حكم قرقوش
المعتقل (15)
يقبع دائما في الركن الغربي من الزنزانة , يحب النوم طول اليوم , تظهر فيه الملامح العسكرية من تصرفاته , وحركاته , وحديثه , ملامحه من الوهلة الاولي تُعطيك الإنتباه علي أنه من ابناء الجنوب الحبيب , كتوم في قضيته التي أتت به الي سجن كوبر , تنازلت عن جزء من معاشي الذي يصرفه لي الجلادين بالسجن , حتي أعرف ما هي قضيته , وبعد فترة طويلة , بدأ يسرد لي تفاصيله واسباب إعتقاله .
المساعد ( صلاح جاستن ) بتبع لسلاح المشاة السوداني ، حين حدث إنفصال الجنوب الحبيب , تم انهاء خدمته , وإستلم حقوقه , وفضل أن يعيش في السودان في مدينة الخرطوم بمنطقة (مايو) .
قامت الحكومة السودانية الفاسدة بقيادة جهاز الأمن والمخابرات , باستغلاله هو , ومعه بعض الجنود القدامي , الذين كانوا ضمن طاقم الجيش السوداني وإنتقتهم بالنوازع القبلية التي برعت فيها , وقدمت لهم اقتراح بتكوين كتيبة ضخمة من ابناء (النوير) لدعم (رياك مشار) في حربه ضد سلفاكير , وخلق بلبلة داخلية , وتارة فتن لإسقاط حكومة سلفاكير بالجنوب , وكان إقناعهم سهل , مستغلين النوازع المادية , والنعرة القبلية , وكثيراً من الوعود المستقبلية , ونجحت الحكومة السودانية الفاسدة في مأربها الخبيث , بدأت تنهال عليهم الدعومات لتكوين المعسكرات التي تحددت أماكنها بسهولة بالنسبة لمساعدين متمرسين في هذا المجال .
وبدأت الاموال تجري في يد (صلاح ) وأثار النعمة تظهر فيه , وهذا ما لفت انتباه الاخوة الجنوبيين , وهم لديهم معرفة تامة بمقدراته الحربية , والفهم العسكري الذي يتميز به , كما ان لديهم خلفية عن معسكرات تم تجهيزها , وطالما ان هذا الأمر موجود فان ( صلاح ) ضالع فيه .
ولسوء حظ الاخ صلاح أم لحسن حظه تم إتصال به من قبل (سفارة جنوب السودان) بالخرطوم , وكان مسئولها الإعلامي نسيبه , وتم عمل عدة لقاءات بين (صلاح جاستن) و( جيمس كولا) الذي يعد سمسار سياسي ويمتلك الجواز أسترالي , وله علاقة قوية (بسلفاكير ميار دوت ), والذي اقنع صلاح بالعدول عن مساندة نظام البشير , وإيقاف العمل في المعسكرات التي تخلق الفتن ،والقلاقل لدولة الجنوب , وتقديم مساعدة للجنوبين بكشف مناطق المعسكرات , التي انشأها نظام البشير , وإعطائنا ايضاً كشف بالعساكر , والجنود الذين تم إختيارهم لهذا العمل المشين , من اجل الوطن , الذي لن ينسي لك هذا الفضل , وإيماناً منك بروح الوطنية لدولتنا الفتية , ونظيراً لذلك أيضاً سنقدم لك مساعدة مالية مجزية , كل تلك الاتصالات والمقابلات كانت مرصودة لجهاز الامن والمخابرات الوطني السوداني , وتم القبض عليهم , ولكن علي ماذا تحاكمهم , فمحاكمتهم فضحية , لسوء خُلقك , وفساد نظامك , وعدم احترامك للجيرة والجوار .
( إذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه , وصدق ما يعتاده من توهمِ )
والغريب في الأمر ان العنبر ( الزاوية ) ضم الشخصيتين تم نقل (صلاح جاستن) لعنبر أخر , وأحضروا بديلاً عنه ( جيبمس كولا ) أذا لحسن حظي , أن الاثنين قابلتهما , والاثنين سمعت منهما , والاثنين تم احتجازهما بسجن كوبر لأكثر من سبعة أشهر , وفي نهاية الأمر , قامت الحكومة السودانية بإبعاد (صلاح جاستن) لمدينة جوبا وإبعاد (جيمس كولا) للقاهرة ومنها لاستراليا .
يا من إذا حمي الوطيس بدارنا **
ودهت بروق الشر أرجاءالوطن
صحنا به يا جار هذا يومكم **
أنتم سيوف الله في ليل الإحن
شكا دائن للملك قرقوش عن إطالة مدينه لمبلغ من المال , فطلب قرقوش احضاره , وعندما أحضروا العسعس المدين لقرقوش ساله : لماذا لا ترد دينك ؟ فقال للملك قرقوش : ياسيدي إني رجل فقير , واجمع المال بصعوبة , وكلما جمعت جزء من المال , وذهبت لاعطيه لمديني لم اجده , فتضيق بي الحالة فاصرفه , فيظهر مديني ليطالبني بماله , عندها حكم الملك قرقوش بسجن الدائن حتي يتمكن المدين من العثور عليه عندما يجمع المال في المرة المقبلة , خاف المدين من السجن وتنازل عن دينه .
لاتزال بلادي تحكمها عصابة من المفسدين الذين لا يعرفون الاخلاق , ولا يراعون لجيرة , ولا يحترمون المواثيق والعهود , هذا هو ديدنهم , نسال الله ياخذهم أخذ عزيز مقتدر .
الثورة قادمة لامحالة
والعصيان هو الحل
GHALIB TAYFOUR