برنامج على إحدى قنوات بي بي سي الانجليزية … تقوم فكرته على صيانة الأشياء القديمة أو العتيقة التي تحمل ذكريات الاسر على مر العصور.. الدكان لا يقبل أن يعيد الحياة الا لتلك المقتنيات التي لها قيمة معنوية و تراثية عند اصحابها…
ما لفت نظري صندوق خشبي او سحارة كما نسميها في السودان صاحبة الصندق ورثته من والدتها التي ورثته بدورها من امها … صندق عاصر ثلاثة اجيال .. لم تفكر صاحبته في التخلص منه على الرغم من شكله القبيح و الصدأ الذي أكل براغيه و مفاصل الحديد. و حتى الخشب لم يفوت الزمن فرصة العبث به أيضا… صاحبة الصندوق حملته يحدوها أمل كبير و حب عميق في بث الروح فيه مرة أخرى، ليعاصر اجيالا و اجيالا حاملا تاريخ من رحلوا منهم وكأنه كتاب تاريخ شاهد على تفاصيل هذه الاسرة … الخبراء الذين قاموا بمهمة الترميم يتقنونها و يتفننون فيها ، فهم لا يبدلون أي قطعة بأخري حديثه و إنما يصلحون القديم و يعيدونه كما هو و هنا تكمن الروعة و الدهشة … البرنامج يشجع على الإبداع و التحدي يأخدك العاملون في رحلة الترميم و التفاصيل الصغيرة فتصبح أكثر حماسا و شوقا لرؤية القطعة التي يودون إعادتها أكثر من أصحابها .. مثل هذه البرامج تمنح الفرصة لخريجي الجامعات من كليات الهندسة و المعاهد الصناعية لممارسة المهنة، بالإضافة إلى أنها تساعد في الحفاظ على البئية من خلال إعادة تدوير الأشياء القديمة و استخدامها مرة اخرى بجماليات مبهرة بدلا من التخلص منها و وإحالتها إلى أكوام من الأوساخ تشوه معالم المدن … خلاصة حديثي اتمنى أن يفتح اعلامنا المرئ شاشاته المحلية لمثل هذه البرامج و أن تتتبنى الشركات أو البنوك أو حتى رجال الأعمال رعاية مثل هذه البرامج ذات النفع البيئي و الاجتماعي ، فالسودان لا تنقصه العقول المبدعة و لا الأيادي الحرفية ، فقط ارعوا المبادارت و شجعوها و فكروا خارج الصندوق.
جدية عثمان
لندن سبتمبر ٢٠٢٠