الأربعاء , مايو 15 2024
ardeenfr
أخبار عاجلة
الرئيسية / حزب المؤتمر السوداني / «خارطة الطريق وتشويش خط السير »
IMG-20160807-WA0036.jpg

«خارطة الطريق وتشويش خط السير »

«خارطة الطريق وتشويش خط السير »IMG-20160807-WA0036.jpg
«نداء السودان ، العودة علي متن التوهان  ؟ »  هي وجهة نظر جديرة بالقرأة والتأمل كتبها القائد مني اركو مناوي، رئيس حركة تحرير السودان….

المعارضة السودانية ، لها تاريخ متجزّر في صُنْعِها التحالفات المناهضة للحكومات باشكالها المدنية والعسكرية  او الاثنتان معاً كما الحال في الإنقاذ . فنداء السودان لا يختلف كثيرا عن سابقته في  نجر شعارات براقة علي العارضات الخشبية  المرفوعة منذ  60 حَوْل من الاستقلال  ، به فاز بَعضُنَا بميراث المنزل بأوانيه  واثاثاته وحرمان العامة حتي  عن الدخول  في كنفه إِلَّا المستثني القليل تمكن ببطاقات ذويه  .
توزّيع  الموروث في السودان ، دون ادني الشك  قاموا به الرجال من المتطففين الاولين ثم تبعهم الآخرون .
لا غرابة في ذلك . عادةً ، من يحمل القلم ، لن يكتب علي نفسه الشقاوة .  السيد الأبيض  (( white boss )) يوزع حبّه تدريجاً بين كلابه وقططه بمقدار يتفاوت فيما يُقّدمْن  له من الطاعة الي ان ينعدم للائي لا يجيدن الصيد ، الحراسة  البوليسية والنباح . فهذا التمييز الاستعماري  والمحتفي به وطنياً ، لعب دوراً في  إختلال المعايير سياسياً وازهاق ملايين من الأرواح تحصدها مكينة الموت  ، حالما يرفع المناد مطلباً بإعادة التوازن ، تذداد حِدتها بمدي نشوة الاحتفاظ  بالموروث وسلوك تطبيقه . عجزت  العيون المجردة  رؤية هذا الخلل ، الا بتلسكوب البارود ومكبرات لصوت الرفض متسلسلة الحلقات بما تتعاقب الحكومات .
نداء السودان إحد متعرجات الرفض المتلاطم  علي الظلم  المزمن  . خاصيته  سياسية ، لا فيها حطة ولا درن ، وطنية الدعوة و الأهداف . شعاراته  لم تخرج عن سياق السُنْن السياسية السودانية دعا اليها الماضي والحاضر في  وسط عناد الزمن الذي لم يبرح مكانه  لينقشع فجر الأُمنّية  المنحوتة بحوافر اليتامي والارامل بطول الانتظار علي صفوف الأمل وكلما رفعوا حاجباً لمشاهدة ختام المحفل ، وجدوا لهم إنارة خافضة وسط الصخب الرمادي في قلب إحدي المدن . نيفاشا ، أبوجا ، اسمرا ، القاهرة، الدوحة  ، جيبوتي ، اديس ابابا وغيرها التي لم تزد سواء الإسماء من ذات دراما القضاء والقَدْر لتاريخنا المبتور والمهكور بالاقلام  الحادة أجادت  ذبح  التعددية وغرس الاحادية علي التنوع السوداني  بالعجين الأفريقي  والهجين  الآسيوي .
هذه الصفحة ليست لإسهاب التاريخ إنما فقط قراءة  لبعض احوال الطقس وتنبؤات الجوّ قد ستأتي مع أتربة المعارضة  .
و لم أقم بكتابة هذه الصفحة  إلا بعد عجزنا بحصول علي الحدود الدنيا لتعامل مع المشتركات التي اسست نداء السودان  قد سيكون الأخير الأوفق  او الأخير الأفشل . والنداء هو السببُ في عدم استجابة المؤتمر الوطني علي التعديل الكامل لخارطة الطريق بما توّفرت له من دقة المعلومة  في  تباين المواقف الداخلية  للنداء  مما رهن علي  طريقةٍ ( اذا مكر الماكر لمات المقتول الف مرة  ) . والاستغلال الدولي لهذه المكونات بوضعها في المراتب حسب سرعة إستجابة الدخول في الخط السريع ( express high way ) . هذان العاملان وضعا مسطرةً علي ورقة  ليسير عليها قلم نداء السودان علي خارطة الطريق  . وباريس الأخير كان مستوصف الذي اجريت فيه عملية جراحية لإزالة الرحم  من جسم النداء  بعد إجهاض  ببكره  المرحوم .

