الثلاثاء , أبريل 30 2024
ardeenfr
أخبار عاجلة
الرئيسية / تقنيات / مرحباً بالمقابر

مرحباً بالمقابر

*مرحباً بالمقابر*
•زهير السراج•

لم يعد مجديا أن ترفع الحكومة أو تخفض الأسعار، أو ترفع او تخفض المرتبات، أو ترفع أو تترك الدعم، أو تتحدث أو تصمت، فالانهيار الاقتصادى الذى تخشى منه قد حدث بالفعل، وهو فى الحقيقة بدأ منذ تدمير المشاريع القومية الكبرى كالجزيرة والسكة حديد والنقل البحرى والنهرى، وصناعة النسيج والزيوت النباتية ومدابغ الجلود ..إلخ على يدى (الانقاذ) التى دمرت بفسادها وسياساتها الخربة كل شئ، ولولا البترول الذى ضخ الدم فى شرايين الاقتصاد لحدث الانهيار منذ وقت طويل، وللأسف لم تستفد الدولة من موارده فى شئ نافع، الى أن ذهب نصفه مع الجنوب ونضب النصف الآخر، ولم يعد للدولة مورد تعتمد عليه سوى (الذهب) الذى سيتبدد هو الآخر على ما لاينفع، فهل ستنجح بعض مليارات من الجنيهات تجنيها الحكومة من رفع الاسعار فى إنقاذ البلاد من الانهيار الاقتصادى؟!

الديون تحيط بنا من كل جانب، ولقد بلغت أكثر من 50 مليار دولار، غير فوائدها الباهظة التى تتراكم من وقت لآخر، بينما الدول ومؤسسات التمويل الدولية تضغط بكل ثقلها لاستعادة أموالها، ولا يهمها أن يغرق السودان أو يحرق، المهم أن يسدد ما عليه من ديون، وهى على حق، ولقد رفض صندوق النقد الدولى التعاون مع حكومة السودان فى برامج جديدة إلا بعد حل مشكلة الديون الحالية!!

ديون الصين وحدها وصلت الى أكثر من 11 مليار دولار، منها 7 مليار مستحقة السداد العام القادم، ولقد رفضت الصين طلبا من الحكومة السودانية بإعادة جدولتها، وهى تضغط الآن للحصول على بديل مناسب له،ا مثل الاراضى الزراعية الخصبة فى مشروع الجزيرة وفى الشمالية، أى أن السودان قد وصل الآن مرحلة بيع أرضه، والتحكم فيها بواسطة دول أخرى، وفقدان سيادته عليها، وعودة الاستعمار، ولكن بلون جديد وشكل جديد !!

كلنا نعرف أن وزير الزراعة الصينى زار السودان الشهر الماضى، وحسب التقارير والتصريحات الرسمية لمسؤولين فى الدولة من بينهم وزير الزراعة الاتحادى، أنهم عرضوا عليه كمية من الاراضى ليختار منها ما يناسبه (هل رأيتم الى أى مدى وصلت بنا المهانة .. أراضينا معروضة للبيع بطريقة أقل ما توصف بها أنها مهينة، مثل الطريقة التى يعرض بها تاجر مفلس بضاعته ليشتريها الآخرون بأبخس الأثمان .. تعالوا شوفوا البضاعة العايزنها، والبتعجبكم شيلوها بالتمن الدايرنوا، هل هنالك خراب وانهيار أكثر من ذلك؟!)

قالت الحكومة انها وقعت اتفاقيات او مذكرات تفاهم مع الوزير الصينى، ولكن لا احد من الشعب يعرف ما هى هذه المذكرات أو الاتفاقيات وعلى ماذا تنص، أوالمصلحة التى ستعود منها على البلاد ، وهو نفس الشئ الذى حدث فى اتفاقيات البترول مع الصين، والتى لا يعرف أحد تفاصيلها حتى الآن، حتى نضب البترول وصار من ذكريات الماضى، ولكن الأرض لن تنضب، ولن تصبح من الذكريات فى يوم من الايام، ولكنها ستكون مذلة ومهانة كبيرة، وستظل باقية لتذكرك بعار فقدانك لها وإنتقالها لسيادة دولة أخرى، تستطيع أن تستخدم السلاح ضدك إذا حاولت المطالبة بها أو حتى الاقتراب منها؟!

هل يمكن أن نتخيل أو نقبل ارتفاع العلم الصينى على مشروع الجزيرة بعد ستين أو سبعين عاما من نزول العلم الإنجليزى وارتفاع العلم السودانى عليه ..هل وصلنا المرحلة التى تجعلنا نفقد سيادتنا وكرامتنا واستقلالنا طواعية واختيارا من أجل سداد ديون لا نعرف لِمَّ إقترضت وفيم استخدمت؟!

يسخر منا وزير المالية بالقول انهم لو أعادونا الى عام 1989 سنذهب الى المقابر، لأننا لن نجد شيئا نأكله أو نشربه، ونقول له إن الموت أفضل لنا بكثير من حياة المذلة والمهانة معكم، وفقدان الكرامة والاستعمار الجديد الذى ستفرضونه علينا بديونكم، وقديما قالها عنترة بن شداد ..
لا تسقنى كأس الحياة بذلة  **  بل فاسقنى بالعز كأس الحنظل !!

  لا نريد منكم رغيفا او كهرباء أو سكر، او بنزين، غادرونا فقط، واقسم لك أنكم إذا فعلتم و عدتم بنا إلى عام 1989 حيث وجدتمونا، وكان مصيرنا المقابر كما توقعتم، فستكون أرحم وأفضل لنا منكم!!

*الجريدة*

Print Friendly, PDF & Email

عن laalaa

شاهد أيضاً

أصدر تحالف قوى الاجماع الوطني احد مكونات قوى الحرية والتغيير بيانا،انتقد فيه الميزانية التي اجازتها الحكومة الانتقالية

Share this on WhatsApp#الهدف_بيانات أصدر تحالف قوى الاجماع الوطني احد مكونات قوى الحرية والتغيير بيانا،انتقد …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.