السبت , أبريل 27 2024
ardeenfr
أخبار عاجلة
الرئيسية / أخبار لالا اليومية / #شهادة_صديقة مصطفي احمد الشيخ علي ما تعرض له الشهيد عبد المنعم سلمان داخل المعتقل في ايامة الاخيرة

#شهادة_صديقة مصطفي احمد الشيخ علي ما تعرض له الشهيد عبد المنعم سلمان داخل المعتقل في ايامة الاخيرة

عاش معاناته في أيامه الأخيرة دونها حتى تكون في ذاكرت التاريخ هو صديقه ورفيق دربه الراحل مصطفى احمد الشيخ الذى كان سنداً له في أيامه الأخيرة في زنزانات وبيوت أشباح امن النظام

              اعرف الصديق العزيز عبد المنعم سلمان منذ الخمسينيات ذلك المعلم النبيل الذي احترم مهنة التعليم فاحترمته وقدسته وتولى مهام عديدة في غاية الحساسية و الأهمية أهلتها له كفاءته النادرة.

رغم تقلده المناصب الرفيعة إلا أنه لم يتنازل عن أفكاره التي يجلها كما تتطلب الوظيفة لذا كسب احترام كل زملائه في هذه المهنة.

لم يكتف بما تمليه عليه مهنته من تحضير ومتابعه بل أسهم بقدر وافى في كل الندوات والسمنارات والمؤتمرات التي تناقش وتبحث في قضايا التعليم وله أبحاث ومساهمات عدة. لم ينقطع عن البحث والكتابة في هذا الشأن حتى يوم اعتقاله. كان يبشر ببرنامج قوى نحو ديمقراطية التعليم فتحت له الصحف صفحاتها ولم يترك شاردة ولا واردة إلا وتناولها مشيراً إلى إيجابياتها وسلبياتها حتى أصبح مرجعاً هاماً ورقماً صعباً لا يمكن تجاوزه في قضايا التعليم.

لهذا السبب وخشية من تبشيره بالنهج السليم للتعليم قامت سلطة انقلاب 89 باعتقاله حتى تكتم هذا الصوت الذي يفند سلفاً رؤية نظام الجبهة للتعليم. كان لابد لنظام يونيو89 إن يعتقل أفكار وإسهامات الذين تخشى منهم على برامجها في كل مجال وكان الأستاذ عبد المنعم سلمان احد هؤلاء الأبطال.

لا أود أن أتحدث عن بطولات وصمود رفيقنا العزيز عبد المنعم لان ذلك يحتاج إلى مجلدات ولكن فقط أود أن أدون بعض الظروف التي سبقت اغتياله داخل السجن العمومي بكوبر في 21يناير 1991

عندما تم اعتقالي مع رفاق آخرين في أكتوبر 89 تم اخذنا إلى مباني جهاز الأمن بالمطار وهناك تعرضنا لأبشع أنواع التعذيب الجسدي والنفسي وأجبرنا على أن نشاهد اقسي وأبشع أنواع التعذيب على بعض المعتقلين في (جرائم) أخرى منهم احد الإخوة الجنوبيين وطيار بالخطوط الجوية السودانية تم إعدامهما بعد محاكمه صورية. بعد أسبوعين من الاعتقال في حجرة لا تزيد مساحتها عن 15 متر كنا فيها 29 معتقلاٌ بالكاد نستطيع أن نتنفس أو نتخطى أسلاك الكهرباء العارية، بعد تلك الفترة تم ترحيلنا مكتوفي الأيدي معصوبي الأعين إلى بيت الأشباح رقم (1) وتم حشرنا في غرفة المكواة 9 أمتار هي كل مساحتها وكاد بعضنا يختنق خاصة من تأثير الكشافات الحارقة التي جعلت العرق بتصبب من الجميع بلا انقطاع استمرينا على هذه الحال لفترة أسبوعين بعدها تم نقلنا إلى حجرة أوسع.

