الأربعاء , مايو 15 2024
ardeenfr
أخبار عاجلة

جوهر الثورة وتطبيقاتها

#الهدف 
#الهدف_آراء_حرة

جوهر الثورة وتطبيقاتها

م/ اليسع عبدالرازق محمد

رغم أن ثورة مارس/أبريل ومن قبلها أكتوبر قد حققتا لشعب السودان مرامه في الانعتاق من يد السلطة الباطشة وتنفّس نسمات الحرية في التعبير والتنظيم وإقامة الندوات السياسية وغيرها من المكاسب التي كانت مفقودة معنوياً ومادياً أيام الديكتاتورية، إلا أنهما اتفقتا في النقص والعجز في استيفاء جوهر الثورة نفسها. 
_ عجزت الثورتان عن حل القضايا السياسية الرئيسية التي كانت تشكل عقبة في استقرار الحكم وديمومته واستشراف التنمية والتطور للبلاد. فأكتوبر التي كان أهم أسبابها هو استفحال مشكلة جنوب السودان واتساع رقعة الحرب وشابهتها كذلك أبريل إلا أنهما عجزتا في وقف الحرب تحقيق السلام وحل مشكلة الجنوب، كما وليس دائماً، لم يكن السبب في الثورة عينها بل كان في حركات التمرد وأهدافها.
_ مسألة التنمية المتوازنة لأطراف السودان ظلت حبيسة أدارج الانتفاضات والثورات ولم تخرج حيز التنفيذ البتة، وكانت على الدوام هي عرضة للنسيان والتراخي، إن لم يأتي النهب من الأنظمة الحاكمة وسلطتها.
_ المحاسبة  واحدة من العبارات التي ظل ينادي بها منسوبو الثورات في أكتوبر ومارس/أبريل أشخاصاً وأحزاب وجماعات، إلا أن التقصير في تنفيذ مطلوباتها ظل لا يبارح مكانه، تراخي وتناسي حالها حال التنمية والوعود بحل الأزمات السياسية.
_ الدستور الدائم للسودان يظل واحداً من معضلات تحقيق الإستقرار السياسي والإداري، بل ظل ورقة سياسية تلعب بها كل أنظمة الحكم التي مرت على سلطة البلاد ومنهم من جعل كلمة الدستور وسيلة لإسكات الأصوات المنادية بالتغيير والإنعتاق، كما فعل النظام الإنقاذي من قبل أو أحياناً تكون وسيلة المتصالحين من الأحزاب التي ليس بينها اختلاف جوهري مع النظام الحاكم للتسلق واكتساب مقاعد في السلطة واقتسام كعكة الحكم.
ما نسميه عجز الأنظمة في تحقيق مطلوبات الثورة أعلاه، أحد أسبابه الرئيسة هو عدم صعود الثوريين الجادين لسدة الحكم ،ونعني بالجادين من هم قلبهم وفعلهم على الوطن والمواطن، وعادةً هم النقابيين اليساريين أو من الأحزاب اليسارية أو من الاكاديميين الشرفاء ورموز المجتمع  وقلة من قواعد الأحزاب التقليدية التي لا تلعب دوراً في القرار الحزبي، لتأتي الإنتخابات بطريقتها المعروفة بمن هم أغلبية مكانيكية تعمد في الأصل على الحشد البيوتاتي أو الطائفي وتضيع معها آمال الحريصين على تحقيق بنود جوهر الثورة والخروج بالبلاد من نفق الدائرة الفاشلة.
كما زاد من طين الفشل بِلّة هو عدم التقيد بالمحاسبة لكل من أجرم وأفسد في حق البلاد والعباد إبان حكمه، وبالتالي ابتعاد فكرة المحاسبة الإيجابية نهائياً عن جدول التنظير حتى، والمقصود بالإيجابية هي المحاسبة التقصيرية أي إلزام كل نظام حكم جديد بتنفيذ شروط القائمين على الثورة من تنمية ومشاريع وآمن ومكسب رزق للمواطن وتوفير أبجديات الحياة من ماء صالح للشرب وكهرباء وعلاج وبيئة صحية  وطرق وغيرها. ومحاكمته لعدم تنفيذها، مما يجعل تلك المحاسبة الإيجابية هي جدول عمل ديمقراطي للتقييم والتجويد وإبدال الفاشل من الأفراد أو البرامج الحزبية أو غير الحزبية إلى أخرى ناجحة.

