الخميس , مايو 16 2024
ardeenfr
أخبار عاجلة
الرئيسية / مكتبة غالب طيفور / (ما بكتل الرصاص بكتل سكات الزول) …

(ما بكتل الرصاص بكتل سكات الزول) ...

كان يضحك بصورة هستيرية , وأنا مندهش , من السعادة التي تغمره , حتي صمت  ( صمت أهل القبور)
     وبدأ يسرد لي تفاصيل , ما حدث , وهو مستاء ,
خرجت ياصديقي في الصباح الباكر , لقضاء مشوار هام للخرطوم وأخترت الحافلات (الهايس) لسرعتها في نقلي , من ميدان البوستة أمدرمان , وإنتقيت كرسي جوار الشباك في المقعد الخلفي الأخير , الذي ارتاح فيه دائما , ويجعلني أري جميع من في (الهايس ) , وإستمتع بنسمات الصباح الدافئة , التي تبعث في نفسي الأمل , والغبطة .
       ويبدو أن هذا اليوم كان متغيراً في تفاصيله عما سواه , فهنالك شاب في العقد الثالث من العمر , تبدو عليه أثار الغضب ,

(ما بكتل الرصاص بكتل سكات الزول) …

(ما بكتل الرصاص بكتل سكات الزول) …

كان يضحك بصورة هستيرية , وأنا مندهش , من السعادة التي تغمره , حتي صمت  ( صمت أهل القبور)
     وبدأ يسرد لي تفاصيل , ما حدث , وهو مستاء ,
خرجت ياصديقي في الصباح الباكر , لقضاء مشوار هام للخرطوم وأخترت الحافلات (الهايس) لسرعتها في نقلي , من ميدان البوستة أمدرمان , وإنتقيت كرسي جوار الشباك في المقعد الخلفي الأخير , الذي ارتاح فيه دائما , ويجعلني أري جميع من في (الهايس ) , وإستمتع بنسمات الصباح الدافئة , التي تبعث في نفسي الأمل , والغبطة .
       ويبدو أن هذا اليوم كان متغيراً في تفاصيله عما سواه , فهنالك شاب في العقد الثالث من العمر , تبدو عليه أثار الغضب ,
   ومنذ أن وضع قدميه في سلم ( الهايس ) إستهل حديثه لجميع الركاب , بان مايحدث في هذا البلد من ظلم , وقهر , يجب نخرج لإزالته , وإن الفساد يزاد يوماً بعد يوماً , وصمتنا يزداد هو الآخر , كان الجميع ينظر اليه بحذر في بداية الأمر , وكأن الموضوع لا يعنيهم , ولكنه لم يتوقف , وبدأ يخاطب حديثه عقولهم , التي ضاقت من نفس مآسيه ومراراته , ليحدث التجاوب من الاثنين , الذين كانوا يقبعون في المقعد الأمامي لمقعدي , وأصبحت أنا أنزوي , لإحساس خفي كان يُراودني , وكأن هنالك شيئاً ما سيحدث , ومما (زاد الطينة بله)  أن الذي يجلس بجواري قد بدأ يزمجر كأنه من الذين قتل البشير أسرته , أو نهب عبد الرحمن الخضر اراضيه , وصار الاربعة من الراكبين يضجون داخل الحافلة , حتي شعرت بأن هنالك ثورة سوف تحدث , حاولت إخراج رأسي بشباك الحافلة , حتي خفت تاخذه إحدى العربات المسرعة , وإستجمعت بعض من الشجاعة لأنظر لبقية الركاب , وكانت نظرتي خاطفة , تمنيت لو أني لم أنظر , فقد كان جوار السائق شاب يرتدي نظارة شمسية , تطوف عيونه في هؤلاء الثائرين بنظرات لم أفهم منها سوي أنه رجل أمن , وكانت (الهايس) قد تخطت (الكبري القديم ) وأصبحت خلف بنك السودان وكان من المفترض أن تسير أمامه .