كنا نعتقد إننا الوحيدون يهدا المنزل الذين يتم تعذيبهم صباح ومساءاُ ولكن بعد مضى أسبوع اكتشفنا آن بالمنزل عشرات من زملائنا في حبس انفرادي أو جماعي يلاقون أبشع مما نلاقى. الصدفة وحدها جعلتني اعرف إن صديقي عبد المنعم سلمان كان ضمن نزلاء المنزل في زنزانة منفردة وكان في غاية الإعياء والمرض لاننى لمحت اسمه على رشوته طبية تقول ينقل إلى المستشفى وما كان لا أن اعرف ذلك لولا أن الحارس كان قد نسى بعض الأوراق و الروشتات في الحجرة التي كنت بها.

ظل الذين بهذا المنزل لأكثر من 120 يوماً يتلقون أبشع أنواع التعذيب على مدى أكثر من 12 ساعة يومياً وبعضنا لا يكاد يفرق بين الصباح أو المساء لان الحجرات متداخلة لاتدخلها الشمس وبعضها لاتعرف إن كان الوقت ليلاً أم نهاراً أما الطعام فكان أيضاً احد أنواع التعذيب.

لكم أن تتصوروا صديقنا عبد المنعم وهو يعانى من السكري والضغط ولا يجد حتى الماء في الوقت الذي يحتاجه وحينما يجده فإنه يكون في إناء كبير جداً ومتسخ.

بعد انقضاء 120 يوم على هذا الحال ولاشتداد حملات التضامن العالمي مع المعتقلين وإنكشاف أمر هذه المنازل وما يجرى فيها قاموا بترحيلنا إلى سجن كوبر على حافلات مظلله بالسواد ونحن معصوبي العيون

في مدخل سجن كوبر وعندما رفعت العصابات من الأعين سمعت من ينادى أسمى ولم أتعرف على المنادى وبعد جهد تعرفت على الصوت وكان هو صوت صديقي عبد المنعم. لم اصدق إن الذي امامى هو عبد المنعم لأنه أصبح كالهيكل العظمى به جروح على العنق والجبهة حكي لي كيف كان يعذب يضرب ويمنع عن الأكل والشرب والاستحمام وبالفعل كان جلبابه المفترض أن يكون ابيضاً كان بلون بلون التراب الأحمر وكان يطلب منه أن يقوم بحركات رياضيه عنيفة أدت  إلى ألتوا في مفصله بالإضافة إلى تعذيب نفسي في غاية المرارة من أسئلة ساقطة وفحش في الحديث وتهديد لايقدرعلي مثله  هتلر.

بعد انقضاء أسبوع في كوبر وعناية فائقة من الرفاق حتى يستعيد نزلاء منازل الأشباح الحياة ونحن نسترد أنفاسنا ونحاول التأقلم على هذا الجو الجديد إذ تقوم أجهزة الأمن بإحضار قائمه لترحيل عدد من المعتقلين إلى سجن شالا.

كان من بين القائمة اسمي، عباس على معلم أيضا والصديق عبد المنعم، هنا طلب زملائنا من الأطباء من إدارة السجن أن يتم استثناء كل من عبد المنعم سلمان وعباس على نسبة لأمراضهم الخطيرة ولابد من بقائهم بكوبر حتى يكونا بالقرب من السلاح الطبي ومستشفى الخرطوم، وبعد جهد وخوف من رد فعل من المعتقلين صادقت أجهزة الأمن بإلإستثناء وذهبنا نحن إلى سجن شالا وتركنا عبد المنعم بكوبر.

في سجن شالا الذي يبعد حوالي 15 كيلو خارج مدينة الفاشر كان كل مايخصنا في يد جهاز الأمن وأسرة السجون كانت بلا حول ولاقوه إلا ما تؤمر به.

وهكذا استمر حالنا هناك لفترة 3 أشهر وفى صباح جمعة سمعنا أزيز طائره تحلق فوق رؤوسنا علمنا بأن السجن  في ممر هبوط الطائرات، كانت طائره عسكرية،عندما اختفت الطائرة نسينا أمرها. ولكن بعد ساعة جاء احد السجناء ليخبرنا بأن بعضاً ممن يشبهوننا على باب السجن في عربات الأمن.

لم نستغرب ولكن الشئ الذي أدهشنا أننا وجدنا من بين الذين حضروا كان عبد المنعم سلمان رغم مرضه.

