الخميس , مايو 16 2024
ardeenfr
أخبار عاجلة
الرئيسية / أخبار لالا اليومية / ما يحدث في شأن الفساد الآن محاولة للبحث عن كبش فداء

ما يحدث في شأن الفساد الآن محاولة للبحث عن كبش فداء

القيادي بحزب البعث وجدي صالح لـ(أخبار اليوم):
نتطلع إلى وفاق شامل ودستور يتوافق مع مكونات الشعب السوداني
البلاد غير مهيأة للانتخابات والحديث عنها مضيعة للوقت
بعض أطراف المعارضة كانت السبب في تعميق الأزمة والتمهيد للانقلابات العسكرية
ما يحدث في شأن الفساد الآن محاولة للبحث عن كبش فداء
أزمة الاقتصاد لا تعالج بالتصريحات النارية وأنصاف الحلول
أجرته/ لينا هاشم
أكد القيادي بحزب البعث الأستاذ وجدي صالح عدم تهيأة البلاد لإجراء انتخابات حرة ونزيهة، وقال إن الحديث عن الانتخابات في ظل وجود هذا النظام ليس له معنى ويعتبر مضيعة للوقت وإطالة لعمر النظام، مشيراً إلى أن الشعب السوداني سيقاطعها كما قاطع انتخابات ٢٠١٠، وقال إن الذين توهموا التزام النظام بالحوار ومخرجاته هم الآن يتحدثون عن عدم مصداقية النظام خاصة بعد طرحه لقانون الانتخابات.
وذكر وجدي في الحوار الذي أجرته معه (أخبار اليوم) أن السودان غير مؤهل لحل أزمة الجنوب ولا يستطيع أن يحقق المعالجة دون تدخل مراكز القوى الدولية والإقليمية، مبيناً أن البلاد تحتاج إلى دستور محترم يتوافق مع مكونات الشعب السوداني، مشيراً إلى أن الحديث عن الفساد من جانب النظام مضحك ومبكٍ في الوقت نفسه، وانتقال النظام من الإنكار المطلق للفساد إلى الإقرار به له أسبابه ودوافعه، مبيناً أن ما يتم في هذه المرحلة هو البحث عن كبش فداء وأن أزمة الاقتصاد السوداني لا تعالج بالتصريحات النارية وأنصاف الحلول والتمنيات، موضحاً أن الأزمة الاقتصادية تفاقمت منذ بواكير الإنقاذ،  إلى نص الحوار.
كيف تنظرون إلى مسودة قانون الانتخابات؟
الحديث عن الانتخابات في ظل وجود هذا النظام ليس له معنى، كما أن الاكتفاء بإبداء الرأي حول القانون سلباً أو إيجاباً يختزل ويشوِّه بشكلٍ كبير جوهر موقفنا في حزب البعث العربي الاشتراكي من الإنقاذ والذي أكدناه قبل الكافة في بياننا الصادر في اليوم الثاني من يوليو 1989 والذي بينا فيه أن انقلاب الإنقاذ ما هو إلا حل زائف لأزمة حقيقية، ولم تكن تلك الإشارة الأولى من نوعها لموقفنا من جبهة بقايا مايو والتي أسمت نفسها باسم الجبهة القومية الإسلامية، بل حتى عندما كانت خارج السلطة بعد انتفاضة مارس أبريل 85م