الجمعة , أبريل 26 2024
ardeenfr
أخبار عاجلة
الرئيسية / أخبار لالا اليومية / فكاهي المـديــنـة و ظـريــفها…// محمد أحمد أبوزيد (همتك)

فكاهي المـديــنـة و ظـريــفها…// محمد أحمد أبوزيد (همتك)

moha52442112@gmail.com

توثيق عن تجربة اعتقال الكوتش احمد زمبة

توثيق لتجربة اعتقال الوالد
الكوتش احمد أبوزيد الشهير
ب زمبه و التي دامت لمدة
17 يوماً بجهاز أمن البشير-الترابي
في عام 1992.
سوف لن ابالغ ابداً و سأبزل
قصارى جهدي في سرد هذه
الواقعه بدقه متناهي و بلا
أي تجميل أو تشويه..

فقد كان الاعتقال في احد
شهور شتاء عام 1992 و
كنت صبياً وقتها.. لكنني
مدرك جيداً لخطورة
الاعتقال في تلك الفترة ، و
أعي جيداً ما يحدث في
بيوت الأشباح و المعتقلات
السريه، فقد كان النظام
البائد (الترابي-البشير) في
أشد انتهازيته و كانوا
يلهثون وراء معارضيهم و
تعذيبهم و قتلهم ، و ممارسة
كل ما يمكّنُهم من خمد اي
معارضه أو حراك ضدهم
فقد انتزعت عنهم الرحمة
في تلك الايام..

لم يكن للوالد 1949م-2020م
  اي نشاط سياسي ملحوظ أو عضواً
بحزبٍ معينٍ لكن والدته
الحاجة أم بله أحمد عبدالله
1927م-2005م  كذلك لم
تكن عضوه بحزب معين
لكنني لاحظت ثرثرتها مع
جارها الراحل و الذي كان
قيادياً بالحزب الشيوعي لم
نعرف أن له صله بالحزب
الشيوعي إلا بعد سنوات
طويلة من رحيلة.
اما الحاجة أم بلة كانت
تتمتع بقدر عالي من الثورية
و تقدم الحماية لطلاب
مدرسة خورطقت الثانوية ، حيث
تتردد على مسامعنا في تلك
الأيام (طقت طقت نارك
بقت) ، فقد كان مسار
مظاهرات طلاب مدرسة
خورطقت الثانوية بشارع بيتها ، و عندما يتم قمع
للطلاب كانت تقوم
بحمايتهم و اخفائهم من
جهاز أمن نميري المباد و
تقدم لهم كل ما يعينهم في
مواصلة النضال ، و تقوم
بتشجيع الطلاب لمواصلة
الطريق إلى تحقيق مطالبهم
دون أن يتم كسر إرادتهم ،
ففي منتصف ثمانينيات
القرن الماضي كان الحراك
السياسي مشتعلاً في تلك
الفترة، الي أن تم إسقاط
نظام مايو و صدح صوت
الديمقراطية الثالثة و التي
لم تدم كثيرا بسبب انقلاب
البشير-الترابي.

كما اسلفت أن الراحل لم يكن
ذو توجه سياسي محدد لكن
كان له رأي ضد الانقلابات
العسكرية بشكل عام ،
فعندما كانوا يجلسون بجوار
ميدان الفلاح بحي القلعه و
الذي قام-هو بتاسيسه و
تخطيطة و قطع الأشجار و
الحشائش التي كانت تغطي
تلك المساحة فللفقيد تجربة سابقة في تأسيس ميدان
شيلي شمال مدرسة الأبيض
الثانوية، بذلك فقد أثري
مدينته التي احبها و لم
يبارحها قط، بميداني كرة
قدم و هما ميدان الفلاح و
ميدان شيلي اللتان
ستخلدان ذكراه في أوساط
الرياضيين و عامة أهل
كردفان إلى الأبد.

ففي ذات يوم و بمعيته
رجال الحي فقد كانوا
يتحدثون عن سوء
الانقلابات و ان هؤلاء ليس
منهم مرتجي، و الحديث عن
النظام البائد في تلك الأيام
كان محظوراً فقد استطاعوا
تغبيش وعي الجماهير
بصناعة الأعداء الوهميين (الحروب الدينية) و هذا هو
الجو
الملائم لتكاثرهم و تمددهم.

