الأربعاء , مايو 15 2024
ardeenfr
أخبار عاجلة
الرئيسية / أخبار لالا اليومية / *نظام البشير مقبرة الانتهازيين ,,*

*نظام البشير مقبرة الانتهازيين ,,*

*بقلم:إسماعيل عبد الله*

     اذا كانت ثمة حسنة واحدة لنظام البشير , فهي فضحه لمن يدعون النضال من اجل استرداد حقوق المسحوقين من افراد الشعب السوداني , فاستمرار منظومة البشير في الحكم  , و امتطائها لظهر الغلابة و المساكين هذه المدة الطويلة و العسيرة من الزمن , وضع الناشطين و السياسيين تحت تجربة اختبار و امتحان صعب , نجح فيه الشهداء الذين قدموا فيه الانفس الغالية من اجل القضية الوطنية , فمنحوا ارواحهم رخيصة من اجل رفعة واعلاء شأن الوطن , الذي يستحق انسانه ان يعيش حراً وكريماً كرامة  تليق بمقامه السامي , كما رسب في هذا الامتحان  بعض الاحياء من حملة الوية التغيير , الذين ركبوا قطار القضية الوطنية العادلة في حين غفلة من الناس و الزمان ,  بينما ظل البعض الاخر ممن  لا يزال باقٍ على قيد الحياة صامداً و منافحاً عن الحق ,  في انتظار نتيجة التحكيم الاخلاقي و القيمي , التي سوف تصدرها محاكم التاريخ و الضمير الانساني , طال الزمان ام قصر , فهذه المسيرة القاسية و المرهقة والمفروضة على الناس من قبل نظام البشير , قد كشفت عن الوجه الحقيقي  للنفعيين و الوصولوين و الارزقية الذين يقودون الناس ويحثونهم على النضال و الكفاح من اجل الوطن والمواطن , وهم يتاجرون باحلام البؤساء من اخوانهم الذين يجمعهم بهم سقف هذا الوطن الواحد , فمنذ تسعينيات القرن المنصرم  والوفود و الرموز المعارضون لحكم الانقاذ يتسابقون نحو فتات مائدة النظام , الذي كالوا له من الاوصاف القادحة و الساخطة  والشاتمة ما كالوا , وما زلت استحضر تلك الايام التي خرج فيها المرحوم الشريف زين العابدين الهندي , من تحالف احزاب التجمع الوطني الديمقراطي , في اوج اشتداد قبضة الانقاذيين على الحكم في البلاد , وحديثه عن الوطن و الحرية بصوت رخيم  لاديب وشاعر ضليع في علوم لغة الضاد تحت مظلة نشاط جامعة النيلين , متجاهلاً ذروة البطش و التكبيل و التنكيل و تكميم الأفواه , التي وصل اليها  ذات النظام الذي هادنه  و دخل معه في اتفاق وانبطاح سياسي , ذاب بعده في دهاليز منظومة البشير  كذوبان قطعة الملح في الكوب الممتليء بالماء , حتى توفاه الله وهو ما يزال في معية البشيريين , وياليته بقى مع اخوته في اسمرا  واديس ابابا و القاهرة و انتظر حتى يأتيه الاجل المحتوم , ليرسل نعشاً محمولاً و موشحاً بعلم البلاد في عزة واباء , ليستقبله شعبه كاحد الرموز الوطنيين الذين صمدوا من اجل كرامة الانسان السوداني , وايضاً  في ذات المسار الانتهازي وماراثون الهرولة من اجل  الارتماء في حضن النظام الانقاذي , نذكر اللواء الهادي بشرى الذي فارق ذات التجمع المعارض ويمم وجهه شطر الخرطوم , فكان بمثابة الصيد السمين الذي احتفلت باقتناصه حكومة البشير , و سوقت باسمه و تاريخه السياسي و العسكري و الامني , لمشروعها المستمد قوته من تخوين المعارضين , وتقديمهم كصور شائهة للعمل السياسي المعارض لنظامهم , و لسان حالهم يقول هؤلاء هم من ترجون نصرتهم , و ها قد اتينا بهم ممسكينهم من آذانهم خاضعين .
     لقد رشحت معلومات تشير الى حزم بعض قادة الجبهة الثورية لحقائبهم , تمهيداً لهبوطهم الفرداني الناعم والوديع على ارض السودان , التي يحتكرها ويدير مشاريعها البشير و زمرته , مواصلة للمسلسل القديم والحديث الذي اصبح عرفاً سائداً في تاريخ الدولة السودانية في حقبة ما بعد الاستقلال , وتقليداً راسخاً في ذاكرة  المواطن السوداني ,  في ان  كل من يرفع عقيرته بالصياح ضد انظمة الحكم , ما هو الا مسترزق  يشدوا بصوته  بحثاً عن الحقيبة الدستورية , والرفاه الشخصي و الامان العائلي و المعيشي , ضارباً بعرض الحائط كل الشعارات البراقة و الخطب الطروبة , المدغدغة للعاطفة الشعبوية التي يلقيها على الكادحين