حينذاك حرصنا على عزلها وتعريتها باعتبارها جزءاً لا يتجزأ من النظام المايوي، بل نحن من أطلقنا عليها مسمى جبهة بقايا مايو، وقمنا بتحذير حكومة التعددية آنذاك من مخططاتها لاغتيال التجربة التعددية الثالثة، بل قمنا بتوصيل معلومات تلك المؤامرة على التعددية لرئيس الوزراء ومجلس رأس الدولة وحينما لم نجد آذناً مصغية لجأنا لكشف المخطط عبر خبر في مجلة الدستور عدد أكتوبر 1985 والذي بينا فيه أن الجبهة الإسلامية تخطط لانقلاب بقيادة العقيد عمر البشير، وكنا من قبل ذلك قد وقعَّنا في17 نوفمبر 85 على ميثاق الدفاع عن الديمقراطية، القاضي بالدخول في إضراب سياسي حال وقوع أي انقلاب عسكري وجدّدنا ذلك العهد بتوقيع ميثاق التجمع الوطني الديمقراطي في أكتوبر 89م، على أمل إسقاط النظام بالإضراب السياسي، وساندنا تنظيم (ضباط وصف وجنود القوات المسلحة) في انتفاضة 28 رمضان 23 أبريل 90 العسكرية ، ولم نحد عن موقفنا المبدئي من الإنقاذ، لم نحاورها مطلقاً، أو ننزلق أو نتهافت لإبرام اتفاق معها، لم ولن نتوهم حفظها لعهد أو ميثاق ولا قابليتها للإصلاح أو لفائدة تعود على شعبنا من المشاركة في أي انتخابات تجريها، بل لم يكن لدينا رهان سوى القيام بواجبنا مع الشرفاء من أبناء وبنات شعبنا ببذل ما نستطيعه من جهد، لحشد طاقات الجماهير، وتنظيمها في لجان تيار الانتفاضة لإسقاط النظام، باعتبارها خطوة لا بديل لها، إن أردنا المحافظة على استقلالنا وسيادتنا ووحدة ترابنا الوطني وكرامة شعبنا. لذلك لم ولن نشغل أنفسنا بما تريده الإنقاذ، بلغو المشاركة في الانتخابات أو القانون الذي تجرى به أو الحوار مع النظام، والإيحاء بما يؤشر إلى إمكانية التوافق معه بما يضلل الجماهير ويربكها ويشل حراكها ويشيع الإحباط بين صفوفها، ولا أدري كيف يتقبل ضمير البعض انتخابات يدعو لها النظام، والشعب المغلوب على أمره يكابد شظف العيش! ولا يجد ما يسد رمق عياله أو علاجه ، والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن، ما الذي يريده النظام من الانتخابات وما الذي تريده أو تتوخاه الأطراف التي تروّج للمشاركة.. بالطبع يريد النظام اكتساب مشروعية والاعتراف بأن إرادة ورغبة الجماهير هي التي جاءت بممثليه للمقاعد التشريعية ومن ثم التنفيذية، ومن ثم على الطرف الآخر القبول بقواعد اللعبة (الديمقراطية) وانتظار حظ أوفر في الدورة المقبلة 2025! وكأن النظام قد جاء عبر صناديق اقتراع ليدعو الناس إليها.

