الأحد , مايو 19 2024
ardeenfr
أخبار عاجلة
الرئيسية / أخبار لالا اليومية / من الغفلة و عساكر الليل و لي الدنيا الجديدة جناح

من الغفلة و عساكر الليل و لي الدنيا الجديدة جناح

بعد ها الحال بلا مرسال يجو العمال
يجو الزراع يجو الكداح
يجو الناس البخبرو شليل و شقيق راح
و قمريتين جناحن دل فوق الصاح
من الغفلة و عساكر الليل و لي الدنيا الجديدة جناح
“حميد”
السادس و العشرون من يوليو 2019م و مازالت الساحة تضج بالتحليلات و التكنهات حول الانقلاب العسكري الذي أعلن عنه المجلس العسكري الانقلابي في محاولة لخلق حالة من الغموض غير الايجابي و السيولة ، تسمح بتركيب سيناريوهات عدة عليها، و تؤسس مع مفاوضات اديس ابابا بين أطراف كتلة نداء السودان التي ظلت تفاوض نفسها باسم قوى الحرية و التغيير في غياب تام للشفافية، لقراءات متباينة تلقي بظلالها السالبة على حركة الجماهير، و تفتح الباب واسعا للشائعات و محاولات كي الوعي، و خلق بلبلة في الشارع ، لتنفيذ المخططات المعادية لشعبنا ، و لكن هيهات.
و حتى لا نقع اسرى لتكتيكات قوى الثورة المضادة، علينا ان نبني قراءاتنا لخارطة الصراع السياسي على الحقائق لا الشائعات. فالثابت هو ان المجلس العسكري الانقلابي هو اللجنة الأمنية لنظام المخلوع عمر البشير التي نفذت انقلاب القصر و قطعت الطريق امام الانتصار الشامل للثورة، و هي انشط قطاعات الثورة المضادة و ذراعها المسلح، و ان اي انقلاب ضدها هو انقلاب ضد انقلاب بالأساس، و لا مشروعية للانقلابين معا، بحيث يظل الواجب هو العمل على هزيمتهما و اسقاطهما لا الاحتفاء بإنتصار أحدهما على الآخر و الوقوف معه في اجراءات القمع التي يتخذها ضد الاخر ، لان ذلك يعطيه مشروعية لا يستحقها أولا، و يسمح له بتمديد اجراءات القمع لتشمل الجميع و تعسكر الحياة لتحتوي الثورة و تصفيها ثانياً.
و بناءا على ذلك ، يجب اعتبار ما تم من تحرك انقلابي – ان صح- صراعا داخليا يعكس انقساما داخل معسكر الثورة المضادة، كان موجودا و كامنا و مؤجلا منذ لحظة انقلاب القصر و صعود المجلس العسكري الانقلابي الى السلطة، و وضوح انخراطه في مشروع المحور الإقليمي الإماراتي، ليؤسس لتناقض ثانوي بين جناح الجنجويد و من انضم إليه من انتهازيي الإسلاميين و حلفاؤهم مدعومين بمحور الامارات الراغب في تصفية الإسلاميين، و بين جناح الإسلاميين الاخر الذي يرى تاجيل معركته مع هذا الجناح لحين حسم الصراع الرئيسي بينهما مجتمعين و بين قوى الثورة. اي أن هذا الصراع و الانقسام كان كامنا و مؤجلا لحين التخلص من العدو المشترك المتمثل في القوى الثورية.
و هنا يبرز السؤال: هل انتصر معسكر الثورة المضادة حتى يقدم تناقضه الثانوي و يبدأ معركة كسر العظم بين أطرافه؟
و للرد على هذا السؤال نستصحب الفرضيتين: صحة الانقلاب و مسرحية الانقلاب.
ففي حال صحة الانقلاب و نسبته لجناح بقايا حزب المؤتمر الوطني الأساسي، يكون هذا الجناح قد تيقن من ان جناح المحور الاماراتي قد حزم أمره على المضي قدما في الاتفاق السياسي المشوه الذي تم توقيعه مع قوى الحرية و التغيير، و ان الخطوة القادمة هي تصفية هذا الجناح و استئصاله وفقا لرغبة المحور المذكور الذي يعمل بعنف واضح ضد الإسلاميين على امتداد الاقليم. و لهذا قرر استباق التوافق على تصفيته بغطاء مدني و دعم دولي ، و تنفيذ انقلاب في شكل عملية انتحارية في حال الفشل ، حتى لا يقع فريسة حتمية لادوات المحور الإقليمي المعادي له. بإعتبار ان احتمال نجاحه هو الاجراء الوقائي الوحيد المتاح ضد تصفيته.
