الإثنين , أبريل 29 2024
ardeenfr
أخبار عاجلة
الرئيسية / أخبار لالا اليومية / *عودة رمز النضال الوطنى للخرطوم*

*عودة رمز النضال الوطنى للخرطوم*

يعود إلى أرض الوطن المتوشح بنسمات الثورة المجيدة يوم الجمعة 27 ديسمبر 2019 الساعة العاشرة صباحا *الأستاذ فاروق أبو عيسي* قادما من الخارج بعد رحلة للاستشفاء دامت لاكثر من عامين بصحبة اسرته الكريمة، يعود وهو مترعا بحب الوطن والشوق إلى أهله بعد أن تحقق الحلم الذي عمل من أجله بلا كلل أو ملل طيلة الثلاثين عاما المنصرمة وهو دك حصون الطغيان وزوال عهد الفساد والاستبداد . تمثل عودة الأستاذ فاروق أبو عيسي إلى السودان دفعة قوية للعمل السياسي ودعما ضروريا لعملية التغيير والتحول الديمقراطي الجارية الآن في البلاد وعليه فلا غرو إن أتت عودته وسط أجواء إحتفالية بهيجة تليق بمكانته الكبيرة في العمل الوطني والحركة السياسية السودانية.

الأستاذ فاروق ابو عيسي غني عن التعريف فهو القانوني والنقابي الضليع والسياسي المحنك المصادم لانظمة الحكم الجائرة الظالمة وقد قضى معظم سني حياته مدافعا عن الحق ونصيرا للمظلوم ومستصحبا تجاربه السياسية والمهنية من أجل المعارك الأخلاقية الكبرى. إن سمعته الطيبة وعلاقاته الواسعة أهلته للتربع كرئيس لتجمع قوى الإجماع الوطني وهو أكبر وأهم تحالف لأحزاب المعارضة السياسية السلمية لنظام المؤتمر الوطني  كذلك لعبت شجاعته وحنكته المهنية والنقابية دورا محوريا في انتخابه لمنصب الأمين العام لأعرق وأهم منظمة غير حكومية إقليمية في الوطن العربي هي إتحاد المحامين العرب . من خلال هذين الموقعين ولمقدراته الكبيرة وإيمانه بضرورة مقاومة الطغيان والظلم، فقد لعب الأستاذ أبو عيسي دورا رياديا في معارضة نظام الإنقاذ البائد في السودان وبلا مهادنة أو تراجع منذ استيلائه علي السلطة في ليل بهيم فى نهاية شهر يونيو 89.

خلال مرحلة تفتق وعيه السياسي في سنين دراسته الثانوية والجامعية في أربعينيات وخمسينات القرن الماضي، شارك الأستاذ أبو عيسي وبعنفوان فى معارك التحرر الوطني التي خاضها الشباب والطلاب السودانيين ضد الإحتلال البريطاني لبلادنا وواصل في ذلك النشاط التحرري خلال أيام دراستة في مصر عندما شارك في جبهة المقاومة مع الثوار المصريين في العام 1956 وذلك كمتطوع من السودان ضمن وفد الجبهة المعادية للإستعمار إبان رحلتهم التضامنية مع الشعب المصرى ضد العدوان الثلاثى وحرب السويس. بعد تخرجه من كلية الحقوق في جامعة الإسكندرية في عام 1957، وتبعها عودته إلى السودان والتحاقه بمهنة المحاماة، ولج الأستاذ أبو عيسي باب العمل العام والنضال الوطني من أوسع أبوابه ضمن رصفائه وأبناء جيله من مثقفي الاستنارة. لقد برز إسم الأستاذ فاروق أبو عيسي كأحد أقوى الأصوات الرائدة في حركة التحرير الوطنى وفي توسيع دائرة الوعى والمطالبة بالانعتاق من نير الحكم الأجنبي وكسر أغلال الإستعمار ولقد واصل جهده التوعوي الرائد بلا كلل بعد استقلال السودان في يناير 1956 وذلك بالمطالبة بالإصلاح السياسي وتوسيع سقف الحكم الديمقراطي وحماية وتعزيز حقوق الإنسان وحرياته الأساسية للجميع مما أدى إلى فتح المدارك وإتساع دائرة الوعى بالحقوق الوطنية والحريات السياسية وإقامة دولة القانون في السودان.