وردتنا أخبار من زملائه في
وزارة الصحة أن الراحل قد
تم
اعتقاله و هو بجهاز أمن
الدولة، الاسم السابق في
ذاك الوقت، لم تدخر الأسرة
وقتاً ففي لحظات توجهوا
إلى مكاتب جهاز أمن الدولة
ليعترفوا بوجوده، كان العدد
محترماً ، فقد ذهبت أسرته
و جيرانه و اصدقاءة و لم
يبقى أحد بالحي، فقد كان
اجتماعياً و فكاهياً ظريفاً
بالقدر الذي لم يسمح لهم
بالمساس به بسوء، فكان ذو
شعبيه و محبوباً في في الحي، و أوساط مجتمع المدينة بمختلف
فئاتها .فقد كان كذلك يوفر
الأدوية المنقذة للحياة
لجيرانه و اقرباءه بلا أي
مقابل.

كنت افكر بطريقة مختلفة
قليلاً عن الكل، فقد كان همْ
الجميع إطلاق سراحه،
صحيح و انا كذلك، و لكني
كنت اسمع و استقصي جيداً
إلى ما يدور بتلك المكاتب
السيئة ، فقررت البقاء
بجواره بالقدر المستطاع ،
كانت والدتي عند صلاة
الفجر تقوم بإعداد شاي الصباح لنقوم  بإيصاله إليه ، فنصل مع شروق الشمس،
فمنذ اليوم الخامس قد
أدركت الطريق جيدآ الي
تلك المكاتب بشرق الكنيسة
الكاثوليكية ، فلم تكن بعيدة
على كل حال من الكازينو
الذي أتردد عليه ثلاثة أيام
في الأسبوع فقد كنت عضوا
في اتحاد الكارتية، فبعد
مرور ايام بدأت اذهب إليه
منفرداً في معظم أوقات
اليوم، إلى حين أن أصبحت
معروفاً بينهم ، صحيح في
البداية قد رفضوا لي
بالدخول و ظلوا يأخذون
مني الشاي و المستلزمات الاخري، لكني بقيت
بالخارج رغم محاولات طردي المتكررة ، و ذات
الوقت يطمئنون الأسرة و
الاهل بأنها إجراءات عاديه و
سيتم إطلاق سراحه في أي
لحظة ، لكنني لم أعر ذلك
الكلام اي اهتمام ، فقد
أخبرت معظم اصدقائي
بالحي و الكشافه، فقد كنت
عضواً نشطاً في عدة مناشط كذلك منهم زملائي بالكاراتيه
و الذين اعرفهم جميعاً، لجلب أكبر قدر من التضامن،
فالراحل لم يكن مجرد اب، و
قد أخبرته ذات مرة أنني
احسه كأنه اخي الأكبر
الصديق، فقد تولد لدى ذلك
الاحساس من خلال المعاملة
بيننا ، و نحن و المقربين
يعلمون تلك الطبيعه الطيبة
التي نشأنا فيها، فلم تكن
بيننا حواجز بسطاء الآباء
الذين-يعاملون أبنائهم
بفوقيه و مد – اليد و اللسان،
بل انتقده احيانا بلا أي تردد
و قد كان يتحاشى انتقاداتي
الحاذقه ، فوالدته اُمنا
الكبيرة كانت تناديه ب يا
ولد.. و تناديني بذات
الطريقة ، فكل ما كان سائداً
اننا نعيش جو أسرة
متماسكة تهتم و ترعى
بعضها.

أصبحت أتردد كثيراً على
مكاتب جهاز الأمن و احاجج
في الدخول إليه بطرق
مختلفة ، أنجح احيانا و
افشل غالباً ، و لكن الإصرار
كان ملازماً في كل لحظة
فحبه لم يكن يستطيع أحد
تخيله على الإطلاق، فعندما
أجد الفرصة للدخول إليه ، و
غالباً ما يكون أحد الامنجية
الأقل حِدة ، يسمح لي
بالدخول فإن بمجرد ما
ادخل عليه اسأله بشكل
سريع (هل دقوك؟) فيجيب
بالنفي و يقول  ان معظم
العساكر من لاعبيه بكرة
القدم و هم لا يضربونه
بحسب ما يجيب، لكنني
كنت أراه مرهقاً فيقول
بسبب السهر و ان تحقيقات
الأمن عاداً ما تكون ليليه.