اما في حال ان الانقلاب مسرحية، فالمجلس العسكري الانقلابي يكون راغبا في اقناع محوره الإقليمي بجديته في تصفية الإسلاميين، مع ايهام التيار التسووي في قوى الحرية و التغيير بأنه جاد في تصفية نظام المخلوع، و اكتساب تعاطف الشارع السياسي بتنفيذ مطالبه الثورية، مع الحفاظ في نفس الوقت على تحالفه الوثيق مع الإسلاميين. و بالطبع هذا السيناريو لن يصمد طويلاً، لانه سيصطدم بمطالب واضحة من المحور الإقليمي الاستئصالي، و  بمراقبة لصيقة من شارع لا يثق اصلا في المجلس العسكري الانقلابي. و سوف ينفضح عاجلا من حجم الاعتقالات و نوعيتها، و عدد من سيطلق سراحهم، و من طبيعة المعلومات التي يتم تسريبها، و من عدد العسكريين الذين سيتم تقديمهم للمحاكمات – ان تمت، و من المبررات التي سيتم تقديمها لفشل قائد الجيش الفعلي و قائد المدرعات و الضباط رفيعي المستوى الذين هم بالفعل السلطة في أيديهم من استلام السلطة.
الراجح حتى الان هو ان الانقلاب حقيقي ، و انه عبارة عن شرخ و انقسام في معسكر الثورة المضادة و في انشط قطاعاته العسكرية، بإعتبار ان جميع الجنرالات جزءا اصيلا من نظام المخلوع و الثورة المضادة. و لكن هذا لا يمنع ان يكون توقيته سابق و مؤجل و ان كشفه الان قد تم بغرض التوظيف و إعادة هيكلة الخارطة السياسية. فالمجلس العسكري الانقلابي يتوهم ان شركاؤه في قوى الحرية و التغيير الذين كانوا ينادون بعدم التعامل معه كعدو قد انتصروا و سيطروا على القوى الثورية، و دلالة ذلك أن هذا التيار التسووي قد ورط تلك القوى في اتفاق سياسي مشوه، و انه توصل لاتفاق في اديس ابابا على إعادة هيكلة قوى الحرية و التغيير، بحيث يمثل هذا التيار مرتين و يسيطر على قرار هذه القوى، و هذا هو اخطر ما خرجت به تلك المفاوضات . اذ انه أسوأ من المحاصصة على مستوى أجهزة الدولة، لانه يفرض سيطرة التيار التسووي على القوى الحاكمة لأجهزة الدولة و تحالفها، و يجعل مصير الفترة الانتقالية برمتها في يد التيار التسووي، الشريك مع المجلس العسكري الانقلابي، عبر الترتيبات المتفق عليها مع المحور الاماراتي.
هذا التوهم ربما يكون دافعا للمجلس العسكري الانقلابي لتوظيف انقلاب كان مكشوفا لديه اصلا و استبق وقت تنفيذه او بالفعل ان منفذيه قد قرروا عدم تنفيذه كما زعم ابن قائد الانقلاب و القائد نفسه في مقاطع استجوابه المسربة و المريبة. بحيث يستبق تحرك القسم الآخر من قوى الثورة المضادة و يعزز من قبضة معسكر المحور الإقليمي، و يرسل رسالة تطمئن التيار التسووي و تدفعه لمزيد من التنازلات في الوثيقة الدستورية، متناسيا ان هذا التيار اصلا قد فشل في تسويق الاتفاق السياسي، و ان الحكم الذي يرسم قواعد اللعبة السياسية هو الشارع الثوري المنتفض.
و لإسقاط هذه الاوهام ، و تفادي مفاعيل الانقلاب المعلن في كل الاحوال، المطلوب هو العمل على الحفاظ على النشاط الثوري فاعل و حاكم للمعادلة السياسية، و منع استخدام المحاولة الإنقلابية كوسيلة لطرد الثوار من الشارع و مصادرة حرية العمل الثوري و عسكرة الحياة، أو تحويل المسرح السياسي لساحة صراع بين قوى الثورة المضادة ، تغلب فيه تناقضاتها الثانوية على التناقض الرئيسي بينها و بين القوى الثورية لتقضي عليه و تهمشه.
كذلك علينا ان نطالب بتقديم المعتقلين الى محاكمات عادلة في ظل مؤسسات عدلية مستقلة بعد استلام السلطة المدنية و إعادة هيكلة الأجهزة العدلية ، من اجل كشف ما حدث بالفعل في ظل عدالة حقيقية، و تكريسا لموقفنا المبدئي في الاعلاء من شأن مبدأ سيادة حكم القانون المتمثل في شقه الجنائي بالمحاكمة العادلة ، و تفادي شرعنة المجلس العسكري الانقلابي و إعطائه مشروعية الدفاع عن انقلابه.
و قوموا الى ثورتكم  و لا تركنوا لتكتيكات الثورة المضادة  و عززوا انتصاركم  ففجركم يلوح في الافق

 

 

Print Friendly, PDF & Email

عن laalaa

شاهد أيضاً

حزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي

Share this on WhatsAppحزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي طالعنا البيان المؤسف الصادر من سكرتارية اللجنة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.