها عرقلة وحدتها وتقدمها.. أن الامبرالية بقيادة أمريكا والقياصرة الروس حتى (بوتين) متفقون على بقاء اسرائيل قوية ونووية. وأهداف أمريكا في المنطقة العربية هي:
– حماية اسرائيل وتصفية المقاومة الفلسطينية.
– التحكم في منابع النفط.
– إزالة الأنظمة العربية  التي تهدد المصالح الحيوية الأمريكية.
– ترويض واحتواء نظم الحكم في المنطقة.
وتقديرات اسرائيل بشأن السودان، ومنذ استقلاله في 1956، ورغم بعده عن اسرائيل: إنه لا يجب أن يصبح قوة مضافة إلى قوة العالم العربي. فاستثمار السودان موارده في ظل أوضاع مستقرة ستجعل منه قوة يحسب لها ألف حساب لذلك لا بد من العمل على مفاقمة أزماته وإنتاج أزمات جديدة حتى يكون حاصل الأزمات معضلة يصعب معالجتها فيما بعد.
و شكل السودان عمقاً استراتيجياً لمصر بعد حرب 1967 (قواعد تدريب وايواء لسلاح الجو المصري وللقوات البرية) كما أرسل السودان قوات إلى منطقة القناة أثناء حرب الاستنزاف التي شنتها مصر منذ 1968م
والمنظور الاستراتيجي الاسرائيلي يجعل من إضعاف السودان وانتزاع المبادرة منه لبناء دولة موحدة وقوية، ضرورة من ضروريات دعم وتعظيم الأمن القومي الاسرائلي.
إن نميري وبايعاز من الولايات المتحدة الأمريكية دخل في منازعات مع ليبيا وأثيوبيا وظل يقود الحملات ضد الاتحاد السوفيتي (السابق) فأيد نميري السادات عندما وقع اتفاقيات كامب ديفيد (انسحاب مصر من اتفاقية السلام وعودتها إلى خط المواجهة مع اسرائيل هو خط أحمر لا يمكن لأي حكومة اسرائيلية أن تسمح بتجاوزه وبالطبع ستواجه الموقف بكل الوسائل) وعندما أدان مؤتمر القمة العربي الانتفاضة في 1978 وأصدر قراره بقطع العلاقات الدبلوماسية مع مصر 1979 رفضت دول السودان وعمان والصومال الالتزام به، بل أعاد نميري العلاقات مع أمريكا والتي كانت مقطوعة منذ 1967. وانحياز نميري للغرب عموماً والولايات المتحدة الأمريكية منذ يوليو 1971 وكل التنازلات التي قدمها والتي مست مباشرة مبدأ السيادة الوطنية هدفه الوحيد ضمان استمراره على رأس السلطة.
وفي الجانب الآخر نلاحظ أن تفاهم الجبهة الوطنية لأحزاب المعارضة (الأمة والأخوان المسلمون وتيار الشريف الهندي في الوطني الاحادي) مع ليبيا، قضي باسقاط نظام نميري واستبداله بنظام يمثل سلطة الجبهة الوطنية التي عليها أن تلتزم بالوحدة مع ليبيا. واتجاه الجبهة الوطنية نحو القذافي من أسبابه الرئيسية فقدانها لأثيوبيا التي تحملت عبء إقامة معسكرات التدريب والتسليح لأفراد الجبهة الوطنية، بعد سقوط هيلا سلاسي وتولي منقستو السلطة في 1974 وكذلك توقع ضعف العون السعودي بعد اغتيال الملك فيصل 1975. فتفاهم أحزاب الأمة والأخوان المسلمون والاتحادي مع ليبيا لم يؤسس بالطبع على استعادة الديمقراطية فلا وجود لأحزاب في ليبيا.
وصحيح أن جعفر نميري لم يكن أول المسئولين السودانيين الذين كانت لهم اتصالات باسرائيل منذ 1954، ولن يكون آخرهم. ولكنه قدم وقيادات أخرى في نظامه (بعلمه أو بدونه) ومنذ 1977 خدمات جليلة لدولة الكيان الصهيوني، وكتب أرييل شارون في مذكراته تفاصيل لقاءاته مع نميري…