و« تجار الدين يسألوننا عن باريس »  .
باريس ، إحدي المحطات اثارت الشغف والاستطلاع السوداني خصوصاً اثناء وبعد اجتماعات المعارضة الاخيرة  . أود  هنا ، لعب دور مسهّل للمغردين من هواةِ اللفظ ( معارضة الفنادق ) . هو تعبيرٌ محتقر للمعارضة وتقليل شأن فاعليتها . والجملة ،  حصرياً تُنصَبُ لتجار الدين.( الحكومة السودانية ) . أرجو منهم القليل من الصبر أقوم متطوعاً بتعريف مبسّط عن باريس من منظور اهوائهم .
هي عاصمة علمانية بالامتياز تتناوب  فيها ساعات الزمن بين الاندية والملاهي التي تحتل صفوفاً مع المعابد ، لا سيما المساجد و الكنائس تعيش مع بعضها جنبا الي الجنب .
والترفيه في الساحات ، إحدي مستلزمات حياتها . لا الشيخُ  ولا القاضي ينحرف عن مداره  او يتطفّل  علي البنطال الذي يلزم الخِصِر في الشوارع ، في المكاتب وفي المواصلات مع الانعدام التام للرقابة وبوليس  الآداب والنهي عن المنكر. عوضاً عنها، المفاتن تغزوا الأنظار تماماً . يعجز عن  وصفها  الشعراء َوعشاق الحور  معاً ، إلا ببعض شذرات خجولة من نزار قباني  .
يطوف فيها اكثر من 70 مليون سائح سنوياً ، اغلبهم  زوار لمناجم التاريخ وكنوز الحضارة الانسانية في هذه المدينة ، عاصمة الأدب والفنون . تحتضن في حاضرها جامعة (( سربون ))  احدي المؤسسات العريقة ، تلمّذ فيها  المرحوم الدكتور حسن الترابي مؤسس الحركة الاسلامية السودانية  . ورود اسم  الجامعة والدكتور هنا ، للزوم التذّكر فقط .

التأم نداء السودان في هذه المدينة العريقة  بعد جريان المياه الغزيرة تحت وأعالي الجسور تحطمت  بعضها جرفاً بالسيول وبعضها تقاوم بتلتلة الغريق يتعلق بالقشة .
انعقد هذا  الاجتماع  في وقتٍ ، الخيانة والغدر يراقبانه  لترهيب الظنون  . وفي وقتٍ الوفاء والعهد يلزمان الصمت . هذا  الاجتماع تسلطت فيه الأقمار الاصطناعية عالية التقنية لمعرفة المدفون باستخدام الأشعة فوق وتحت البنفسجية  اخترقت المخابئ  . بين الحضور كانوا خبراء المعامل الافريقية الرفيعة المستوي يحتسون القهوة الاثيوبية بالكوؤس الامريكية  تصاحبها بعض البسمات الغير مُضيئة  والهمسات  ترمز الي :-
1-إمكانية  شحن التربة بكل محتوياتها الي حيث معامل التنقيب في  الخرطوم مروراً  من معامل التحليل في اديس ابابا
2-ام ، نبدأ من هنا بالتنقيب والتنقيح  باستفادة من هشاشة التربة بما إنها ليست صخرية صلبة لا يصعب إستخراج  محتوياتها بالايدي العارية .
اما علي  صعيد الوضع  الداخلي للنداء ، تظهر ملامح  نفس الغول الأسطوري الذي أكل الجبهة الثورية السودانية . رغم الالم في دواخله  والدمعة  تبلل خده .
احيانا يتمايل إستحياءاً لجرمه حين يتذكر الاغنية  (( برمشة العين بعدوك يا الحبيب )) بالاشارة الي الجبهة الثورية قبل نحِرها . ويدندن في جوفه (( براااي سويت في نفسي قلبي الحب ما واع ، عشق زول المجافيه وما كان لحصل داع  )) .  يعود الي الحنين إليها  والندم علي فقدها الجلل  لكن الثابت ، ان النفس إمارة بسؤ تقود صاحبها للانحراف مع الامكان تفادي الوقوع فيه ، (( تسوي بأديك تغلب اجاويدك )).
فهذه الصفة ، قد عانت منها التحالفات من  صنع نفايات الانفصال  . اي  ، فترة بعد الانفصال يهول فيها عدد التحالفات  نشأت ثمّ تربّشت جميعها بمفكٍ واحدِ والآخري تقدمت بالعمل مع نداء السودان ، فرُفضت بدوائع واهية  . اخرها تحالف قوة المستقبل  الذي تبرع بنفسه الإرتماء  في  محمية النداء  لكنه قوبل بوضع  الأصابع في الآذان  ، حذراً و رفضاً لهذا التطوع المهذّب . مثل هذا الغباء السياسي ليس الاول ، بل  يعتبر عِقِد صغير من السلسلة غير منقطع النذير ، تموت فيها التحالفات ويبقي الأشخاص بنفس الذئبنة  التي لا تنضج  منها إلّا مِنعةً  للمؤتمر الوطني .