وفي الصراع الحالي بين نظام المؤتمر الوطني والشعب السوداني، تمدد العمل المعارض ليشمل قطاعات شبابية كبيرة قادت واستطاعت أن تحقق برامج عصيان ناجح بكل المقاييس، ولسنا هنا بصدد ذكر الإيجابيات أو الحديث عن نجاحها بقدر ما لدينا من إهتمام أكثر بتثبيت جوهر ثورة الشباب العصيانية الإحتجاجية التي التحقت بها التنظيمات وباركتها.
ونهتم أكثر بتدعيم فكرة الإحتجاج التي انتظمت الشعب السواني وتجاوزت بإمكانياتها المحدودة كبت الحريات وإعاقة النظام للندوات ومنع التظاهرات ومقابلتها لها بالرصاص كما حدث في هبة سبتمبر 2013م، لتستشرف وسائل الاعلام المواكبة عالمياً والتواصل الاجتماعي لتحشد وتنظم صفوفها تحضيراً للإجهاذ على سدنة الحكم الفاسد ورئيس نظامه المتهالك.

ومن أهم مطلوبات المرحلة:
أولاً: من الضروري عمل جسم يضم كافة المناضلين ضد نظام الإنقاذ من أحزاب ونقابات بديلة وحركات مسلحة وشباب ناشطين في العصيان الأخير ورموز المجتمع من أكاديميين وحقوقيين وغيرهم. 
يكون هدفه الأساسي إسقاط نظام المؤتمر الوطني وبالتالي وفقاً لهذا الهدف، يستبعد الجسم الجديد كل مدّعي الحوار والتسويات مع النظام الحاكم.

ثانياً: وضع برنامج لإدارة البلاد يستوعب كل مشاريع التغيير الممكنة والتي من أجلها انتفض الشعب السوداني.

ثالثاً: أن يتم إعلان هذا الجسم للملأ، والتركيز أكثر على توصيل برنامج المرحلة الجديدة لكل مواطن حتى نحقق التفاف حوله وليس التفاف سطحي شعبي حول رموز وشخوص بدون برنامج.
فالشعب يريد كسب الثقة وقوى التغيير تحتاج أن توفرها له خاصة بعد أن فقدها في النظام نهائياً نتيجة الفشل المتراكم والكذب المستمر، فعودة تلك الثقة للشعب ممثلة في أية قوة قادمة، كفيلة بإسقاط النظام وفق تكتيك صحيح، سليم ونابع من تطلعات الشعب وآماله. وثمة شئ هام هو أن جزء مقدر من الشعب بحكم سوء الوضع المهلك الذي وصل إليه في لقمة العيش والعلاج بالدرجة التي أصبح لديه أي بديل مرشح خيرٌ له من تلك الفئة الباغية.

ولدينا بعض المقترحات علّها تفيد في التخلص من نظام الهلاك إضافة ً لما ذُكر سابقاً:
1/ أن يكون طرح البرنامج البديل الذي يلتف حوله الشعب بحيث يخاطب في محتواه ما يمس المواطن مباشرةً في حياته اليومية من خدمات مختلفة ورسوم وضرائب مباشرة وغير مباشرة وعطالة… إلخ.
فالمواطن يهتم بما يلامس حياته من أمن وسكن وعلاج وقوت، وهذا الطرح المباشر يلاقي مساندة الجميع، وليس هو بديلاً عن البرامج المطروحة داخل وثائق تحالفات المعارضة مع صحتها وضرورتها، إلا أنها تبقى بعيدة عن إثارة حراك الشعب المطلوب منه لإقتلاع هذا النظام. حينما طرحت لجنة الأطباء في إضرابها الناجح الأخير – لمن اطلع على مذكرتها- كانت نقاط مطالبها تمس الطبيب نفسه وأمنه ووضعيته وأدوات صحة وعلاج المرضى، وبيئة المستشفيات والتدريب المطلوب لذلك، فلذا لم يحنف الإضراب أياً من الأطباء وكان قدوة وهدى لبقية النقابات.
وبهذه الطريقة نكون قد وضحنا هدفاً للعصيان أو لأيّ فعل احتجاجي معارض قادم.

