الثلاثاء , مارس 19 2024
ardeenfr
أخبار عاجلة
الرئيسية / تقنيات / حتى لا ننسى الشهيد د. على فضل.

حتى لا ننسى الشهيد د. على فضل.


حوالي الساعة الخامسة فجر مثل هذا اليوم، وعلى وجه التحديد فجر السبت 21 أبريل 1990 فاضت روح الشهيد علي فضل أحمد الطاهرة في قسم الحوادث بالمستشفى العسكري باُمدرمان نتيجة التعذيب البشع الذي ظل يتعرض له خلال فترة إعتقال دامت 52 يوماً منذ اعتقاله من منزل اُسرته بالديوم الشرقية مساء الجمعة 30 مارس 1990 ونقلِه إلى واحد من أقبية التعذيب التي أقامها نظام الجبهة غداة استيلائه على السلطة في 30 يونيو 1989.
طبقاً للتقرير الذي صدر عقب إعادة التشريح، ثبت أن الوفاة حدثت نتيجة “نزيف حاد داخل الرأس بسبب ارتجاج في المخ ناتج عن الإرتطام بجسم صلب وحاد”.
وعندما كان جثمان الشهيد علي فضل مسجى بقسم حوادث الجراحة بمستشفى السلاح الطبي باُمدرمان سُجلت حالة الجثة كما يلي:
• مساحة تسعة بوصات مربعة نُزع منها شعر الرأس إنتزاعاً.
• جرح غائر ومتقيّح بالرأس عمره ثلاثة أسابيع على وجه التقريب.
• إنتفاخ في البطي والمثانة فارغة، وهذه مؤشرات على حدوث نزيف داخل البطن.
• كدمات في واحدة من العينين وآثار حريق في الاُخرى (أعقاب سجائر).

عندما يمارس البشر التعذيب فإنهم يهبطون إلى مرحلة أدنى من الوحوش، ذلك أن الوحوش لم يعرف عنها ممارسة التعذيب أو التنكيل الذي احترفه جلادو نظام الجبهة الذين عذبوا الشهيد علي فضل أحمد حتى الموت. فهؤلاء قد هبطت بهم أمراضهم وعقدهم النفسية واضرابات الشخصية إلى درك سحيق لا تصل إليه حتى الوحوش والحيوانات المفترسة. ليس ثمة شك في ان الجلادين المتورطين في تعذيب علي فضل حتى الموت قد تربوا في كنف تنظيم الجبهة الإسلامية على مبادئ فكرية وسياسية تجعل الفرد منهم لا يتورع عن الدوس على آدمية وكرامة الآخرين وقدسية الحياة ولا يترددون لحظة في إذلال وتعذيب البشر حتى الموت.

خـلـفـيـة
كان للإضراب الذي نفذه الأطباء السودانيون إبتداء من يوم الأحد 26 نوفمبر 1989 أثراً قوياً في كسر حاجز المواجهة مع نظام الجبهة الفاشي الذي استولى على السلطة أواخر يونيو من نفس العام بإنقلاب عسكري أطاح حكومة منتخبة ديمقراطياً. وبقدرما أذكى ذلك الإضراب روح المقاومة ومواجهة الطغمة التي استولت على السلطة بليل، أثار في المقابل ذعراً واضحاً وسط سلطات النظام الإنقلابي الذي بدأ حملة ملاحقات وقمع وتنكيل شرسة وسط النقابيين والأطباء على وجه الخصوص. وفي غضون أيام فقط جرى اعتقال عشرات الأطباء، الذين نقلوا إلى بيوت الأشباح التي كان يشرف عليها في ذلك الوقت “جهاز أمن الثورة”، وهو واحد من عدة أجهزة أمن تابعة لتنظيم الجبهة الإسلامية ومسؤولة عنه مباشرة قياداته الأمنية: نافع علي نافع والطيب سيخة وعوض الجاز. كما ان فرق التعذيب التي مارست هذه الجريمة البشعة ضد عشرات الأطباء كانت بقيادة عناصر الجبهة الإسلامية من ضمنهم الطيب سيخة وعوض الجاز وابراهيم شمس الدين وبكري حسن صالح والطبيب عيسى بشرى ويسن عابدين.