بعض  المؤشرات الحسنة  لتحالفنا  ((نداء السودان)) ، تُدار معركته  تحت قيادة الشيب في الحروب مجربينا ، أدواراً مثّل في حياته وموفور له من الكيل والقسط معقودان بمن شأنه ان يقلل الخسائر قد تُنجم من العراك المحتمل كسابقاته ، بفعل الحكمة والأبوية . قديماً قالوا :- (( ألما عندو كبير يقع في البئر )) . ربما وجود الكبير احدي المعجزات الربانية لصون هذا التحالف من مصير الجبهة الثورية  . حتي ولو ظلت عناصر التشأئم والانانية باقية بأحرْفِها القديمة المتجددة  ((نشرب ان وردنا الماء صفوا ويشرب غيرنا كدرا وطينا)) . والعزم المشروخ يبقي سيد الموقف عند وصول الزاوية  الحادة  ينعكس فيها مستور النفوس علي وجه مِرآة الهيكل المقترح المجاز من المجلس القيادي بعد تقديمه من اللجنة التحضيرية برئاسة المهندس عمر الدقير .
نصّ الهيكلُ ، علي المكتب القيادي يعلو ، يسود ويعقبه المكتب التنفيذي علي رأس الثمان القطاعات كل منها قابل ان تتجزأ فيه أمانات حسب المهمة المناسبة . العُرف السائد في التجربة الانسانية التنظيمية ، يقوم اصحاب الشأن بملئ الهياكل بعد إجازتها ،بالمرشحين الذين يتقدم بهم الاعضاء . فجاء علي راس هؤلاء المرشحيين الإمام الصادق المهدي لتولي رئاسة المجلس القيادي .  رشحته كتلة الجبهة الثورية التي يرأسها الدكتور جِبْرِيل ابراهيم  علي ان تتداول الرئاسة بينه ونوابه  الأربعة (( رؤوساء الكتل )) لفترة كل 6 أشهر  رحبت  البقية الثلاث الكتل بالإشادة العالية عدا (الواحدة)  توالت الترشيحات علي المواقع المختلفة من جميع الكليات الخمس . فرُشح مني اركو مناوي علي تولي رئاسة المكتب التنفيذي والتوم هجو للخارجية مع ترشيح المهندس الدقير علي راس القطاع الإعلامي والناطق الرسمي . كما ارتضت الجلسة  بمقترح  قادم من كتلة الجبهة الثورية بقيادة الفريق مالك عقار ليؤول اليه قطاع السلام والانسانية و رُدف هذا المقترح بترشيح الدكتور أمين مكي مدني علي رأس المكتب التنفيذي. والقبول شبه عام   لترشيح الدكتورة مريم المهدي نائبا لرئيس المكتب التنفيذي . حتي هنا  نحن علي صحةٍ جيدة . لولا حفيظة الكلية المذكورة علي منصب ( الرئاسة في الهيكل ) مع الِانهماك في الشرح علي برنامٍج ما يرفضه المستمعون ، مبيّناً أسباب تحفّظهم المجرورة بشرطٍ غير ذي جدوي . هو إبقاء رئيس المكتب التنفيذي  علي رأس الهيكلة وتأجيل مفتوح لامر الرئاسة . متناسون أنّ  أميناً عاماً منتخب ، ضمناً سيكون  رئيس بلا منازع  . خصوصاً حال غياب منصب الرئاسة  . ولا تأخذكم غفوة عما ذكرت ، بإن إجازة الهيكل علي رأسه الرئاسة  قد اكتملت قبل الترشيحات . لا أظن ان تفوت عليهم هذه الملاحظة الساذجة ، فهم اكبر من ذلك . إلا انهم سبّبوا في  تعليق الهيكل بكامله  ، بما أنّ ، تنصيب اي عضوٍ في الهيكل”  يأتي بالتراضي” وغاب عنّا التراضي  . بهذا تقرر تعليق  الهيكلُ للغوص في ركلات الترجيح في الوقت الاضافي . مع إحترامي لأهل الكرة .

