فقرة قبل الموت…

فقرة قبل الموت…
……..
علاء الدين الدفينة
……..
لأبنائي وأصدقائي…ولمن يهمه الأمر.
……..
أما وصيتي كلها فقد كتبتها قبل ستة عشر عاما…تخص ما حرصت عليه مما يجب أن أرى عليه من أوصيتهم…ولا تشمل شيئا أوصيت به..إذ لا أملك ما أوصي به..خلقني الله فقيرا..وعشت فقيرا..واسجد لله ان اموت فقيرا اليه غنيا عمن سواه….ولا تشمل الوصية أحدا أوصيت به..إذ أن المولى لا يوصى بمواليه..ومن بوصي العائل بعياله؟..وهل من أحد يملك لهم ممن خلقهم شيئا.؟.
……..
يقول لي والدي دوما (اترك شيئا لعيالك) حتى سألته يوما :
وماذا تركت لنا؟ فبكى بكاء مرا حتى ندمت على ما قلت..لكنها الحقيقة..لو ترك لنا وغض الطرف عن والديه لتعلمنا منه ان نغض الطرف عنه.
………
لكنني أوصيت بما أحب أن أرى عليه الذين أوصيتهم..ولا يخرج من كونه جملة من الاخلاق حسب زعمنا..يسترشدون بها نحو بناء الذات علهم يصلون لمقام الانسان والانسانية تماما وكمالا..فإن حدث ذلك وافقوا هيئة خلقهم.
……..
وكفني لا يفارق داري قط. فإن هممت بسفر يظل معي…وهو خير ما اصحب واصاحب.
……..
وأنت تقرأ في هذه الكلمات أأمل أن تستيقن بأني لا أريد من ورائها إلا محتواها..وما تحمله..لا شي آخر.
……..
أستأنس بكلام الله..ولي معه عشق خاص.. وهيام..بل أن لي في كل كلمة منه دنيا لا متناهية من التمدد…تدخلني نحو فضاء من المعاني أأمل ألا أخرج منه..ولا منها.
………
سورة النجم تمثل لي حياة مرادفة.. إنني أعيش حيوات لا تحصى مع آي القرآن وآيات ربي..لكن ما بسورة النجم شي آخر.. شي يعود بي للمبتدأ..ويقودني دوما لما يجب أن أكون عليه..إنسانا كما أراد لي الله..إن درجة كمال الإنسان أن يكون إنسانا..ودرجة تمامه في تحقق إنسانيته في ذاته..ثم مع محيطه.. ومحيطاته.
……..
الفردية لا تحقق ذلك..مطلقا.
بل أنت روح من روح تتحقق في كلياتها بتجمعها..وهذا ما تؤكده تشريعات المعاملات لا العبادات.
………
من هنا ينتج السعي الدؤوب والسرمدي نحو الآخر…وبالقليل من التمعن تجد أن الانسانية إن سعت منها.. نحوها ..لخلقت النسيج الذي يشمل حكمة التنزلات…إذ أن أغلب الحدود مضت معنية بما يخص ذلك.
……..
لماذا نقاوم الظلم؟.
لأنه يتعارض مع ما مضى.
…….
هل نحن نقاوم الظلم؟
لا…بل نرفض الظلم ونقاوم الظالم…لأن الظلم نتاج فعل قام به فاعل..الظلم صفة نتجت بفعل فاعل..نعت لفعل..قام به فاعل..وهو الظالم..وقد سقط على ضحية.. هي المفعول به..المظلوم.
هذا هو القياس.
………
نتحدث عن الانظمة…ونغض الطرف جهلا او تجاهلا عمن نظمها…النظام ناتج لمنظم.. هذا ما نعنيه..وهو ما نعيه وعيا كاملا شاملا لا يغفل حقا ولا واجب.
………
الذين شرعوا ما قاد لحدوث الظلم هم محور صراعنا..وهو صراع له منطلقات مبدئيه..ومبادئ لا حياد عنها مطلقا..ولا شي يوازي قيمته الا تحقيق مبتغاه..والوصول لاهدافه وغاياته..
……..
ونحن من وراء ذلك لا ننتظر ان نعيش النتائج بقدر راحتنا في أن نعيش قيمة ذلك وما يعترينا من متعة فيما نواجه من ألم.. وهي متعة لا يحسها إلا من آمن بهذه المبادئ..
نحن نسعد بهذا الالم…ونجد فيه متعة لا تضاهى..ولذة لا مثيل لها…
لماذا؟ لان ذلك يحقق وجودنا ويشعرنا به.
………
نموذج :
ليست المتعة في الصدقة..بل في إحساسك بالدافع الذي جعلك تتصدق.. إحساسك بالآخر وتقمص معاناته حد الألم.. هذا مقياس بسيط يمكنك إسقاطه على كل شي..ستجد أن أجمل الجود أن تجود بكل الموجود.
………
يا من تعانون ويلات الظلم..بكل أشكاله :
نحن نعيش معاناتكم مهما كانت…
نحسها ونشارككم آلامكم…
أصمدوا..فوربكم لن يفصلنا عن نصرتكم إلا الموت.
………
وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَىٰ (1) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَىٰ (2) وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ (4) عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَىٰ (5) ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَىٰ (6) وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَىٰ (7) ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّىٰ (8) فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَىٰ (9) فَأَوْحَىٰ إِلَىٰ عَبْدِهِ مَا أَوْحَىٰ (10) مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَىٰ (11) أَفَتُمَارُونَهُ عَلَىٰ مَا يَرَىٰ (12) وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَىٰ (13) عِندَ سِدْرَةِ الْمُنتَهَىٰ (14) عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَىٰ (15) إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَىٰ (16) مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَىٰ (17) لَقَدْ رَأَىٰ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى) صدق الله العظيم.ٰ .
……..
يا شعبنا :
يقيننا بالثورة أنها فعل مستمر ودائم.. وهي جهود مبذولة ومستمرة ومشتركة.. وهي فعل يتطور مرحلة فمرحلة..وكل مرحلة منها تحمي ما مضت وتؤسس للتي تليها…تتراكم وتصنع مراحلها..تتحقق وتحقق الانسان والانسانية…تصنع وطنا يحتمل الجميع..ويهيئ للانسان كينونته… هدفنا ليس ان تعيش وحسب..بل ان تنال كافة حقوقك..لتحيا في رفاه.
……….
لا تحيدوا عن ثورتكم..فبتحققها تتحققوا.

علاء الدين الدفينة.