الأربعاء , مايو 1 2024
ardeenfr
أخبار عاجلة
الرئيسية / مكتبة غالب طيفور / الترابي … البشير- بين مفكر ومدمر …

الترابي … البشير- بين مفكر ومدمر …

الترابي … البشير 
بين مفكر ومدمر …

لايختلف اثنان في أن الشيخ (حسن الترابي) هو صاحب الفكره من أساسها ، ونعني بها فكرة (المشروع الحضاري) او الوعاء الذي اختارته جماعة (الجبهه الاسلاميه) في السودان كبوتقه ومنصه ينطلق منها المشروع الي آفاق اقليميه بل وعالميه ، يحقق بها المفكر الاسلامي ذو الطموح القاتل ، والذكاء الثعلبي الرهيب احلامه ، التي ظلت تساوره منذ أمد بعيد  ، بعد أن قدر له ان يلعب دورا يعتبر بارزا في (ثورة اكتوبر) الشعبيه التي اطاحت بحكومة الرئيس الراحل الفريق (ابراهيم عبود) .
تلفت استاذ القانون حوله ليجد انه ولتحقيق احلامه وطموحاته لابد له من التقلقل للساحة السياسية السودانيه من عدة ثقوب ، إذ أن الأبواب المشرعه وقتها كانت غير مهيأة الا لدخول العمالقه الذين أغلقوها امام دخول الطامحين الجدد بكاريزمات لا بستطيع أحد مجاراتها ، والتسلل من خلالها فوجد امامه زعامات باذخة الثراء السياسي امثال (الازهري) و(المحجوب) و(عبد الخالق محجوب) وجهابزة الفكر والسياسه ممن لا يسع المجال لذكرهم .
هداه تفكيره الي مصاهرة اسرة المهدي كمظهر اجتماعي يضيف اليه بعضا من النجوميه ، ويكسبه بعدا طائفيا كان يعتبر ارضية صلبه وقتها ، وهذا ما تم له بجانب انشائه مع بعض رصفائه من أهل الاسلام السياسي من خلال تنظيم الأخوان المسلمين وفيهم من كان يسبقه تاريخا ومكانة امثال (صادق عبدالله عبد الماجد) و(جعفر شيخ ادريس) وزملائهم ولكنه سرعان ما اختلف معهم وانشأ جبهة (الميثاق الاسلامي) ومضي في تطويرها وتوسيعها فانضم اليه عدد من الطلاب ، فاضحت كتنظيم طلابي أكثر من كونها حزبا سياسيا ذو قاعدة جماهيريه يعتد بها ، الي ان فاجأه عدوه اللدود (الجماعات اليساريه) بانقلاب مايو والجميع يعلم ما حدث وتلك حقب تاريخيه معروفة لا مجال لها في هذا الحيز.
لكن الذي حدث ان (الترابي) لم تفتر له همه في مقارعة النظام بل مد حبل التواصل معه خاصة في ايامه الأخيرة ليتسلم عدة مواقع مؤثرة ، اتاحت له تطوير جماعته وتنظيمه تنظيميا ، وماليا حتي أشتد عود التنظيم ، وبدأ ذلك جليا من خلال انتهاء الحقبه المايويه ، اذ خرج بوجه جديد  ، وتنظيم قوي حقق به وجودا مؤثرا عقب الانتخابات ، ولم يكن ذلك مقنعا له اذ اندفع جهرا وسرا في اختراقات مؤسسات الدوله العسكريه والمدنيه ، وأعد العده للأستحواذ علي كل اجهزة الحكم والدوله ، فتحقق له ذلك في( الثلاثين من يونيو 1989باستيلاءه علي السلطه بانقلاب عسكري كانت بصمته واضحة وضوح الشمس ، فيما جري وانتهت الامور الي بروزه في مرحلة من المراحل كعراب للنظام الجديد ، ومفكر لكل خططه ووراء كل ما تم كحاكم من وراء ستار يحرك الجميع ، وفق ارادته ويأتمر بأمره الكل الي ان حدث ما حدث عندما اصطدم بقائد الانقلاب ثم (المفاصله) الشهيره وإبعاده عبر خطة تآمريه شارك فيها بعضا من تلاميذته ، وحوارييه علي النحو الذي يعلمه الجميع .