«التفائل المجروح»
ان الوضع في نداء السودان ، لا يُقرأ بمعزل عما ذُكرناه آنفاً .  قميص المستعمر الذي ارتداه  بَعضُنَا   من الشماعة  ((حِمار هدوم الخواجة)) بعد مغادرته ،  ظل معيارًا وقياساً  لمن يحق له ممارسة السياسة في الملعب علي مطرقتي الفهلوة والثعلبة ؟؟ . هذا العيب لا ينحصر في الحكومات إنما ظل لاعباً أساسياً،  في فرتكة التحالفات . خصوصاً ، عندما يلتق الشخصان في المطلب الواحد ، فتصبح هذه المنافسة قِشةً تقصم ظهر البعير  .
رغم ذلك ،نداء السودان تنظيم يُشار اليه بالبنان بمقارنة مع الأخريات  وله من الأصدقاء يحضرون له اجتماعاته  نتيجةً لآمالهم  المعلقة علي تجاوز المزلقانات الداخلية للمضي قدما نحو السلام باجندة سياسية واضحة تُبشّر إزالة الآلام السودانية والخروج من الانغلاق ، في الدائرة  تفيض بالرغبات الذاتية .
فالاجتماع  الأخير ، لم يخط خطوةً تختلف عما قبله ، قد  خرج بالقرارين غير المنسجمين  علي جسم القرار الواحد . هما :-
1-الموافقة علي تضمين نقاط مذكرة التفاهم التي ظللنا ترديدها منذ توقيع علي خارطة الطريق ، في الخطاب يُراد إرساله الي الرئيس امبيكي لأجل إدخاله في الخارطة  ، لضمان التوقيع عليها وإلّا البحر يفصلنا . هذا ما تم الاتفاق في جلسة لجنة الثمانية التي سُمِيت باللجنة الموسعة مع تحنيط الآخرين في حجرة التجميد . 2-القرار الاخر ، هو الموافقة المطلقة للتوقيع وإبقاء نقاط الخلاف المطروحة ، خارج الحلبة ، ليتم تلاوتها بواسطة الرئيس امبيكي علي صدر بيانه . هذا  لم يتم مناقشته حتي الان . ولكنه سري كسريان  الدم في العروق . هو موضوع الطاولة القادم  بما فيه من سهولة المضغ .المؤكد هو التوقيع عليها حسب مهب الريح  فيما لم تبق بيّنا و بيّنها من الحساب الا الكسور.
للتحجج علي التوقيع ، سنقوم ببعض المسحات علي جسم الخارطة بشّويا مكياج  والبُدَْرَ للتبيّض الجلدي . بهذا قد تمكنّا تجاوز الخوف  بالهول رغم  إنها ليست ورقة ضرورية ولا ملزمة للاطراف  ، فقط عبارة عن دِبْلة الخطوبة للتفاوض علي القضايا الإجرائية و الجوهرية علي رأسها :-
وقف الحرب — إطلاق صراح المعتقلين السياسيين – القضايا الانسانية – القضايا الأمنية – خصوصيات مناطق الحرب – مخاطبة متجذرة لقضايا الوطن بكل ابعادها – الموتمر التحضيري يمهد للحوار الدستوري يجمع الجميع  -إشاعة الحريات بإلغاء كافة القوانين المقيّدة لها – الترتيبات الأمنية تؤمن بناء موسسات الوطن الأمنية واخراجها من دائرة العِرق ، الحزب والدين الي فضاء الوطن والوطنية – تحرير الخدمة المدنية من الكوزنة وشبه العنصرية لجعلها سودانية في إطار التحول الديمقراطي للبلد عبر الحكم الانتقالي  يسبق الدستور الدائم  الذي يحمي الهوية السودانية غير المنقوصة .
كل الذي يُشاع علي لسان المعارضة عبارة عن بحث مضنٍ لحوارٍ وطنيٍ يحمل القضايا أعلاها معنّاً  . لكن ، حوار الوثبة المدشنة في قاعة الصداقة  التي اعتبرتها الحركة الاسلامية بشقيها وأشقائها رسالةً مقدسة مع علمها بالنتائج مسبقاً ، قد ألقي غيومها علي هذه القضايا  . رسالة القاعة التي قدّسها البعض المسترشدين بقول الامير الاميرال ، ان الوثبة  للناس ، لكل الناس وخاتمة الوثبات . فقط بالقليييييل من الخجل ، تهذّب القائلُ ألّا يمنح لرسالته لقب ( الوحي )  . وسبب  النأي عن  منح هذه  المرتبة ، أنّ الناس وكل الناس  كانوا في القاعة يعلمون لا رسالة بعد الاسلام . رغم ذلك وفّرْت  رسالة الوثبة للنظام  راحةً ليملأ رئتاه  أوكسجيناً كافياً بشفطة النَّفْسٍ الطويل مستلقْيا علي ظلال  خارطة الطريق التي تحمل ثمارًا أينعت و قطوفها دانية .
…………………………………………
و« الشارع ينتظر تعريف ((خارطة الطريق )) ».
دخل هذا المصطلح السودان علي جوف مظروف  منتفخ ، كُتِب علي ظهره (( صُنع في الخرطوم )) جاء  عن طريق منابع النيل الازرق يحمل في طياته رسوماً غامضة رُسمت بريشة الفنان المحترف ، بها تنوعت الأشكال ، النقوش والصور تشبه بعضها جورج واشنطن . وتظهر فيها بعض طبوغرافيات  من المناطق السودانية مع الاختفاء التام  لمعالم دارفور .
الممشي في الخرطة ، مفروش بالسجادات زاهية الألوان  تخفي تحتها حقولاً من الألغام ، وُضعت علي جوانبه ورود شوكية  بعضها سامة . بدايته هضاب افريقيا الشرقية لتنتهي غربا في سهولٍ بلا طريق، بلا خارطة . في وسط الاعاصير،  يحمل الكابتن  مؤشرته و يسال الركاب ، كلهم  في وضع  سـَكرةٍ من التوهان بسوأل ((اين  نحن ؟؟؟)) .
الإجابةُ:-  نحن بألف خير . طالما عكس كل شئ في افريقيا صحيح  .

