⚖ يمهل ولا يهمل

في يوم من أيام العام 1994، جاء شيخ علي عثمان محمد طه صاحب فكرة الصالح العام وتشريد الموظفين الي وزارة الشباب والرياضة بعد حلها – ومعها وزارة الرعاية الاجتماعية والشئون الدينية.. وتكوين وزارة جديدة اسموها التخطيط الاجتماعي وزيرها علي عثمان محمد طه نفسه!
أعد له لقاء مع العاملين الذين احيلوا للصالح العام، أو تم نقلهم من الخرطوم الي مدن نائية، الشيخ كان بيعمل لقاءات يبرر فيها تشريد العاملين وتضمينهم في كشوفات اسموها فائض العمالة، ثم احالتهم للصالح العام. بعد ان تحدث عن المشروع الحضاري الذي تبنته الدولة، وهو مشروع يهدف لترقية سلوك الناس، وربطهم بالاسلام، وأبان ان المشروع يجب ان ينفذه موظفين غير الموجودين حالياً بالوزارات، لهذا قررنا احالة عدد منهم للصالح العام، وتم نقل الباقين الي الاقاليم. بعد ما انتهى من كلامه، أعطيت الفرصة لعدد من المرفودين والمنقولين، فتحدث اكثرهم بلاغة وفهما. أقسم بالله رجال الأمن المرافقين نططوا عيونهم، وصاروا كالمصروعين، والشيخ المجرم فتح خشمو من الدهشة، قالوا ليه: هل نحن كفار؟ هل نحن يهود ام سودانيين حتى تطردنا من وظائفنا وتجيب ناس غيرنا؟ كيف تبدا مشروعك الذي تسميه بالاسلامي والحضاري بقطع ارزاق الناس؟ نحن موظفين دولة، ولسنا سياسيين، وولاءنا فقط للعمل وللسودان!!!
بعد كدة بدأت اللعنات والدعوات تنصب عليه.
صحيح يمهل ولا يهمل
جرى نحو عربته، لحقته موظفة باكية: يا شيخ الضلال انا مولودة في امدرمان، اولادي في المدارس، كيف تنقلني زالنجي؟
قال ليها: مافي مشكلة ننقل زوجك معاك!!
ثم اقفل باب العربة، ومضي الي حال سبيله، ولكن دعوات المظلومين ظلت تلاحقه.
في تلك الفترة احالوا اكثر من 300 ألف موظف للصالح العام (حسب اعترافهم).
الآن يتحدثون عن الاقصاء، وعن التشريد، نسوا الله الحكم العدل….
وإن الظلم ظلمات….
صحيح كما تدين تدان!!!