الجمعة , مايو 3 2024
ardeenfr
أخبار عاجلة
الرئيسية / أخبار لالا اليومية / (بين أحلام التغيير وعجز الارادة السياسية)

(بين أحلام التغيير وعجز الارادة السياسية)

*وحدة المعارضة فى الميزان*
*ندوة/ منبر فجر الهامش (واتساب)*
إعداد وتقديم:
*إحسان عبد العزيز*

*المقدمة:*
عند التفكير فى وحدة المعارضة من الطبيعى أن يتبادر للأذهان بناء التحالفات.. فالتحالفات هى وعاء أساسى لتوحيد القوى السياسية المعارضة، وبالنظر للتحالف السياسى كمصطلح نجد أنه يعنى الاتحاد المؤقت  بين حزبين أو أكثر تجمعهم أهداف مشتركة بينما تتقارب أو تتباعد أيدلوجياتهم الفكرية بنسب مختلفة، ويتم الاتفاق بينهم على أجندة الحد الادنى لتحقيق تلك الاهداف..
وفى الحالة السودانية موضوع الورقة يصبح التحالف السياسى آلية ضرورية لاسقاط النظام باعتباره هدفاً مشروعا تتفق عليه معظم القوى السياسية المعارضة ولكن….
وعند لكن تستعرض الورقة التحديات التى ظلت تواجه التحالفات.. وكذلك السلبيات التى ظلت تلازم  هذه التحالفات بشكل عام، كما تتناول الورقة بعض التوصيات المأخوذة من جملة هذه التجارب كرؤى يمكن عبرها تحقيق تحالف ناجح وقوى يتحدى المرحلة..
فوحدة المعارضة يجب آلا تكون هدفا فى حد ذاتها وإنما وسيلة لتحقيق هدف مشترك يقود الى التغيير وإطلاق الحريات فى وطن يتساوى فيه الجميع بلا تمييز وتحقيق دولة المواطنة وحقوق الانسان.
التحالفات التى تكونت عبر الحركة الوطنية الحديثة:
بالنظر الى تاريخ التحالفات السودانية منذ الاستقلال ضد الانظمة الديكتاتورية والعسكرية نجد الحركة الوطنية والنقابية مرت بعدة تجارب فى ذلك، خاصة خلال مرحلة ما بعد الانقاذ، فعبر  النضال الذى لازم هذه القوى فى محاولاتها المستمرة لمقاومة الانظمة الشمولية ومحاولات  الإطاحة بها تكونت عدة تحالفات لتحقيق ذلك، نجحت تحالفات ما قبل الانقاذ الى حد كبير فى إزاحة الديكتاتوريات كما فى ثورتى أكتوبر 1964م وإبريل/1985م .. بينما أخفقت التحالفات ما بعد الانقاذ فى تحقيق أهدافها التى تتمثل فى إسقاط أكثر الانظمة التى مرت على السودان شموليةً وفسادا..

وإستبداداً.. وفيما يلى يتم عرض التحالفات التى مرت بها تجربة المقاومة السودانية بالتركيز على تجارب التحالفات ضد الانقاذ وأسباب الاخفاق.

*# الجبهة الوطنية 1959م:*
تأسست الجبهة الوطنية عام 1959 ضد النظام العسكرى الذى بدأ فى نوفمبر1958 بقيادة إبراهيم عبود.. تكونت الجبهة الوطنية من قيادات الأحزاب السياسيه ثم أنضمت إليها جبهه الهيئاتمع إرهاصات ثورة أكتوبر فى العام 1964 والتى كانت تتكون من قوى الطلاب والنقابات العمالية والمهنية المختلفة وأساتذة جامعة الخرطوم.. ولعبت هذه التحالفات دوراً رئيسيا فى إشعال ثورة أكتوبر 1964م والاطاحة بحكم عبود.
*# التجمع الوطنى لانقاذ الوطن 1985م:*
وعندما سيطرت ديكتاتورية مايو على الحكم فى العام 1969م بقيادة جعفر محمد نميرى قامت بحل جميع الاحزاب السياسية والاتحادات النقابية بغرض إضعاف الحركة الوطنية، ولكن ظلت المقاومة مستمرة الى أن تكون التجمع الوطني لانقاذ الوطن وطرح ميثاقاً قويا كان دافعا لاعلان العسكريون عن إنحيازهم لثورة الشعب فى أبريل 1986م وإسقاط حكم العسكر.