الإعـتـقـال ووقـائـع الـتـعـذيـب
• ما حدث للشهيد علي فضل يُعتبر جريمة قتل مع سبق الإصرار والترصد لأن كل حيثياتها تؤكد ذلك. فقد توعّد العقيد (الرتبة التي كان يحملها عند حدوث الجريمة) الطيب إبراهيم محمد خير –الطيب سيخة- باعتقال علي فضل واستنطاقه ودفنه حياً وتعامل مع هذه المهمة كواجب جهادي، وهو قرار اتخذه الطيب سيخة قبل اعتقال علي فضل. فقد تسلّم الطيب سيخة (عضو لجنة الأمن العليا التي كان يترأسها العقيد بكري حسن صالح) مطلع ديسمبر 1989 تقريراً من عميل للأمن يدعى محمد الحسن أحمد يعقوب أورد فيه أن الطبيب علي فضل واحد من المنظمين الأساسيين لإضراب الأطباء الذي بدأ في 26 نوفمبر 1989.
• اعتُقل الشهيد علي فضل مساء الجمعة 30 مارس 1990 ونقل على متن عربة بوكس تويوتا الى واحد من أقبية التعذيب، واتضح في وقت لاحق ان التعذيب قد بدأ ليلة نفس اليوم الذي اعتُقل فيه. وطبقاً لما رواه معتقلون آخرون كانوا في نفس بيت الاشباح الذي نقل إليه، اُصيب علي فضل نتيجة الضرب الوحشي الذي تعرض له مساء ذلك اليوم بجرح غائر في جانب الرأس، جرت خياطته في نفس مكان التعذيب وواصل جلادو الجبهة البشاعة واللاإنسانية التي تشربوها فكراً واحترفوها ممارسة.
• إستمرار تعذيب الشهيد علي فضل على مدى 52 يوماً منذ اعتقاله مساء 30 مارس 1990 حتى استشهاده صبيحة 21 أبريل 1990 يثبت بوضوح إنه هزم جلاديه، الذين فشلوا في كسر كبريائه وكرامته واعتزازه وتمسكه بقضيته. ومع تزايد وتائر التعذيب البشع اُصيب الشهيد علي فضل بضربات في رأسه تسببت في نزيف داخلي حاد في الدماغ أدى الى تدهور حالته الصحية. وحسب التقارير الطبية التي صدرت في وقت لاحق، لم يكن على فضل قادراً على الحركة، كما حُرم في بعض الأحيان من الأكل والشرب وحُرم أيضاً من النظافة والإستحمام طوال فترة الإعتقال.
• نُقل الشهيد علي فضل فجر يوم السبت 21 أبريل الى السلاح الطبي وهو فاقد الوعي تماماً، ووصف واحد من الأطباء بالمستشفى هيئته قائلاً: “إن حالته لم تكن حالة معتقل سياسي اُحضر للعلاج وإنما كانت حالة مشرد جيء به من الشارع…. لقد كانت حالته مؤلمة… وإنني مستعد أن اشهد بذلك في أي تحقيق قضائي يتقرر إجراؤه”.
• العاملون بحوادث الجراحة بالمستشفى العسكري اضطروا للتعامل مع حالة الشهيد علي فضل كمريض عادي دون التزام الإجراءات القانونية المتعارف عليها وذلك بسبب ضغوط رجال الأمن الذين أحضروا الشهيد بخطاب رسمي من مدير جهاز الأمن وأيضاً بسبب تدخل قائد السلاح الطبي، اللواء محمد عثمان الفاضلابي، ووضعت الحالة تحت إشراف رائد طبيب ونائب جراح موال للجبهة الإسلامية يدعى أحمد سيد أحمد.
• فاضت روح الطبيب علي فضل الطاهرة حوالي الساعة الخامسة من صبيحة السبت 21 أبريل 1990، أي بعد أقل من ساعة من إحضاره الى المستشفى العسكري، ما يدل على أن الجلادين لم ينقلوه إلى المستشفى إلا بعد أن تدهورت حالته الصحية تماماً وأشرف على الموت بسبب التعذيب البشع الذي ظل يتعرض له.
• بعد ظهر نفس اليوم أصدر طبيبان من أتباع تنظيم الجبهة، همابشير إبراهيم مختار وأحمد سيد أحمد، تقريراً عن تشريح الجثمان أوردا فيه ان الوفاة حدثت بسبب “حمى الملاريا”، واتضح لاحقاً أن الطبيبين أعدا التقرير إثر معاينة الجثة فقط ولم يجريا أي تحليل أو فحص. وجاء أيضاً في شهادة الوفاة (رقم 166245)، الصادرة من المستشفى العسكري باُمدرمان والموقعة بإسم الطبيب بشير إبراهيم مختار، أن الوفاة حدثت بسبب “حمى الملاريا”.
• بعد اجتماعات متواصلة لقادة نظام الجبهة ومسؤولي أجهزته الأمنية، إتسعت حلقة التواطؤ والضغوط لاحتواء آثار الجريمة والعمل على دفن الجثمان دون اتباع الإجراءات القانونية اللازمة. فقد مارس نائب مدير الشرطة، فخر الدين عبد الصادق، ضغوطاً متواصلة لحمل ضباط القسم الجنوبي وشرطة الخرطوم شمال على استخراج تصريح لدفن الجثمان دون اتباع الإجراءات القانونية المعروفة، فيما فتحت سلطات الأمن بلاغاً بتاريخ 22 أبريل بالقسم الجنوبي جاء فيه ان الطبيب علي فضل أحمد توفي وفاة طبيعية بسبب “حمى الملاريا”. العميد أمن عباس عربي وقادة آخرون في أجهزة الأمن حاولوا إجبار اُسرة الشهيد على تسلُّم الجثمان ودفنه، وهي محاولات قوبلت برفض قوي من والد الشهيد واُسرته التي طالبت بإعادة التشريح بواسطة جهة يمكن الوثوق بها.
• إزاء هذا الموقف القوي اُعيد تشريح الجثة بواسطة أخصائي الطب الشرعي وفق المادة 137 (إجراءات اشتباه بالقتل) وجاء في تقرير إعادة التشريح ان سبب الوفاة “نزيف حاد بالرأس ناجم عن ارتجاج بالمخ نتيجة الإصطدام بجسم حاد وصلب”، وبناء على ذلك فُتح البلاغ رقم 903 بالتفاصيل الآتية:
-المجني عليه: الدكتور علي فضل أحمد
-المتهم: جهاز الأمن
-المادة: 251 من قانون العقوبات لسنة 1983 (القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد).
لم تتمكن (العدالة) من النظر في القضية وأوقفت التحريات نتيجة الضغوط المتواصلة والمكثفة من نظام الجبهة ورفض جهاز الأمن تقديم المتهمين الأساسيين للتحري، أي الأشخاص الذين كان الشهيد تحت حراستهم ، وهم المتهمون الأساسيون في البلاغ.