كان اللقاء الأول في مصر عقب مقتل أنور السادات خلال الموكب الجنائزي خلف تابوت السادات، أما اللقاء الثاني فقد كان في اجتماع سري في 13 مايو 1982م في نيروبي. وكتب شارون:
(التقيت بالرئيس السوداني جعفر نميري للتباحث حول قضايا استراتيجية تخص القارة الأفريقية وكان يجلس معه يعقوب نمودي وعدنان خاشوقجي. وفي المشهد الأفريقي قدم لي نميري وصفاً للأحوال السياسية الجارية في السودان وفي الدول المجاورة للسودان: أثيوبيا ونظامها الماركسي، وتشاد حيث يخوض رئيسها حسين هبري حرباً ضد القذافي، وكلا الدولتين أثيوبيا وليبيا يتم تسليحهما من الاتحاد السوفيتي).
وشهد اللقاء الثاني اتفاق شارون ونميري على:
+ الدور الليبي في تشاد هو جزء من النشاط السوفيتي للهيمنة على منطقة وسط أفريقيا انطلاقاً من ليبيا إلى تشاد إلى أفريقيا الوسطى (وأشار شارون إلى أن أهم الأشياء التي جمعت بينه ونميري هو العداء المشترك للقذافي).
+ وتم الاتفاق على تدريب (قوات التحرير الايرانية) في السودان الذي يبعد بصورة كافية من ايران (الخميني)بعداً يجعله لا يخشى من توفير قواعد عسكرية لمثل ذلك النشاط السري.
+ كما اتفق أيضاً على موضوع اليهود الفلاشا. وقد أبان شارون في مذكراته أنهم ومنذ 1977 ظلوا ينقلون الفلاشا بهدوء وفي مجموعات صغيرة من اثيوبيا إلى اسرائيل وأن لقاءه الثاني مع نميري جرى خلال تنفيذ (عملية موسى) وهي نقل اليهود الفلاشا بطائرات النقل العسكرية الأمريكية إلى أوروبا ومنها إلى اسرائيل والتي لم يكن نميري يعلم بها بحسب ماذكر شارون.
ونلاحظ أن أجهزة المخابرات والاستخبارات السودانية في الحقبة المايوية كانت هي (الدولة) وأن العام 1977 بداية النشاط العملي الاسرائيلي هو عام المصالحة الوطنية كما سيرد.
وتحت ظل نظم الديكتاتورية والشمولية فإن الكثير من الناس يفقد الثقة في الشعب وبصفة بالسلبية و(الشعب جعان لكنه جبان) وهناك من يختارون المنفى والخروج من البلاد للنجاة من قبضتها وينتظر آخرون منقذاً لتحريرهم والذين ينتظرون المنقذ سرعان ما يضعون ثقتهم في القوى الخارجية ويعولون على المساعدات الدولية التي تمتلك القوة الكافية والأكبر لاسقاط الأنظمة الديكتاتورية. في حين أكدت التجربة أن الاعتماد على قوة خارجية هو ببساطة وضع الثقة في موضع خاطئ. فالدول الأجنبية تسعى للمحافظة على مصالحها الاقتصادية والسياسية وهي في ذلك لا تتردد من بيع الشعوب، وهي في اتخاذها أية خطوات ضد الأنظمة الديكتاتورية إنما تهدف فقط للحصول على مكاسب اقتصادية وسياسية.
*إشارة:*
*هذا هو الجزء الثاني من مقال سقوط حكم الفرد القمعي والذي نشر في مارس/أبريل 2014م من تسعة  أجزاء ونعيد نشره الأن.*

 

Print Friendly, PDF & Email

عن laalaa

شاهد أيضاً

حزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي

Share this on WhatsAppحزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي طالعنا البيان المؤسف الصادر من سكرتارية اللجنة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.