الثلاثاء , مايو 14 2024
ardeenfr
أخبار عاجلة
الرئيسية / وثائقيات سودانية / كيف أطعمت دارفور حجيج الحرمين الشريفين لمدة 500 سنة مما تعدون ؟

كيف أطعمت دارفور حجيج الحرمين الشريفين لمدة 500 سنة مما تعدون ؟

من الاستاذ : ثروت قاسم

1- مقدمة .
وعدنا في الحلقة الأولى من هذه المقالة بإستعراض العلاقة التاريخية المتجذرة بين السودان ، والمملكة العربية السعودية ، بمناسبة تولي الملك سلمان خدمة الحرمين الشريفين في يوم الجمعة 23 يناير 2015 . ونختزل في هذه الحلقة من مقالة سابقة بعض اوجه العلاقات الحميمية التي سادت لاكثر من 5 قرون بين دارفور والسعودية .

كيف أطعمت دارفور حجيج الحرمين الشريفين لمدة 500 سنة مما تعدون ؟

كيف أطعمت دارفور حجيج الحرمين الشريفين لمدة 500 سنة مما تعدون ؟

من الاستاذ : ثروت قاسم

1- مقدمة .
وعدنا في الحلقة الأولى من هذه المقالة بإستعراض العلاقة التاريخية المتجذرة بين السودان ، والمملكة العربية السعودية ، بمناسبة تولي الملك سلمان خدمة الحرمين الشريفين في يوم الجمعة 23 يناير 2015 . ونختزل في هذه الحلقة من مقالة سابقة بعض اوجه العلاقات الحميمية التي سادت لاكثر من 5 قرون بين دارفور والسعودية .
وبادي ذي بدء لك أن تصدق او لا تصدق إن دارفور هو الأقليم الوحيد في العالم قاطبة الذي يتكون نصف سكانه من حفظة القرآن الكريم ، ويُوجد به أكثر عدد من المصاحف المكتوبة بخط اليد . وكان المناضل الأمريكي الأشهر مالكولم أكس يحمل في شنطة يده ، وفي حله وترحاله ، مصحفاً من مصاحف دارفور المكتوبة بخط اليد .

كانت دارفور خلال 500 سنة ، من القرن الخامس عشر وحتى القرن التاسع عشر ، ميداناً سماوياً إسلامياً على الأرض . فتسامي الحالة الإسلامية أحال سكانها كلهم جميعهم إلى كائنات مرهفة رهافة فوق بشرية . رهافة خارقة تجعل كل دارفوري يؤثر ، وبه خصاصة ، باقي مسلمي الدنيا على نفسه .

كانت تلك ايام نضرات ، يا هذا !

في تاريخها الطويل ، لم تعرف دارفور الإضطرابات العرقية ، ولا الإبادات الجماعية ، ولا الجرائم ضد الإنسانية ، ولا جرائم الحرب ، ولا ميليشيات الجنجويد الذئبية . كانت واحة من السلام والمحبة والوئام ، ومُغيث للمسلمين في رياح الدنيا الأربعة كما سوف نوضح في السطور التالية .
عندما تنتهي من قراءة هذه الحروف ، سوف تعرف السر وراء الارتقاء البشرى السوداني ، وعظمة الإنسان السوداني ، الذي ما إنفك الأمير الأردني الحسن بن طلال يتغزل في سماحته ومحاسنه ويسميها ( إنسانيات الإنسان السوداني ) … فمن السودانيين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه ، فمنهم من قضى نحبه ، ومنهم من ينتظر ، وما بدلوا تبديلاً ؟

2- المحمل الدارفوري؟

إبتداءً من القرن الخامس عشر ، ولمدة 500 سنة متواصلة وحتى القرن التاسع عشر ، كان سلاطين سلطنة دارفور , يقومون كل سنة , بكسوة الكعبة الشريفة , في ( محمل ) من مئات الأبل المُحملة ( ومن ثم اسم المحمل ) ، يتحرك من فاشر السلطان ، واشنطون ذلك الزمان الجميل ، وقلب العالم الإسلامي ، في طريقه إلى مكة المكرمة !

تتحرك قافلة المحمل من الفاشر كل سنة , في وقت معلوم لكي تصل الي مكة قبل التاسع من ذي الحجة , يوم تركيب الكسوة على الكعبة المشرفة , في ذلك اليوم المحدد من كل سنة هجرية .

كان المحمل الدارفوري , طيلة أكثر من خمسة قرون , يحمل كل سنة , علي ظهور مئات الابل في قافلة باذخة , الأتي :

اولاً :

+ كسوة الكعبة !

ثانياً :

+ مال كاف للصرف على إطعام الحجيج !

ثالثاً :

+ آلاف المصاحف المكتوبة بخط اليد لتوزيعها مجاناً على الحجيج !

رابعاً :

+ ماكولات مجففة لإطعام الحجيج !

دعنا نستعرض في السطور ادناه مكونات المحمل الدارفوري ، كل على حدة .

3- كسوة الكعبة !

يحمل المحمل كل سنة كسوة الكعبة ، وهي عبارة عن قطعة ضخمة من
القماش المصبوغة باللون الاسود , في مصابغ خاصة بكسوة الكعبة في الفاشر ! تتكون هذه القطعة من 16 قطعة محاطة بشكل مربع بعدد من الزخارف الإسلامية ! أرتفاع الكسوة الدارفورية يبلغ 14 مترا , بمحيط دائري بطول 47 مترأ ! ويلف الكسوة حزام دائري بعرض 95 سنتمتر !

