الإثنين , مايو 20 2024
ardeenfr
أخبار عاجلة
الرئيسية / أخبار لالا اليومية / الشعب ما بين عصابات الاختطاف والاستهجاف العنصري لأبنائنا الطلاب من دارفور

الشعب ما بين عصابات الاختطاف والاستهجاف العنصري لأبنائنا الطلاب من دارفور

يتساءل الكثيرون عن حقيقة قصص الاختطاف، وهل ينشرها النظام لصرف الأنظار عن بعض مآذقه، أم أن قوى المعارضة هي التي تبثها نكاية في نظام الإنقاذ. في رأيي لا هذا ولا ذاك. فالشعوب دائما تفرّخ الشائعات التي يمكن لبعضها أن يتحول الى خرافات يصدقها العامة في ظروف بعينها. عندما يشعر الشعب بعدم الأمان، تكون الفرصة سانحة لما يعرف في علم الفولكلور بخرافات المدينة، وهي قصص تعكس خوف الناس مما يمكن أن يحدث لهم في ظل إحساسهم المتنامي بأن الحكومة والدولة قد أصبحتا بدرجة من الضعف لا يمكنهما أن يوفرا الأمن والحماية اللازمتين.
في عام 1987م، في ظل تداعي حكومة الصادق المهدي لتردده وغياب الرؤية، وبالتالي بدء تضعضع مؤسسة الدولة، نجحت الجبهة الإسلامية في زرع الخوف في قلوب الناس متخذة من حادثة اختطاف الطالبة وقتها أميرة الحكيم وقتلها لاحقا (تغمدها الله بواسع رحمته وألهم ذويها الصبر والسلوان) لدرجة أن بدأت تترى قصص من هنا وهناك عن الاختطاف وعن عصابات تقوم بسحب الدماء وإرسالها إلى العراق لمساعدته في حربه ضد إيران .. إلخ. ذلك لم يكن شيئا بخلاف فولكلور المدينة وخرافاتها. فمخطئ من يعتقد أن الفولكلور يتعلق بما هو نائي زمانا ومكانا، بل هو في أي مكان فيه بشر.
وطبعا هذا لا ينفي حقيقة أن هناك تجارة بشر ناشطة في السودان، بمثل ما هناك تجارة غسيل أموال وتجارة مخدرات أنشط. فالسودان هذه الأيام في أضعف حالاته إذ فتّت في عضده سياسات الإنقاذ التدميرية بما تشتمل من فساد مؤسسي ثم تآكل بنية الدولة خلال 28 عاما. فالسودان أصبح دولة مكشوفة أمنيا وليس أدل على ذلك من أن مدير مكتب رئيس الجمهورية لسنوات، أي كاتم أسرار الدولة، قد اتضح أنه بوظيفته هذه ليس سوى عميل لدولة أخرى. فنحن في دولة يديرها عسكريون بأيديولوجيا دينية تعيش خارج الزمن والتاريخ، ويقودها تنظيم يرفع راية الإسلام بينما لا يجيد شيئا كما يجيد أكل مال السحت عبر نهب المال العام بطريقة «على عينك يا تاجر»، ثم برغم كل هذا، يستقدم هؤلاء العسكريون شذاذ الآفاق من دول الجوار الغربي ويعطوهم المال والسلاح بعد أن أنعموا عليهم بالجنسية والجواز السودانيين، ذلك حتى يقوموا بطرد السودانيين من قراهم الآمنة كما فعلوا في دارفور في مسعى عنصري بغيض كرها منهم لهويتهم الأفريقية. وقد أكملوا سيناريو خيانتهم للوطن (وهم العسكريون المناط بهم حماية الوطن) بمنح شذاذ الآفاق من لاجئي سوريا وغيرها الجنسية السودانية بمجرد وصولهم للسودان مقابل حفنة من مال السحت يكرونه منهم ليذهب في جيوبهم.
