الجمعة , أبريل 26 2024
ardeenfr
أخبار عاجلة
الرئيسية / أخبار لالا اليومية / *سقوط حكم الفرد القمعي* *الشعب قسْم لنميري نعم.. وبالملايين..!!*  *(إنني لا أفرض.. إنني لا أقترح.. إنني أعرض) فولتير* *عرض: محمد على خوجلي*

*سقوط حكم الفرد القمعي* *الشعب قسْم لنميري نعم.. وبالملايين..!!*  *(إنني لا أفرض.. إنني لا أقترح.. إنني أعرض) فولتير* *عرض: محمد على خوجلي*

الصراع في المجتمع وفي القضايا السياسية من الأمور البديهية. وتتم تسوية الخلافات في حالات كثيرة بأساليب سلمية مثل الحوار والمفاوضات والمصالحة. وهذه الأساليب تتطلب أن يقدم طرفا النزاع تنازلات من أجل الوصول إلى حل.
وهذه الأساليب تستخدم أصلاً عندما تكون القضايا المختلف عليها (غير أساسية) وعلى الرغم من ذلك، وحتى في هذه الحالات فإن (الحل) يتأثر بميزان قوي أطراف النزاع أكثر مما يتأثر بتقييم مشترك لحل عادل.
وفي النزاعات الحادة التي لا تكون الحلول التي تتطلب تنازلات مناسبة لها، فإننا نجد على الأقل أن أحد الأطراف لا يرى طريقا للحل سوى (العمل المسلح) وأن أي تنازل هو هزيمة يصفها بأنها كارثة تحيق بمبادئه ومعتقداته ومجتمعه (ومنذ أواخر الألفية الثانية برز العنف الدولي المسلح والسياسي في مواجهة النزاعات الحادة).
فلا يمكن تصور أن يقوم الحوار بحل المنازعات التي تكون فيها القضايا الأساسية مهددة بالخطر. وفي مثل هذه الأحوال لا يعقل التوصل إلى حل يفوز فيه طرفا النزاع، حيث لا يستحق الطرف الديكتاتوري الفوز بأي شئ..
وهناك عشرات النماذج في العالم، استطاع فيها النضال السياسي تحقيق النصر لهذا الشعب أو ذاك، بل إن النضال السلمي كان عاملاً قوياً حتى في حالات الاستعمار والعدوان الأجنبي (غاندي في الهند ضد الحكم البريطاني 1930. السلفادور وغواتيمالا 1944 ، وثورة اكتوبر 1964 في السودان واسقاط النظم العسكرية. ونضال حركة التضامن في بولندا 1980…الخ).
إن الحكومات العسكرية الديكتاتورية والشمولية القابضة لا تظل في صورتها الأولى إلى الأبد، ولكنها تبدل ثيابها بين فترة وأخرى لتسر الناظرين سواء بسبب أوضاعها الذاتية أو بأثر المقاومة الجماهيرية. وتبدأ تلك النظم مسيرتها بتعليق الدستور وحل الأحزاب والتنظيمات السياسية والنقابات وفصل وتشريد الأعداء المفترضين من الخدمة العامة وغير ذلك من الاجراءات التي تراها ضرورية لتأمين سلطتها واستقرارها.
ثم تتجه من بعد ذلك لارخاء قبضتها الحديدية شيئاً فشيئاً حتى تقيم لها تنظيماً سياسياً (دائماً الحزب الواحد) ومجالس تشريعية (صورية) بعد أن تصوغ لها دستوراً تطلق عليه (الدائم) وتفرج عن معتقلين ومسجونين سياسياً والذين كثيراً ما تعيد اعتقالهم لاحقاً.
فالنظام الديكتاتوري بعد أن يستقر له الأمر، يعمل على توسيع نفوذه بين الجماهير ومن وسائله الاستفتاءات وفي الغالب على رئاسة الجمهورية وحدها، حيث يكون المرشح (واحداً) وهو رئيس الحزب الحاكم (الأوحد) وهو (قائد الجيش والشرطة..) ونتيجة أي استفتاء هي 99,99 حتى إذا لم يشارك فيها أحد.(!!)
