Laa-Laa لا لا موقع شباب السودان الحر
كانوا ثمانية عساكر من ضمنهم الذين كانوا معي في المستشفي ، هؤلاء العساكر ليس لهم عهد ولا يحفظون صداقة ، وحملوا العصي في ايديهم وفتحوا بوابة الزنزانة في هذه اللحظة ، ابتعد جميع المساجين مني فكل يخاف ان تأتيه ضربة طائشة ، وإخترت ان اهاجمهم اولا” ولكن تلك العصى كانت لي بالمرصاد ، والكثرة غلبت الشجاعة ، فما هي الا لحظات ، وإنهالت علي الضربات من كل صوب وحدب ، ففضلت ان احمي راسي ، حتي شعروا بانهم شفوا غليلهم في شخصي الضعيف ، فخرجوا وان مدمدم اتألم ، وجسمي مليء بالكدمات ، نمت مباشرة فقد كان يوما” عصيب .
علي صوت صرخات العساكر استيقظت ، والبرنامج الصباحي الممل ، انتهينا من برنامج الإستحمام وعدنا للزنزانة الكئيبة ، وجلس (عبدالله الكامل) بجواري كالعادة ، وبدأ يهمهم بحديث لم أفهمه ، فقلت له ما بك ، فقال : لا تعلم ماذا حدث ، ام كنت نائم ، قلت له : من اين لي ان اعلم ، وانا نائم وجسمي منهك ، فقال لي : لقد اتفقوا ضدك فقد احضروا (المعلم عبدو) ليلا ، وشاهدتهم يدخلون ويخرجون حتي اطلقوا سراحه ومعه بعض المسئولين والنافذين الذين يرتدون الجلاليب الفضفاضة ، والآن نائما في بيته ..
لقد اظلمت الدنيا في عيني ، وامسكت (بعبدالله) وهو يتوسلني وانا اساله من اين اتيت بهذه الاخبار ، وكان يرد وهو بالكاد يتنفس لقد شاهدته بأم عيني اتركني ، فتركته وتوجهت لبوابة الزنزانة وانا اصرخ :
أريد ان أقابل الضابط الآن ، كان الكل يبتعد مني ، حتي خرج بعض الضباط من مكاتبهم ينتهرون ويطلبون من الصمت ، صمت وانا اغلي من الغضب ، بعد نصف ساعة حضر احد العساكر ، وإقتادني لغرفة الضباط ، وكان المتحري موجود فسالت المتحري امام الضابط اين (المعلم عبدو) ؟ فقال لي :
لقد اتضح بان المخدرات التي قبضناها تتبع لك ، وهذه شهادة العسكري (نادر) الذي كان تبع الحملة ، والمخدرات حيازة ، قاطعته : لقد وجدها في منزل (المعلم عبدو) وفي كرسي (المعلم عبدو) هذا اذا كانت حيازة ، قال لي لقد قال انها تبعك وانت من وضعتها ، قاطعته : انه كذاب ، وحضر امس يساومني بان (المعلم عبدو) دفع ثلاثة مليون لو دفعت اكثر ساخرج من هذه القضية ، لم يتركني اتم حديثي وقال لي :
يمكنك ان تثبت ذلك في المحكمة ، وحاليا سوف تحضر سيارة السجن ، هنالك قانون ومحامين ، نحن نكتب ما نسمعه ونسلمه للنيابة ، والنيابة هي التي اطلقت صراح (المعلم عبدو) ، وامرت بفتح بلاغ حيازة باسمك ،، ضحكت بدون شعور !! حتي ظن الضابط ان عقلي غير سليم ! ، والمحقق ينظر لي بإستغراب ،، وسالني الضابط ما الذي يضحكك ؟ فقلت له : يضحكني هذا المتحري وهو يعترف بانه (معلم) اسال متحريك (معلم) ماذا ؟ ساد سكون غريب ، ونظر الضابط للمتحري وقال له : رد علي المتهم ، معلم في ماذا ؟ فرد ببرود المتحري هو خارج من المكتب(معلم مخدرات) ، ولكن يا سعادتك النيابة هي المسئول انا ادون حديث الجميع والنيابة تقرر ، فقال له الضابط الذي شعر بان هنالك شئ : وماذا فعلت في التوصية التي تعتمد عليها النيابة ؛ اتمني ان لا تكون ظلمت هذا الشاب ، فقلت له : لقد ظلمني منذ ان عاد ليلا” ليطلق سراح المعلم ويقبض الثمن ، فما الذي يجعله يعود ليلا” ليطلق سراح معلم بنقو ؟!.
طلبت من العسكري الذي احضرني بان يعيدني للزنزانة ، والجميع سكوت ، فقال لي : ان سيارة السجن تقف خارج فقد تم نقلكم لسجن امدرمان ، فقلت له : اهلا بسجن امدرمان فربما نجد هناك بصيص عدل وخرجت متجها لسيارة السجن ، والضابط ينظر للمتحري ، والعساكر يحبطون بالسيارة خوفا من هرب المتهمين ، ناداني احد العساكر وسلمني حافظة نقودي ، فقلت له : هنالك جوال اخذه احد عساكركم ولم يحضره منذ امس ؟ فقال الضابط وهو يقف ليتاكد من صعود الجميع للسيارة : سوف يصلك في سجن ، هذا مسئوليتي . وقبل ان اصعد سلالم السيارة سمعت صوت يناديني ، انها (هيام) وكان التعب يظهر في محياها والضيق ، يعتليني واشاهد صورة والدها في شخصها ، تقدمت نحوي بهدوء ، قلت لها :
الذنب ليس ذنبك (هيام )، هل شاهدتي والدتي ؟ ردت والشحوب يملأ وجهها والدتك بخير وضعها مستقر حاليا ، وهي تبلغك سلامها ، وتحتاج لاجراء عملية بسيطة ، وسوف اكون معها ، لقد وعدتك لن اتخلي عنها ، وسوف احضر لمقابلتك في السجن لكي اوضح لك ، قلت لها :
ارجوك اهتمي بوالدتي فلا يوجد معها احد ، لم اترجى في حياتي شخص ، لان أمي علمتني ان الرجاء لله فقط ، ولكن احس بانك مميزة ، شعرت بلفحة إبتسامتها تغطي الكون وصعدت للسيارة ، (وهيام) دموعها تتدفق .
اني ذاهب لعالم اخر ، ودنيا لم اتوقع ان ادخلها ، ولا احمل سوي ايماني باني برئ ، ولكنه إمتحان سماوي علينا تقبله ، تحركت السيارة مسرعة و(هيام) دموعها اسرع من السيارة وجواري (عبدالله الكامل) الذي يعاملني بود وكأنه صديق قديم …
(يتبع)
Ghalib Tayfour
