الأربعاء , مايو 1 2024
ardeenfr
أخبار عاجلة
الرئيسية / مكتبة غالب طيفور / نظرة العالم الأول أشد فتكا” …

نظرة العالم الأول أشد فتكا” …

نظرة العالم الأول أشد فتكا” …

أبتدر حديثي بجغرافيا المكان عندما تكون من الاسراب المهاجرة ، في دولة أتيت اليها تبحث عن مآوي وملاذ ، تحدوك الآمال بفيض من الحرية والديمقراطية ، والمساواة ، وكثيرا من العدالة الاجتماعية التي تنبع كمنهج وسياسة وثقافة  اتخذتها وسيلة ، وأمنت عليها الدولة المعنية ، وطبقتها بنسبة كبيرة ، ورغم ذلك تبقي الأولوية الوطنية لمواطنيها خطوطا” حمراء لا يمكن تجاوزها ولا تتشابه مع خطوطنا التي ينادي بها حكامنا في مظلة دول العالم الثالث ، فهم يظهرون خلف ما يبطنون ، ولكن دول العالم الأول لديها معيار الصدق هو الأعلي ، والأفضل ، رغم استهزائنا بكفرهم وعدم تصديقهم ، للرسالة المحمدية السمحاء ، التي أتانا بها رسولنا الكريم (صلى الله عليه وسلم) مؤكدا ذلك بقوله :(إنما بعثت لأتمم  مكارم الاخلاق) . 
وتصبح رغم ذلك فجوة ما بين التطبيق المتكامل في الاشخاص ، واستيعابهم للتطبيق ، واحساسهم بالإحقية المطلقة لحقوق المواطنة ، والانتفاع بثروات بلادهم بدون مزاحمة او التضييق عليهم ، فيمنحون الأولوية من دولهم بصورة غير مباشرة ، وهذا شئ يعد طبيعيا ، وتحسه أنت الوافد ، قبل أن يحسسك به المواطن الأصلي ، ولكننا دائما نطمع كثيرا ، فعندما يكون لديك معاملة في احدي المرافق العامة ، أو الخاصة ، فينتابك إحساس بأنك سوف تعامل معاملة المواطنين ، فتصطدم بخيبة لتوقعاتك التي صنعت آمالا” عراض في عقلك بعد أن امسي لا يفكر أبعد من مداسه ، وتدق علي ذاكرتك نعرة الأصل ، والمنبع من أين انت ؟ حتي تتحسر بعد ان ارتفعت أمآلك حتي تساوت مع المواطنين ، أسياد الارض والوطن ؟ وتكون ردة فعل مؤلمة تكتمل بقصاصة صغيرة تحوي عدة كلمات وهي : هذا الطلب مرفوض هو خاص بالمواطن فقط ……….. ، في هذه اللحظة ستطير بك الاشواق ، وتحط بك الي ما تركته خلفك من كرامة ، وأنت تغادر منبعك ، ومرتعك  وستعاودك أشرطة لتفاصيل المعاملات التي كنت تزاولها في وطنك ،  وكيف كنت تثور ،  وتزأر من جراء تاخير معاملاتك ، وأنت عزيز مكرم ، دعك من رفضها ، حينها  وفي هذه اللحظة ، ستبحث عن مقعد جوارك حتي لا تسقط ، وتعتصرك الآلام ، وتشعر بطعم المرارة في فمك ، ولكنها تبقي تصاريف الزمان التي هجرتك ، وتخلق الأعذار لنفسك حتي لا تضجر مما حدث ، وحتي الصفوف التي يقف فيها الوافدين تتراص بجانب منفردا” ؛ تبين حقوق بين المواطن والاجنبي ، حتي ولو توحدت فأنت مجبر ان تنذوي جانبا” ، والنظرات  التي تصب في اتجاهك لها معني ، وتوضح أنك دخيل ، وتنحصر في البيئة التي من حولك سكانيا ، وتعليميا” ، وثقافيا” ، فالجنس كما يقال للجنس رحمة ، سيستوعب عقلك معني الأصل الذي تنتمي اليه ، لا يوجد مشاعر وأحاسيس ، يستطيع  إنسان أن يوصف بها معايير حقوقه الوطنية ، وانتماءه سوي بالهجرة او الأغتراب ، التي تتأكل فيها  سنين عمره كما تأكل النار للهشيم ، والعزلة المجتمعية ، والضغوط النفسية ، وتساقط الثقافة والجغرافيا ، كل ذلك يجعلك عرضة للتهتك الداخلي والانحلال النفسي ، ويبعث فيك البرود في تقبل الأفراح والأتراح لمجتمعاتك التي هجرتها  ، ويسدل ستار الترابط بإنقطاع المزامنة والتواصل ، وتذوب مشاعر النفس رويدا رويدا ، بعوامل شتى ، فالعالم المتقدم مبني علي إستغلال الوقت في النواقص بعولمة تملأ مسامات الوقت ، وتجبرك علي التقوقع في المجتمع المتقدم علميا ، والإنصهار فيه ، وحتي لو إنصهرت في المجتمع الجديد ، وتمسكت بثقافته ، وتعودت عليها ، ودخلت المجتمع من أوسع أبوابه ، فتجد هنالك عوائق التدرج الطبقي والوظيفي ، والمتطلبات الضخمة التي تندرج تحت أعباءك التي يشكل الفشل ، والإخفاق جزءا كبيرا من الاطاحة بك ، اما النجاح فهو محمود لا يسعد به احدا” سواك ، وتبقي الحقيقة الماثلة امامك ، تقلدك لهذا المنصب أو العمل يحتم  عليك النجاح فقط .
وتكون هناك المعاملات التي تبني خلف الكواليس التي تخص المواطنين أصحاب الارض ، كما يحلو لي تسميتهم ، فلا يمكنك الإطلاع عليها فهي تتبع للدرجات العليا، وتدرجك الوظيفي او الطبقي دائما ما يتوقف في حدود معينة ، لا يتجاوزها ، وكما لا يمكنه ان يتخطاه ، مهما تقدمت المفاهيم في الدولة التي انت أجير ، أو مستعمل في منشأتها ، او راعي لمصالحها ، فتكون مصلحتها في حدود الأقل .
الحصيلة والآمال مالية كانت او ثقافية ، او اجتماعية التي تضعها في حساباتك ، وتنسج عليها احلامك ، ومشاريعك تكون في الغالب عرضة للإنهيار بسبب دراسات مفكري الشعوب الذين وضعوها وفقا  لاستراتيجية دولهم للانتفاع المخصوص ، وكلمة المخصوص يقصد بها اصحاب الارض (المواطنين) هم الاكثر إنتفاعا ، فانت سلم لدولتهم لا أكثر ولا أقل للوصول لمبتغاهم .
لقد صنعوا إقتصادهم  بتأني ، ووضعوا قيودا لسقوف مواطنيهم ، حتي لا تبقي إهدار للاموال ، نتيجتها استشراء الفساد ، والإنحلال الاقتصادي لشعوبهم .
اذا” التطور الاقتصادي لدول العالم ، أول نجاحها في توفير رفاهية بمناسيب محسوبة العواقب ، وفتح فرص لثقافات متكاملة ورعاية  مجتمعيه دقيقة ، وتوفير الضروريات ، والكماليات بحيث لا ترهق الدولة اقتصاديا” ، وتحفظ حق المواطن في انتقاؤها بمفاهيم تدرجية ، وتضع لهم الحدود والفواصل ، التي تحجمهم من التبذير ، لتخلق منهم مواطنا” صالحا” لوطن مكتمل الملامح .
ولكنها تتعامل مع الوافدين والمهاجرين بمتنفس الحرية التي تتشابه مع مفاهيمنا التي اقعدتنا في مصافها ،  وتعطيك سندات حياتيه تتشابه مع مواطنيها ، ولكنها في حقيقتها ليست كاملة كما تظن ، وتجعل منك وافدا” بمواثيق ضعيفة البنية عليه ، تذكرك دائما بأنه عليك العودة طال الزمن أم قصر ، وتفتح دائما لك احساس الدونية ، بشعوب لم تستطيع أن تمنح نفسها حريتها في موطنها ، وجعلت قادتها أن يهدروا حقوقها ، ليأتوا للبحث عن حقوق الآخرين ، وهم ضعاف اذا فضلوا الهروب من واقعهم المر ، ونفدوا بجلدهم فحق علينا نحن الشعوب العالم الأول التكرم عليهم ومساعدتهم .. فتكون النظرة اليك من خلال منظور العطف والشفقة ، أشد فتكا” من حكامنا الذين يكتسون برداء الديكتاتورية البغيض ، وتبقي العودة لموطنك دائما شعاعا تحلم به ، ولا تستطيع أن تصحو عليه …

Ghalib Tayfour

Print Friendly, PDF & Email

عن laalaa

شاهد أيضاً

أصدر تحالف قوى الاجماع الوطني احد مكونات قوى الحرية والتغيير بيانا،انتقد فيه الميزانية التي اجازتها الحكومة الانتقالية

Share this on WhatsApp#الهدف_بيانات أصدر تحالف قوى الاجماع الوطني احد مكونات قوى الحرية والتغيير بيانا،انتقد …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.