إجتمع اصدقائي في غرفتي يتدارسون معي لكتابة القصة ومن ثم تترجم للغة الفرنسية وترسل للمحكمة الوطنية للاجئين بفرنسا (الاوفبرا) وهذا هو النظام المتبع ، ولكن جميع اصدقائي محتارين فهم لديهم مشاكل في مناطقهم وحروبات وابادات بغرب السودان ، أما أنا فمن وسط العاصمة السودانية فيجب ان يكون لدي قضية سياسية مقنعة وللأسف لا افهم في السياسة سوي ان حكومتنا سيئة شردت المواطنين ، وضيعت البلاد ، ونهبت الثروات ، ولكي اشرح هذا يجب أن أكون مثل الزعيم (مانديلا) .
اتصل (اشرف) بأحد المتخصصين في هذا المجال واخذ منه معلومات كثيرة ونحن ننتظر الخلاصة وسحبني على ناحية وهمس لي في اذني !!
وقلت له : لا يا اشرف الا هذه إلا هذه ، انا رجل بكامل اهليتي شرعا” وقانونا” ولو لا وجودي معكم لكنتم في قاع المحيط ضحك (اشرف) وقال لي :إنها علي الورق ، يا صديقي ، فانت رجل فارس ، فقلت له : اتريدني ان اقول أنا !! حتي لساني يعجز من ذكرها هذا ما يفعله الجبناء ، من الافضل ان ارفض الاقامة واعود بكرامتي لبلدي ، وهذه الباحثة التي ترمقني بتلك النظرات الساحرة ، كيف أشرح لها لا ، لا ، تريدني أن أقول أنا (مثلي) مستحيل أن يحدث هذا .
ساد السكون وبدءوا يفكروا في حل جديد ، ولكني وجدت الحل ، فقلت لهم :
لدينا كفتريا جوار (القصر الجمهوري) قبل أن اسافر ليبيا كنت اعمل فيها مع (خالي) تم إغلاقها بحجة انها في منطقة أمنية ، وتم تسليمها بعد فترة لأحد منسوبي جهاز الأمن قام (خالي) برفع شكوى ضد القرار ، لكنهم قاموا بإعتقاله وتعذيبه فخاف وسحب شكواه ، سوف أتبنى هذه القضية واكون انا مكان (خالي) .
ايدني الجميع : كتبنا الحيثيات ودرسنا القضية من كل جوانبها ، ونمنا جميعا في غرفتي ، لقد جمعتنا كلمة واحد بإختلاف اشكالنا واعراقنا ومواريثنا ، اخوة تحت غطاء كلمة عميقة انه السودان ، وكم انا سعيد بان لي اخوة جمعتني بهم الارض فصاروا جزءا” من حياتي ، ويبزلون كل ما يملكون من اجل إسعادي ، ولكن السؤال الذي يؤرق مضجعي ، كيف اتيت لهذه البقعة ؟ وكيف تكون نهايتي ؟
أطل الصباح ،وأطلت هي الشفيفة ، الممشوقة الضاحكة (نينا) والعيب الوحيد فيها ، انها ترتدي ملابس خفيفة ، وعندما تريد ان تتحدث معي تلتصق بي ، وهذا ما يجعل جسمي يرتجف ، واعصابي تنهار ، واشعر انها ستدخل داخل جسدي وهي ترمقني بتلك النظرات التي تهدم الجبال ، من أين اتيتي ايتها الكرزة الريانة من عطش سنيني المحروق ، حتي القضية التي حفظتها لتكتبها لي نسيت كل تفاصيلها ، الا أن جاء (اشرف) وذكرني بها ، لقد تربينا في عالم الجفاف ، ووجدنا انفسنا في هذا الموطن نسقي من شلالات متدفقة من نبع حنان .
كتبت لي القضية كاملة وتم ارسالها (للاوفبرا) . وانتظر الرد للمقابلة من داخل المحكمة لأخذ الاقامة .
وحددت لنا (نينا) مدرسة لتعلم اللغة الفرنسية ، وهنالك نثريات مالية بسيطة من قبل الحكومة الفرنسية لمجابهة الحياة ، ويمكنني ان اوفر منها لإرسل لاهلي بعضا منها ، ولكن تبقي مشكلتي في حوجتي لبعض التمارين فجسمي بدا يترهل من الراحة والنوم ، وبطني بدأت تكبر حتي بدات تلاحظها (نينا) وهذا ما يخيفيني !.
فأشار لي اصدقائي باستخدام حزام ضخم اربطه حول نصفي ليشد عضلات البطن ، ولكن هذا الحزام الملعون عندما كنت اركب في المترو للتجول في المدينة (ليون) يضايقني فأرخيته قليلا” وكانت هنالك نساء ينظرن لي بصورة غريبة ، وفجاة وجدت الشرطة تطبق علي من كل الجوانب ، وسحبوا مني الحزام ، ظنا” منهم انه حزام ناسف ، وعندما وجدوه حزام للبطن اعتذروا لي اعتذار شديد ، فنحن اصبحنا مصدر ازعاج لهؤلاء الفرنسيين بسبب بعض المرضي المتطرفين ، وكان بامكاني ان أرفع قضية ضدهم ، ولكني فضلت الصمت ، ورميت الحزام في مكب النفايات …
(يتبع)
Ghalib Tayfour