الإثنين , مايو 20 2024
ardeenfr
أخبار عاجلة
الرئيسية / أخبار لالا اليومية / الدولة السودانية المختلة والسيادة المتآكلة (1-2 )

الدولة السودانية المختلة والسيادة المتآكلة (1-2 )

متوكل عثمان سلامات

صرح المجلس العسكري الإنقلابي على لسان الناطق الرسمي بإسمه، أنه يرفض التحقيق الدولي في مذبحة القيادة العامة بحجة …أننا دولة ذات سيادة..الأمر الذي جعلنا نحاول أن نتناول حسب فهمنا البسيط في مقالين، مفهوم السيادة، والسيادة والإنتهاكات الإنسانية في السودان، ولمن تكون السيادة؟، والسيادة في ظل الحكومات الشرعية، ومن ثم إختلال أركان الدولة السودانية، وفيه نحاول الإجابة على سؤال هل السودان دولة مكتملة الأركان والشرعية؟، مستندين في ذلك على واقعنا السوداني والتجارب الإنسانية. 
مفهوم السيادة :
يعتبر مبدأ السيادة (Sovereignty) من المبادئ الأساسية التى أتت بها صلح وستفاليا سنة 1648م، وأصبح منذ ذلك الوقت أهم القواعد التي قام عليها النظام الدولي الحديث وأصبح لها مفهوم داخلي وخارجي، 
مفهوم السيادة الداخلية، يشير الى السلطلة الشرعية الشاملة والمطلقة التي تمارسها الدولة على رقعة جغرافية محددة ، أما مفهوم السيادة الخارجية، فهو مرتبط بمبدأ عدم التدخل بالشئون الداخلية للدول، والمساواة بينها في مختلف علاقتها وتعاملاتها الدولية.
السيادة والإنتهاكات الإنسانية في السودان:
معظمنا قد شاهد أو إستمع الى المؤتمر الصحفي الذي إنعقد بتاريخ 13/6/2019 بواسطة لجنة الأمن التي تطورت الى مجلس عسكري إنقلابي، على لسان الناطق الرسمي بإسمها شمس الدين الكباشي كرتكيلا والذي إعترف فيه بتوجيه المجلس العسكري بضرورة فض إعتصام القيادة العامة بتاريخ 3/6/2019، مما تسبب في مقتل (112) شهيد وحالات إغتصابات جماعية لمتظاهرات وممرضات وطبيبات وإعتقالات تعسفية حتى تاريخ 12/6/2019 وفق ما جاء في التقرير الميداني رقم (7) لنقابة أطباء السودان الشرعية، حيث يمكن أن تشكل هذه الأفعال دون أدنى شك جريمة ضد الإنسانية وفق ميثاق روما، وعبر المتحدث الرسمي بإسم المجلس في المؤتمر الصحفي عن رفض وعدم قبول المجلس بأي تحقيق دولي في جريمة فض الإعتصام بحجة (…نحن دولة ذات سيادة…)؟! وكان يشير الى نفسه وهو يتحدث؟! ويفهم من الإشارة أن المقصود المجلس العسكري الإنقلابي!!.
حديث الكباشي يذكرنا بمواقف الحكومات السودانية حيال الملفات الإنسانية التي إكتظت بها كل أقاليم الهامش ودواليب المنظمات الاقليمية والدولية والناتجة عن حروب الإبادة المقدسة التي تشنها هذه الحكومات على إنسان الهامش، وكانت كلما تطرح مسألة إدخال المساعدات الإنسانية في كل جولات التفاوض في المنابر المختلفة، يكون موقفها رفض دخول المساعدات الانسانية،   وكانت آخرها الجولة رقم (22) بين الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال، والحكومة السودانية التي مازالت تتحايل وتفترض الغباء في الشعب السوداني بتاريخ أغسطس 2016م،حيث رفضت دخول المساعدات الإنسانية للمتضررين من المدنيين في إقليمي الفونج وجبال النوبة من مسارين داخلي وخارجي بحجة السيادة الوطنية!!، علماً بأن ذات الحكومة قامت من قبل من خلال المسار الداخلي ومع بدايات تنفيذ إتفاقية سويسرا لوقف إطلاق النار بإرسال أدوية وأمصال منتهية الصلاحية إلى جبال النوبة، وفي نهاية الفترة الإنتقالية من إتفاقية السلام الشامل 2005م قامت أيضاً بإرسال أمصال فاسدة  إلى جبال النوبة بعد أن فتحتها أجهزة الأمن بحجة التفتيش، فالمسألة مرتبطة بسياسة الدولة الموجهة لإبادة إنسان الهامش من خلال إستخدام الدواء والغذاء كإحدى أسلحة الإبادة.