مقاومة الانقاذ وديكتاتورية الاسلاميين 28 عاماً:
*# التجمع الوطنى الديمقراطى(1989 _ 2005):*
وباستطالة أمد الانقاذ حدثت كثير من التحالفات عبر 28 عاماً، كان اولها وأقواها التجمع الوطنى الديمقراطىكأكبر تجمع للقوى السياسية بكل توجهاتها الفكرية والايدلوجية السلمية والمسلحة، التقت فيه ولأول مرة كقوى سياسية تمثل كل الوطن شرقاً وغربا.. جنوبا وشمالاً.. حيث بدأ التجمع الوطنى بعد إنقلاب الانقاذ مباشرة داخل سجن كوبر فى يونيو1989م من قيادات الاحزاب السياسية التى تم إعتقالها عشية الانقلاب، وبخروج قيادات التجمع الوطنى الى خارج الوطن إنضمت اليه قوى سياسية أخرى كانت ذات ثقل سياسى وعسكرى كبير وعلى رأسها الحركة الشعبية لتحرير السودانبقيادة الزعيم الراحل د.جون قرنق ديمبيور والتى أعلنت عن إنضمامها للتجمع الوطنى بتوقيعها على إعلان نيروبى فى أبريل 1993م، ثم عقد التجمع الوطنى مؤتمره الاول فى أسمرا 1995م وهو ما عرف بمؤتمر القضايا المصيرية وكان حينها بالاضافة للاحزاب المؤسسة له وعلى رأسها الحزب الاتحادى الديمقراطى وحزب الامة القومى والحزب الشيوعى السودانى،

قد إنضمت اليه فصائل أخرى كان لها أثرها فى مسيرته ومنها مؤتمر البجا، وقوات التحالف السودانية بقيادة العميد عبد العزيز خالد (عبد العزيز خالد كان ضمن قيادات التجمع الوطنى التى تم إعتقالها بكوبر) بالاضافة للتحالف الفيدرالى بقيادة أحمد أبراهيم دريج ودكتور شريف حرير، وفصائل أخرى، كما إنضمت اليه قوى حزبية من الداخل مثل حزب المؤتمر السودانى وتجمع الاحزاب الجنوبية (اليوساب) وغيرها.. وكان التجمع الوطنى يضم 14 حزباً سياسياً بالاضافة للاتحاد العام للنقابات..
وفى العام 1996م أعلن التجمع الوطنى الكفاح المسلحبفتح الجبهة الشرقية، وشاركت فيها كل الفصائل الموجودة بالخارج وقدمت قوات عسكرية تمثلها فى القيادة المشتركة لقوات التجمع الوطنى، وبالطبع كان لــ الجيش الشعبى/الحركة الشعبية لتحرير السودانالقدح المعلى فى ذلك النضال..
إنضمت الي التجمع الوطنى مؤخراً فى العام 2004م حركة وجيش تحرير السودانبقيادة رئيسها عبد الواحد محمد نور وأمينها العام منى أركو مناوى (قبل إعلان إنقسامهما الى حركتين فى العام 2005م.
إستمر التجمع الوطنى فى مسيرته وكان من الممكن أن يسهم فى إحداث التغيير وهزيمة النظام عسكرياً أو عبر الانتفاضة المحمية بالسلاح كاحد خياراته المطروحة لولا تفتيت وحدته والتى بدأت بخروج حزب الامة عنه فى العام 2000 بعد مصالحة النظام وعودته الى الداخل بما عرفت بعملية تفلحون، فخروج حزب الامة كان ذا أثر سلبى رغم مكابرة قوى التجمع الوطنى حينها.. وإستمر ضعف التجمع مع إستمرار محاولات النظام فى تقسيم القوى المكونة له بخلق منابر متعددة لتناول قضية السلام.. إذ رفض النظام مشاركة قوى التجمع الوطنى فى مفاوضات نيفاشا والوصول الى حل شامل فى القضية السودانية بالرغم من إصرار الحركة الشعبية على الحل الشامل والسلام العادل بمشاركة التجمع الوطنى.. ولكن تلكوء رئاسة التجمع ممثلة فى السيد محمد عثمان الميرغنى بالاضافة لعدم حماس أصدقاء الايقاد لمشاركة التجمع جعل من موقف الوفد الحكومى موقفا قوياً وإستطاع أن يفرض رفضه لمشاركة التجمع الوطنى فى مفاوضات نيفاشا، وإستحداث منبر القاهرة لتكملة إتفاق جدة الاطارى بين الميرغنى وعلى عثمان محمد طه الموقع فى 4/12/2003م، ومن المعروف إن إتفاق جدة تم توقيعه باسم التجمع الوطنى من وراء ظهر جميع الفصائل المشاركة فيه، حيث باغتهم الميرغنى به فكان بمثابة المسمار الاول فى نعش التجمع الوطنى، هذا بالاضافة الى منبرى اسمرا لقضية الشرق وابوجا لقضية دارفور.. وبذا تفرق  التجمع الوطنى أيدى سبأ بعد عودة فصائله الى الداخل وفق إتفاقيات متعددة فشلت جميعها فى تحقيق أهدافها الرامية الى التغيير والتحول الديمقراطى .