« لمعرفة  خصائص هذا الطريق ».
لا بد من  ذكر اسم من أعظم الأسماء الافريقية  . هو الرئيس الأسبق لدولة جنوب افريقيا السيد ثابو امبيكي .الرجل يحتل مركزا ثانيا للرئيس الأسود  بعد رجل الثورة الافريقية الراحل نلسون مانديلا  عاشت بلاده  في أغلال من الجحيم تحت الفصل العنصري لم تتغني فيها الاحبة من طّيورها ، الطائر التيتيهويا (Titihoya) سنينا حتي عام 1990، عامُ للتحرير والانعتاق .  الرئيس امبيكي لن يفارق اسمه هذه الملحمة المقدسة لبلاده ، لما له من شموعٍ احترقت حوله لتضئ علي لوحات من تاريخه ، حزبه  و والده . كما لا تقل سمعةً عن سلفه الصالح  الذي احتل مركزاً لأشرس مقاتل علي الإطلاق في  تاريخ الحروب التقليدية الافريقية ((شاكا زولو Shaka Zulu)) . ألقابٌ ترافق حِله وترحاله . أولها  السيد الرئيس ، الرجل المناضل ، الأب الأفريقي  ، باحث السلام  و غيرها من حلال التهم . بجانب الكاريزما الافريقية الابدية في وجه من ينال لقب الرئيس .  دخل هذا الرجل السودان 2009 حاملا غصن سلام دارفور . وضع  بعض الركائز أصبحت لبنةً لبحث السلام فيما بعد . أهمها ان  إرساء السلام في دارفور مرهون بترسيخ قِيّمٍ الدولة في البلاد كافة ، بما ان المشكلة بنيوية . وتفجّرها في بعض هوامش الوطن لا يعني أنّ الزلزال فاقدٌ للمركز . هزات  الأطراف دلالةُ للمرض المكمن  . فذهب عميقاً بالشجاعة النادرة بوصفه ما يجري في دارفور ، هو اُسُّ سياسي اطرافه الحكومة واهل الاحتجاج من  دارفور . عكس توصيف الموتمر الوطني  في المحافل مختزلاً المشكلة  إنها :-((إعتداء الجمل علي القندول )) . ومحاولته لتفادي دور المحكمة الدولية ، جاء ملتفاً بفكرة تأسيس المحاكم  الانتقالية المؤقتة التي افتقدتها اتفاقية أبوجا ال (DPA)  آنذاك  . فاصبحت ميزةً  إنفردت بها وثيقة الدوحة لاحقا  واقلعت بها علي ارتفاعِ عالِ و الأفعة ما زالت تحتل قُمْرة القيادة  ، مما خنع المخنوع  للهبوط مرةً اخري علي ذات مدرج الإقلاع .  بما يعني أُرجِع الظلمُ لصانعيه والعدلُ لقاتليه بما أُنفقوا لها من الموائد و أُعدوا لها من القوة .

