الأربعاء , مايو 15 2024
ardeenfr
أخبار عاجلة
الرئيسية / أخبار لالا اليومية / *قصاصات* اوراق مبعثرة (20) …

*قصاصات* اوراق مبعثرة (20) …


جاءت العصابة وكأنهم خلية نحل لم يهتموا بي ، بل كل أتجه لمنزلته وأسمع أصواتهم يتطايرون كأنهم يعدون لأمر ، او لديهم معركة ، حتي جاءني (شطة) وقال لي :
نحن حزمنا أمرنا سنخدعه بموافقتنا تسليمك له وأعددنا كل شئ اصعب مافي الأمر انك ستكون معنا في قلب المعركة ، لم اتمالك نفسي وقلت له :
هل أنت مجنون ؟ انا رجل مهندس ولم اشاهد في حياتي رجل ميت تقحمني في معركة!! ، لن اكون معكم ، لم يعطيني الفرصة في حديثي كعادته فقال : لقد حسمت الأمر وسوف يذهب أحد رجالنا بديلا لك وستكون معي في سيارة ، ونحن حددنا التسليم هنا في طرف هذه القرية وسيقوم  بديلك بإرتداء (الكدمول) في وجهه وفي الليل لاتظهر وجوه الرجال ، وستكون مقابرهم جماعية بإذن الله، وذهب دون أن يأخذ رأيي لقد تأكدت أن هذا الرجل مجنون والغريب انه يقحم اسم الله في القتل !، يبدوا أنني قصدت مكان خرجت منه الإنسانية ، والحقيقة خرجت أبحث عن درع أو حديدة اضعها في صدري وماذا لو جاءت الطلقة في رأسي ، والله لو حضر مجنون ليلي هذا الأمر لفر بجلده ماذا يجبرني ؟
كان يجب ان اخذ (اسماء) وأهرب بها فهي لاتشبه هذا المكان ، ولكن كيف وهي اصبحت مقعدة ، وانا افكر واسمع صوتهم وكأنهم  فرقة  صيانة السلاح ، هذا يحمل اجزاء لسلاح ، وهذا يحمل ماسورة سلاح ، ماهذا الجنون ابناء وطني؟!، والوقت يسير حتي بدأت أحس أن اقدامي ايضا اصبحت لا تتحرك وهذا من الخوف والرهبة ، والوقت ينطلق كأنه سهم وشعرت أن الشمس تجري هي الأخري والظلام يحتدم ، والسيارات تدور وسمعته يصرخ باسمي ذاك المعتوه (شطة) واحسست بان هذا يوم لن يمر بسلام فقد أعطاني فرحة تقربلت في مصافي حياتي منذ أمد ، ويبدو انه يريد أن يستعيد ما أخذته ، وتحركت وهو يقول لي:
اصعد الي السيارة ، صعدت في الكبينة الأمامية وكان معه شخص آخر، قال لي هذا سيكون بديلك فلا تخاف ، ولا أريد أن يعلم غيرنا بهذا التغيير .
وتحركت السيارات في اتجاه ، وتحرك هو في اتجاه منزل (اسماء) ولم يتوقف وكان يسير ببطء كأنه يكشف المكان من دخيل ، وشاهدتها ومعها اخوتها كانهم أشباح سوداء الا هي تبرق في وسطهم وهي جالسة ، ولم اشعر بنفسي الا وانا اضئ لمبة الكبينة الأمامية فهي تعلم أن هذه السيارة ملك لأخيها (شطة) ، واللحظة التي توهج الضوء سمعت صوتها تناديني ، وسحب (شطة) يدي من قابس الاضاءة حتي شعرت أنه سيقطعها ، واطفأ النور وصوتها يتناهي الي مسامعي ، وحاولت أن اتبينها وتتبينني ، وقال لي (شطة)  :
لو فعلت ذلك والله لأرميك من السيارة ، صمت كان جادا” فكونه يسقطني من السيارة شئ بسيط بالنسبة له ، توقفنا خلف منازلهم وطلب مني تغيير الملابس مع الذي يجلس جواري تبادلناها بسرعة ولبس ذاك الرجل (الكدمول) ، وانطلقنا حتي جاورنا تلة ، وقال للرجل الذي معنا اذهب وقف مع سيارتنا ، كان المكان قريبا جدا” حتي اني أرى منزل (اسماء) بسهولة ورغم الظلام ، اختفي الرجل في الظلام ، وبدأت تتوافد السيارات ولكنها  تقف قصاد الآخرى ، وانا جالس في السيارة مع هذا  المعتوه ، في صمت مدقع فهو لا يتحدث الا في الموت ، فمن الأفضل الصمت .