إن وعى الأستاذ أبو عيسي الوطني المبكر قد قاده وهو محامى يافع إلى معارضة سياسات الحكومة الإنقلابية الأولى في تاريخ السودان بقيادة الفريق إبراهيم عبود والمعروفة بحكومة 17 نوفمبر 1958 وسرعان ما أصبح أحد المعارضين الشرسين لها ومن المحامين المتطوعين للدفاع عن ضحاياها من نقابيين وسياسيين وطلاب وغيرهم من المعارضين. هذا النشاط والعمل الشجاع جعله عرضة للتنكيل والملاحقة الأمنية والاعتقال والسجن. برز دور الأستاذ فاروق أبو عيسي وملكاته الكبيرة في تسييره مع عدد من المناضلين وبنجاح لعمل جبهة الهيئات التي قادت ثورة اكتوبر 1964 حتى وصولها إلى بر الأمان وأنهاء حكم العسكر بنجاح كبير. أكثر لحظات تجلياته الثورية كانت عند قيادته للثوار وتصديهم لمحاولة الردة عن مكتسبات ثورة أكتوبر 1964 وذلك عندما أوقفوا محاولة بعض ضباط الجيش للتحرك والانقلاب علي الثورة في ليلة المتاريس المشهورة.

إذا كان هناك أيقونة للكفاح أو أب للنضال المدني ضد الدكتاتورية ومن أجل إسقاط نظام المؤتمر الوطني السابق في السودان، فيحل الأستاذ فاروق ابوعيسي في سنام هذا الموقع بلا منازع. بعد أن استولى النظام السابق علي الحكم في 30 يونيو 1989، كان الأستاذ ابو عيسي هو أول من نبه العالم إلى طبيعته الأصولية وخططه الجهنمية لوأد الديمقراطية الثالثة ولتوسيع دائرة الحرب الداخلية في السودان وذلك عندما وقف أمام أعضاء المكتب الدائم لإتحاد المحامين العرب في مدينة دمشق بعد ساعات من إعلان الانقلاب وإذاعة بيانه الأول في 30 يونيو 1989 وقف محذرا ومنبها العالم بأن السودان قد دخل في مرحلة جديدة وخطيرة بعد سطو الأصوليين وتجار الدين علي السلطة السياسية في البلاد وقد أثبتت مجريات الأحداث صدق حدثه وفراسته. يكفي الأستاذ فاروق أبو عيسي فخرا أنه قد نال شرف الانتخاب وإعادة الانتخاب لمنصب الأمين العام لإتحاد المحامين العرب لخمسة دورات متتالية منذ إنتخابه الأول في 1983 وحتي تقاعده علي المعاش في عام 2003. وبشهادة كل من تعامل معه من كبار رموز القانون والمحاماة في العالم العربي، فتعتبر فترة العشرين عاما من قيادته لإتحاد المحامين العرب اخصب فترات عمل الإتحاد وقد حلق فيها عاليا في نشر ثقافة حقوق الإنسان وإرساء قيم حكم القانون تدريبا وتبشيرا ودعوة وكذلك من حيث التواجد في الساحتين الحقوقية والسياسية علي المستويين الإقليمي والدولي وهي أطول مدة يتشرف فيها محامي برئاسة الأمانة العامة لهذا الإتحاد العريق حتي الان.

لقد كان للاستاذ ابوعيسى القدح المعلى في تعرية سجل حكومة المؤتمر الوطني المخزي في مجال حقوق الإنسان وانتهاكاتها الفظيعة للقانون الدولى والانسانى وتشهد علي ذلك إضابير قصر الأمم المتحدة في جنيف منذ بداية العام 1991. فبعد أن تم الاستيلاء علي السلطة و عطل الدستور والحياة النيابية في البلاد، أسفر النظام السابق عن وجهه القبيح ودمويته وعدوانيته بتنفيذ بعض من أحكام الإعدام الجائرة بحق عدد من السودانيين – عسكريين ومدنيين – وكذلك أجج نيران الحرب الداخلية في جنوب البلاد وعندها كان أول من تصدى للتنديد بهذه الجرائم من منبر إتحاد المحامين العرب وهو منظمة معتمدة لدى الأمم المتحدة وتتمتع بالصفة الاستشارية مع المجلس الاقتصادي والاجتماعي بالأمم المتحدة مما يخولها الحق في المشاركة في اعمال المنظمة الدولية وكتابة المذكرات وعقد اللقاءات الرسمية مع المسؤولين الدوليين والخبراء. لقد سخر الأستاذ أبو عيسي كل إمكانياته المعرفية والمالية وعلاقاته الواسعة مع أصدقائه العديدين من مختلف دول العالم من أجل حماية حقوق الإنسان والسلام في السودان ويرجع له الفضل في إقناع ممثلي الدول والحكومات علي اصدار اول ادانة دولية لسلوك حكومة المؤتمر الوطني وذلك في شهر مارس 1993