كما تجري انتخابات شكلية للمجالس التشريعية ومجالس الحكم المحلي ويحاول النظام في كل ذلك الظهور أمام دول العالم وكأنه نظام ديمقراطي ينال رضا شعبه فمن المؤكد أنه من غير المتصور أن يسمح الحكام الديكتاتوريين بإجراء انتخابات تعزلهم من سلطتهم.
ومذكرة د. الطب زين العابدين في يوليو 1976 من داخل معتقله للرئيس نميري عقب فشل العملية المسلجة اقترح فيها أن يتبنى (مصالحة وطنية) مع الجبهة الوطنية (كما طرح الأمير محمد الفيصل – السعودية – أفكاراً حول الحوار على نميري والصادق المهدي).
وفي يناير 1977 عقد الصادق المهدي مؤتمراً تشاورياً في مدينة (لندن) لمناقشة أمر المصالحة. ووافق معظم الحضور من الاسلاميين على الحوار باستثناء عثمان خالد. وتم لقاء نميري والصادق في مدينة (بورتسودان) في 7/ 7/ 1977 وتم الاتفاق في اللقاء على موافقة الصادق المهدي على الآتي:-
– الدستور القائم هو الدستور الدائم (مع تعديله).
– الجمهورية الرئاسية.
– التنظيم السياسي الواحد (الاتحاد الاشتراكي السوداني).
– إطار اتفاقية أديس أبابا 1972م.
– برنامج نميري للولاية الثانية.
وأدى الصادق قسم الولاء للاتحاد الاشتراكي في نوفمبر 1977م.
وبعودة إلى قيام انقلاب 25 مايو 1969 نجد أنه في 3 يونيو 1969 انعقد اجتماع بين نميري والصادق (الذي كان قد أعد مذكرة) وانتقد الصادق أفكار النظام (المستوردة) والتي لا أمل في صلاحها في السودان (واعتقل الصادق لاحقاً) وهذا الموقف يتسق مع موقف الإمام الهادي وقادة جبهة الميثاق الاسلامي الذين اشترطوا لدعمهم (ثورة مايو) مسح مظاهر الشيوعية من على وجه (الثورة) أو النظام.
وقبل د. الترابي الدخول في المصالحة بعد العفو عن المعتقلين السياسين بقانون. وصدر القانون (شرط الترابي) في أغسطس 1977 وأطلق سراح جميع المعتقلين باستثناء الشيوعيين وجماعة حزب التحرير. وفي سبتمبر 1977 أصدر د. الترابي بياناً أعلن فيه فض الجبهة الوطنية. والتحقت أعداد كبيرة من الاسلاميين بوحدات الاتحاد الاشتراكي مثلما التحقت قيادات باللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكي جنباً إلى جنب مع قوميين وديمقراطيين ومايويين وشيوعيين مايويين.
وشغل د. الترابي مواقع عديدة خلال الفترة 1977 – 1985م من مثل:
– لجنة مراجعة القوانين لتتماشى مع الشريعة الاسلامية.
– النائب العام.
– المشرف السياسي على دارفور.
– مساعد الأمين العام للاتحاد الاشتراكي للشئون الخارجية.
– الأمين المساعد للشئون الاجتماعية والسياسية للاتحاد الاشتراكي.
– مستشار الرئيس لشئون الأمن القومي.
وشارك الأخوان المسلمون في انتخابات مجلس الشعب القومي الثالث (فبراير 78) وأحرزوا (18) مقعداً وقام نميري بتعيين: يسن عمر الامام، التيجاني أبو جديري وأحمد عبد الرحمن محمد في مجلس الشعب القومي الثالث وأصبح أحمد عبد الرحمن رئيس للجنة الإرشاد. وفي أبريل 1981 تم تعيين أحمد عبد الرحمن وزيراً للشئون الداخلية.
كما عين نميري ستة من الجبهة الوطنية في المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي المكون من 29 عضواً من بينهم: الصادق المهدي، أحمد الميرغني وحسن الترابي. ومن بين أعضاء مجلس الشعب القومي الرابع: على عثمان محمد طه، عبد الجليل الكاروري، يسن عمر الامام، حافظ الشيخ الزاكي وعبد الله حميدة.