هل ترى أن البلاد مهيأة للانتخابات القادمة؟

البلاد غير مهيأة لأي انتخابات، والشعب السوداني سيقاطعها كما قاطع انتخابات 2010 و2015م، ولا أتوقع غير ذلك مهما حاول النظام وإعلامه وإعلام القوى الخارجية التي تدعمه لجعل الانتخابات حدثاً مهماً .
المشهد السياسي السوداني يكتنفه الغموض، هل ترى في إعلان بعض أحزاب المعارضة خوض انتخابات 2020 أن الرؤية اتضحت لدى البعض وغامضة لدى الآخرين؟
ما أقوله هو ما أكده أمين سر حزبنا الأستاذ علي الريح السنهوري أن الكلام عن الدستور هو محاولة من النظام لاستدراج القوى السياسية وقوى المعارضة وطلائع الحراك الشعبي في بلادنا من شباب أو قوى أخرى ذات مطالب تتعلق بمصالحها المناطقية أو الاجتماعية، إلى الحديث عن التفاصيل المتعلقة بالانتخابات، وهل يعدل الدستور أو لا يعدل ، هذا لا يهم الجماهير، هذا ليس من هموم الشعب السوداني، ولا من هموم حزب البعث، ولا من هموم قوى المعارضة، اذا ظل النظام قائماً؛ فهذا لا يقدم حلاً للأزمة الوطنية في بلادنا. لابد من تصفية النظام، وليس تغيير الأشخاص، وكامل ركائز هذا النظام وإلغاء قوانينه التي تحميه وتحمي سياساته .
إذاً فالحديث عن الانتخابات ومجرد مناقشتها الهدف منه إحباط الشعب وإلهاؤه عن معركته الحقيقية التي يقودها الآن ضد النظام لإسقاطه، ونحن في حزب البعث وفي قوى المعارضة نعمل بكل إمكاناتنا لتصعيد الانتفاضة القائمة والممتدة في كل أنحاء القطر، الانتفاضة موجودة في صدور كل أبناء شعبنا رجال ونساء، شيوخ وأطفال، والتطلع العام هو إسقاط هذا النظام وبأسرع وقت ممكن.
ولكن في هذا الظرف من هم الذين يريدون مناقشة موضوع الانتخابات القادمة؟
الذين يريدون مناقشة موضوع الانتخابات القادمة هم الذين يريدون تمديد أمد هذا النظام، وهم يدعون دعوتين:
الدعوة الأولى: أنه إذا جاءت هذه الحركة، حركة المعارضة الإيجابية للنظام، بتوافق مع النظام من أجل بسط العدل وإحلال الديمقراطية، فلماذا نرفض.. هل يعقل… هل هناك عاقل يعتقد بإمكانية بسط العدل وتعديل هذا النظام ليصير نظاماً ديمقراطياً..  هل هذا ممكن.
إذا كان هذا غير ممكن، فلماذا نسلك الطريق المستحيل.. لماذا لا نسلك الطريق المفتوح.. طريق إسقاط النظام وإعادة السلطة للشعب.
الدعوة الثانية: التي يكررونها ويرددونها ويحاولون أن يبرروا بها انبطاحهم، هي أننا نطرح شروطاً تعجيزية والنظام لا يوافق عليها، بالتالي نفضحه أمام الشعب، النظام لا يحتاج إلى فضح، النظام مفضوح أصلاً ولا يحتاج إلى فضح.
وإذا كانت شروطاً تعجيزية وأنت تعرف ذلك، فلماذا تضلل الشعب.
مجرد طرحها فيه تضليل للشعب… وفيه إحباط للشعب بأن المعارضة غير جادة، وأن المعارضة ليست هي البديل المناسب لهذا النظام لأنها تسعى للتصالح معه لتحقيق مصالحها الخاصة والضيقة.. خاصة أن بعض أطراف هذه المعارضة قد جربت مراراً وتكراراً وكانت السبب في تعميق الأزمة والتمهيد للانقلابات العسكرية سواء انقلاب 25 مايو أو انقلاب 30 يونيو.
لذلك نحن نطرح موقفاً واضحاً جداً، هو استنهاض الجماهير ودعم انتفاضاتها في كل مكان، وأن يتقدم البعثيون هذه الانتفاضات لإسقاط هذا النظام.
الرؤية بالنسبة لنا واضحة ولا غشاوة على أعيننا ولا نتوهم أو نوهم أنفسنا بحل في وجود هذا النظام، نحن مع تطلعات شعبنا وخياره بإسقاط هذا النظام وتصفيته من جذوره لبناء دولة تكفل الحقوق والحريات وتحقق السلام والوحدة والاستقلال لبلادنا .
ما رأيكم في نجاح الخرطوم في تهدئة الأوضاع وتحقيق المصالحة بدولة الجنوب؟
نحن نتمنى أن يسود الأمن والاستقرار في ربوع جنوبنا الحبيب، فقد أنهكتنا وأنهكتهم الحروب التي أقعدت بالدولتين، وتحولتا إلى دولتين فاشلتين، ولكن السؤال المنطقي هل هذا النظام مؤهل للقيام بهذا الدور؟
لا أعتقد ذلك فهو جزء من أزمة الإقليم وبالتالي لا يمكن أن تتحقق المصالحة على يديه دون تدخل بعض مراكز القوى الأخرى الإقليمية والدولية .
هل ترى في الأفق بصيص أمل لوفاق سوداني شامل ينهي حدة الصراع السياسي في البلاد؟
نحن كلنا أمل ونتطلع لوفاق سوداني شامل، وهذا لن يحدث إلا بعد إسقاط هذا النظام وتصفية ركائزه لأنه هو من يقف في طريق هذا التوافق المنشود.
سيتحقق الوفاق والتوافق بعد إسقاط النظام وخلال الفترة الانتقالية التي سينعقد فيها المؤتمر الدستوري الذي ستتوافق فيه كل مكونات الشعب السوداني من أحزاب سياسية وإدارات أهلية وحركات ومؤسسات مجتمع مدني على دستور يحد شكل الدولة ونظام الحكم فيها وينص على الحقوق والحريات ويحدد العلاقة بين مؤسسات الدولة. سيكون دستوراً محترماً لأنه أتى بتوافق مكونات الشعب وهو الذي سيحقق الاستقرار ويضع البلاد في مسارها الصحيح .
كيف تنظر إلى جهود الدولة لمكافحة الفساد وإحلال السلام؟