كذلك طرقت اسرتة متمثلة
في والدته و كنت بصحبتها
كل الأبواب في محاولة
ساعيه لإطلاق سراحه فقد
ذهبنا إلى بيت مدير جهاز
الأمن دون فائدة عدة مرات
دون أن يقابلنا و كان اسمه
عمر مانجي أو عمر مانجل
بحي 6 بيوت بالقرب من
مدرسة التجار الثانوية و قد
استقبلتنا زوجته عدة مرات
و سردت لها الجده كل
التفاصيل للتوسط لإطلاق
سراحه، قرأت لاحقاً في عام
2016 عن موقف له مع
شاعر الشعب محجوب
الشريف و انه سمح له
بالمرور بمطار الخرطوم
بسبب مرض شقيقته
المريضة، فتذكرت الاسم
بمجرد ما إن قرأت المقال
، على كل حال لم نرى من عمر
مانجي أو مانجل هذا لا
اسود ولا ابيض و لكن كان
لنائب
مدير الأمن رأي آخر ، يدعي
محمد صديق من جهة ربك
تقريبا ، هو الذي يتمسك
بطول امد الاعتقال بل و
كان يوصي العساكر بضرب
و تعذيب الراحل أشد أنواع
التعذيب ، فمحمد صديق
نائب مدير أمن الكيزان هذا
كان قاسي جداً على
المعتقلين،كان هناك شخص
ألمحه داخلاً أو خارجاً من
مكاتب جهاز الأمن، و أن
معظم المرات التي تم طردي
من هناك ، كانت بعد دخول
أو خروج هذا الشخص ، كان
ينظر إلىّ بعين مُحمرة يتطاير
منها الشرر، لم اهتم كثيرا،
ففي ذات مرة سألت عن من
هذا الشخص؟ فاخبرني احد
الجنود أن هذا محمد صديق
نائب المدير، ربطت طريقة
تعامل هذا الشخص معي
  بعد خروج الوالد من
المعتقل و الذي حكي عنه.

علمنا بعد عدة
سنوات أن تم فصلة و طرده
من جهاز الأمن بسبب تهريبه
لمواد تموينية ، كانت تجربة
الاعتقال الغبيه تلك قد
رسخت في أذهاننا عن
ماهيتة هؤلاء منذ زمن
مبكر.
أثناء ترددي عليه في
تلك الأيام وجدت بجواره
شخص قيل إنه
يعمل بإحدى طلمبات
الوقود، قد تم اعتقاله ثم
علمنا بموته داخل
المعتقل  في ذات الفترة
و هو من أهالي منطقة بارا
اخيراً
إن مهام أجهزة الأمن أو
المخابرات عالمياً تكون
مهنية و تختص بحفظ
حقوق مواطنيها و صون
كرامتهم و لا تهين أبناء
شعبها بتحديد مهامها في
نصوص الدستور مبرهنه
الأهداف من إنشائها في
جمع المعلومات و تحليلها و
تسليمها الجهات المعنية .  ،فلا
يوجد جهاز أمن أصعب من
الجستابو تاريخيا (جهاز أمن
هتلر النازي) لكنه كان يقدم
كل الحماية للألمان اما جهاز
أمن الكيزان فقد  أهان
الشعب السوداني لذا وضع
نفسه في موقع المصادمة
الأول ضد ثوار ثورة ديسمبر
العظيمة، ظن أن القمع يمكن
أن يوقف الثورة ناسياً أن
الثورة مراحل عديدة كل
منها يختلف عن الأخرى.

فقد صمم رموز النظام البائد
قانون خاص بجهاز أمنهم
تتحوطه هاله من الحصانات
لكنها زائلة، فهذا ما اثبته
التاريخ و التجارب لا تحصى
ولا تعد.
هذا المقال جزء قليل جدا
من كثير قادم لا محالة و هو
بمثابة وفاء للراحل الكوتش
احمد أبوزيد زمبة و الذي لم
يكن سياسياً بالمعنى بالكامل
بل صاحب رأي عام مثل
الكل ضد فكرة(الانقلابات)
التي تضرر منها كل الشعب
السوداني عبر العقود
الخمسه الماضية
يتبع….

 

Print Friendly, PDF & Email

عن laalaa

شاهد أيضاً

حزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي

Share this on WhatsAppحزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي طالعنا البيان المؤسف الصادر من سكرتارية اللجنة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.