ووقع الشريف حسين الهندي (الذي لم يرجع للسودان نهائياً حتى وفاته) وعبد الماجد أبو حسبو وأحمد زين العابدين عمر بيان المصالحة مع النظام والذي وقع عليه من جانب النظام: أبو القاسم هاشم وعمر محمد الطيب.
إن مصالحة أحزاب الجبهة الوطنية مع مايو في 1977 هي نتيجة هزيمتها العسكرية وفشل العمل المسلح. وهذه الهزيمة جعلت أحزاب الجبهة الوطنية تصل إلى نتيجة: أنه يجب الاتفاق مع النظام المايوي (الشمولي) وحكم نميري (حكم الفرد القمعي) الذي بدأ لهم وكأنه سيبقى إلى الأبد…
ودعم التفاوض والحوار مع نميري، ما تعرضت له كوادر وقيادات أحزاب الجبهة من اعتقال وسجون وفصل من الخدمة.
كما أن المستجدات التي حدثت بفقدان الجبهة الوطنية للدعم الاثيوبي بعد سقوط حكم الامبراطور هيلاسلاس. وتحول ليبيا نحو الاتحاد السوفيتي (السابق) الداعم للحكومة الاثيوبية الجديدة دفعت الجبهة الوطنية دفعاً نحو المصالحة. وقبلت معسكرات المقاتلين من حزب الأمة في ليبيا وأثيوبيا المصالحة ولم يكن أمامهم خيار آخر.
والمصالحة الوطنية في 1977 جرت بين أطراف لا تختلف حول القضايا الجوهرية:
(1) معاداة الشيوعية.
(2) الجمهورية الرئاسية.
(3) الحزب الواحد الحاكم.
وأحزاب الجبهة الوطنية جميعها ومنذ ستينات القرن الماضي يجمعها العداء للشيوعية وظلت تدعو إلى إقامة نظام رئاسي في السودان. أما مسألة الحزب الواحد الحاكم فقد طرحت امامهم منذ يناير 1974م. ولذلك فإنه على الرغم من أن المصالحة الوطنية كانت بين نميري وقيادات أحزاب الجبهة (نلاحظ أن نميري لم يتعامل معهم كجبهة بل كأحزاب وكل حزب على حدة) إلا أنه بعد اكتمال المصالحة تحولت قيادات الاحزاب المتصالحة وكوادرها إلى قيادات في الاتحاد الاشتراكي، وكثير من العضوية إلى أعضاء في الوحدات الأساسية للاتحاد الاشتراكي، وكأنهم قبلوا طوعاً حل أحزابهم دون إعلان، ورغم كل ذك يبرون فعلتهم باسقاط النظام من الداخل!!
*وكما فشلت الانقلابات العسكرية والعمل المسلح في سقوط حكم الفرد القمعي فشلت المصالحة الوطنية وأكدت تجربة مقاومة حكم الفرد القمعي أنه يمكن الاطاحة بنظام شمولي* *وقمعي بالاضراب السياسي والعصيان المدني وكآفة أساليب العمل السياسي. والنضال اليومي الدؤوب لا يحتاج إلى قيادات سياسية مؤثرة فعلى الرغم من الانفصال الذي حدث بين قيادات الأحزاب وقواعدها إلا أن القواعد واصلت نضالها حتى الانتفاضة بطريقتها.*
*إشارة:*
*هذا هو الجزء السادس من مقال سقوط حكم الفرد القمعي والذي نشر في مارس/أبريل 2014م من تسعة أجزاء ونعيد نشره الأن.*

 

Print Friendly, PDF & Email

عن laalaa

شاهد أيضاً

حزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي

Share this on WhatsAppحزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي طالعنا البيان المؤسف الصادر من سكرتارية اللجنة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.