الحديث عن الفساد في ظل هذا النظام كان من المحرمات، رأينا الحملة التبريرية حينما صرح الراحل الدكتور حسن الترابي بإفادته في أحد المؤتمرات بأن 9% من الإسلاميين أفسدتهم السلطة وصولاً إلى وصف العديد من مسؤولي النظام للحديث عن الفساد بأنه (كلام ساكت)، حتى وصلت إلى مرحلة التهديد المبطن (بأنه ما في حاجة اسمها فساد والعندو أدلة ووثائق يقدمها)  ثم أعقب ذلك صدور قرار بتكوين مفوضية مكافحة الفساد، وتسمية السيد أبو قناية مفوضاً عليها، إلا أنها لم تتجاوز حد الإعلان عنها.
كما أفتى كبار مسؤولي النظام بأن الدولة خالية من الفساد، وأن إشاعات الفساد أفرزتها الحرية المطلقة، ألم يكن مثل هذا الحديث مضحكاً ومبكياً في الوقت ذاته.
انتقال النظام من الإنكار المطلق إلى الإقرار التكتيكي بالفساد لا يمكن عزله من عدة مؤثرات وأسباب حددها الرفيق الباشمهندس عادل خلف الله مسؤول اللجنة الاقتصادية بحزبنا في مقال له :
مراكز قوى
الاستفراد بالحكم ومركز صنع القرار، لأكثر من ثلاثة عقود، في إطار دكتاتوري وهيمنة قوى رأس مالية طفيلية، بلور مراكز قوى تتصارع حول النفوذ والثروة وصنع القرار.
مرحلة التحلل
  انكشاف حقيقة محدودية الثروات المتصارع حولها، بعد حدثين مهمين، أولهما دخول النظام مرحلة التحلل والتفسخ، وثانيهما زلزال انفصال الجنوب عن الشمال، بكل تداعياته النفسية، الاقتصادية الاجتماعية، الأمنية….. إلخ.
حزب عقائدي