*# تحالف جوبا 2009:*
تكون تحالف جوبامن معظم القوى السياسية التى كانت جزءاً من التجمع الوطنى بالاضافة الى  بعض النقابات والاتحادات.. إذ خرج التحالف عن المؤتمر الذي انعقد في سبتمبر 2009م وجاء تحت شعار (نحو تنفيذ اتفاقية السلام والتحول الديمقراطي) وشارك فيه حوالى (23) حزبا سياسيا على رأسها (الحركة الشعبية لتحرير السودان، حزب الأمة القومي، المؤتمر الشعبي، الحزب الشيوعي السوداني، حزب الأمة الإصلاح والتجديد برئاسة مبارك الفاضل المهدي والحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل والذى مثله على محمود حسنين، وأيضاً لم يستطيع تحالف جوبا الصمود لفترة طويلة خاصة وإنه كان يعتبر تحالفاً تكتيكيا لخوض الانتخابات بالاضافة الى أنه لم يكن لديه برنامج أو ميثاق يتم الالتفاف حوله ليدعم إستمراريته زد على ذلك إرهاصات الانفصال التى باتت واضحة مع إقتراب الاستفتاء.. كل هذه العوامل أجهضت فعالية تحالف جوبا.
*#تحالف قوى الاجماع الوطنى 2009م:*
تكون تحالف قوى الإجماع الوطني فى العام 2009م على أنقاض التجمع الوطنى الديمقراطى.. ومنذ البداية حمل بذرة الخلافات وعدم التوافق فى المواقف، وبدأ ذلك بعدم مقدرته على إتخاذ قرار موحد بخصوص خوض إنتخابات 2010م بمرشح واحد للرئاسة فى حالة خوض الانتخابات أو مقاطعتها بقرار جماعى، تكون فى بداياته من 17 حزباً معارضاً، ظلت الخلافات تعصف بقوى الاجماع الوطنى فانسحب منه حزب الامة فى نهايات 2013م، تبعه المؤتمر الشعبي فى فبراير 2014م بالتحاقه بحوار الوثبة دون الرجوع الى حلفائه المؤقتينوحسم الجدل الذى كان يدور حول التشكيك فى صدق نواياه كمؤتمر شعبى باعتباره النصف الاخر للوطنىإذ تبينت الحقيقة بعد إنضمامه الى الحوار فى غفلة من حلفائه، ويومها صرح رئيس قوى الاجماع الوطنى الاستاذ فاروق أبو عيسى لصحيفة حريات فى عددها بتاريخ 24/فبراير/2014م بأن خروج الشعبى من الاجماع الوطنى تصرف غير محترم مبررا بالقول:(هذا أقل ما يقال عنهم، نعم هذا تصرف غير محترم، المؤتمر الشعبي كان مشاركاً معنا في تحالف المعارضة، وكان أضخمنا صوتاً في ترديد شعار إسقاط النظام، وفجأة خرج دون أن يخطرنا أو يشارونا ، فهل هذا تصرف أخلاقي أو محترم؟)

