الإثنين , أبريل 29 2024
ardeenfr
أخبار عاجلة
الرئيسية / أخبار لالا اليومية / *حول بيان نداء السودان ..*

*حول بيان نداء السودان ..*

*عبدالعزيز العربي،*
صدر بيان نداء السودان عن ختام اجتماعه الدوري, وهو بيان يكتسب اهمية بالغة من حيث توقيته والبلاد تشهد تعقيدات أعيت المتابعين عن تتبعها, إلا أن البيان بعد طول انتظار لم يخرج عن ما هو متوقع ومعروف فاصبحت كل قيمته في أنه أكد بلا مؤاربة أن نداء السودان إنما يستعد للهبوط ريثما تعطى الأشارة, فقد صرح السيد الصادق ريئس النداء في مناسبات عدة أن “سقوط النظام مسألة وقت”.
يتحدث الصادق عن السقوط الوشيك للنظام ولكنه لا يحدثنا كيف سيتم ذلك, فهو حديث العارف بالخبر ولكنه يهئ المستمع لاستقباله, ففي صياغ  العبارة ” سقوط النظام مسألة وقت” رغبة في إخفاء صاحب الفعل المباشر لهذا السقوط, وهو عنده ليس الشعب السوداني وإلا فأين الخبر ونحن صنعاه, وليس من المرجح أن يسقط النظام لوحده  مهما اعتلى في مبلغه سوء الادارة والتفكك وجلب سخط الناس طالما هناك قوى خارجية متمكنة تستثمر في وجوده.
هي عنده التضامن الاقليمي كما افصح البيان وان ذكرت فيه لاحقة للانتفاضة والحل الشامل, إن البيان في كثير من نصوصه لم يكن دقيقا في التقديم والتاخير ولا في مسمى ووصف الاشياء, فالحل الشامل معني به الحوار والمصالحة, والانتفاضة سلب منها شمولية الحل وهي الأولى بها, والمحاسبة قدمت على المصالحة  وهي مما لا تستقم عندها النوايا وانت تستخدمها ككرت ضغط ليس إلا, بل وهي الورقة الرابحة الوحيدة عند نداء السوان.
ولا ندري لماذا يريدون لنداء السودان أن يسير في الاسواق بين الناس ويبنون له الفروع داخل وخارج السودان, فالبناء القاعدي للمقاومة هو ديدن الذي يراهنون على الشعب وليس على تدخلات الترويكا لفرض التغيير,ليس حبا في السودان وانسانه بل لفرض مصالحهم  التي ستضحى هي بوصلة للتغيير تحدد إتجاهتها, إن الذين يتبنون البناء القاعدي للمقاومة دائما يتسمون بالايمان العميق بمقدرات الشعب في قول قولته متى انتظم وهذا ما يمدهم بالجلد والصبر على مكارهه, يدفعهم حبهم للتغيير الحقيقي الذي ينهى تماما سطوة النظام على كل مفاصل الدولة وليس بقدر غير معلوم على المستوى السياسي, ليسوا في عجلة تفسد عليهم محتوى التغيير, فلا السلطة ولا المال ولا إدعاء البطولات تدفعهم للتعجل في إنجاز تغيير شكلي لا يستوى مع المضمون. إن إدعاءت الإيمان بضرورة البناء القاعدي تفضحه التصريحات المتهافتة على أماني سقوط النظام بدون تلك القواعد.
قال البيان معيدا تعريف الهبوط الناعم “فاذا كان الهبوط الناعم يعنى الحل السياسى الشامل وباقل التكاليف وتحقيق السلام العادل والديموقراطية والمواطنة وتفكيك الشمولية، فإننا لن نعتذر لاحد فى الوصول الى ذلك”.  يقول د.الشفيع الخضر في مقاله عن التغيير” إن محصلة التغيير ونتائجه ترتبط بالضرورة، و بهذا القدر أو ذاك، بنوعية الوسيلة المستخدمة لتحقيقه”. وهو قول سديد يصدقه العقل, وفي رأي لو قال بقدر كبير بدلا عن ” بهذا القدر أو ذاك” لكان اسدد, فالكفة الراجحة بين قوى التغيير والقوى المقاومة هي التي تحدد مساره بمقدار ذاك الفرق ,فما كان للاسلام أن يسود كما ساد لو أن نتأئج حوار الحديبية ظلت سارية, ولما تغير مجرى التاريخ لو لم تفتح مكة واسقطت أزلامها  صنما صنما, وما كان لفتح مكة ان يكون لو تراجع الرسول (ص) عن عزمه عن الفتح و سمع قول الذين أرادوه ان يعفو عن قريش في نقضها العهد, فقد كانت تلك اللحظة التاريخية هي الانسب لفعل ترجيح الكفة , فهل اللحظة التاريخية للسودان اليوم انسب لفعل الحوار ؟
