الإثنين , مايو 6 2024
ardeenfr
أخبار عاجلة
الرئيسية / أخبار لالا اليومية / لم اكن مخيرا” (14)…

لم اكن مخيرا” (14)…

     كان (عبدالله) خائفا” ويكثر من الحديث ، فتركت له المكان ، وابتعدت حتي لا يؤنبني ضميري بسبب عذاب هذا المحتال ، سرت بلا هدي ، وأشكم في نفسي كيف أعذب انسان؟ بغض النظر عما فعل ! ماذا لو مات في يدي ؟ ، لقد تغيرت كثيرا يا مجدي ، ويبدو انني انسقت في عالم الاجرام ، وجدت نفسي امام المسجد فعرفت انها اشارة ، فتوضأت ودخلت المسجد الذي امسيت اطرقه وقت الحوجة !، وكان خاليا الا من بعض المتنفلين ، فتنفلت وانا بين ركوعي وسجودي تتقافز في وجهي صور التعذيب ، فأطرد هذه الخواطر فتجول أمام عيوني (هيام وأمال) ، حتي انتهيت من صلواتي ، ونظرت في نواحي المسجد لاجد (الإمام) يسبح وهو جالس لوحده ، فذهبت وجلست بجواره ففهم اني أريد ان اتحدث معه فتوقف من التسبيح ، وقال لي : نعم يا (معلم)  ، فنظرت له مستغربا حتي الإمام يعرفني ، وحضر شخص آخر حسبته ان لديه غرض ينتظرحتى أفرغ من حديثي مع الامام ، فقلت للإمام :
سوف يطلق سراحي بعد ايام باذن الله ، ومشكلتي مرتبطة بفتاتين الاولي يتيمة ، ومهذبة وتحبني ، والثانية جميلة تشابه القمر ومهذبة وتدمنني ، فقال لي :
صف لي اسرتيهم يرحمك الله ، فقلت له : الاولي لم يبق من اسرتها الا اخ تم ادخاله السجن من قبل بعض الدجالين ؛ اما الثانية فهي  ابنة معلم (عبدو) . فقال لي : المعلم (عبدو) تاجر المخدرات ، فقلت له : نعم .
فقال لي : أياك وخضراء الدمن ، وقام وهو يقول استودعكم الله ، فقمت انا ايضا يتبعني الرجل الذي حضر ، وهو يهمس لي يا (معلم) : لقد بحثت عنك طويلا ، فقلت ماذا تريد ؟ فقال لي : فلنخرج من المسجد ، فخرجنا وانا انتظر ان اعرف ماذا يريد فقال لي : اريد قطعة ، عرفت انه يبحث عن مخدرات فقلت له : لقد انتهت الكمية ،وتعال غدا ، فقال لي : لو منحتك معلومة مفيدة ستوفر لي قطعة ، قلت له : علي قدر اهمية المعلومة ، فقال لي : اولا” المعلم (عبدو) يجهز لكم مفاجأة ، سوف يورط العسكري الذي ياتي لكم بالمخدرات ، ومعه اثنان من المعلمين القدامي ، فقلت له : هذا مقدور عليه ، هل هنالك اضافة ، فقال لي :
امام المسجد لم يتم تعييينه في هذا السجن فقد تم القبض عليه في قضايا دجل وشعوذة فلا تعتمد علي حديثه ، ضحكت وقلت له :
اذهب واحفر في ذاك ركن ستجد قطعة كبير هي حلال عليك ، فدائما نحفر ونضع المخدرات في الارض وتسمي (التصبينة) حتي لا يتم القبض علينا والمخدرات بحوزتنا .
  رجعت للعريشة ووجدت (عبدالله) ومعه مجموعة من المساجين يصرخون في (عبدالله) لعدم وجود مخدرات ، فصمتوا عندما شاهدوني فقد سمعت جزء من النقاش وهناك احد المساجين يتزعمهم ويعتقد باننا نخبئ المخدرات لزيادة السعر ، فسحبت (عبدالله) وهم جميعا ينظرون لي ، وقلت له : أياك والتهاون مع هؤلاء المدمنين فقال لي : ماذا تريدني ان افعل ، فقلت له : عليك اغلاق الفتنة ، والطم الذي يتزعمهم ، فلو تركتهم يصرخون فيك غدا ياخذون منك المخدرات بلا مقابل عليك لطمه ، او ترك هذا العمل ، فانت جبان ، وهذا العمل لا يقوم به الجبناء ، كنت احاول ان اثير حماسته حتي لا يستحقر ، وتركته معهم وذهبت نحو فراشي ، فعاد اليهم وهو يقول : البضاعة ستصل غدا ، فقال له متزعمهم : بل الآن ونحن نعلم الجشع والطمع ، فلا تجعلنا نبحث في اغراضك !