الثلاثاء , مايو 14 2024
ardeenfr
أخبار عاجلة
الرئيسية / أخبار لالا اليومية / حتمية التناقض عند الإسلامجية

حتمية التناقض عند الإسلامجية

خالد البري
1
طبيعة النص الدينى مفتوحة على التأويل، متعمدة الغموض فى مواضع. وهى فى هذا تختلف عن طبيعة النصوص الدستورية والقانونية التى الأصل فيها الوضوح، لأن غرضها لا يتم إلا بالوضوح. وعلى مواكبة الحال المجتمعية الراهنة. والتغير بتغيرها.

وليست الطبيعة المفتوحة على التأويل للنص الدينى جملة خلافية ولا محل نقاش. هذا ما قاله علِىّ بن أبى طالب منذ ١٤٠٠ سنة، لوفد التحكيم فى الخلاف بينه وبين معاوية: «ولا تجادلوهم بالقرآن فإنه حَمّال أوجه». معروف أن التحكيم جاء بعد مقتل عثمان بن عفان، الخليفة الثالث -الثالث فقط- بعد النبى، وأحد العشرة المبشرين بالجنة. وهو الذى تأوَّل النص الدينى بأنه لا يبيح عزل الحاكم مهما فعل، فقال مقولته الشهيرة: «لا أخلع قميصا سربلنيه الله».

ومعروف أن قميص عثمان الملطخ بدمائه رُفع على سيوف جيش معاوية، الذى تأول الآية القرآنية: «ومن قُتل مظلومًا فقد جعلنا لوليه سلطانًا..». وخرج معاوية مطالبا بحق عثمان لأن معاوية هو ولىّ الدم.

ومعروف أن الخوارج خرجوا على الطرفين، علىّ ومعاوية، ورفعوا شعارهم الآية القرآنية: «إنْ الحكم إلا لله». وأن عليًّا ثم معاوية قاتلاهم. كل هذا معروف. لكن المجهول هو لماذا؟! لماذا؟! ١٤٠٠ سنة وهم يقمعون هذا السؤال، ويكذبون فى الأخبار، ويهددون الباحثين. لماذا؟!

«٢»

لماذا كانت الخلافة دائما بين العشرة المبشرين بالجنة؟لماذا كان النزاع الأكبر -الفتنة الكبرى- بين ثلاثة من العشرة المبشرين بالجنة، عثمان وعلىّ وطلحة، وابن رجل رابع مبشّر بالجنة، عبد الله بن الزبير بن العوام؟

الإجابة: لأنهم -فى السياسة- يعلمون أن «العشرة المبشرين بالجنة» تحالُف سياسى، من بطون قريش المختلفة. وأن استخدام أى منهم النص الدينى، لا الآلية السياسية، للاستئثار بالحكم يعنى محاولة لتفسير النص على مزاجه. الحكم = سياسة. والنص الدينى ليس مناسبا للسياسة. ولا يصلح «دستورا».

لا تصدقيننى!! طيب!

«٣»

بعد الفتنة الكبرى انقسمت الأمة إلى «أهل السنة» وإلى «شيعة علىّ». هل تعتقدين أن الانحياز إلى هذا أو ذاك انحياز إلى الحق الذى يظهره النص الدينى؟ لو كان هذا ما تعتقدين فأنتِ ساذجة. ولم تتعبى نفسك بقراءة كتب التاريخ. ولا حتى الحكايات البسيطة جدا المشهورة فيه. هذا انحياز سياسى.

هل اقتنعت مصر بالمذهب الشيعى قبل الدولة الفاطمية؟ لا أبدا. لكن بمجرد دخول الفاطميين صارت مصر دولة شيعية. وكان يمكن أن تبقى دولة شيعية لو استمر الفاطميون فيها، ولم يلاحق صلاح الدين الأيوبى معتنقى المذهب الشيعى بالتنكيل.

هل كانت إيران دائما شيعية؟ أبدا. حتى القرن السابع عشر كانت دولة سُنية. وفى أثناء حكم الدولة الصفوية التى كانت فى نزاع مع «الخلافة العثمانية» تحول الحكام إلى المذهب الشيعى، وحوّلوا الدولة. كان هذا مفيدا لهم سياسيا.

ما معنى هذا الكلام؟

«٤»

يَحلو لكل فريق أن يعتقد أنه على الحق، الواضح، الذى يدعمه النص الدينى، الواضح سياسيا. لكن هذا وهم الأوهام. النص الدينى لا يحسم الجدل.

الحق الوحيد فى الموضوع هو أن اتباع الناس مذهبا معينا من هذه المذاهب ارتبط بمساحة سيطرة المذهب سياسيا. ضربتُ مثلا بمصر وإيران. لكن لو نظرتِ إلى الخريطة المذهبية فى العالم الإسلامى وربطتِها بالصراع السياسى فستجدى مزيدا من الأمثلة.هذه العبارة نفسها، «نشروا مذهبهم»، مضللة. فكل دولة من هؤلاء نشرت مذهبها وحجبت مذاهب الآخرين. بمقدورِك أن تفهمى الآن لماذا يتوتر السلفيون من مجرد وجود الشيعة فى مصر. غريب على «أهل حق» أن يخشوا على حقهم من الزوغان فى العقول بمجرد أن تسمع تلك العقول حجة مقابلة. أليس كذلك؟!

ولو كنتِ، كما أنا، عضوا فى جماعة إسلامية فى شبابك، لعرفتِ أن الجماعات نفسها على الساحة -رغم أن كلها جماعات سُنية- تتشاحن وتتحارب، وتصل لدرجة القتل، ولا مبالغة فى هذا، وكل منها لديه حججه أيضا. بل تابعى الإخوان وتصريحاتهم، تحليلاتهم السياسية وتحريماتهم. لاحظى كمّ التناقض الرهيب، المزعج، المحير. تابعى ولا تخدعى نفسك.

النص الدينى ليس غرضه أبدا حكم الناس سياسيا، لأنه سيخلق تناقضا حتميا. و«القرآن دستورنا» التى يرفعها الإخوان مقولة مضللة، غرضهم منها نفس غرض الخوارج حين رفعوا آية «إنْ الحكم إلا لله». فهل سنتعلم أبدا؟!!

 

Print Friendly, PDF & Email

عن laalaa

شاهد أيضاً

حزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي

Share this on WhatsAppحزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي طالعنا البيان المؤسف الصادر من سكرتارية اللجنة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.