الجمعة , مايو 17 2024
ardeenfr
أخبار عاجلة
الرئيسية / أخبار لالا اليومية / خاطفو الثورة.. يفتكون بثوارها 🖋🖋 #احمد_قادرية_خميس

خاطفو الثورة.. يفتكون بثوارها 🖋🖋 #احمد_قادرية_خميس

من تجربة طويلة منذ استقلال السودان استخلص فقهاء التحليل السياسي لقيام الثورات الشعبية السلمية أو المسلحة لتخلص من أشخاص النظام الحاكم واستبداله بأشخاص جدد أو الانقلابية العسكرية( نكني لها بالثورة لتسهيل عرض الفكرة الأساسية من هذا الموضوع )، وصدق مقولة(  تأكل الثورة ابناءها)، وذلك تلخيصا لاحداث وقعت بعد نجاح الثورة أو الانقلاب حيث يدب الخلاف المبيت أو المستحدث بين القوي التي قامت بالثورة وشاركت في مراحلها منذ بداية التخطيط لها أو في مرحلة لاحقة تسبق تنفيذها..
ولنا في تاريخنا السوداني المعاصر منذ الخمسينات من القرن المنصرم،  عديدا من الأمثلة الحية في ثورتي أكتوبر وابريل وانقلابات عسكرية عديدة ما زالت احداثها في ذاكرة اجيالنا الحالية ماثلة ومشاهدة حية علي ما وقع فيها من أحداث انقلب فيها بعضها علي بعضها الآخر وما جري من تصفيات سياسية وعسكرية لبعض عناصرها والمشاركين فيها والفاعلين من ساهموا لأي إنجاحها… نجد مصداقية مقولة الثورة تأكل ابناءها مترجمة في أحاديث وأفعال كل تلك الثورات أو الانقلابات!! دون استثناء..
اما فيما يتعلق  بالثورات التي قامت في عهد النظام البائد،  في كل من دارفور والمنطقتين ومناطق أخري من السودان،  والتي تويجت أخيرا بالثورة ديسمبر المجيدة التي شاركت كل الشعب السوداني،  فإن الحاجة إلي تغيير صيغة هذه المقولة الثورة تأكل ابناءها اصبحت موضوعية للتعبير عن مجريات أحداث اختلفت عن سابقاتها،  ويمكن وضعها بصيغة جديدة معبرة تقول( خاطفو الثورة يفتكون بثوارها)..!!
مفجرو ثورة ديسمبر المجيدة من الجيل الشباب- سواءمن الحراك السلمي أو من حركات الكفاح المسلحة-  الذي جعل من انتمائه الوطني عقلية متفتحة علي العصرنة ومنفتحة علي التطور والتلاقي مع الثقافات المختلفة والمتصاعد مع المعرفة ودورها في التحضر والترقي وقبول الآخر وتعايش مع الجميع وفقا لمصلحة الوطن والشعب.. وهم في غالبيتهم يصنفون بانهم ليبراليون ديمقراطيو النزعة علمانيو التوجه،  أي تجمعهم افكار عامة دون أي ارتباط حزبي أو فئوي أو طائفي أو ديني أو السياسي بالمعنى الايدولوجي…
اما الأحزاب السياسية ذات ايدولوجيات المختلفة، التي اكتسبت فاعليتها من قسم يمين الطاعة والولاء لاعضائها،  مما مكن مادة هذه التنظيمات وزعمائها من تحريك كوادرها بعد أن لاحظت تطور الأحداث التي اخذت تتصاعد عند نظام المؤتمر الوطني.. ومثل هذا النظام بحكم كونه دكتاتورية الطابع والمسيرة،  كان  من المتوقع أن يجد في الحراك الشعبي هلهلة صفوفها وارباك مواقفها والميل نحو الهروب بأمل النجاة..فالدكتاتور بطبيعته البشرية جبان ودائم الخوف، وهو يستقوي بأجهزة السلطة القمعية شأن كل خائف أو جبان،  وجد ملاذا يستقوي به كرد فعل علي كل معارضيه،  ولكنه في حقيقته ضعيف أمام القوي التي تخشاه فيرضخ طائعا لرغباتها..
التنظيم الجيد للاحزاب السياسية الصفوية والأعضاء الملتزمون بالطاعة،  والمناورات السياسية والحراكية التي اتقنوا اللعب على اوتارها،  مكنتهم من السيطرة علي توجيه نهايات الحراك باتجاه والوصول إلي السلطة،  والتفنن في مناورات أدت إلي تهميش واقصاء القوي الاخري التي فجرت الحراك الثوري وقدمت الشهداء في طريقها الثوري النقي،  فكان ذلك مدعاة لهذه القوي علي وصف ما حدث بسرقة الثورة.. واخرون رأوا فيها اختطاف الثورة وهو ما حصل فعلا اليوم..وقد تنصلت هذه القوي بعد تمكنها من السلطة من وعودها بالمشاركة وهي لم تقصد أصلا المعني السياسي والتوافقي للمشاركة وإنما قصدت بنوايا مبيته المعني الحرفي للمشاركة ، التي تجعل منها مشاركة شكلية خادعة ومكشوفة الأهداف الدعائية الساذجة!!.
الأحزاب العقائدية الصفوية لا تعترف بصلاح  ما دون طروحاتها ورؤاها السياسية،  وتسعي إلي ترويض المجتمع وتحويل قواه إلي رعايا خاصة تلك الأحزاب الذي يري نفسه منفذ لارادة السماء علي الأرض  وما علي البشر الا الطاعة والقبول بما يقررون وبما يروجون من مواقف وأهداف.. لذلك ولضمان الحفاظ على السلطة وانصياعا للهواجس الدولية والاقليمية،  تبادر تلك الأحزاب الصفوية علي الفتك بأصحاب الثورة الأصليين،  وتعيد وتبدل الإدارات العامة بالتخلص من كل القوي التي يمكن لها أن تنافسهم وأن تشكل خطرا علي وجودهم المنفرد في السلطة،  وتطهر المؤسسات وتعمل إزالة التمكين من أجل التمكين!!! علي الرغم من وعود قاطعة وصريحة بعكس ذلك تماما في مرحلة ما قبل  التمكن من السلطة… وهذا هو الشكل الجديد لأوضاع التي تمر بها  في بلدنا.. شهدنا كيف تأكل الثورة ابناءها،  وها نحن نشهد كيف يفتك مختطفو الثورة بثوارها؟!!

Print Friendly, PDF & Email

عن laalaa

شاهد أيضاً

حزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي

Share this on WhatsAppحزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي طالعنا البيان المؤسف الصادر من سكرتارية اللجنة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.