لقد مضي الترابي الي ربه وانطوت صفحته بكل مافيها من اخطاء وتلاطمات ومتاهات وتداعيات ، لكن لاننكر أنه كان مفكرا مرموقا له مؤلفاته ، ومساهماته واسهاماته الفكريه ، وارآئه الفقهيه ، نعترف بذلك رغم اختلافاتنا الجذريه العميقه معه ، ولكن نذكر ذلك احقاقا للحق ، وللحديث عن آثار ما تركه من صنع يديه ذلك ما سنتطرق اليه في سياق مقالنا هذا .
ذكر الترابي انه لايعرف (عمر البشير ) ضابط الجيش الذي أوكل اليه امر قيادة الحركه الانقلابيه الا عندما قدم اليه قبل تنفيذ الانقلاب ، وعندها قال له المقولة التي اصبحت مثلا سائرا بين الناس (اذهب للقصر رئيسا وساذهب للسجن حبيسا ) وقطعا كان الترابي يعلم ان كل الامور ستكون بيده ورهن اشارته وذلك ما حدث بالفعل .
اذ اعتقد ان الكل لا ولن يستطيع ان يعصي اوامره وخرج للعلن حاكما بأمره لا يقف امامه أحد الا لتنفيذ ما يشير به وما يأمر به. حتي (البشير) نفسه وضباطه بمجلس القياده وغيرهم كانوا يخشون بأسه هكذا كان الحال عبر العشريه الاولي من عمر الانقاذ ، فحل مجلس الثوره وادار انتخابات هزليه ، وبقي هو علي رأس مجلس الشعب يشرع القوانين ، ويوظفها وفق ما يشتهي ، وبالفعل احدث شروخا عميقه في مؤسسات الدوله بتقنين عملية التمكين وادخل يده في أخطر الاجهزه كالجيش ، والأمن فطالتها عمليات الادلجه الي ان حاول مد يده الي مؤسسة الرئاسة وهنا شعر (البشير) بخطورة الأمر ، الذي هدد زعامته ، خاصة وان السلطة كانت قد تمكنت منه ولم يعد يستطيع مفارقة الكرسي ، وبمساعدة بعض المتأسلمين علي رأسهم (علي عثمان) وجماعات انتهازيه تسللت للمشاركه أبعد الترابي ولم يعد له دور، بعد أن جرد من السلطه ومن معيناتها الي ان أتاه الأمر الألهي ، فانتهت ايامه ، ولكن لننظر ما آل اليه الأمر وما انتهت اليه الامور ، فقد أهيل التراب علي (المشروع الحضاري )ولم يعد له ذكر حتي بين صفوف المتأسلمين ودفنت بجانبه الحركه الاسلاميه نفسها ، كحركه كانت مهيمنه ومسيطره وانتهي الامر بالوطن الي هذه النهايات المأساويه والتي يقود فيها (عمر البشير) الوطن الي مصير مجهول ، فالوضع مأزوم والإنهيار ماثل أمام الأعين المذعورة  ، انهيار اقتصادي لا نقول انه وشيك ولكنه حدث بالفعل ، وسيطره فعليه لرئيس لا يدري مايفعل ، جرد الجيش الوطني من قوته وأختلق جيشا من المرتزقه واللصوص ، وجهاز أمن متحكم ، ومهيمن ، وجماعات من الأرزقيه تتنازع ما تبقي من مقدرات الوطن ، وثرواته وهكذا كتب لنا ان نعيش عهدا بدأه مفكرا تصحبه فكرة مجنونة ، ومتسلط متجبر نازعه السلطه بقوة السلاح ، وما فتئ يمارس تدميرا يوميا ، لوطن لايستحق هذا المصير المظلم وشعب ضائع تائه .
لكنه لا ، ولن يستكين وسيعود كالعهد به ، ماردا جبارا ، وستشرق الشمس مهما تطاول ليل الظلام …

Ghalib Tayfour

Print Friendly, PDF & Email

عن laalaa

شاهد أيضاً

أصدر تحالف قوى الاجماع الوطني احد مكونات قوى الحرية والتغيير بيانا،انتقد فيه الميزانية التي اجازتها الحكومة الانتقالية

Share this on WhatsApp#الهدف_بيانات أصدر تحالف قوى الاجماع الوطني احد مكونات قوى الحرية والتغيير بيانا،انتقد …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.