السبت , أبريل 27 2024
ardeenfr
أخبار عاجلة
الرئيسية / مكتبة غالب طيفور / رجل استثنائي في زمن غير استثنائي

رجل استثنائي في زمن غير استثنائي

رجل استثنائي في زمن غير استثنائي  (1) …

وهنا الحديث عن الشقيق:

(غالب طيفور الشائب)

الوطنية وما أدراك ما الوطنية ، وسمها إن شئت بالفخر القومي كذلك، هي التَعَلُّقُ العاطفي بأُمة يعترف بها الفرد وطنا”. والوطني هو من يحب بلاده ،ويكون حادبا”على مصلحة ابناء شعبه ، ويحفظ حقوق بلاده ، ويصون مصالحها.
يمكن النظر إلى هذا الإرتباط من خلال العلامات المميزة للأمة والتي قد تشمل جوانب ٳثنية ، وثقافية وسياسية وتاريخية ، تنبع المشاعر الوطنية من الحِسٍّ بالارتباط والانتماء، والتضامن والالتزام. وتتضمن مجموعة مفاهيم ومدارك وثيقة الصلة بالقومية، لأن واقع الحال يفيد بأن المصالح مِلكٌ للأمة، وليس للبلاد بالمعني الحرفي. تُستخدم الوطنية والقومية بشكلٍ متعارض في كثير من الأحيان، وإن أمكن  القول هما وجهان لعملة واحدة.
الوطنية مفهومٌ أخلاقي، وأحد أوجه الإيثار لدفعها المواطنين إلى التضحية براحتهم، وربما بحياتهم، من أجل بلادهم.
وَصَفها (جورج هيغل): بالـ”مشاعر السياسية”، واعتبر تضحية المرء بفرديته لصالح الدوله أعظم اختبارٍ للوطنية، غير أنه إشترط وجود الحوكمه.
بالنسبة (لجان جاك روسو) لم تنفصل الوطنية عن الحرية ، وجادل باستحالتها في مجتمع مستعبد ، كما عَبَّرَ عن إرتيابه ممن يُظهرون انتمائهم للإنسانية دون التزامٍ لأقوامهم.
قبل عامين أذكر بالضبط (2016/8/8) ، قرأت في صحيفة (البنا الوطني الإلكترونيه)
عنوان بارز لفت  إنتباهي هو:
(هروب سياسي سوداني الي مصر سرا”) دفعني  شعور قوي لمعرفة ذلك الإنسان الذي ضحى  بنفسه من أجل الكرامه ، وقيم العداله الإنسانيه.
رجل تصعب مقارنته بأي شخصية أخرى ، خصوصا في ظلّ قدرته على الجمع بين السياسة ، والصحافة ، والفن ، والرياضة ، والشعر وأضف لذلك بأنه أديب أيضا.
عرف ببراعته في السياسة ،
وأعرف السياسه كما عرفها (ابن خلدون) بأنها حب الخير للمجتمع ، وكثيرا ما ربط (ابن خلدون)بين السياسة والأخلاق ، حيث يرى
أن الأخلاق تكسب الدولة القوة، و أن زوال الأخلاق سبب لضعف الدولة  وانهيارها ، لذا ربط (ابن خلدون) بين الظلم وخراب الدول حيث يقول في كتابه المقدمة (… فإن الملك إذا كان قاهراً باطشاً بالعقوبات، منقباً عن عورات الناس وتعديد ذنوبهم ، شملهم الخوف والذل ولاذوا منه بالكذب والمكر والخديعة فتخلقوا بما فسدت بصائرهم وأخلاقهم، وربما خذلوه في مواطن الحرب والمدافعات وفسدت الحماية بفساد النيّات، وربما اجتمعوا على قتله لذلك فسدت الدولة)