من المؤسف أن يكون هذا هو نهج معظم الحكومات السودانية، فقد أوردت بعد المراجع المهمة في تاريخ السودان السياسي الحديث أن رئيس وزراء السودان السابق الصادق المهدي قد ذكر في فترة الحرب الأولى في بعض المواقف ذات الصلة بالمساعدات الإنسانية (…رفض قرنق السماح لجهود الإغاثة بالمرور عبر الخرطوم لا يقود إلا لقتل شعبه…) ويقصد بشعبه هنا شعوب جنوب السودان وجبال النوبة والفونج. 
فما يقوم به المجلس العسكري الإنقلابي من إنتهاكات إنسانية ومن ثم يرفض التحقيق الدولي محاولاً الإختباء خلف سياج السيادة لأمر متوارث منذ خروج المستعمر. 
لمن تكون السيادة ؟ للحكومة (المجلس العسكري الإنقلابي) أم للشعب؟: 
بالرجوع الى مفهومي السيادة أعلاه نجد أن السيادتين لا يمكن فصلهما لأن السيادة الخارجية التي تمثلها السيادة الوطنية تنعدم تلقائياً إذا لم تكن هناك سيادة داخلية، وهذه السيادة الداخلية يمثلها الشعب، وتعرف بـ(السيادة الشعبية) بمعنى أن السيادة في الاساس هي للشعب ويفوضها للحكومة لتمارسها نيابة عنه ويتم ذلك عن طريق مؤسسات دستورية من خلال إجراءات دستورية وقانونية في ظل نظام حكم ديمقراطي، وهذا ما تعنيه عبارة “السلطة الشرعية” الواردة في مفهوم السيادة الداخلية أعلاه. 
بناءً على هذه المعطيات فإن من حق الشعب كله أو جزء منه أن يحتفظ بحقه في السيادة من حيث التفويض أو السحب من أي حكومة، اذا كانت الحكومة غير شرعية او مستبدة  تقتل الشعب ولا تحترم إرادته، فما بالكم بلجنة أمنية سمت نفسها بالمجلس العسكري، يفتقر للشرعية ويخون الشعب ويسلب إرادته ويبيده رفضاً للسيادة الشعبية، ويعتلي المنابر ليصرخ (…نحن دولة ذات سيادة…)!!؟، في محاولة يائسة للبحث عن شرعية زائفة من خلال عناصر الثورة المضادة حتى يشكل حكومة مختلطة أو حتى مدنية من مصاصي دماء الشعب والصاعدين على جماجم الشهداء من الإنتهازيين وبقية فلول الكيزان لتستمر الحروب والإبادة المقدسة لشعوب الهامش تحت مظلة السيادة. 
أخيراً، نؤكد أن السيادة ملك للشعب وليس للمجلس العسكري الإنقلابي، وقد عبر هذا الشعب عن إرادته الحرة شهد لها كل العالم مطالباً بضرورة تسليم السلطة لحكومة مدنية خالصة تلتزم بالديمقراطية وتبعد الدين عن السياسة وتمارس السيادة نيابة عنه، كما يرفض المجلس العسكري الإنقلابي أو أي حكومة يشكلها دون إرادته. 
” ونواصل”

 

Print Friendly, PDF & Email

عن laalaa

شاهد أيضاً

حزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي

Share this on WhatsAppحزب المؤتمر السوداني تصريح صحفي طالعنا البيان المؤسف الصادر من سكرتارية اللجنة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.