الأربعاء , مايو 15 2024
ardeenfr
أخبار عاجلة
الرئيسية / أخبار لالا اليومية / صور ومشاهدات من دولة جنوب السودان (13)

صور ومشاهدات من دولة جنوب السودان (13)

جنوبيي الشمال مقابل الجنوبيون الآخرون.
قرأت للبروفيسور الجنوبي تعبان ليليونق مقال  ذكر فيه  قيامه ببحث اجتماعي  مستفيض عن الجنوبيون في المهاجر المختلفة .استند البحث علي مؤشرات Indicators إجتماعية واقتصادية ونفسية خلص فيها   الي ان جنوبيي الشمال هم الأفضل من رصفائهم في مناطق اللجؤ الاخري في كل النواحي والمؤشرات وتنبأ فيه بأضطلاعهم بأدوار حاسمة في مستقبل دولة جنوب السودان الوليدة. ولهذا البروفسيور رأي غاية في الإيجابية عن الشخصية السودانية نشره في جريدة Sudan monitor الناطقة بالانجليزية قبل الانفصال .ذكر فيه ان سمات الشخصية السودانية واحدة بين الشمالي والجنوبي خاصة من ناحية الاستقامة الأخلاقية Moral integrity عضد ذلك بمشاهدة ذكية تأتت له من خلال  تجواله الواسع في الأقطار الإفريقية وهي  ان الإفريقي عكس السوداني أول ما تقع عينيه علي جثة إنسان متوفي يفكر في متعلقاته الشخصية وممتلكاته القيمة من نقود وساعات وحلي  وملابس وحتي الاخذية. عوضا ان تمتد يديه لقلب الميت ورسخه للتيقن من حقيقة الوفاة بجس النبض… تجوس تلك الأيدي في جيوبه بحثا عن محفظته Wallet وهاتفه السيار وبعد أن تقضي تلك الأيدي وطرها من نهب الميت يفكر قليل من أصحابها في إكرام الميت بالدفن  .نزح ملايين الجنوبيون  نحو الشمال بعد الحرب الأهلية الثانية التي اندلعت في مايو 1983 .كنت عندما أناقش زملائي الجنوبيين عن هذه الحقيقة يستكبرون ويستغشون ثيابهم ويردون بأن سكة الهرب الوحيدة كانت هي الشمال .اقارعهم الحجة بأن هذه الفرضية مقبولة بالنسبة للنيليين من دينكا وشلك ونوير أعالي النيل وولاية الوحدة وشمال بحر الغزال وهي جغرافية متاخمة للشمال تبرر نزوح هذه القبائل شمالا  ولكن كيف يصدق ذلك في حق نازحي غرب الاستوائية وشرقها من قبائل الباريا بافرعها السبع  واللاتوكا والمورو والزاندي والموندو والباكا والاشولي والمادي والديدنقا والتبوسا  واللتان تتاخمان  يوغندا وكينيا  وتجمعهما  بتلك الدول أواصر القربي وعلاقات الدم واللغة وكثير من هذه  القبائل مشتركة  مثل المادي والاشولي والكاكوا والتبوسا .ساءني جدا فرح زملائي أولئك بقدوم الانفصال وكان المتطرفون منهم قد وضعوا تطبيق في هواتفهم لساعة العد التنازلي Countdown التي تحسب تنازليا  يوم التصويت في الاستفتاء الذي أجري في 9 يناير 2011  باليوم والساعة والدقيقة والثانية وكان زميلي كاليستو المتحدر من قبيلة اللاتوكا  شديد الشوفينية  Chauvinist يمت بصلة القربي  لأول متمرد جنوبي هو القسيس  ساترنينو لوهيري الذي قدح شرارة أول تمرد في الجنوب بمدينة توريت في أغسطس 1955  قبل ان يمهر استقلال السودان  .زميلي المغالي في نزعته هذا أراق ماء وجهه لافندية الأمم المتحدة البيروقراطيين في تسول سلفية أسبوع يقتطع  من إجازته السنوية .ذهب الي مسقط رأسه في  توريت بطائرة اليونميس وأدلي بصوته لصالح الانفصال . وجاء منتفخا بالزهو يجرجر أثواب الخيلاء فرحا بتحطيم صنم الوحدة غير الجاذبة كما  كان يقول …كان لي صداقات عميقة مع كثير من جنوبيي الشمال من مختلف القبائل لم تنحصر في جغرافية العمل الضيقة بل امتدت الي علاقات الملح والملاح واقتسام الاسرار والاسرة (Beds )   والمشواير لايمان مشترك بتأسيس سودان قائم علي محجة بيضاء من العدالة والمساواة والحقوق المستندة علي المواطنة لا غير …يبرز علي رأسهم صديقي الراحل باشمهندس مارك دينق اتيم وهو قريب دكتور جون قرنق ومن نفس قريته اونقلي  بولاية جونقلي  .مارك دينق هو أكثر إنسان تعلمت منه في حياتي  اذ زاملته سبع أعوام بمطار الخرطوم في هنقر الأمم المتحدة U.N. hangar  بجانب تجويد الانجليزية شجعني علي دراسة الالمانية التي كان يجيدها فانخرطت لمدة عامين في تعلمها فهو عاشق للالمان حد الثمالة لدرجة انه اتخذ منهم زوجة شقراء ..