وفجأة شعرنا بسيارة مطفأة الاضواء تقف خلفنا ، حاول (شطة) أن يسحب سلاحه ولكنه تفاجأ بفوهة لسلاح موضوعة علي رأسه ، كما أنا ايضا ، وسمعت الصوت المحبب لأذني انه الضابط (فضل السيد) ، وهو يقول:
اياك ان تتحرك يا (شطة) ، اسحب رجالك بهدوء حتي لا تقضي حياتك في السجن ، فقال له (شطة):
الا تري السيارات الفي الجهة مقابلة ، عندي امرين وهم القبض عليك واعادة الباشمهندس (قصي) فجميع اهله حضروا في الحامية العسكرية بعد ما اخطرتهم الطبيبة بالقصة ، فقلت له : ولكنني لم اعطها رقم الهاتف الصحيح ، هذا ما جعلها تشك وتقلق وتتصل بمكتبكم الذي اعطاها الرقم الصحيح ، المهم والدتك واختك وصديقك (سليمان) جميعهم معنا في القيادة ، تحركوا ، تحركوا.
أرسل (شطة) اشارة ، فتحركت السيارات في اتجاة القرية ، وركب الضابط بجواري وانا –أحمد الله — علي السلامة ، ونحن علي مشارف الدخول للقرية سمعنا صوت الرصاص يتطاير ، فقلت لهم ماهذا ؟
فقال (شطة)
: لقد خدعنا ، وقسم (حميدان) قوته لمجموعتين ، وهاجم القرية وأظن أنه علم بخطتي وعدم تسليمه لك ، ولكن اقسم بالله سأقتله ، طال الزمن أم قصر !،
كانت القرية يسودها الهرج والمرج وكان الجميع يتسابقون للاطمئنان علي ذويهم ، كنا وصلنا منزل (اسماء) ، وكان عويل النساء يسبقنا ، ولم يكن يهمني شئ سوي (اسماء) ولم ادع السيارة تتوقف جيدا ، وانا ادفع الضابط ؛ ليفتح مسار لأقفز مسرعا” كان المكان  مظلما  ، وعدوت وعندما وصلت وجدت مجموعة من النساء يحطن بسرير (اسماء) من كل اتجاه ، واصبحت حتي اذني لا تسمع ما يقلن حتي دفعتهن جانبا ، كانت (اسماء) مستلقية ، علي سرير ويبدوا انهم يضعون لها مساند ، جلست بقربها وامسكت بيدها ولا أدري لماذا يصرخن هؤلاء النسوة ؟ وكانت تنظر بعينيها الجميلتين فسألتها : (اسماء) هل أنتي بخير ، كانت تحاول أن ترد وصوتها بعيدا” فهبطت بجسمي كي اسمعها وهي ممسكة بيدي قالت لي :
عد الي وطنك يا (قصي) وابحث عن اسماء ولا تهدر حبك ، قلت لها : انتي حبي (اسماء) ، قالت لي:
لقد انتهي كل شئ يا (قصي) شعرت بملابسها مبتلة ، انها دماء ،  دماء وصرخت فيهم ، وانا احتضنها ماذا حدث أرجوكم خبروني ، وكن يصرخن لقد قتلها (حميدان) كانت تحاول أن تهمس لي :
لقد وجدت ما تمنيته ، لقد كنت أتمني أن أموت في احضانك ، وهأنذا  أموت في حضنك ، عد لديارك  .. عد لديارك .. كان صوتها ياتي من بعيد ضعيفا” قلت لها :
ستعيشين في أحضاني لا تقولي مثل هذا الحديث ، كنت اصرخ:
احضروا طبيب ، احضروا طبيب ، بدأت اياديها توهن ، وعيونها تخبوء ، وجسدها يثقل ، وأشعر بدمائها تسقي جسمي ، وشعرت بأنها لا تتحرك ، هززتها بلا جدوي ، وصراخ النسوة  يزداد ، وعيونها تنظر الي السماء بلا رجعة .. لقد ماتت (اسماء) .. ماتت (اسماء) ….

النهاية

Ghalib Tayfour

 

Print Friendly, PDF & Email

عن laalaa

شاهد أيضاً

حزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي

Share this on WhatsAppحزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي طالعنا البيان المؤسف الصادر من سكرتارية اللجنة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.