الآتية أسماؤهم شاركوا، بالإضافة إلى الطيب سيخة، في تعذيب د. علي فضل (أسماء حركية وأخرى حقيقية لأن غالبية الجلادين كانوا يستخدمون أسماء غير حقيقية)
-نقيب الأمن عبد العظيم الرفاعي
-العريف العبيد من مدينة الكوة
-نصر الدين محمد
– العريف الأمين (كان يسكن في مدينة الفتيحاب بامدرمان)
-كمال
– حسن (إسمه الحقيقي احمد محمد وهو من منطقة العسيلات)
-عادل سلطان
– حسن علي (واسمه الحقيقي أحمد جعفر)
– عبد الوهاب محمد عبد الوهاب (إسمه الحقيقي علي أحمد عبد الله… من شرطة الدروشاب)
-نصر الدين محمد
– الرقيب الأمين (كان يسكن بمدينة الفتيحاب بامدرمان)
– الرقيب العبيد (كان يسكن في سوبا مطلع التسعينات وهو عضو بالجبهة القومية الاسلامية)
– على الحسن
ويبقى القول ان جلادي وقتلة علي فضل معروفون…. وسيطالهم القصاص… هم وكل من كان في موقع مسؤولية في سلطات النظام في ذلك الوقت إبتداء من أنفار الأمن وحتى مجلس قيادة الإنقلاب والمجلس الأربعيني وعناصر وقيادات الجبهة التي كانت تدير دولة القهر والبطش من خلف كواليس اُخرى.

ســنـذيـقـهـم جُـرحـاً بـجُــرح…. ودمــاً بــدم
والـظـلــم لـيـلـتـه قـصـــيـرة
(بعض المعلومات الواردة في هذا البوست من موقع درب الإنتفاضة)
منقول سودانييز اون لاين

 

Print Friendly, PDF & Email

عن laalaa

شاهد أيضاً

معاً ضد ترحيل طالبي اللجوء إلى السودان

Share this on WhatsAppدعوة للتجمع أمام وزارة الخارجية احتجاجاً على إجراءات ترحيل طالبي اللجوء السياسي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.