    وهنا كانت المفاجاة فقد واصلت السير مسرعة لتعتلى شارع الغابة وتسير فيه , لتغير من مسارها المعروف , في هذه اللحظة ضج جميع الركاب , سائلين السائق باللهجة التي تعودنا عليها ( يازول علي وين القصة راحت ليك وله شنو ) لم يرد السائق وكأن الحديث لا يعنيه , وكان الرد من الذي يجلس بجواره ( القصة راحت ليكم أنتو بتنبزوا من ما ركبنا ) في هذه اللحظة شعرت بهبوط حقيقي وأحسست بكل أمراض الدنيا , وتذكرت النظرية الغبية التي يرددها العساكر بان ( الخير يخص والشر يعم ) والذي ادهشني حقيقة ان الذين جلبوا لنا هذه الإشكالية , لم يصمتوا بل كانوا أشد شكيمة ومنعة , ولكني شعرت بان أذناي اصبحتا لا تسمعان شيئاً , وإن عجلة الزمن بدأت تتوقف , وشريط الحكاوي التي كنت أسمعها منك عن بيوت الاشباح , والضرب , والتعذيب , بدأت تمر أمام ناظري بسرعة , وكأنني أجلس في دار السينما .
      والأمنجي الجالس بجوار السواق يتحدث في الموبايل , وحديثه كأنه يجهز لوليمة , يدعوا أصدقائه لحضورها , ولم تهدأ زمجرات الاربعة الثائرون , وكأنهم يتحدونه بلا خوف .
  وأنا لا أسمع منهم سوي ( ودينا القيامة زاته يعني حتعملوا شنو ) ورغم محاولات بعض الركاب في إستجداء ذاك الامنجي المتغطرس , الا انه نهرهم بشدة , وطلب منهم الصمت , وكان له ما اراد , في هذه اللحظة كنا قد وصلنا أمام بوابة ضخمة , خلف شارع السيد عبد الرحمن مع تقاطع المك نمر كما أذكر .
    وقبل أن نقف أمامها مباشرة , خرج منها اربعة شباب , أكاد أجزم انهم بغال في شكل بشر , وشعرت في هذه اللحظات أن القيامة قد دنت , وأن احساسي بالحياة قد بدأ يخبو , واتجهوا جميع صوب باب الحافلة  ليفتحوهو , بصورة أشعرتني بان ما فتح هو قلبي , وكان ذاك الأمنجي المتغطرس يقف أمام الباب لي يأشر للبغال ( نزلوا ده وده وده وده ) وكان كلما أشر علي أحد , نشاهده يطير من الحافلة ليسقط امام البوابة الضخمة , وكانهم يقذفون ورقة , وكلما خرجت إشارة إنتفض قلبي ولا يعود الا بعد انتهاء الإشارة , وكانت عيوني تستجدي ذاك الامنجي المتغطرس باني لست منهم , وحقيقة أعطاني نظرة , لا يمكنني ان أنساها , واغلق باب (الهايس)  وقال : في صورة مقتضبة لسائق الحافلة ( إتخارج يازول ) .
هذه اللحظة شعرت باني ولدت من جديد , وبدأت أسترق النظر خلسة لبقية الركاب , الذين وجدتهم قد إعتكفوا في قراءة القرآن وترتيل المصحف الشريف , والكل صامت , وشاهدت ألسنتهم تستعيذ بالله من كل شيطان رجيم , وتحمد الله علي عدم إختيارهم مع الثائرون , ويشكرون الله علي هدايته لهم بالصمت , وإبتعادهم من الدخول في حديث مع ذاك الثائر , والذي تأكد لي ولهم أنه علي حق , فأذا لم يكن هو علي حق فمن يكون .
  لا ادري ماذا حدث لهم ؟ ولا ادري أين هم الآن ؟ والشئ الذي  بِتُ أعرفه , أنني كان يجب ان أكون معهم , وأنهم قالوا ما لم نستطيع قوله , والآبات والأحاديث التي قرأناها , كان يجب أن نقرأها ونحن علي الحق , وليس علي باطل .
ما بكتل الرصاص بكتل سكات الزول
الثورة قادمة
والعصيان هو الحل
GHALIB TAYFOUR

Print Friendly, PDF & Email

عن laalaa

شاهد أيضاً

أصدر تحالف قوى الاجماع الوطني احد مكونات قوى الحرية والتغيير بيانا،انتقد فيه الميزانية التي اجازتها الحكومة الانتقالية

Share this on WhatsApp#الهدف_بيانات أصدر تحالف قوى الاجماع الوطني احد مكونات قوى الحرية والتغيير بيانا،انتقد …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.