واختتم مسلسل الخروج عن تحالف قوى الاجماع الوطنى باعلان خمسة أحزاب إنسحابها من التحالف  فى 28 سبتمبر 2016 ـ بعد قرار صدر عن قيادة الاجماع الوطنى بتجميد عضوية هذه الاحزاب، فهى أحزاب الداخل التى ظلت تتمسك بــ نداء السودانكوثيقة وكإتفاق توافقت عليه معظم القوى الوطنية بشقيها السياسى والعسكرى بينما رفضته أخرى وتنصلت عنه أخريات كما حدث فى وثيقة الفجر الجديد، وهذه الفصائل هى ( البعث السوداني، تجمع الوسط، الحزب القومي السوداني، والتحالف الوطني السوداني، المؤتمر السوداني) وبهذا وصل الاجماع الوطنى الى أضعف حالاته بدلاً عن قيادة أحزاب الداخل وتقديم الدعم المعنوى للحركات الثورية والمقاومة المسلحة بالمناطق التى فرضت عليها الحرب من قبل النظام وبالتالى توحيد المعارضة العسكرية والسياسية وفق المبادئ التى تم التوافق عليها فى وثيقة نداء السودان.. وبالنظر لاسباب تقوقع تحالف الاجماع الوطنى نجدها تعود الى تقوقع التحالف حول أحزاب محددة وعدم التوسع باضافة قوى معارضة جديدة بالاضافة لسيطرة أحزاب بعينها على قراراته وسياساته العامة.
*#الجبهة الثورية السودانية نوفنير 2011:*
تم الاعلان رسمياً عن  تكوين الجبهة الثورية السودانية فى نوفمبر 2011 والمؤلفة من الحركة الشعبية  وحركتى تحرير السودان/عبدالواحد، وحركة تحرير السودان/مناوى وحركة العدل والمساواه.  ووقعت الأربعة فصائل على ميثاق التغيير السوداني , واتفقت على اسقاط نظام المؤتمر الوطني بكافة الوسائل المتاحة وعلى راسها العمل الجماهيري والمسلح بالمزاوجة والتلاحم بين قوى الانتفاضة والعمل الثوري المسلح على أن تشمل كل قطاعات الشعب السودانى بالداخل والخارج..
أرهبت وحدة المعارضة المسلحة نظام الخرطوم فأشهر كل أسلحته ضدها، وجن جنونه باعلان وثيقة القجر الجديدالتى وقعت عليها الجبهة الثورية وأفلحت فى إنضمام الاحزاب السياسية اليها.. وعلى رأسها أحزاب قوى الاجماع الوطنى“.
إلا أن الخلافات حول الرئاسة أيضا أدت الى إنقسام الجبهة الثورية الى جبهتين فى أكتوبر/2015م.. ولكن ما زال الامل باقيا فى توحيد الحركات الثورية وتخطى نقاط الخلاف.