اما مساعدته ورعايته لضحايا حكومة الانقاذ فهى محطة اخرى، خاصة الذين تم تعذيبهم في أقبية بيوت الاشباح سيئة الذكر او طردهم من الخدمة المدنية واجبارهم علي مغادرة البلاد والعيش في المنفى في تسعينات القرن الماضى، فهي من المأثر التي لا يمكن حصرها إذ أنه وفر الملاذ الآمن والحضن الدافئ لكل من طرق باب مكتبه الشهير فى شارع اتحاد المحامين العرب في القاهرة من كل ألوان الطيف السياسي السوداني المعارض وبلا تمييز أو محاباة ، بالإضافة إلى مساهمته في تسهيل مشاركة القوى السياسية السودانية المنضوية تحت لواء التجمع الوطني الديمقراطي في أعمال لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان وذلك بصورة منتظمة حتي تقاعده في العام 2003، فقد وفر الدعم المادي والمعنوي والرأى الاستشارى السليم للكثير من المعارضين السياسين الذين شردوا من أرض الوطن. ولولا الجهد الذي قام به الأستاذ أبو عيسي في التواصل مع مؤسسات الأمم المتحدة وتعريف العالم بعمق المأساة الإنسانية في السودان، لما تم إعادة توطين وحماية آلاف السودانيين الذين شردتهم حكومة الإنقاذ واجبرتهم علي مغادرة البلاد في سنينها الأولى ومعظم هؤلاء وكذلك ابنائهم وأحفادهم يعيشون الآن حياة كريمة في العديد من دول العالم الأول. هذه المواقف الإنسانية النبيلة خلقت للأستاذ ابو عيسي عداء خاص مع أهل الإنقاذ وبسبب هذه الخدمات لأبناء الوطن تعرض للكثير من الأذي حيث صادر النظام المقبور منزله في الخرطوم وتعرض له بعض وزراء الإنقاذ بالتجريح والإساءة كما حدث من الراحل عبدالعزيز شدو وزير العدل الأسبق. وعندما انشق السيد الدو اجو دينق واستقال من منصبه كنائب لرئيس الجمهورية في فبراير 1994 رتبت له المعارضة السودانية زيارة إلي جنيف للإدلاء بشهادته أمام لجنة حقوق الإنسان مما أزعج وفد حكومة الإنقاذ ودعى أحد دبلوماسييها لإطلاق صرخات هستيرية من الوعيد والتهديد لوفد المعارضة السودانية برئاسة الأستاذ أبو عيسي حتى تم طرده من قاعة الإجتماع من قبل أمن المنظمة الدولية.

  كعادة كل الحكام الطغاة فقد ضاقت حكومة المؤتمر الوطني بنشاطه السياسي وقامت باستهدافه واعتقاله في أكثر من مناسبة عند عودته للخرطوم بعد اتفاقية نيفاشا واتفاقية القاهرة مع التجمع الوطنى الديمقراطى متهمة إياه بارتكاب جريمة الخيانة العظمى وجرائم كبرى اخرى ضد الدولة وتهديده بالحكم عليه بالإعدام لكن لم تلين له قناة أو  يتراجع عما آمن به من قيم ومبادئ وقد اثرت فترات اعتقاله القاسية علي صحته بصورة كبيرة ومازال يعاني من  اثارها. إن أهمية وعظمة ما قام به الأستاذ أبو عيسي من عمل في مناهضة حكومة الإنقاذ الوطني في السودان قد عبر عنها الخصوم السياسين قبل الأصدقاء وذلك عندما صرح عراب النظام البائد بأنهم وطيلة العشرة سنين الأولي من عمر نظام الإنقاذ كان مصدر قلقهم العميق وخوفهم الوحيد هو نشاط وفد المعارضة فى مجلس حقوق الانسان وتعريتهم لسياسات النظام الاقصائى آنذاك.
*فاهلا ومرحبا برمز النضال الوطنى وعودا حميدا للخرطوم وهى تحتفل بالذكرى الاولى للثورة العظيمة*

نبيل عبدالوهاب (سويسرا )

 

Print Friendly, PDF & Email

عن laalaa

شاهد أيضاً

حزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي

Share this on WhatsAppحزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي طالعنا البيان المؤسف الصادر من سكرتارية اللجنة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.