والبائسين , و لقد وفق زميلي الكاتب و الصحفي زهير عثمان احمد ايما توفيق , في اختياره لعنوان موضوعه المنشور منذ ايام مضت , والذي تناول فيه نفس الخصيصة التي نحن بصددها الآن , فكان العنوان (جيفارا السوداني لن يموت في البراري وحلمه التوزير في الخرطوم) , هذا العنوان الذي اختصر فيه الكاتب و الصحفي زهير مجموعة من الجمل , و التوصيفات الكثيرة التي تحدثت عن الانتهازية و الوصولية ,  وتبني نظرية الفيلسوف الايطالي ميكيافيلي (الغاية تبرر الوسيلة) وتطبيقها من قبل الساسة المعارضين و الحاكمين , فالكثيرون ممن انخرطوا في مشروع ثورة المهمشين في البلاد نجدهم قد دبجوا ملفاتهم الشخصية , بصور القادة العظام والملهمين الثوريين من امثال غاندي  و جيفارا وما نديلا , ولكن في آخر مطافهم تواضع عزمهم وخارت قواهم وانكسرت ارادتهم , وداسوا على القيم و المباديء الجيفارية , فاصبحوا راكضين من اجل الاستوزار في نظام البشير , هذا النظام الذي  اصبح مقبرة ظل يُدفن فيها الانتهازيون و المتهافتون منذ الثلاثين من يونيو من ذلك العام المشؤوم.
     عندما اشتد نقدنا وانتقادنا لقادة مؤسسة نداء السودان , بعدما خرجوا ببيانهم الختامي الهزيل الذي همّش قضية النازحين , وتغاضى عن حقوق ذوي ضحايا جرائم الحرب في ملاحقة المجرمين , ضاقوا برأينا ذرعاً فانتفضوا في وجوهنا و قالوا لنا , انتم لستم باوصياء ولا وكلاء علينا حتى ترسموا لنا خارطة لطريق النضال , لقد تناسى هؤلاء ان هذه القضية  عبارة عن مشروع وطني و قومي  شامل , ساهمت الظروف المحلية و الاقليمية على وضعهم في قمة  دفة قيادة الاجسام المعبرة عنه , فكافة الجهود ساعية من اجل تحقيق اجندته الوطنية , التي تعنى بكل المواطنين السودانيين الذين طحنتهم آلة الانقاذ القاهرة  , فهذا المشروع الوطني ليس شركة خاصة ولا حكراً على فرد او جماعة , حتى تقوم هذه الجماعة او ذاك الفرد بالجام السنة الناس  , ومنعهم من ان يتناولونه بالجرح  او التعديل , لقد ولى زمان البصم بالاصابع العشرة , و مباركة المسودات التي يمهر حبرها  قلة من الافندية و الكتبة ,  الذين يأتون من بعد ذلك ليعيسوا في الارض فساداً دون حسيب او رقيب , معتمدين على هذا التخويل الضمني الذي درج هذا الشعب المسكين على منحه , لكل من نصب نفسه ثائراً  من اجل احقاق الحقوق المدنية للمواطن , وذلك بسكوته و تركه للباب موارباً ليتسلل منه الميكيافليون و الانتهازيون المتاجرين باحلام الضعفاء , لينفذوا عبره الى حيث الجلوس على مقاعد السلطة الوثيرة و امتطاء السيارات الفارهة , وامتلاك القصور المنيفة .
      مع ان هؤلاء الانتهازيون و المهرولون موجودين , ضمن صفوف هذه الاجسام الثورية المنادية و الساعية الى تحقيق وانجاز دولة المواطنة , ايضاً هنالك المتمسكون بمبدئهم النبيل و مسلكهم الصادق , الذي يؤمن بضرورة احداث التغيير المؤدي الى ازالة الطغمة الانقاذية الفاسدة  , وكما ذكرنا في مفتتح موضوعنا هذا  ان نظام البشير له ايجابية واحدة فقط , وهي انه اصبح المصفاة التي تعمل على تنقية ماعون النضال من الخائنين , فبتدقديم نظام البشير الرشاوى و الاغراءات السلطوية لبعض الرفاق الذين رفعوا الشعارات الوطنية , وأمّنوا على ضرورة الاستمساك بادوات النضال و الكفاح بكل اشكاله , وفي ذات الوقت الذي  خضع فيه هؤلاء الرفاق لدغدغة هذه المعزوفة الانقاذية لرغائبهم الفاسدة , بذلك يكون الحراك الثوري قد خطى اولى خطواته في طريق  الخلاص من الزبد , مع  بقاء المعادن النفيسة التي سوف تمكث في ارض السودان , ليستنفع منها هذا الشعب الكريم.

 

Print Friendly, PDF & Email

عن laalaa

شاهد أيضاً

حزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي

Share this on WhatsAppحزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي طالعنا البيان المؤسف الصادر من سكرتارية اللجنة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.