  الاستيلاء على السلطة بالانقلاب، استناداً إلى حزب عقائدي مشبع بتمثيل مصالح الرأس مالية الطفيلية، التي غلف عرابها د. حسن الترابي، توجهاتها الدنيوية ونهمها للثروة والاستفراد بالحكم، بغطاء فكري فضفاض (المشروع الحضاري)، واختصار خطواته العملية بإيحاءات دينية رسالية (التمكين) .
هذه النفسية الذهنية، هي التي تقف خلف كل ما هو (منبت) وغريب في السلوك السياسي والاجتماعي والقيمي الذي خلخل ودمر وتناقض مع السواد الأعظم من نظم وتقاليد الحياة السودانية، الشعبية والرسمية.
متلازمة الفساد
تزاوج (التمكين) بالتوجهات الرأسمالية الطفيلية، ولد متلازمة الفساد والإفساد.
فلكي تحقق الرأس مالية الطفيلية مصالحها المقترنة بالتنافس فيما بينها؛ لا تجد غضاضة في التحايل والالتفاف أو تحطيم كل ما يعترض طريقها، بما في ذلك تطويع الدين وتاريخه ليكون في معيتها، ونضرب مثلاً بذلك، الابتلاء، التجنيب، الاستسلام للقوى الاستعمارية، تزكية المجتمع، أسلمة الاقتصاد.. إلى عدم جواز الخروج عن الحاكم .

امتداد خارجي
بهذا التزاوج فتحت قوى النهب الرأس مالي المحلية وتحالفاتها وامتداداتها الخارجية، شهيتها لتفترس موارد وثروات ومقومات الاقتصاد الوطني ، التي لم توظفها للاستحواذ والحماية فحسب، وإنما بتراجع وانسحاب (الدولة) من العملية الاقتصادية والاجتماعية عبر القطاع العام وبتوازن مع القطاعات الأخرى، والتخلي شبه الكامل عن واجبها في التعليم والصحة وخدماتها. وتحولت مؤسسات الدولة وأصولها إلى نخب الرأس مالية الطفيلية باسم سياسات التحرير والخصخصة، وتشريد الآلاف من العاملين.
في هذا المقام، يقدر السودانيون للرأس مالية غير المرتبطة، مساهماتها في ارتياد مجالات الإنتاج الصناعي والزراعي، ويذكرون الصروح التي شيدوها في التعليم من مدارس ومعاهد، والصحة من مشافٍ ومراكز صحية ونقاط غيار، التي لا تخلو مدينة أو قرية على طول البلاد منها، وفي صمت رزين.
مفاصل الاقتصاد
أدى ذلك إلى تضخم الأنشطة الخاصة التي تستحوذ على عصب ومفاصل الاقتصاد، وخارج ولاية وزارة المالية وديوان المراجع القومي إلى إنشاء أجهزة خاصة ذات أنشطة تجارية، ولا تدخل إيراداتها في الموازنة العامة وقنوات الدولة الرسمية، ولا تخضع للمحاسبة ولا المراجعة العامة. فيما يخصص لها ولمنسوبيها نصيب الأسد من الموازنة العامة التي يتحمل عبئها المواطنون والمنتجون بالضرائب المباشرة وغير المباشرة، التي تشكل أكثر من 68% من إيرادات موازنة هذا العام.
مفاهيم وقيم

كما نلاحظ هنا أن الوصول للسلطة بالانقلاب بمتلازمة الفساد والإفساد، أدى إلى انقلاب في المفاهيم والقيم المجتمعية؛ حتى لم يعد الحلال بيّن من الحرام.
الصالح العام
ما أفرزه (التمكين) في الفصل من الوظيفة والإحالة لما سمي (الصالح العام)، وإحلال (أهل الولاء) بديلاً للكفاءة والمخالفين في الرأي، وهجرة العقول والخبرات .. وهم ثروة لا تقدر بثمن.
كبش فداء
لكل ما سبق كما نقول نحن المحامون في نهاية مرافعاتنا، ولمرور أكثر من نصف عام على الإقرار المشروط بالفساد، يتضح أن ما تم ما هو إلا محاولة للبحث عن (كبش فداء)، جراء احتدام الصراع داخل تركيبة النظام المتهالك، حول مركز صنع القرار، للبقاء ولو بما خف وزنه، بإلهاء الرأي العام بهذه الدراما .
كيف تنظرون للوضع الاقتصادي وغلاء المعيشة ؟