تبلغ التكلفة الإجمالية لثوب الكعبة المشرفة , حأليأ , أكثر من 20 مليون ريال سعودي ! فتصور أنسان دارفور كان يصرف ما يقارب هذا المبلغ كل سنة ، طيلة 500 سنة , هي عمر سلطنة الفور العظيمة … 10 مليار ريال سعودي !

4- مال من الدنانير الذهبية !

يحمل المحمل كل سنة محتويات بيت المال السلطاني الدارفوري من الدنانير الذهبية , المُجمع من اهالي دارفور , طيلة السنة , من الزكاة والعشور والفطرة ! ويتم استخدام المال الدارفوري , المدفوع , طواعية , من مواطني سكان دارفور في تجهيز الحرمين الشريفين , وخدمة وأطعام زائري الحرمين الشريفين من الحجاج .

نعم … ربما لا تصدق , يا هذا , ان اهل دارفور , كانوا يطعمون الحجيج , خلال كل موسم حج , وطيلة 500 سنة هجرية !

5- المصاحف !

يحمل المحمل آلاف المصاحف , كبيرها وصغيرها , المكتوبة بخط اليد الدارفوري الخلاب ، لتوزيعها علي الحجيج ! وكما ذكرنا آنفاً ، كان مالكولم اكس , الداعية الامريكي الاسود المشهور , يتبرك ب , ويحمل في شنطتته , دومأ , مصحفأ مكتوبأ بخط اليد الدارفوري , اهداه اليه امام المسجد الحرام , عند زيارته الي مكة المكرمة !

6- المأكولات المجففة !

يحمل المحمل ما لذ وطاب من اطنان الماكولات والحلويات الدارفورية المجففة , والتي توزع علي حجاج الكعبة الشريفة في مكة المكرمة , وزوار الحرم الشريف في المدينة المنورة !

كان أنسان دارفور يفدي الكعبة الشريفة , والحرم الشريف بماله ونفسه وولده , ويؤثرهما علي نفسه ولو كان بها خصاصة !

حقأ وصدقأ … كانت تلك أيام نضرات !

7- أبار علي !

تقع ميقات ذي الحليفة ، بالقرب من المدينة المنورة , في وادي العقيق ! وفيها بئر يطلقون عليها أسم : بئر علي !

يقول لك بعض السوقة ان سيدنا علي ابن ابي طالب قاتل الجن فيها ! ومن ثم أطلاق أسم علي عليها !

ولكن الحقيقة غير ذلك تماما !

البئر تحمل أسم سلطان من سلاطين الفور في القرن السادس عشر , الذي قام بحفرها , بأيادي دارفورية خالصة ! وقام السلطان علي دينار في القرن التاسع عشر , بأعادة حفرها , وترميمها , وتجهيزها لتخدم الحجيج بصورة أفضل ! وأصبح الناس ينسبون أسمها للسلطان علي دينار الذي قام بتأهيلها !

ولكن لأن كان هذا السلطان الفوراوي , أو ذاك , فالفضل يرجع حصريأ لانسان دارفور العظيم !

ولا تزال ( ابار علي ) باقية الي يوم الدين هذا , تذكر بعظمة أنسان دارفور الباذخة !

كان كل سلطان من سلاطين الفور , وخلال خمسمائة عام فائتة , خادم الحرمين الشريفين , بحق وحقيق !
ولم تقتصر خدمة كل سلطان من هؤلاء السلاطين علي الحرمين الشريفين في الحجاز , وأنما تجاوزت ذلك بكثير !

8- السندات !
جعل كل سلطان من سلاطين دارفور من مليط والفاشر , سندات , ( محطات راحة ) , للحجيج القادم من غرب افريقيا ! كان حجيج غرب افريقيا يستجمون بالشهور , في مليط والفاشر , علي نفقة السلطان , قبل مواصلة السير الي الاراضي المقدسة ! كانت مليط والفاشر قبلة حجيج غرب افريقيا ! وكان سلطان الفور ولي أمر ومغيث جميع هؤلاء الحجيج الافارقة , ولمدة 500 سنة مما تعدون من السنين !
حقأ وصدقأ … كانت تلك أيام نضرات !
9- حضارة دارفور !
ثقافة دارفور الاسلامية ضاربة في القدم ! أوليست دارفور هي المنطقة الوحيدة في العالم , التي يتكون نصف سكانها من حفظة القران الكريم !
تميزت دارفور بحضارة تليدة منذ القرن الخامس عشر . وقتها لم يكن لامريكا وجود , وكانت اروبا , ترزح في ظلام القرون الوسطي ! الحضارة الدارفورية الشامخة التي تتجلي في العمارة الجميلة , وفنون الزراعة المتنوعة , والصناعات اليدوية المتطورة , والمطبخ الدارفوري المميز ( قبل أن نسمع بالمطبخ الفرنسي بقرون ؟ ) .
وتتجلي هذه الحضارة , اكثر ما تتجلي في الاخلاق الاسلامية السمحة ( الدين المعاملة ) , والمواطنة الصالحة , والكرم الدارفوري !
كانت تلك أيام نضرات!
أين دارفور القرن الحادي والعشرين من دارفور القرن الخامس عشر ؟
في القرن الخامس عشر وحتى القرن التاسع عشر ، كانت دارفور تغيث المسلمين قاطبة ، وصارت في القرن الحادي والعشرين تُغاث من غير المسلمين ؟

Print Friendly, PDF & Email

عن laalaa

شاهد أيضاً

أصدر تحالف قوى الاجماع الوطني احد مكونات قوى الحرية والتغيير بيانا،انتقد فيه الميزانية التي اجازتها الحكومة الانتقالية

Share this on WhatsApp#الهدف_بيانات أصدر تحالف قوى الاجماع الوطني احد مكونات قوى الحرية والتغيير بيانا،انتقد …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.