قيسانيات – تحديق ود الزين

تحياتي الرفيق علي الزين وجميع الرفاق علي امتداد الوطن
اتمني أن أوفق للرد علي مقال الرفيق علي  الذي حمل بطياته كثير من الاشياء التي تحاول تغيييرها

قرأت اليوم تحديقه بعنوان أفكار حول ( حوار ) منبر داس الاستناره
وهي تأتي ضمن  محاولات تشخيص الواقع السوداني، وقد جاء في بدايتها أنها ترجمه لحوارات داخل مجموعات اسفيريه لذلك لن نحملها أكثر من ذلك.
أشكرك مقدما لاحتمالك قراءه سطوري .
الرفيق علي….
رغم أن اطروحتك التي تؤسس لها وهي بعث روح التغيير عبر الحركات الاجتماعية والتي لا تخضع إلي معايير إيديولوجية حيث فكرتها الأساسيه  هي تحرير الذات والتي تمثل الفردانيه،
وهي حركات بسيطه وفق قوانين محدده تأسست نتيجه حرك مجتمع سواء أكان سلبيا او إيجابيا لن تتطور أبدا إلي حركات سياسيه تشكل منظومة عمل سياسي،  لأنها في الأخير حركات ذاتيه محدوده والهدف منها إيصال الصوت هذا حسب رؤيه ألان تورين
ومقاربة هذا النسق المجتمعي بصراع الثوره الفرنسيه وفق تصور المنهج الماركسي علي أساس الصراع  الطبقي،  وهو أيضا خلل لأن  السياق التاريخي لطبيعة  الصراع بين النبلاء والبرجوازيه لا يشابه طبيعة  الصراع  في السودان، حيث لا توجد طبقه نبلاء ولا طبقه برجوازية،
وحتي الظروف غير  متشابهة، ويمكن المقارنة بين الواقعين فنحن دولة كانت مستعمرة من ذات العقلية التي أنتجت النبلاء لذلك أن محاولتك التشبيهيه بين واقعنا او أي واقع اخر وحتي واقع الثوره الجزائرية حسب فكر فانون هو غير متماثل،  لأسباب كثيره،
أولا :
صراعنا  ليس  ضد نبلاء وطبقات برجوازية وإنما صراع سياسي من الدرجه الأولي،  وأي تصوير له عكس هذا الأمر يؤدي  خلل منهجي في التشخيص ومنتجاته. 
ثانيا:
صراعنا  ليس ضد قوي استعمار  علي الإطلاق إنما  هو صراع ضد منظومة سياسيه اعتمدت  خطاب انتهازي للدين للتمكين وفي حربها في الجنوب، ثم انتقلت لاستخدام العروبة كواجهه في حربها في دارفور مع إصرار لتقديمهما  كهويه سياسيه للسودان،
وهنا وقع الرفيق علي  في نفس فخ أصحاب منهج التحليل الثقافي الذين صوروا الصراع من واقع اسقاطهم الخاص باجترار التاريخي في محاكمه المجتمعات بأخذ الماركسية كبوابه لتشريح الازمه في حين عدم الإيمان التام بالطرح الإيديولوجي وهذا ما يضعف رؤيتك والتي أراها معبره عنك  فقط، وليس عن أطروحة لمنظومة سياسية، فاستخدام العنف مثلا عند الحركات المسلحه وتحديدا الحركة الشعبيه ليس لأن هناك قوي مستعمرة تسيطر علي السودان لأن من يحكومننا هم ليسوا من جنوبي تكساس او شمال فلوريدا بل هم سودانيين مولداً ونشأه، لذلك إستخدام  العنف هنا  ذو طابع مطلبي علي اعتبار أحقية الجميع في السلطه والثروة والعدالة وغيرها من المطالب الأخرى.  فالحركه الشعبيه كمثال  تبحث اليوم وتطرح حل سياسي شامل وليس حل لمناطق الصراع فقط ولو اقتصر الأمر علي تلك المناطق إذن ما الذي يطيل الحرب إذا كانت المناطقيه هي سبب الحرب ؟

يمكن أن نخضع رؤي المقال  هذا علي الواقع السوداني لنري وجه التقارب بين فكرته  والثورة الفرنسيه فرنسا اليوم فيها حركه الشواذ وهي حركه اجتماعيه تطالب بحقوق الشواذ هل يمكننا  كمجتمعات سودانية  تكوين حركه  من أجل حقوق الشواذ وغيرها .