، كنت اسمعهم واحترق من كلامهم! ، حتي لطم عبدالله المتزعم فترنح وسقط ، وإستيقظ جميع النائمين ، وصرخ في البقية لا اريد ان اري فيكم احد حتي غدا” ، فتفرقوا جميعا ، وقام الذي لطمه (عبدالله) ينفض الغبار من ملابسه ، وذهب صامتا” ، وتمدد (عبدالله)  في فراشه وانا أنظر الي كل هذا الموقف ولم أتحرك من فراشي ، فقال لي : يبدو انني بدأت اسير في الطريق القويم ، فسحبت نفسي داخل غطائي لا اضحك .
  وفي تمام الصباح ، قابلت العسكري المسئول من جلب بضاعة (البجاوي) وتحدثت معه همسا” فقد كان المعلم (عبدو) يراقبنا من بعيد ، وحضرت سيارات النقل للسجون الاخري ، فبذلنا مجهودا” كبيرا” في نقل من شحت إمكانيته ، وتركنا اصحاب الإمكانيات بعد عملية ابتزاز كاملة الدسم امتلأت بها جيوبنا مع بقية الضباط والمساعدين ، وبعض الاكراميات للعساكر ، وجلست انتظر حضور البضاعة ، حتي ظهر العسكري المسئول من تسليمي من بعيد واشار لي بالحضور ، فطلب (عبدالله)  ان يذهب ليستلم البضاعة ، فقلت هذه الكمية كبيرة ، واريدك ان تذهب للمكاتب الخلفية ، ستجد احد العساكر سيشرح لك كيفية التوزيع ، فانطلق (عبدالله ) وذهبت للجانب الخلفي موقع التسليم ، وكانت اللفافة ضخمة ، سلمني لها وقبل ان يتحرك وجدنا انفسنا محاطين ، بالعساكر وبعض الضباط ، ومعهم المعلم (عبدو) وثلاثة من المعلمين ، وأقتادونا لمكتب المدير ، والمعلم يسخر مني ويقول : المخدرات لعبة الكبار ، هذه الكمية ستضمن لي وجودك في السجن حتي يدخل ابناء (هيام ) الجامعة ، لم اتحدث معه حتي دخلنا مكتب المدير ، فقد كان الكمين معد اعدادا” جيدا” ، فقام مدير السجن (حسين ) كما اذكر بتمزيق اللفافة ، فتدفقت الملابس منها والجميع ينظرون ، فبحثوا في وسط الملابس ، وكانت نظيفة ، فقلت لمدير السجن بأدب جم  : عما تبحثون سيدي ، فقال لي : وهو ينظر للمعلم والضباط :
أين المخدرات التي قلتم انها تملأ السجن ، فضحكت وهم جميعا ينظرون ، وقلت له :
انها ملابس طلبت من العسكري احضارها للمعلم (عبدو ) فقد تم احضاره امس بملابس متسخة وهو رجل كبير ، ونظرت للمعلم لقد حاولت ان اقدم له شيئا يسعده فقد كان بالأمس يرتجف من البرد ، فقال لي :
مدير السجن نحن متاسفين ، فقد حدث خلط ، وقال لأحد العساكر وزع المعلمين هؤلاء في السجن الانفرادي ، ودع هؤلاء يذهبون وهو يشير الينا ، فخرجنا جميعا” ، وانا احاول اقتراب من المعلم وهو يسرع الخطى !، حتي ادخلوه في السجن الانفرادي وكأنه ابتلع لسانه ، فقلت له :
   سأكون في انتظار (هيام) فلدي حكاوي جميلة وكثيرة لها اليوم ، وذهبت وهو يصرخ كالمجنون .
حضر (عبدالله) وقال لي : لقد استلمت البضاعة ، وهي في الامان  ، ثم جلسنا انا و(عبدالله) نتسامر حتي جاءنا استدعاء من مدير السجن ، فالتقانا المدير خارج مكتبه وقال لنا :
ادخلوا المكتب فهنالك من ينتظركم ، دخلنا ووجدنا ثلاثة ضباط برتب متفاوتة ، وكانت فيهم هيبة الدولة ، فطلبوا منا الجلوس فجلسنا ، فقال أعلاهم رتبة :