اما الِامتعاض المفرط  للسيد الرئيس امبيكي من المحكمة الجنائية الدولية الظاهرة في سطور مقالاته ، تُقرأ أنْ كونه أفريكاني الدسم ((. Ban Africanist)) بذهنيته ، المقاوم للتدخل الأبيض دون البحث عن البديل  المنقذ  للأسود المتكالب عليه الموت ، المرض ، الجوع والإبادة نتيجة  للخلل العدلي ، الاقتصادي والتدبير المطلوب بما يجفّف لليتيم  دمعته . والرجل ينظر إلي المحكمة  ،مجرد ظاهرة سطو الرجل الأبيض علي افريقيا عبرها . ولا زالت ذاكرته تغلي  بتفاصيل يوميات جنوب افريقيا قبل 1990  . فهذا الموقف الذي وضعه في مقدمة ناصحي قادة الافارقة  للخروج من المحكمة الدولية افواجاً وربما حفًّزْه ذلك  ليصبح ممسكاً لهذا الملف ومجلباً للعتاب علي نفسه امام الضحايا يفتقدون لاقل ما يحتاجونه من  العدل . ومتجاهلاً دموع من ذكريات 300 الف نضجت جلودهم قبل ان ينضج الفول والبصل بعد ((خطبة الخسائر المشهورة لا الجريح ولا الأسير)) . يقدرون له ، لو استعاض مطلبه بتمكين العدالة بدل التحريض بالإفلات منها.
علي كلٍ ، رغم هذا ، يعتبر اول مسؤول أفريقي قام بتأسيس الملف علي قاعدة سياسية . لكن ، سرعان ما تعرض جهده نُسِفاً وحرقاً ليصبح رماد هامد بتدخل بعض اشقاء الغاز والبترول ، مما أُجبْر الرجلُ بالانتقال زحفاً إليِ الدُرِْجٍ الأخر مُلِأ به مخلفات نيفاشا لدولتي السودان عموما  . لتستقبله قُصَاصَاتً تلهبُ ناراً كالمنطقتين ، الهجليج  ، الحدود ، الديون ، الأصول ، الجنسية ، البترول وعبوره ، الأنابيب  ، أبييّ ونصيب كل منهما من البنادول . رُكِنت جميعها في صالة الانتظار يغمرها شخير النُعاس  .

يكاد يصل الان في خاتمة جولته ، في الشأن السوداني الضالِ بين وثبة القاعة وخارطة الطريق يمسك بحبله هو من الجهة وسلطة الخرطوم من الجهة الآخري . نداء السودان يبحث عن المقبض ليمسك به ، لكنه ليس بكل أياديه يُسرةً ويُمنةً  . هو عبارة عن فِرِقة مركّبة من الإيامن  والأياسر تحجب الغشاوة رؤيتها المرامي  بما فيها من التفاعلات الكيميائية بداخلها وسط  إفراط قبضة الموتمر الوطني للحبل من مواقع العِقد ،  لم تظهر سوي شخطة باللون الغامض من بداية الطريق .