هنا كان (غالب) أخلاقيا لدرجة
ذهب (غالب طيفور) ضحية القهر الذي تمارسه الإنقاذ ضد الشعب السوداني بكل مكوناته ، والعجز عن تعاطي الحاكم مع الناجحين.
و لابد أن نعرف من هو (غالب طيفور الشائب محمد):
من مواليد مدينة امدرمان حي  (ود البنا) بتاريخ (1970/5/13) تشرب روح الإباء وقول الحق والنضال ؛ ولا غرو في ذلك،
تربي في كنف والده الفذ (طيفور الشائب) السياسي الأبرز في الحزب (الوطني الاتحادي)  في ستينيات القرن الماضي .
ثم التحق بالمدرسة (الأهليه الثانويه) ثم الي جامعة النيلين (كلية التجاره — قسم المحاسبه)
سار علي نهج والده ،وكان
للحكم العسكري رأي آخر في ذلك.
كان (غالب) سودانيا”صميما تفوق سودانيته علي الكثيرمن ابناء جيله ،
ايضا سياسيا” من الطراز الأول .
(غالب طيفور) شخصية  جذابة، حالما تلتقيه يدخل قلبك، ويفرض احترامه عليك.
حازم حين تتطلب بواطن الأمور الحزم، لا يتردد في اتخاذ قرار محسوب محسوم بحكمة وحنكة، ولينٌ الجانب متفهم، لا يَظلم أو يُظلم عنده أحد .
من الصعوبة بمكان – مهما اجتهدت – ان تطوّع الكلمة، محاولاً ان ترتقي بها لقامة الرجل ، ومدى احترامك له، ولشخصه الذي لا أروع ..لذا، عندما تكتب عن رمز وطني بحجمه، يخونك التعبير أحياناً، وتستشعر بضآلة امكانات قلمك، الذي يحاول هو الآخر جاهداً – علّه – يرتقى لقامة عزّ رحم الساحة السياسيه مؤخراً، عن إنجاب أمثاله، وسادت فيها سودانيه مصنّعة معلّبة، سريعة التحضير، والذوبان كذلك .
صفحات الحياة كانت الشاهد على رؤية (غالب) الثاقبة سأستعرض جزءا” من مواقفه :
كان من اوائل ضحايا التمكين الأسلاموي
في العام (1991) تم فصله من (المواصلات السلكيه واللاسلكيه) بالغاء الوظيفه.
وبعد ثمانيه شهور تم تعيينه في الشركة السودانيه للإتصالات(سوداتل)
وفي العام (1994) تم اعتقاله ، وفصله بسبب إضراب عام للشركة
كان أول اعتقال له بتاريخ (1994/8/1)
وللاحداث بقية..
في العام( 2002 ) عمل في (السلاح الطبي) قسم الاحصاء .
وهنا اذكر قصة مشهوره له مع (مدير شئون العاملين)إذ لم يرض بالظلم ، واستغلال النفوذ ، عندها تعارك معه في مكتبه بسبب الفساد ، وأكل أموال الضعفاء ،
وصلت القضية الي المحكمة
تم الضغط عليه بواسطة (الأجهزة الأمنية) ليقدم استقالته لكنه رفض ، فتم نقله الي (جبال النوبه)
وبعد محاولات جادة  لمحاربة المفسدين لم يستطيع ان يفعل شيئا ، فتقدم بطلب استقالته ، بسبب السياسات الإستغلاليه للعاملين في المؤسسه.
في العام (2007)م تقدم بطلب لإعادة اصدار صحيفة (النداء) ولكن تم الرفض من قبل السلطات
اشترك في انقلاب عام (2010)م مع آخرين دون ذكر اسمائهم
وتم القبض علي والده واخوه الأكبر وهرب هو الي مدينة (الدمازين)
وبعد بقائهم عاما في الاعتقال تم العفو العام عنهم.
و بعدها ترك العمل الحكومي ، وعمل بالتجارة ،وأسس مكتبا خاصا به في سوق (أمدرمان)ويبدو أن هذا المكتب كان مصدر خوف لإجهزة الأمن ، عندما قامت يوم (2015/3/18)  بإعتقاله مع ابنه (محمد طيفور)  ذو الأربعه أعوام وقضاء ثلاثة أشهر في (سجن كوبر) تعرض خلالها للتعذيب والتنكيل.
وبعد ذلك تم تهريبه عن طريق مصر، ومن ثم الي فرنسا .
ما كتبته في هذا المقال لا يعد قطرة من بحر شخصية السوداني الوطني الفذ(غالب).
والذي اعتبره من وجهة نظري المتواضعة رجلا” استثنائيا،  وكان يفسّر مواقفه بأنّه ليس أشرف من الذين ماتوا من أجل الحريه
في عالم لا تسوده سوى المصالح ، ولا تنفع فيه العواطف.

Print Friendly, PDF & Email

عن laalaa

شاهد أيضاً

أصدر تحالف قوى الاجماع الوطني احد مكونات قوى الحرية والتغيير بيانا،انتقد فيه الميزانية التي اجازتها الحكومة الانتقالية

Share this on WhatsApp#الهدف_بيانات أصدر تحالف قوى الاجماع الوطني احد مكونات قوى الحرية والتغيير بيانا،انتقد …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.