أين أوراق المنزل الذي سلبتموه بالامس؟ ، فقلت له :
موجود يا سعادتك بحوزتنا ولكننا نحتاج مئتان مليون حتي نسلمها لكم ، فقال لي الضابط : اذا” انت من قام بضرب (عبدالعزيز) فقلت له :
لا اعرف ان اسمه (عبدالعزيز) ولكنني اعرف اسمه المحتال، وانا من ضرب المحتال فقال لي الضابط :
هذا المنزل مسجل باسمي ، فقلت له :
عليك مقاضاتي لأخذه ، فوقف هو والضباط الذين معه ، وقال لي : لديك (72) ساعة لتسليم الورق وإلا . فقلت له : عندما اخرج سوف تجدني في مكتبك فلدي محتال اخر يدعي (اسحق النيجيري) عليه باقي حساب وسوف احضر لاخذه ، شعرت في هذه اللحظة ان وجوهم جميعا اصبحت مثل الدم ، فقال لي : اصغرهم رتبة من الافضل ان لا تتحدث في هذا الامر حتي أتيك مرة اخري ، وخرجوا ، وخرجنا لنجد مدير السجن ينتظرنا وهو يقول ويحرك راسه يمنه ويسري : لديك زيارة فيبدو ان السجن قد احضر لنا مصيبة ضخمة ، لم اهتم بحديثه ، وكانت العزيزة (أمال) تنتظر في زيارة ، وكنت انوي ان اعوضها عن اخطائي المتكررة ، فقلت له : وهي تنظر لي بحنان يتدفق ليفوح شذاه داخل جدران السجن ،فقلت مرحبا”:
اهلا بسيدتي وأميرتي الجميلة ، فتهللت اساريرها وابتسمت ، وواصلت اسكب لها الود ، وهي سعيدة ، حتي قالت وهي تحمر خجلا”: ، اشتاق ان اراك خارج هذه الاسوار ، ووجدت لك ضامن بمبلغ بسيط ، ويمكنه ان يذهب للمحكمة ويشرع في اجراءات الضمانة ، فقلت لها : بعد غد الجلسة وسيطلق سراحي فالقضية انتهت ، وطلبت من العسكري استدعاء (عبدالله) الذي كان يقف خلف غرفة الزيارة ! ويبدو انه سمع حديثي معها فإستحى من الظهور ، وأعطاه ما تحصلنا عليه ، وأعطاه ورق المنزل ، فقالت : لقد حسبت المبلغ الذي اعطيتموني له لقد قارب المائة مليون ، كل هذا المبلغ تبرع لكم بها السجناء يبدو انكم اصبحتم محبوبين ، فقلت اذهبي الآن وكوني حذرة فلو شاهدك بعض المساجين سيسرقون هذا المبلغ والورق ، وخرجت وهي تنظر لي وتستحي ان تودعني امام اخاها كم هي مهذبة ! .
عدنا للعريشة وانطلقنا في توزيع المخدرات ، وكلما وجدت زمنا أطل علي (معلم عبدو)  واقول له :
ما الذي يجعل (هيام) تتاخر ألك علم ، فيصرخ حتي اختفي ، وكانت الزيارة الثانية كما توقعتها فقد حضرت ومعها اسرتها ، وعند وقوفي امامها وهي مسرورة سألني أفراد اسرتها عن أبيهم فقلت لهم :
انه في الحبس الانفرادي ، فقالت لي (هيام) : أياك يا مجدي ان تكون آذيت والدي مرة أخري ، فقلت لها :
لا يمكنني ان آذي ابو (هيام) وأغضب قلبي ، فضحكت ، وشعرت بالخجل ، وأحمرت خدودها مثل الكرز ، ونظرت ناحية أمها واختها ، وهما يشيحان بوجههيما واذانهم تسمع ما اقول (لهيام) ، يا للنساء !!!…

(يتبع)

Ghalib Tayfour

 

 

Print Friendly, PDF & Email

عن laalaa

شاهد أيضاً

حزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي

Share this on WhatsAppحزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي طالعنا البيان المؤسف الصادر من سكرتارية اللجنة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.