عسكر ومعسكر.- علاء الدين الدفينة.

علاء الدين الدفينة.
……..
ليس أصعب من ان تعرف نفسك…يمكنك تقديم ذاتك للآخرين وفق الديكور الذي يختاره لك عقلك…لكن يستحيل عليك أن تمرر ذاتك على ذاتك إلا في حالة مرضية تتطلب التدخل الطبي…(انفصام الذات).
……..
الوطن ليس اقصوصة…ليس رواية.. وتاريخه غير خاضع لاي تفسير سوى انه سبب وجودنا الحالي مثلما ان مواقفنا الراهنة ستحدد مصير وجود اجيالنا.
إن هذا الارتباط الوثيق بين تاريخ الارض ووجودنا هو الوصف الدقيق للعلاقة التي تحدد موقفنا من اي تغيرات تمس مجمل الوجود في سطح جغرافيتنا ذلك لأننا نملك الحق…ولم نملك الحق الا لاننا ملكنا حق الوجود تاريخيا في ارض ملكناها وملكتنا…وبالتالي حددت مصيرنا مثلما حددنا مصيرها…ارتبطت بنا شعبا لها…وارتبطنا بها وطنا لنا.
اي تهديد لها يمثل تهديدا مباشرا لوجودنا الفردي والجمعي…
واي تهديد لنا يمثل تهديدا لها موحدة او مجزأة…
لذا :
الدفاع عن مساحة الارض التي تشغلها وانت تقف عليها يمثل دفاعا عن الوطن…هذا الفهم يرتقي نحو منزلك…ارضك الزراعية…مساحات رعي دوابك واغنامك وماشيتك…بل حتى المساحة من الجو التي تحلق فيها حمائمك وعصافيرك…كل ذلك يعني ارتباطك بالوطن وارتباط الوطن بك…هذه العلاقة في مجملها علاقة وجود للطرفين…انت ستحدد مصير الوطن مثلما سيحدد هو مصيرك.
……..
الاطباء الذين اعلنوا الاضراب وهم يرفعون شعارهم الذكي (عشانك يا مواطن) يعلمون سر العلاقة…يعلمون ان علاقتهم ارتبطت بالوطن والشعب…واصبحت علاقة وجود…بقاء او فناء…لذا ربطوا الحق الصحي للمواطن بحق التدريب لهم وحق التأهيل لمؤسسات وزارة الصحة.
هل أتى هذا الربط عن فراغ؟ لا…بل هم يعلمون انهم ما لم يتدربوا فالضياع سيشمل المريض والطبيب…وما لم تتأهل المستشفيات فالضياع لصيق بالمواطن وبكل طبيب…وبالتالي ما لم يتوفر الدواء فالكل ضائع.
……..
دفاع اهالي الجريف عن الارض هو دفاع عن الوجود…
لا فرق بين دفاعات جنوب كردفان العسكرية ضد مليشيات النظام ومتاريس اهالي الجريف المدنية ضد نفس المليشيات…والحقيقة اننا لا نحارب المليشيات…بل العقلية التي تنتجها وتديرها وتوجهها بهدف جعلها الوسيلة الاولى لتفريغ الارض من اصحابها ومن ثم تجريفها واحتلالها بهدف احلال بديل لا يستحق الارض…لانه ليس صاحب تاريخ فيها…وبالتالي لا يملك حق الوجود عليها او التواجد في سطحها لاي هدف كان.
…….
حينما ننادي الناس بالنزول للشوارع والاستجابة لهذا النداء والتفاعل مع المد الثوري المتنامي وسط شعبنا وفي ارضنا منذ سنوات فذلك لادراكنا التام ان صاحب الارض ما لم يتمتع بشرف الدفاع عنها فلن ينال حق الوجود فيها…ان حق الوجود بارضك يكفل لك كافة حقوقك واولها حريتك…وخدماتك…وتنميتك…ورفاهيتك…ذلك ببساطة لانك تملك ارضا تملكك ولان نفس الارض تملك انسانا يملكها…وهي ما لم تدوم لك ستؤول لغيرك…اذ ان طبيعة الحياة تظل دوما متحركة…ووسط هذا الحراك عليك ان تتحرك وانت تستند على ارضك وحقك ووجودك.
…….
ليست الجريف وحدها ما يجب ان تنزل للشوارع…بل كل الشعب في كل الارض…اذ ان الطرفين (الشعب والارض) يمثلان الوطن…ولن ينفكا مطلقا…وهذه العلاقة في صورتها الاولية فردية…لكن مجملها جمعي.
……..
طرفي العلاقة يجب ان يحددا طبيعة الدولة…لانهما الوطن.
……..
سادتي :
عانقوا شوارع المجد…وببسالة دافعوا عن وجودكم واخلقوا ثورتكم.
فلا مجال لخلق (موصل اخرى) ببلادنا.