للمجتمعات حركتها الخاصه وفق اعرافها وانماطها وبيئتها، لا تنفصل عنها ولا تضخع لهذا المنطق الغريب ولا يمكن حتي قبوله .
أن هذا المنهج له خطورته الحقيقيه التي يمكن أن تقود إلي سودان مختلف تماما ويمكننا أن نصنع به دويلات كثيره دولة الشايقية ودولة الانقسنا ودولة الفور ودولة الزغاوه.
كل  ماذكرته انفا  لا ينفي أيضا أهميه الحركات الاجتماعيه والمناطقيه في تقديم نفسها وفق الإطار المعروف سواء أكان ذلك قالب ديني او حتي عرقي ولكن تصويرها علي أنها حركات تقوم مقام الأحزاب فهذه  ازمه جديده ستظهر قريبا إلي السطح المعتل السوداني أصلا.
أن كثير من المشكلات لهذا الخطاب المتصاعد عبر مجموعات كثيره ظلت اسيره لهذا النوع من الخطاب الذي وجدت فيه  الطفيلية المتحالفة وفق (مصالحها) مرتع وصارت تضرب عليه، لأنه يمهد لها مزيد من النفوذ والسيطرة علي هذا الوطن .
وللأسف أننا اذعنا دون درايه لهذا الأمر واطرنا له دون حساب العواقب.
وبعد المعايره أعلاه علي اعتبار التحديقه التي كانت نتيجه محصلة لمنبر اسفيري تكاد تكون معدومة في السودان وهي محاوله لربط المسائل أكثر لتبدو مبهرة وهي أحقية الحركة الاجتماعيه عن طريق القانون الدولي والعهد الدولي وربما عني بذلك أن الحقوق المدنيه التي تأسست تحت قانون حقوق الإنسان ككل،  فهي جزء من فكره عموم الانسنه التي تذوب كثير من الأمور وفق قالب أشمل وتتحرك كل المسميات التي تعني تحت المظلة الإنسانية.
أن محاوله التذويب للضديه القائم عليه الصراع السياسي يمين يسار وتذويبها لصالح الحراك الاجتماعي الذي طوع له القانون الدولي عنوه واقتدارا  وهدم  ايدولجيات الأحزاب ومناهجها لصالح الحركة الاجتماعيه التي يدعو لها واضحنا ذلك سابقا أن امكانيه تطور الحركات الاجتماعيه إلي برامج سياسيه بديل القوي السياسيه ماهو إلا تسطيح يريد به تفكيك الدولة .
فلنا أن نقف الآن ونقرأ علي الزين ضمن هذه الزاوية المنفرجه تماما .
من هذه الزاوية نري خلط عجيب جدا لأن الرؤية   تفتقر للجانب العملي في الواقع السوداني،  وبالتالي من البديهي وهو يستدعي المحاميل الثقافيه والاجتماعية ويحاول افراغها من محتواها الطبيعي والزج بها كفعل ثقافي في حقل السياسه، واعتبار أن هذا خطاب يأتي مساويا للخطاب المركزي المتوهم الذي يدير الدولة.

أما إنزال  فكره الدين كحركة اجتماعيه منوط بها التغيير السياسي اظن انك أيضا ابتعدت كثيرا عن ذلك، 
فالتغيير المقصود والذي تحدثه  علي مستوي السلوك وليس علي مستوي السياسه، فتأهيل السلوك مستوي من التربيه السليمة كظاهره أزرق طيبه وحتي القساوسة والكجوري والتغيير المطلوب منها هو تغيير محدود في اطار بيئة معينه علي مستوي ضيق يكون تغيير شخصي او مجتمعي وليس التغيير الجزري علي مستوي دولة وطرق حكم وتنظير اقتصادي.

إذا كخلاصه الحركات ذات الطابع الإجتماعي هي حركات لاتتجاوز كونها حركات مطلبية وحركات ضغط ،ولكن ليس لها إمكانيات إحداث تغيير جذري وعميق لأن هذا يحتاج إلي حركات سياسية لديها رؤية ومنهج تغيير وطني شامل وليس مناطقي.
الحركات الإجتماعية لها قيمة في الغرب لأن النظام الغربي مستقر ومتوافق عليه فقط يستوعب حركات الضغط الاجتماعيه والدينية لأنه تجاوز مرحلة التغيير الجذري

*خارج النص*

قرأت مقال الكمندر ياسر عرمان وفهمت منه أن اللون له دلالة رمزيه علي مشروع الإنسانية