*#الفجر الجديد يناير/2013م:*
الفجر الجديد وثيقة توافقت عليها الجبهة الثورية وقوى الاجماع الوطنى فى العاصمة اليوغندية كمبالا فى /يناير/2013م، عرفت فى ديباجتها بأنها (تلبية لأشواق شعبنا فى توحيد قواه الحية من أجل إسقاط نظام المؤتمر الوطنى المتجبر الذى اذل شعبنا وقسم بلادنا وأرتكب جرائم الحرب والإبادة الجماعية وشرد ملايين السودانيين مهاجرين ونازحيين ولاجئين وفصل أعز ما ملكت بلادنا ودمر وحدتها ونسيجها الاجتماعى . وكان لابد من الوحدة والاتحاد والنهوض متطلعين بعزيمة وثبات نحو مستقبل وضاء وفجر جديد.. إتفقت قوى الاجماع الوطنى والجبهة الثورية السودانية وبعض منظمات النساء والشباب والمجتمع المدنى وتوصلت فى إنجاز تاريخى لرؤية سياسية جامعة للانتقال من الشمولية نحو الديمقراطية والسلام العادل ودولة المواطنة المتساوية والإنعتاق من الشمولية)..  إحتوت الوثيقة على على رؤية كاملة فى كل المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية بما فى ذلك التعليم والصحة وغيرها..
هدد البشير بحظر نشاط القوى السياسية المعارضة التى وقعت على وثيقة الفجر الجديد باغلاق دورها وحظر نشاطها، وهذه صورة أخرى من صور إنهيار مكونات وحدة المعارضة.. وكان الحزب الشيوعى من أول الاحزاب التى تنصلت عن الوثيقة بتبرئه من توقيع الاستاذ صديق يوسف مبررا بأنه وقع عن قوى الاجماع الوطنى وليس عن الحزب الشيوعى..  التبرير لم يكن موفقاً خاصة وإن الاستاذ صديق يمثل الحزب الشيوعى فى قيادة الاجماع الوطنى وبالتالى لا يمكن تجزئة المواقف.
ووفق هذه السياسات المتناقضة عجز تحالف الاجماع الوطنى من أن يلعب دوراً مرتقباً كان بامكانه القيام به بقليل من التنسيق الجماعى بين مكوناته.
*#وأخيراً.. تحالف قوى نداء السودان ديسمبر 2014م*
تأسس تحالف قوى نداء السودانفي ديسمبر/ 2014 في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا من قوى سياسية معارضة عسكرية ومدنية، وهى الجبهة الثورية بمكوناتها الاربعة، قوى الاجماع الوطنى، وحزب الامة القومى بزعامة السيد الصادق المهدي، وقوى أحزاب الإجماع الوطنيوتضم مجموعة من القوى المدنية
المعارضة أبرزها الحزب الشيوعي السودانيوالمؤتمر السودانيوالبعثى السودانى والناصرى والقومى السودانى ومبادرة المجتمع المدنيالتى تضم العشرات من منظمات المجتمع المدني.
شكل نداء السودان إختراق كبير للجمود الذى أصاب وحدة المعارضة، ومرّ خلال سنواته الثلاثة بعدة منعطفات ولكنه ظل متماسكاً بالرغم المواقف الباهتة  لبعض مكونات الاجماع الوطنى والتى دفعت بدورها الى إضعاف الاجماع الوطنى ناهيك عن نداء السودان،  أدت مواقف أحزاب الاجماع الرافضة لنداء السودان الى خروج 5 أحزاب منه كما ذكرنا، وأكدت هذه الاحزاب على تمسكها بنداء السودان الذى توافقت عليه مع القوى الاخرى المدنية والعسكرية، ومما لا شك فيه أدى تمسك هذه الاحزاب السياسية بنداء السودان الى وضعه فى خانة التأهيل لقيادة وحدة المعارضة بتوسيعه بإنضمام قوى أخرى إليه، فالتعويل على تحالف الاجماع الوطنى فى توحيد المعارضة أصبح ضعيفا حسب تحليلنا لبيان أحزاب نداء السودان بالداخل الصادر فى 22/سبتمبر/2016م، وقد جاء فيه وصفا دقيقاً لما وصل إليه الحال فى قوى الاجماع الوطنى حيث عزت هذه الاحزاب فى بيانها تأخر وحدة العمل المعارضإلى التعنت من فصائل تقدمتها أحزاب ذات توجه عروبي بقيادة البعث الأصلنتاج مواقف أيدولوجية ظلت مسكونة بها وهواجس فرضتها غربة رؤيتها عن الواقع السوداني المتعدد، وأكد البيان أن مؤسسة راسخة مثل الحزب الشيوعي انقادت لما أسمته بــ طواحين الهواءالمتمثلة في حزب البعث الأصل.
هذا الوصف يجعلنا نرى إن التئام المعارضة يمكن أن يعالج بردم الهوة بين أحزاب الاجماع الوطنى وقوى نداء السودان إلا لمن أبى،
وبنظرة موضوعية لنداء السودان نجده الاكثر ترشيحا للعب دور تاريخى فى توحيد المعارضة، خاصة وإنه إستطاع أن يحافظ على تماسكه بالرغم من الظروف التى يتعرض لها، مثل إنقسام الجبهة الثورية والتى ظلت تعمل بشقيها داخل الكيان دون خلاف يذكر، وكذلك ما يخص الخلافات التى حدثت بسبب الجدل حول الهيكلة وترتيبات الفترة الانتقالية، فتخطى قوى نداء السودان لكل هذه المنعطفات تجعله يأخذ الصدارة فى تحقيق أشواق المعارضة فى توحيد صفوفها، وأن  الامل ما زال يقف عند بوابته.

