هل تم إنجاز مدنية الدولة?

&  حرب التنوير&
الراهن السياسي :

بكل تأكيد أن هذا الأمر لم يتم .. والشواهد على ذلك عديدة لا تخطئ عين المراقب الحصيف لها بدأ من شراكة العسكر أصحاب الأيادي الموغلة في الدم السوداني في الهامش أو المركز .. وليس انتهاء بهيمنة الدولة العميقة للنظام الاسلاموي على مفاصل الدولة .لسوء حظ الثوار أنهم وثقوا بأنصاف الثوار وبالقوي التقليدية التي هي نفسها لا ترغب في ثورة حقيقية تبلغ غايتها ومنتهاها وذلك عبر تفكيك الدولة البوليسية القديمة وإحلال دولة القانون والمؤسسات مكانها .
الحقيقة التي لا تقبل الشك إطلاق هي أن بلوغ الثورة لغايتها لايخدم على الإطلاق مصالح من يمسكون بمقاليد الأمور تحت ما يعرف الآن بمسمى( قحت ) .
إن القوى المسيطرة على( قحت ) هي قوي رجعية تقليدية بأمتياز ولا تختلف عن النظام الاسلاموي سوى في التكتيكات ..غير أنهم في آخر الأمر يلتقون معهم في استخدام الإسلام كوسيلة للوصول الى السلطة والتمتع بما تكسبه السلطة من نفوذ مادي ومعنوي .
إن القوى المسيطرة على( قحت ) ترفض بشكل قاطع أي محاولة لتفكيك الدولة السودانية القديمة لأن ذلك يعني تلقائيا تفكيك منظمات بنيت علي أسس خاطئة هي نفس الأسس التي قامت عليها الدولة السودانية الحديثة بعد خروج الاستعمار بعد أن سلم السلطة للوكلاء الذين اعدهم بعناية لخدمة مصالح الإمبراطورية التي لا تغرب عنها الشمس .قد يبدوا للوهلة الاولى عند النظر إلى حكومة السيد / حمدوك  إنها حكومة كفاءة .. لكن الحقيقة التى تترأي خلف الاكمة .. هي إنها حكومة ( افندية) لاينقصهم سوى الطربوش الأحمر .
من الواضح أن القوى الإمبريالية العالمية هي من صنعت افندية الاستقلال المزيف .. وهي من تقف اليوم من خلف افندية سارقي دماء الشهداء ودموع الأمهات الثكلى .. غير أن الجيد في هذا الأمر أن من أطلق العنان لهذه الثورة لم يكن ينتمي لنادي الافندية الرجعي .. بل فجرها شباب يمتلك وعي جديد ومغاير أن كان في الهامش ( الدمامزين) أو في المركز ..  هذآ الوعي هو بالأساس نتاج صيرورة تاريخية  تحتم في آخر الأمر بناء السودان الجديد التقدمي العلماني ..الديمقراطي ..مهما تمسكت القوى السياسية التقليدية الرجعية بتأييد اللحظة أو محاولة وقف عجلة دوران التاريخ فهذا بداهة أمر مستحيل .. أن محاولة تحنيط التاريخ أمر لاجدوي منه مهما حاولت هذه القوى الرجعية عبر تقديم خطاب عاطفي مغلف بقشور  الديمقراط  ..
سقوط القديم البالي حتمية تاريخية ..فليستعد نادي الافندية لهكذا سقوط وشيك .
اسامة كبلو .
6/9/2019  م