إن الحل السياسي الذي يجعل المؤتمر الوطنى جزء من مستقبل السودان السياسي ضمن الحل الشامل والتضامن الاقليمي اللذان اعتمدا في برنامج نداء السودان ليس حل شاملا, إن الحوار اوالانتخابات قطعا ستبقى على مكتسبات قيمة غير شرعية للمؤتمر الوطنى, فهو سينازلكم في حواره وانتخاباته من على صهوة جواد السلطة ولو كرهتم, وفي البيان ما يؤكد عدم ممانعة نداء السودان ليلعب المؤتمر الوطني  هذا الدور في المستقبل السياسي السوداني بعد مصالحته عمليا بإسم المحاسبة, فقد اختزل البيان ثقل نداء السودان في معارضة تعديل الدستور لسبب أنه يعيد تسليم السلطة لنفس الشخص المطلوب للعدالة الدولية, فماذا لو أعتمد المؤتمر ترشيح من هو غير مطلوب للعدالة الدولة؟ اوليست المسألة والمعضلة في المؤتمر الوطني كحزب. إن الحديث دائما يجب أن يشير للمبادئ الكلية قبل الولوج في تفاصيل مثل السلطة وخلافها, صدقت العرب حين قالت لسان المرء من خدم الفؤاد ثم عادت واكدتها فقالت كل إنا بما فيه ينضح, ولكن هي الترويكا التي تريد انتخابات البشير ليس طرفا فيها, إن نداء السودان تعيد على الشعب السودان قرأة ما خطته الترويكا.
إن الحديث في البيان عن المحاسبة متفهم أما التحدث عن المصالحة فهو ما لا مكان له من الاعراب, فهو حديث لا يمتلك احد إقراره على المستوى الجنائي ضمن احلام الشعب وامانيها, وهو قول أشتر لا ينسجم مع ما يجري في البلاد, فلا يمكن ان تحدث مجرم وهوالأن  يتمادى في القتل أن أنك تنوى أن تعفو عنه أو أنك تنظر  بجدية في تخفيف الحكم عليه ولو غلا في اجرامه, اذا لتمادى اكثر في فعله, ومن أمن العقوبة ساء الادب !
إن الشعب السوداني وإن خنقته كبد المعيشة وضيق الحال, وما مر به من تجارب سياسية غنية ومتميزة, ليس جديرا فقط بنظام  يوفر له نعيم الحياة فحسب بل جديرا بأن يستعيد كرامته التي امتهنت وكبرئايه الذي سلب, وهذا ما لا يتأتي الا بعدالة ناجزة منصفة لا مساومة عليها بمقابل , فهم اي الشعب السوداني من نفس لون عنترة في حبهم لكأس العز الحنظل على كأس الحياة بذلة, ,إن كان عليه أن يعفو فليكن ذلك عن مقدرة, نسال فيه الظالمين ” ما تظنون انا فاعلون بكم “, وليس عفو المساومات تزلفا للسلطة, برستيجها وبريقها!
إن الحل السياسي الذي لا يعتقنا من براثن التبعية السياسية ولا يعيد لنا استقلالنا الحقيقى سيادة قول وفعل, ليس بحل سياسي شامل, إن ابتزاز البشير وصحبه بالمحكمة الدولية ليتنازل  لن يعطينا سيادتنا كاملة وان تنحى, فانت أسير من أعانك على هذا الابتزاز, وانت أسير أخطاء تاريخية بدأت منذ ان  نال السودان إستقلاله فاهتم بالشكل دون يحصن ذلك الاستقلال بتعزيز السيادة سياسيا واقتصاديا لتنعكس خيرا ووعدا على الشعب.
لقد قال السيد الصادق في إحدى المؤتمرات أنهم يقدمون غصن الزيتون للنظام مبتدأُ عله يذهب ويريحنا, وحين تربط هذه التصريحات ومثلها بهذا البيان, فانت تدرك انك امام مجموعة سياسية تساوم بكل شئ من اجل التغيير ولو كان شكليا , وكان التغيير غاية في حد ذاته وليس لتحقيق مصالح الناس في الارض, إن ذلك مرده الرغبة بالاحتفاظ باكبر قدر من سودان ما بعد الاستقلال حيث الولاء للطائفية وحيث تغبيش الوعي باسم الاسلام الوسطي وحكم القبور باسم الانبياء , ومرده ايضا إدعاء الوسطية في السياسة, وكان الوسطية تعني أن تتوسط المبادئ التي تتجزأ.  
وقال البيان  ” وقد دلَت الاحداث على ان قوى نداء السودان فى مقدمة الصفوف فى كل هبات شعبنا دون ترددٍ او وجّل ” لقد حدثتنا سبتمبر 2013 غير ذلك, وحدثنا التاريخ إن تاريخنا السياسي الطائفي ملئ بالمصالحات السياسية مع الحكومات الديكتاتورية والتي أطالت في كل مرة عمر تلك الديكتاتورية بلا شك, ولكن التاريخ يستطرد في كل مرة ان الغلبة لسقوط الديكتاتوريات, وأن رؤية المنادون بالإسقاط هي الأصح, فهلا أعتبرنا.
لقد أبتلينا بالسياسة الطائفية مرتين, مرة في تقويض الديمقراطيات ومرة في اطالة أمد الديكتاتوريات, فهل من يكذب التاريخ وشهداء العصر بين ظهرانينا ؟!

 

Print Friendly, PDF & Email

عن laalaa

شاهد أيضاً

حزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي

Share this on WhatsAppحزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي طالعنا البيان المؤسف الصادر من سكرتارية اللجنة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.