*التحديات  وتوصيات الورقة :*
نجد أن بناء التحالفات بين المعارضة السودانية مرت بتجارب عدة خاصة فى عهد الانقاذ، أخفقت فى معظمها لاسباب مختلفة قد تنتهى جميعها عند نقاط محددة تعتبر تحديات طبيعية، ولكن صعوبة الخروج منها يؤدى الى الفشل وإنهيار التحالف.. وبتحديد تلك التحديات  يمكننا وضع آليات مناسبة لنجاح التحالف وتوصيات مختصرة لتجنب الفشل..ونوجز ذلك فى النقاط الاتية:
# الاختلافات الفكرية والايدلوجية بين الحلفاء..
تعتبر الاختلافات الفكرية نقطة هامة يجب مراعاتها فى كل القرارات وخطوات التقدم نحو الهدف المشترك بحيث لا تطغى أيدلوجية على أخرى داخل التحالف ويتم التوافق على الحد الادنى من الاجندة والبرامج.
# ربما تكون هناك صعوبة فى  إيجاد أرضية مشتركة بينهم تساعد على سهولة الاتفاق فى ترتيب الاولويات..
وهذه تحتاج الى وضع أجندة مسبقة تناقش الاوليات وتضع لها جدول زمنى يتم الالتزام به وفق ما تم التوافق عليه
# الانضمام الى التحالفات قد يشعر بعض المكونات بأنها قد خسرت بعض السيطرة على الرسالة والقرارات باعتبارها تخضع للرأى الجمعى..
وهذه يمكن أن يتم حلها وفق التداول فى المناصب القيادية على نحو فترات زمنية يتم الاتفاق عليها
# وفى حالة تحالفات الانتخابات قد تشعر أيضاً بعض المجموعات بالامتعاض تجاه فقدانها هوياتها الشخصية أو أسمائها..
وهذه النقطة يمكن تجاوزها فى حالة ما إذا أصبح التحالف موضع ثقة الحلفاء وفخرهم بالانتماء له، ولا يحدث ذلك إلا بتعزيز عوامل الثقة المتبادلة وإبراز المفاهيم التى ترتبط بأهداف التحالف الحالمة بوطن جميل.
# النزاعات.. لابد من إيجاد آليات معينة يتم التوافق عليها لحل النزاعات التى قد تنشأ بين أطراف التحالف وتجنب الحلفاء للانحياز لطرف دون الاخر.
# بالضرورة تحتاج التحالفات الى بناء الثقة وتطوير مقاييس ذلك البناء وكذلك إختبار الثقة بين الحلفاء وشعور الجميع بأنهم يتمتعون بنفس المنافع ومتجهون نحو تحقيق الهدف المشترك دون إستئثار طرف بذلك على الاخرين، خاصة فيما يخص هيكلة التحالف وتوزيع المهام.. فهذه الجزئية ظلت نقطة خلاف أساسية فى كثير من التحالفات بين قوى المعارضة السودانية.

*المراجع*
1/سقوط الاقنعة/ كتاب/ فتحى الضو
2/ نساء فى مرمى البندقية كتاب/إحسان عبد العزيز
3/سبع سنوات على توقيع مقرارات أسمرا/ كتيب/ إعلام التجمع الوطنى الديمقراطى
4/ الحركة النقابية ودورها فى الحركة الوطنية وإنتفاضتى أكتوبر ومارس/ ورقة عمل/إحسان عبد العزيز/المؤتمر الاول للتجمع النسوى/مارس/1998م
5/ أعداد من مجلة عزة صوت التجمع النسوى الديمقراطى/أسمرا/1998 _ 2006م
6/بيانات صحفية للقوى السياسية المختلفة
7/مواقع وصحف الكترونية

الخرطوم/25/مايو/2017م ً

 

Print Friendly, PDF & Email

عن laalaa

شاهد أيضاً

حزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي

Share this on WhatsAppحزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي طالعنا البيان المؤسف الصادر من سكرتارية اللجنة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.