«إجهاض الأهداف بالسمكرة »
* المجتمع الدولي يقوم بسمكرة الموتمر الوطني الذي يتقّبْل مداعبته اليه ، ثمناً لبيع  الاٍرهاب  احترف به  هو . عارضاً الصفحة  البنفسجية استوي عليها توقيع الرئيس امبيكي المدعومة دولياً لا سيما الولايات المتحدة الامريكية .
*توحيد دوافع ومخاوف القادة الافارقة في الهروب الجماعي من المحكمة الدولية ،  يمكن قولها (( ان الطيور علي اشكالها تقع )) قد ذوّد للحكومة السودانية منطاطاً لتخرج به في فضاء تهويم الزمن لضرب ابناء الوطن وتسريع لحجز المواقع في قلب المجتمع الدولي  . فهنا يتضاعف دور الرئيس امبيكي  ومنطلقه لدعوة الهروب ، ربما تناسي  و معه قادة افريقيا اليوم  ، ان اكثر من ثلث اللاجئين في العالم من افريقيا ، لجأوا بحثاً عن العدل يحضنهم .
*عاصفة الحزم فتحت نافذةً  لها ، حيث اعتبرتها من الارزاق اتت من حيث لا تدري . عزمت البقاء فيها الي الأبد حتي ولو أدي  الي انسحاب  السعودية بكامل خليجها من العاصفة . ليست فقط لكسب بوادر الخروج من العزلة الدولية  عانت بها سنين عددا ، إنما للاستفادة من ريالات الدم  تأتي اليها ، الهبات ، المرتبات وديات الجنود السودانيين  لتغذي بها الحروب الداخلية .
*إستغلال انتباه العالم  المشتت لمواجهة الظواهر الحديثة مثل  الداعش  وتنظيم الدولة  احتلتا اهم مضارب العالم . من الشام ، العراق وليبيا وتَبّدُد الجهود الدولية بين قضايا الهجرة المأهولة  بجانب مهدد أوربا الاول ، ((أوكرانيا )) . أعطت  وفوراً من هدؤ البال يستلقي علي عريكته  ليوجّه بالسهولة كافة الإمكانات علي صيوفه الحاسمة ، مقابلةً جبهة  واحدة فقط وهي :- الحرب الأهلية .
*دور القوة السياسية  المعارضة التي لم تبرح الخطة ((أ)) اي ((plan – A)) لثلاثة عقودٍ متتالية ، مَهّدَ له مرقداً من الحرير الناعم وبرداً وسلاماً علي النظام ليقوم بلَمّ انفاسه توترت فيما بعد .

«إحلال الاٍرهاب بالاٍرهاب »
حيث كانت القاعدة وحدها تحتكر ماركة  الارهاب . بظهور الاٍرهاب الاكثر صرامةً وعنفاً مثل الدولة الاسلامية ، اُجبر العالم  لمهادنة القاعدة ضد الاٍرهاب  الجديد .  في هذا المنحني ، سيجد الموتمر الوطني هويته في قوائم  الإرهاب  السرية بالخط العريض ((القاعدة جناح الحركة الاسلامية السودانية )) . بها تتم غربلة الإسلاميين أصدقاء الامس في مبتدأ وداع المشروع الحضاري ، علي ساحة البرنامج ( أسماءٌ في حياتِنا)  .
*الفهم  الدولي المعوّج الناقص  لمشكلة دولة جنوب السودان وشمالها وإدعاء حكومة الشمال المنتحلة لصفة الرجل الصالح  يبعث عن السلام المقتول والمحمول  في مخلايته المصنوعة من جلد البشر الجنوبي ، هذا المفهوم سيغلق العالم في حلقة مفرغة عقوداً من الزمن دون إلتماس الحلول اللازمة . مشكلة الجنوب اسبابها ووقودها في الخرطوم وليست جوبا.  بما يعني :- انفصلت الارض ، ولم تنقسم أسباب الإنفصال .
*هذه القراءات غير الحصرية ، جعلت السلام في السودان بعيد المنال . كل الشعارات المشاعة  حلقت علي سمائنا ، امثال الحوار الوطني وجمعيته العمومية  ولجنته السبعتان  ، خارطة الطريق واجتماعه التحضيري ، شمولية الحوار والهبوط الناعم، اتفاق ثلاثية الأبعاد  كلها مجرد الفاظ للتحرش  السياسي منتهاها مسمار العقرب .

«القطار فات المحطة »
أستْهِلُ هذه الفقرة بمثل متشائم  من أساطير الزمان ، يقول  فيه:- ( في شئ لو سمعت عنه ، هو موت الوالد . ولو رائيته  بعينيك ، هو موت الوالدة . ولو حملته بايديك ،  انت الميت ) .  هكذا حال النداء مع الخارطة . في داخلها ركابٌ قد فات  القطار بِهم محطة النزول . والبعض الاخر يزالون السير في  الرحلة . جميعنا مضطرون لخوض معركة جرّ ذيول الحيرة والحسرة الي حدٍ من الزمن  عقوبةً لقبول ركوبها من دون  الدوافع  تُذكر . الامر الان اصبح ساحةً للمعركة الواقعية خمارها واجب بما يشبه دخول الأندلس .رغم إن المسافة غير شاسعة، لإبحار الموج  العارم  علي متن مركبة  التكتيك المتاح (( خارطة الطريق و بلع الأمواس ، للزوم محافظة ما تبقي من نداء السودان ))  . بنا يتطلب الجديد  لنلقي به قاذورات المقالب ، المطعنات والخبطات التأمرية دوافعها الانانية الخواء  لن ينال صاحبها إلا الهبوط رأساً  في القاعة الحضيض ليعلم حينه لا شرب لنفسه الصفاءَ ولا سقي لغيره طينا .
 