وهكذا ظل الوطن يتناقص في حدوده بالاحتلال من دول الجوار مع مباركة نظام الإنقاذ ضمن صفقات خائنة على أمل أن تلتزم عبرها هذه الدول بعدم إيواء المعارضة (وليتها التزمت)، ثم عبر التمسك بتطبيق شائه لما تسميه بالشريعة الإسلامية لدرجة فقدان البلاد لثلث أراضيها، فذهب الجنوب الحبيب. وها هي دارفور وجنوب كردفان والنيل الازرق قد تذهب بفضل سياسات حكومة الإنقاذ العنصرية كما ذهبت الفشقة وحلايب ومناطق اخرى.
انظروا هذه الأيام لسياسة الانقاذ العنصرية ضد جميع طلاب الجامعات القادمين من دارفور، حيث عملت عبر جميع مؤسساتها الامنية والشرطية، ثم إدارات الجامعات الخانعة، لتكريس سياساتها العنصرية ضد هؤلاء الطلاب الذين صدروا من معسكرات اللاجئين، تحت أزيز رصاص ميليشيات الجنجويد المدعومة من الدولة، بشهادات تؤهلهم للدراسة بالجامعات في ظل ظروف يصعب ان يقرأ فيها المرء صحيفة يومية، دع عنك إحراز نتائج باهرة. دونكم في هذين اليومين سياسة الفصل العنصري الماثلة للعيان في قرية الشيخ الياقوت، جنوبي الخرطوم. اكثر من ألف طالب تعود أصولهم الكريمة لدارفور يقدمون استقالاتهم الجماعية من جامعة بخت الرضا بولاية النيل الأبيض احتجاجا على سياسة الدولة العنصرية ضدهم ممثلة في الأجهزة الأمنية وإدارة الجامعة، ومن ثم يتوجهون للخرطوم، فإذا بالدولة تمنع عنهم المواصلات مدفوعة السعر من جيوبهم. ومع ذلك، واصل هؤلاء الطلاب العظماء مسيرتهم بالأقدام إلى أن وصلوا مشارف الخرطوم. عندها قام جلاوزة النظام من أمن وشرطة بقفل الطريق عليهم لكسر شوكتهم ولكن هيهات! ثم لمّا باءت جميع محاولاتهم بالفشل، جاء مؤخرا قرار إرسالهم إلى دارفور دون السماح لهم بدخول جنة عدن (الخرطوم). وفي الحقّ ما هذه إلا «كوشة» أفريقيا وجميع دول العالم الثالث، وليس هناك ما يخسره أبناؤنا الطلاب من دارفور بعدم دخولهم للخرطوم القذرة قذارة فساد الإنقاذ.
إلا أن شعب دارفور الصامد، ومه باقي شعوب السودان، سوف تدخل إلى الخرطوم حتما دخول المنتصرين في ثورة شعبية رابعة طالما ظلت الخرطوم هي كرسي السلطة والدولة وطالما ظلت دارفور جزءا من السودان.
وبعد، ماذا نتوقع من قطاعات الشعب المغلوب على أمره غير أن ينكفئ على نفسه ومن ثمّ يعمل على التعبير عن خوفه الكبير مما هو آتي بطريقته الخاصة وذلك بتشغيل مخزونه الفولكلوري، والفولكلور هو مستودع حكمة الشعوب. فإذا وقفت القطاعات المثقفة عاجزة عن قيادة الشعب، وهو خسران مبين كونها أصبحت مثقفة من مال الشعب، عندها سوف تصحو جميع مخاوف الأمة والشعب في شكل قصص خرافية تعكس حالة الخوف الخرافي الذي يعتمل في صدر الشعب من الفوضى القادمة التي تزداد تعقيدا كلما امتد عمر هذا النظام الخائن يوما آخر.
محمد جلال أحمد هاشم

 

Print Friendly, PDF & Email

عن laalaa

شاهد أيضاً

حزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي

Share this on WhatsAppحزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي طالعنا البيان المؤسف الصادر من سكرتارية اللجنة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.