هذا يعنى أنهم قطعوا علية العلاج والإشراف الطبي الذي كان يلقاه بالخرطوم وعلمنا أنهم بالفعل ناورونا حتى لا نتخذ موقف من الترحيل إلى شالا ولذا تم استثنائه في المرة الأولى.

الفاشر بها مستشفى ولكن لايوجد بها اى إختصاصى والدواء لايوجد إلا في السلاح الطبي وفى أحيان كثيرة المستشفى بلا ماء ولا نور بل تحرسه ملايين من الذباب والناموس.

لحسن الحظ كان بالمعتقل كل من الأطباء

1-    بروفسور الشيخ كنبش

2-    دكتور طه كروم

3-    دكتور عمر النجيب

4-    دكتور حمودة فتح الرحمن

5-    دكتور نجيب نجم الدين

هؤلاء ساعدوا كثيراً في استقبال ومساعدة عبد المنعم في تلقى العلاج ودبروا له مع إدارة السجن الملائم من الطعام إلى حداً ما وأشرفوا علية بكل اهتمام، كان سريري يجاور سريره في نهار يوم ساخن حاول عبد المنعم النهوض فلم يستطيع ولما ساعدته على النهوض كان يقول لي لا أرى بوضوح هل أظلمت الدنيا ؟ وبالفعل كان يفقد البصر لفترات طويلة. أخبرت الزملاء الأطباء بما حدث وما كان من شئ ممكن داخل السجن والمهم جداً كان لابد من أخذه إلى المستشفى وإجراء تحاليل عاجله – أجتهد الأطباء من داخل السجن وطلبوا من الإدارة أن يصبحه احدهم للمستشفى لإجراء التحاليل وبعد جهد وملاواه تم ذلك ولكن شح الإمكانيات تسبب في مضاعفات كثيرة وما كان من طبيب في المستشفى إلا أن أوصى بتحويله للخرطوم …… نحن في انتظار الرد من أجهزة الأمن لأكثر من شهر.

في المستشفى لم يستطيع صديقنا عبد المنعم أن يواصل الإنفراد مع الحرس لا دواء ولا علاج ولا اهتمام  – كنا من السجن نرسل إليهم الطعام وكان هذا يتطلب مجهودات كبرى، ضمان عربه من السجن إلى المستشفى أو ذهاب بعض المرضى من جانبنا إلى المستشفى وكثيراً ما كانت تفشل مجوداتنا لان عربة الأمن لا تحضر أو تتأخر لأكثر من 10 ساعات، على هذا الأساس طلب الصديق عبد المنعم أن تتم إعادته السجن بدلاً من البقاء وحيداً في المستشفى وتم له ما أراد، ولكن حالته كانت تتدهور كل يوم والمطلوب حقن من نوع خاص واكل من نوع خاص والجوع ضد امراضة، كان العزيز عبد المنعم يتماسك وهو في اشد حالات المرض، كان يساهم في الندوات والنشاط الثقافي في روح معنوية عالية.

ولكن عقب كل نشاط أو اجتماع كانت تعتريه حالات حادة من المرض وفقدان البصر ورغم كل هذا كان دائم الابتسام والتفاؤل.

في هذه المرة لم ينقطع الاحتجاج والطلب بترحيل المرضى ودخلنا في أكثر من إضراب عن الطعام وأخيراً وبعد تفاقم الحالة جاءت الموافقة بترحيله إلى الخرطوم ولكن وبكل تأكيد بعد أن تأكد جهاز الأمن من أن الحالة أصبح ميؤساً منها – تمت الموافقة على الترحيل ,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,

كان الواجب أن يحول من المستشفى بأمر طبيب وأن يتم أخذه من الطائرة إلى المستشفى ولكن الذي حدث هو أن تم اخذ عبد المنعم إلى السجن بدلاً من المستشفى وفى سجن كوبر بدأت فصول جديدة.

 

 

 

Print Friendly, PDF & Email

عن laalaa

شاهد أيضاً

حزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي

Share this on WhatsAppحزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي طالعنا البيان المؤسف الصادر من سكرتارية اللجنة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.