من البديهي أن الاقتصاد علم يقوم على طرح البدائل والحسابات الدقيقة، لا تفلح معه حالات الإنكار والتصريحات النارية ولا أنصاف المواقف ولا التمنيات، فقد تفاقمت الضائقة المعيشية منذ بواكير الإنقاذ، وتحرق شعبنا نار الغلاء الذي تزيد معدلاته كل صباح بسبب الارتفاع الجنوني لأسعار السلع والخدمات بدءاً من ضرورات القوت اليومي (قفة الملاح) والمعيشة، حتى الكبريت وأمواس الحلاقة، ارتفاعاً فاحشاً غير مبرر اقتصادياً وسياسياً، لم تقابله زيادة مناسبة في الأجور والمرتبات، ويتلازم مع هذا الوضع القاتم كساد في الأسواق وسيولة معدومة كلبن الطير. وتراجع قيمة الجنيه السوداني أمام العملات الأخرى، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع أسعار الواردات وانخفاض أسعار الصادرات وزيادة التضخم بنسبة فاقت الـ 60% مما أدى إلى ارتفاع تكاليف المعيشة.
لا ينكر إمكانات بلادنا الاقتصادية والبشرية والطبيعية إلا مكابر، وحدها الحكومات التي تعاقبت على حكم البلاد منذ الاستقلال وحتى الآن، تعاني من غياب الأفق الإستراتيجي للإصلاح الاقتصادي والاجتماعي والسياسي الشامل القائم على إحكام التوازن بين البعدين الداخلي والخارجي، وأهدرت فرص التطور والتنمية المتوازنة ليحتل قطرنا مركز الصدارة في قائمة أفقر دول العالم.
نظام الإنقاذ الحالي عمق أزمة بلادنا، فعلى المستوى الاقتصادي تبنى روشتة البنك الدولي المعادية للعدالة والتنمية الحقيقية والتقدم، فسياسات التحرير الاقتصادي وحرية السوق وضعت لتمكن حزب المؤتمر الوطني ومنتسبيه من السيطرة على أوضاع البلاد ومقدراتها فعمدت إلى تغيير هيكل الاقتصاد الوطني القائم على سيادة القطاع العام، وسيادة الإنتاج الزراعي والصناعي المرتبط به إلى قيادة القطاع الخاص وإنتاج النفط وتصديره، مما زاد من حساسية الاقتصاد السوداني في الاستجابة لتقلبات السوق العالمي، وبالتالي رهن مصيره بالرأس مالية العالمية، وقامت الإنقاذ بربط الأداء الاقتصادي بجهاز إداري للدولة واسع ومترهل وغير منتج، فيما عرف بالحكم الاتحادي، مازالت تمتص بعض قطاعاته غير المنتجة أكثر من 80% من موارد الموازنة العامة.
الصراع في بلادنا صراع طبقي سيطرت على اقتصاده طبقة طفيلية امتصت كل ثروات البلاد .
والذين يصورون الفشل بأنه فشل الطاقم الاقتصادي للنظام يحاولون الإيهام بأن هذا الطاقم هو المشكلة وعند إزاحته يتوهم الناس بأن النظام يسير في طريق الخروج من الأزمة حتى ينتظر المواطن، لكن الحقيقة هي أن الأزمة ناتجة عن السياسات التي انتهجها النظام ، والطاقم ما هو إلا منفذ لهذه السياسات وليس واضعاً لها، ولا يعمل بمعزل عن التوجهات العامة للنظام وأطره؛ لذا الأزمة ليست في الأشخاص وإنما في النظام وسياساته الاقتصادية.

 

Print Friendly, PDF & Email

عن laalaa

شاهد أيضاً

حزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي

Share this on WhatsAppحزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي طالعنا البيان المؤسف الصادر من سكرتارية اللجنة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.