الثلاثاء , مايو 21 2024
ardeenfr
أخبار عاجلة
الرئيسية / تقنيات / المتمرد ( 4 ) للقاص عزام مرسي
frauenburke.jpg

المتمرد ( 4 ) للقاص عزام مرسي

frauenburke.jpg

 

المتمرد ( 4 )
للقاص عزام مرسي
الغربة داخل الوطن، بين الأهل والأصدقاء و عامة الناس، في الشارع في دور العبادة، في الأسواق التي سيطر عليها المنافقين و الكاذبين بإسم الإله ، هذا المجتمع في عهد تجار الدين فاسد نتن الرائحة، لا نكاد نميز العادات عن العبادات.
كغيري من المراهقين حلمتُ بأنثى تسافر معي لعالمي الجديد ، فنجدف معاً في بحر الأمنيات العذبة و نرتوي من الحب المباح . إن الحديث عن الحب يعتبر من المحرمات وسط مجتمع أرتدي عباءة الدين المطرزة بخيوط الترهيب، فلقاءات العشق تتم في تكتم بالغ ، و غالباً ما تكون في الظلام، بالقرب من الاماكن التي لا تخطر علي بال المتلصصين و الوشاة، الذين إحترفوا اطلاق الشائعات حول العشاق و الفتيات خصوصاً كانت شائعاتهم القاتلة تنطلق نحوهم بلا رقيب أو حسيب. في شارعناْ كان يقع منزل الاستاذ (رياك منوت) القادم من (واو) إستاذ مادة الفيزياء في المراحل الثانوية. بعطره المميز و اناقته التي لامثيل لها في الحي و بقامته الطويلة و تسريحته المميزة (ابراهيم عوض)، رؤيته في الشارع تبعث في داخلي نوع من الرهبة، خاصةً عندما أتخيل نفسي اجالسه ، خاطباً منه (عائشة).
(عائشة) تلك الأبنوسه التي سحرت عقلي و سيطرت علي حواسي و تبادلت معي مشاعر الحب و الغرام . و كسرنا الرقابة المفروضة علي العشاق و شربنا من الكأس حتي الثمالة.
بدأ حبي (لعائشة) عند وفاة والدى ، هي الوحيدة من فتيات الحي التي اهتمت بتقديم واجب العزاء لي، كنت جالساً خلف سرداق العزاء أفكر في هؤلاء الناس الذين لم أراهم من قبل كيف إجتمعوا في منزلنا لمدة تجاوزت الثلاث ايام ، يتناولون الطعام ويقفون عند وصول بعضهم البعض يرفعون أكفهم صارخين (الفاتحه) و يهمهمون لثواني معدة ثم يتبادلون عبارات التعزيه ثم بجلس كل واحد منهم مع معارفه يتناقشون في أمورهم العجيبة، كنت أتأمل النفاق الذي كان يتجلي أمامي نفاقهم في التظاهر بالحزن بقراءة القرآن، تملقهم عند وصول أحد كبار التجار او الشخصيات المهمةمن المعزين، فأبي كان صاحب علاقات واسعة سهلت له الكثير من الصفقات التجارية و شراء الكثير من الذمم السياسية.
خلف الصيوان المليئ بالتناقضات، قدمت (عائشة) لي واجب العزاء بصوتها الموسيقي المدهش تماماً كنغمة ( فلوت ) أبنوسي مصقول بعناية فائقة، جعلتني أفرح في ساعة حزن ، رأيت في عيناها أنهار الحب تنبع بقوة من بحيراتها الاستوائية الخلابة تندفع بنعومة ودلال لتروي سنابل الحب في عقلي المخلوب بروعة لونها الاسمر النقي و تصب أخيرا في بحر قلبي البكر .
بعد إنتهاء مراسم العزاءْ حلت مواسم الفرحة لقلبي الصغير ، أعطتني ( عائشة ) قبلة الحياة الممزوجة بطعم ( البفره )، نلتقي كلما تسنح لنا الفرص، كُنت في بعض الاحيان انتظر عودتها من المدرسة أخر النهار، في الشارع الخالي من المارة بسبب شمس الصيف التي لاترحم ، جميع السكان يخلدون للنوم و الراحه داخل بيوتهم المزودة بأجهزة التكيف تاركين لنا الشارع دون رقيب، فأسحبها بسرعة الي داخل منزلنا ونقف خلف الباب مباشرةً، فأنا علي يقين بأنه لا أحد من عائلتي سيخرج في هذا الجو الساخن و بسرعه أهمس لها بحبي وهي تقسم بأنها تحبني، كلانا لا نعرف ما ردة فعل عائلاتنا حين يسمعون بهذة العلاقة، العلاقة المحرمة ليس بسبب إختلاف الديانات فقط بل بسبب العنصرية الني قتلت ألاف العشاق في أرض المليون ميل (سابقاً).
طلبت مني ( عائشة ) في إحدي المرات أن أزورهم ، عند عيد ( الكريسماس ) ستكون سعيدة ان بارك لها العيد في منزلهم وافقت علي الفور فحبيبتي الجميلةً سأراها كما لم أراها من قبل، فرؤيتها في العيد حدثٌ لا يمكن أن يفوت. صباح الكريسماس ارتديت ملابسي المخصصة للمناسبات المميزة، خرجت الي الشارع منتظراً المهنئين حتي أدخل معهم لمنزل الاستاذ ( رياك ) ، لكن للاسف لم يحضر أحد . حتي أصدقائ لم يقبلوا الذهاب معي لتهنئة الجيران بالعيد ، فهم ينظرون بإستعلاء غريب علي الديانات و المعتقدات والألوان الاخري أيضاً، فذهبت لوحدي، طرقت الباب ففتحته لي (عائشة) بسعادة لا توصف طلبت مني الدخول، كانت جميلة جداً، بياض عيناها و جمال إبتسامتها كانت تذكرني بالمرحومة صفاء ، قدمت لي الحلوي و جلست بقربي كما العروس تماماً أخبرتني بأن والداها طلبا منها الذهاب معهم الي الكنيسة حتي يحتفلون بالعيد مع مجموعة من الاقارب لكن هي رفضت وفضلت البقاء في المنزل مع أخوتها الصغار إنتظاراً لزيارتي، فرحتها بي كانت كبيرة جداً ، لقد تأكدت من صدق مشاعري وحبي لها منحتني قبلة بريئة علي خدي و ودعتني بنظرة كانت تطلب مني البقاء أكثر ، قليلةٌ هي اللحظات التي نكون فيها بلا خوف من الرقيب ، رافقتني إلي الباب و ودعتني بلطف و حب وبادلتها عبارات العشق و خرجت من منزلهم الي الشارع .
شعرت بالضيق عندما رأيت شيخ ( منذر ) عند خروجي من منزل ( عائشة ) . تواجهنا وجهاً لوجهة و بسلطة رجال الدين يسألني عن أسباب تواجدي في منزل ( رياك ) …….. يتبع

Print Friendly, PDF & Email

عن laalaa

شاهد أيضاً

السودان الجميل في ظل التعايش الديني!!

Share this on WhatsAppسلام يا وطن حيدر أحمد خير الله * أظلنا بالأمس عيد القيامة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.