فراديس الخرطوم بحري المفقودة

يؤرخ الكثيريين لمدينة الخرطوم بحري بدخول الانجليز وذلك بسبب المنشأت التي بنيت ابان الحكم الانجليزي المصري لكن هذا الاعتبار لا يعني تأسيس الانجليز و المصريين في فترة ما يعرف بالحكم الثنائي لهذه المدينة . الخرطوم بحري تلك الارض  التي ترقد بين احضان النيل الازرق في جنوبها و جنوبها الشرقي وبين احضان نهر النيل في شمالها هي امتداد لمملكة علوة السودانية في حقبة السودان المسيحية قبل تاسيس مملكة سنار او السلطنة الزرقاء،فارض الخرطوم بحري الحالية هي امتداد لارض
مملكة علوة  التي نالها من الخراب ما اصبح ملازما لها ولعاصمتها سوبا حتى صار ذلك الخراب مضرب الامثال لخراب المدن الممنهج ،وهاهو التاريخ يعيد نفسه مع الانقاذ التي كانت ومازالت تهتم لأمر ايدلوجيتها السياسية وبقائها في كراسي الحكم اكثر من الاهتمام بالوطن ولذلك كان منهجها التخريبي المنظم بما اسماه عرابها الراحل حسن الترابي بالتمكين فهذا التمكين كان هو الخطة المنظمة لهذا الخراب وعن طريق ما اسموه الصالح العام فكان ان حدثت  مجازر لقطع ارزاق مواطنين ومواطنات شرفاء من كل انحاء البلاد ومن جميع الفئات التي تخدم في مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية ،فقد تم على اثر تطبيق سياسات التمكين فصل الالاف فقط لمجرد الشك في عدم الولاء للتنظيم وكانت اسباب الفصل التعسفي معيبة وغريبة وتدعوا للضحك احيانا مثل شوهد(يتبول واقفا) ومثل لم يشاهد قط في صلاة الظهر بالمؤسسة. وهكذا شوهت الخدمة المدنية وصار الموظفين مستعبدين من الدولة ليس لديهم نقابات تدافع عنهم ،انما نقابات تبصم بالعشرة لصالح الحكومة وقرارتها بسحق المواطنين وصار كل يخشي على رزقه  حتي لا يفقد قوته ورزقه،وذلك لعدم وجود نقابات مصادمة تنتزع الحقوق اما الخدمة العسكرية فنفس الفكرة لا احد الان يريد فقدان حقوق ما بعد الخدمة المليارية.
نالت ايضا مؤسسات خدمية حظها من التصفية تكملة لمشروع التمكين ومعظمها ذات طابع عمالي ينشط فيها عمال مهرة اصحاب وعي بالحقوق من كل انحاء السودان و بفقدان هذه المؤسسات اصبح العمل النقابي المنظم بالعاصمة مكسور الشوكة قليل الحيلة وذلك بعد تصفية كل من النقل الميكانيكي و مصلحة النقل النهري و مصلحة المخازن والمهمات هذه المؤسسات الخدمية الكبيرة يضاف اليها ايضا منطقة بحري الصناعية التي شملها خراب سوبا الجديد متمثلا في سياسة تخريب الوطن المسماة بالتمكين حيث كانت مدينة الخرطوم بحري  المقر لتلك المؤسسات  وتصفيتها كانت خرابا ثانيا لسوبا متمثلة في مدينة الخرطوم بحري حيث اعاد التاريخ  نفسه لخراب المدن وقد كانت تلك المؤسسات بمثابة الفراديس المفقودة الان للحركة النقابية بالسودان وتاريخها الناصع سابقاً ،فقد تم تصفية فراديس العمال هذه لصالح برنامج التمكين والصالح العام الذي لم يكن صالحا عاما انما كان لصالح التنظيم الحاكم الان الذي هو نفسه الحكومة والدولة في آن واحد. كما هو البرلمان الذي يمثل به التنظيم الحاكم نفسه كديكور لشكل دولة تعمل بمدا فصل السلطات الثلاثة.