2_ من التقصير الذي أحدثناه – ولن نقل من الخطأ- أننا لم نتوجه مباشرةً في الدعوة للعصيان كافة شرائح المجتمع وأجسامه، فمع الجهد الذي قدمته لجان العصيان على الأرض مضافاً لجهد وسائط التواصل الاجتماعية غابت عن إدارتنا (الرسائل الشخصية) ونعني بها خطابات تتضمن موقف الراهن السياسي والإقتصادي ومعنى العصيان وأهدافه معنوناً بدعوة شخصية للمشاركة فيه (للإذاعات، الرموز دينية، الرموز الاجتماعية، أساتذة الجامعات، العمداء، الكليات، أفراد الشرطة والجيش، القنوات التلفزيونية وإن كانت محسوبة على النظام، التجار، أصحاب المصانع، والشركات… إلخ)،  فأحياناً كثيرة المباشرة وتحديد الشخصية أو الجهة له مردوده الإيجابي، وإن لم تنصرنا فليكن على أقله ضمان توصيل وجهة النظر بشكل مكشوف وقطع الطريق على تعتيم وتكذيب اعلام النظام. 

3_ علينا تجويد وتمتين وتوسيع لجان العصيان، ونقترح عليها ابتدار العمل الميداني الاجتماعي، البيئي أو التطويري في كل منطقة، وهي تجربة تشابه النفير في الخريف أو مبادرة شارع الحوادث، ولكن تختلف عنها بأن كل لجنة تعمل وسط جغرافيتها المحددة لتحشد حولها أعداداً إضافية، ويكون عملها تحت أنظار الشعب والسلطة ومن خلاله تتم الدعوة والتبشير للعصيان أو الاحتجاج على حسب ماهو متفق عليه.

بتجربتنا في نضالنا ضد طغمة المؤتمر الوطني في الجامعات والأحياء وإبان قمة التمكين لحكمهم، لاحظنا أنه لكي يتم هزيمة النظام تماماً هنالك أشياء يجب ان نركز عليها:

* الحصار الاجتماعي والاقتصادي وأعني به المقاطعة الشخصية لمؤسسات النظام من شركات وأفراد وإعلام (صحف، قنوات، ومواقع) حيث يعتمد أفراده على التكذيب والترويج والتخويف، وغيرها من التخريفات التي تملأ اعلامهم، فالنظام يعتمد على المال ويفتقره في هذه الايام، لذا تعمل المقاطعة بقدر المستطاع لكل ما من شأنه أن يزيد من مخزونهم المالي وبالتالي يحد من إيفائهم بإجراءات الحماية والحشد وبث الأراجيف. 
وبجعل المقاطعة الاجتماعية واقعاً معاشاً وسطهم يخلق نوعاً من العزلة الفردية والمؤسسية.

* أما النقطة الثانية فهي حول الخوف ، فكلما شعر الكوز النظامي بالكبرياء والسلطة زاد تجبره وازدرائه وقمعه للشعب، والعكس كلما زاد خوفه كلما أخذ في التراجع والانهزام. لذا يجب أن نشعر قلب النظام ممثلاً في عضويته بالخوف، ونشر جرائمهم والنهب والسرقات على التوالي والحديث عن مبدأ المحاسبة والمصير المحتوم له من الأهمية في جعل عروشهم تهتز.

وأخيراً توجد حقيقة لابد من أن نضعها في أذهاننا، وهي أن نظاماً ظل يحكم (27) عاماً لا نتوقع أن يزول بعد يوم أو يومين من العصيان لكن هذا الفعل بالطبع ينخر في جسده شيئاً فشيئاً، ويخلخل مرتكزاته إيذاناً بالسقوط.

Kazincrop@hotmail.com

Print Friendly, PDF & Email

عن laalaa

شاهد أيضاً

*تصريح صحفي* *المتحدث الرسمي لحزب البعث العربي الاشتراكي – الأصل*

Share this on WhatsApp*تصريح صحفي* *المتحدث الرسمي لحزب البعث العربي الاشتراكي – الأصل* سخر المتحدث …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.