ولكي لا نتجرع  عصير الوثبة تترسّب في قاعتها نفايات مسرطنة ، يجب إجبار الحكومة ووضعها بين القيامين . (أ) – القيام ، للحل الابدي للقضية السودانية . (ب)- ام  القيام ،  للرحول الابدي من السلطة . ذلك يتجوّب  علينا فعله قبل سماع  دوّيِ الوثبة الأُخري تُنقَد به رسالة السحر والتنجيم  التي هبطت في قاعة الصداقة  . فالقادمة لا يسع  متنها إلا رجلاً واحد لمراسم إندثار أهداف الشعب  :- يهتف يقول ، لا للحوار قد عملنا. حين يَتأنّيَ المُسَتمعُ و يتَعَمّق اكثر  لكلماته ، تُستشفّ منها عبارة ليزيد الأمْوّي :- لا مَلكٌ جاء ولا دِينُ نزل . فهذا اليوم الذي ينفر بيت ابي سفيان  بِما رحب ، مما نُصِبتْ  من حبال المشانق لقطف رقاب النضال وإسدال ستار الضلال ،  ( الحوار الوطني ). ليبدأ الرجل الواحد بدايةً لعرض حلقته الاخيرة من مسرحية الزعيم  علي نمط
(( العبودية في عهد الباشاوات  ))  .

العبودية ، ليست بالضرورة أّن أسواقاً للنخاسة تكتظ بما ملكت إيمان المؤمنين او حور مقصورات في الخيام او القطعان من السبّايا . ولكن  ، هي مجرد أن يحس الظلم بالانتصار علي الخصم الحق . ليقوم بإفشاء الجُور ناصباً خيام الذل ومهرجانات تُعزف فيها دفوف الفرح وتشيد قصوراً تحتها مقابر جماعية تُكتب علي لافتاتها اللامعة حروفاً من الزيف لإظهار  الكلمتين ،
(( السلام و التنمية)).

السوأل الذي لم يبرح اذهاننا ، كيف يبقي نداء السودان  موحداً و محباً لبعضه البعض بعد التوقيع علي الخارطة ؟؟؟الإجابة هي :- ان الموتمر التحضيري الجامع المحضور و المفاوضات الجادة لجذور الأذمة في المناطق الملتهبة  . بعد التوقيع عليها ، تقف امامنا مصفوفة التنفيذ لمحتويات هذه الوثيقة علي رأسها التفاوض والموتمر التحضيري الجامع .
يجب عدم التنازل عنهما مهما تخندق الشيطان علي مواقفه و تساهلت معه الظروف الدولية التي تم ذكرها  . لأن التنازلات الكثيرة التي سبقت قد جردت المعارضة  من القضايا الاساسية وسحبت منها الارضيّة التي تطأ اقدامها  . لذلك الصمود علي محافظتمها يعتبر الأوحد  لصون جسم  النداء و تطويره بتوسعته راسياً وأفقياً مع التحالفات الآخري .
فالمفاوضات السياسية والأمنية ، يجب تنعكس نتائجها في جسم الوطن علي ان تكون أساساً وجزءاً  لنتائج اي حوار وطني حقيقي و مؤسس  في حالة فشل التحالف بتمسكه علي هذين الخيارين الاخيرين  سيقود الي الفرز للكيمان بين من  يريد البقاء في الخطة(( أ plan A))  والاخر من يريد الانتقال الي (ب-B او C) .   هذه الحالة ، (البشبهوا بطيروا) .اي ، في سبيل التحول الديمقراطي الدائم للسودان ، المعارضة المسلحة ستحدث لها من المستجدات التي من شأنها ان تزول  موانع  الوثبة  من الحالة أشبه بالتشظي الي  فضاء خيارات متاحة بصورة  اكبر من سابقاتها . حينه المجتمع الدولي والإقليمي يعلمان بانهما أخطأا بتعزيز سلطة الاٍرهاب والجنجويد علي حساب ملايين من ضحياهما  مقابل حِفنة المعلومات . والأخلاق والانسانية لن تموت بموت الاٍرهاب او بموت الهجرة  الإجبارية الي اوروبا.

Print Friendly, PDF & Email

عن laalaa

شاهد أيضاً

تحالف الصّمت مع الرُّصاص و قنابل الغاز !!

Share this on WhatsApp============= عمر الدقير في سياق التبرير لتوقيع اتفاق ٢١ نوفمبر، كان الزعم …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.