كان مارك من أفضل مهندسي طائرات التوينوتر Twinotter والسيسنا وهي طائرات صغيرة لها قدرة علي الإقلاع والهبوط في كافة أنواع اسطح  الارض Topography تنتمي الي فصيل من الطائرات يسمي Stol اختصارا ل Short landing and takeoff او الإقلاع والهبوط القصير كانت تعمل في نقل موظفي الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الي جنوب السودان ودارفور والنيل الأزرق لأغراض مهمات المتابعة والتقييم وتقدير الحوجات الاغاثية Follow-up evaluation and needs assessment missions  .سافر مارك الي كل قارات العالم وفي كل بلد له حكايات ومقالب لو وثقها لتفوق علي شوقي بدري .كان موسوعي المعرفة لم تليهه مهنته الشاقة من الصبر علي رمضاء القراءة والإطلاع. .. لاذع السخرية حتي من نفسه.. وفد الي الخرطوم في بداية الخمسينيات وهو شديد الفخر والاحتفاء بهذا السبق الخرطومي اذ سكن وامتلك منزل في ارقي واعرق أحيائها بري شارع المعرض .كان يلقم بحجارة سخريته المسننة فم كل من تساوره نفسه بالفخر والتبجح  بعاصميته .رده جاهزا علي حواف لسانه السليط  ( انا لما جيت الخرطوم دي  كان فيها حمامين سايفون واحد بتاع السيد عبد الرحمن والتاني بتاع السيد علي الميرغني ) أروع ما حكي لي عادات وتقاليد قبيلته دينكا بور ونظامها القيمي والأخلاقي .أنهم كانت لهم نظم مرعية في قواعد الاشتباك Rules of engagement فأنت لاتصارع وتقاتل إلا من يكافئك في الوزن والطول والعمر ..حكي لي أنهم في الرقصات القبلية وهم مراهقون تضج أجسادهم بالفحولة العذراء كانوا يراقصون فتيات في أعمارهم تنتصب اثداهن كالطود الشامخ وتتكور مواخراتهن وتبرز تعرجات اجسادهن راسمة تضاريس مواضع الإثارة والفتنة الدالة علي الأنوثة والحسية  Voluptuousness  ..المفارقة ان هذه الرقصات تتم والكل عراة كما ولدتهم أمهاتهم. ..العرف المرعي في هذه الرقصات ان يتحدي الفرد فطرته ويقفز علي ثوابت الفسيولوجي ( وظائف الاعضاء) وأولها في هذا السياق  إرسال المخ إشارات الي القلب بمضاعفة ضخ  الدم في الشرايين المتجهة الي منطقة ما بين الفخذين  لاتمام عملية الانتصاب Erection استجابة للمؤثر الخارجي المحفز بتقارب الانفاس وعبق التعرق الناتج من الجهد العضلي في الرقص .عليك بمخالفة فطرتك وكبح غريزتك وإلا لاكت الألسن  سيرتك  وخمل ذكرك وصنفت بالسحار..الجنوبيون يطلقون لفظ السحار علي الإنسان غريب الأطوار والمتفلت من عقال الثوابت الاجتماعية ..أكثر ما احزنني انخداع جنوبيي الشمال بدعاية الانفصال الطنانة وبرقه الخلب وسرابه الكذوب الذي تراءي لهم من علي  البعد ماء زلال ما ان ادركوه لم يجدوا شيئا وأخذوا يقلبون أيديهم حسرة ويعضون البنان ندما حد الادماء .باعوا بيوتهم الملك الحر التي تشتعل فيها الضياء وتأز فيها الثلاجات وتتعالي أصوات القنوات الفضائية وأطفالهم يتشاكسون في امتلاك الريموت كنترول… ذهبوا إلي  ميناء كوستي البري وتكدسوا فيها بالشهور يقاومون غضبات الطبيعة فلما وصلوا جوبا قابلتهم الحقيقة العارية التي هربوا منها هنا وهي المواطنة من الدرجة الثانية Second class citizenship فأن قامت هنا علي حقائق فروقات العرق واللغة والدين فإنها في الجنوب تقوم علي حقائق التخوين والتولي يوم الزحف بالارتماء في أحضان العدو .كثيرا ما يعاير الجنوبيون الذين بقوا في الجنوب والذين عادوا من الغابة اخوتهم العائدون من الشمال بعبارات مهينة طاعنة في الرجولة والوطنية (لما رجال جري غابة انتكم جري بلد تاع مندوكورات )
الصورة هذه لاحدي  جنوبيات الشمال  . الروائية والقاصة استيلا قايتانو .متزوجةمن شمالي وام لطفلين منه .صيدلانية وقد لمحتها اثناء تواجدي بجوبا تقود عربة استايركس .ظهرت في فلم وثائقي في قناة الجزيرة أثار لغطا كبيرا في دولة الجنوب بدعوي تحامله علي إرادة الجنوبيون في خيار الانفصال. الفيلم من إعداد المخرج السوداني وجدي الكردي ظهرت فيه استيلا غارقة في بحر من دموعها للتشتت الأسري وافاقتها ذات صباح علي حقيقة أنها أصبحت أجنبية ..  أواصل غدا .

 

Print Friendly, PDF & Email

عن laalaa

شاهد أيضاً

حزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي

Share this on WhatsAppحزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي طالعنا البيان المؤسف الصادر من سكرتارية اللجنة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.